«السيمبسونز»: بين الصدفة الصائبة وفريقٍ من الكتّاب المتنوّرين

لغز توقعات «العائلة الصفراء»

مسلسل «عائلة سيمبسون» هو الأطول في تاريخ الـ«سيتكوم» الأميركي
مسلسل «عائلة سيمبسون» هو الأطول في تاريخ الـ«سيتكوم» الأميركي
TT

«السيمبسونز»: بين الصدفة الصائبة وفريقٍ من الكتّاب المتنوّرين

مسلسل «عائلة سيمبسون» هو الأطول في تاريخ الـ«سيتكوم» الأميركي
مسلسل «عائلة سيمبسون» هو الأطول في تاريخ الـ«سيتكوم» الأميركي

يحب الناس الغامض والغريب، يجذبهم. وما ارتفاع نسبة مشاهدة برامج التوقّعات في بعض البلاد العربية مؤخراً، سوى انعكاسٍ لذلك الانجذاب. لكن أن تأتي التوقّعات من شخصياتٍ كرتونيّة كوميديّة وأن تَصدُق، فهنا يكمن اللغز الأكبر.
مسلسل «عائلة سيمبسون» يتوقع فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية. «عائلة سيمبسون» تتنبّأ بجائحة «كورونا»... وغير ذلك من الأحداث العالمية التي جرى التلميح إليها أو ذكرها بوضوح في البرنامج، فتحوّلت إلى حقائق بعد أسابيع أو حتى سنوات من بثّها.
لكن إلى أي مدى يصحّ توصيف «الظاهرة السيمبسونية» بالتنبّؤات؟ وما الحدّ الفاصل بين الجدّ والمزاح؟
في واحدة من حلقات الموسم الـ11 من المسلسل، وتحديداً خلال سنة 2000، ذكرت إحدى الشخصيات الرئيسية أنه يجب إصلاح أزمة الميزانية التي تَسبب بها دونالد ترمب خلال ولايته الرئاسية. بعد 16 عاماً على تلك الحلقة، دخل ترمب رئيساً إلى البيت الأبيض. عندئذٍ اتجهت الأنظار فوراً إلى أرشيف الـ«سيمبسونز»، وبدأ الحديث عن تنبؤاتهم يكبر حجماً ويتّسع انتشاراً.
وقد تَزامن ذلك مع تَراجع في شعبيّة المسلسل بعد 27 عاماً من العرض المتواصل. فأتى الحديث عن التنبؤات والتوقّعات، لا سيّما من عشّاق «السيمبسونز»، ليُنعش برنامجاً كان قد بدأ يفقد وهجه.
ثم حلّت جائحة «كورونا» على العالم سنة 2019، ليتّضح أنّ البرنامج كان قد تطرّق إلى سيناريو مُشابِه عام 1993 عندما ضربت حمّى «أوساكا» مدينة «سبرينغفيلد» حيث يعيش «السيمبسونز»، بعد دخول طَردٍ موبوء إليها.

فريق من الكتّاب «المتنوّرين»
ليس الـ«سيمبسونز» عرّافين ولا عالِمي غَيب ولا سحَرة، ولا هُم نوستراداموس العصر الحديث. يرفض مُعدّو المسلسل وكتّابه هذه النظريّة، ولا يريدون لعملهم أن يرتدي طابع الشعوذة. لكن ما هو مصدر رؤيويّتِهم تلك، وكيف تَحقّق عددٌ لا بأس به من توقّعاتهم؟
يقف وراء مسلسل الرسوم المتحرّكة الأميركي الأوّل، فريقٌ من الكتّاب المتضلّعين في مجالات العلوم والفنون والآداب كافة. واللافت أنّ معظمهم متخصصٌ في الرياضيات، وعلوم الكومبيوتر، والفيزياء، والكيمياء... لديهم ما يكفي من البصيرة وحسّ النقد، إلى جانب أبحاثهم وإحصاءاتهم ومواكبتهم الدائمة لمجريات الأحداث. يساعد كل ذلك في تكوين رؤية مستقبليّة صائبة يقدّمها فريق كتّاب «عائلة سيمبسون» ضمن إطار كوميدي ساخر، فيشاركون المشاهدين رؤيتهم للحاضر والمستقبل، بناءً على تجاربهم ومتابعتهم ليوميات الولايات المتحدة والعالم.
في كتابه «السيمبسونز والفلسفة»، يقول ويليام إروين إنّ «البرنامج هو من صناعة أدمغة لامعة، تملأه بالإشارات إلى الفن والأدب والسياسة والعلوم. وليس مستغرباً بالتالي أن ينتج عن ذلك بعض التوقعات المدهشة».
وفي المقابلات التي أُجريت معهم، يحاول كتّاب المسلسل تبسيط الأمر والتخفيف من وطأته. يكادون يُجمعون على كلمة «صدفة» لتفسير ما يجري. يفضّلونها على كلمة «تنبّؤات». ويصل مبتكر «السيمبسونز»، مات غرونينغ، إلى حدّ السخرية من الموضوع قائلاً: «نبتكر النكات الأكثر غرابة واستحالة وسخافة، ليتّضح لنا لاحقاً أنّ مخيّلتنا ليست على قدرٍ كبير من الخيال!».
تعليقاً على الحلقة التي توقّعت وصول ترمب إلى سدّة الرئاسة، يقول آي جين، وهو أحد أبرز كتّاب المسلسل، إنّ «الموضوع لم يأتِ من فراغ». ينظر إلى الأمر ببساطة غيرَ آبهٍ بالضجّة التي أثيرت حوله، مذكّراً بأنّ المشهد بُثّ عام 2000 أي بعد أشهُر قليلة من إعلان ترمب رغبته في خوض السباق الرئاسي يوماً ما. أما كاتب تلك الحلقة الشهيرة فعلّق مرّة بالقول: «إذا رميت الكثير من السهام، لا بدّ من أن تصيب بعض الأهداف».

يلعب العنصر الزمني دوراً كبيراً في تعزيز ظاهرة التنبّؤات. فالمسلسل التلفزيوني الذي انطلق على شبكة «فوكس» سنة 1989 راكَمَ حتى اللحظة 33 موسماً وأكثر من 725 حلقة وهو أطول مسلسل في تاريخ الـ«سيتكوم» الأميركي. وقد ساهم هذا الكمّ الضخم من المحتوى في تحوّل بعض السيناريوهات الخياليّة إلى أحداثٍ واقعيّة.
وفي هذا السياق، يوضح بيل أوكلي، أحد كتّاب المسلسل: «نادرة هي المرّات التي تنبّأ فيها السيمبسونز بشيء. هي إجمالاً محض صدفة، لأنّ معظم الحلقات قديمة إلى درجة يصحّ فيها القول إن التاريخ يعيد نفسه». ويضيف أوكلي أنّ «أكثرية تلك الحلقات مبنيّة على أحداث حصلت في الستينات والسبعينات والثمانينات».

أبرز تنبّؤات العائلة الصفراء
إلى جانب رئاسة ترمب وجائحة كوفيد، تَناوب أفراد «عائلة سيمبسون» (الأب هومر، الأم مارج، الأولاد بارت وليزا وماغي) على توقّعاتٍ شملت كل المجالات، من السياسة إلى الرياضة، مروراً بالتكنولوجيا والعلوم والصحّة والبيئة والاقتصاد والفنون.
- السمكة ذات العيون الثلاث
هي أول تنبؤات «السيمبسونز» على الإطلاق. في حلقة بُثّت سنة 1990، يصطاد بارت سمكة بثلاث عيون من نهرٍ مجاور لمحطّة نوويّة. بعد 21 عاماً، ظهرت سمكة ثلاثيّة العيون في بحيرة قريبة من محطة نووية في الأرجنتين.

- أحداث 11 سبتمبر (أيلول)
في حلقة بُثّت عام 1996 حيث يزور «السيمبسونز» نيويورك، يظهر بارت أمام مُلصَق دعائي يروّج لجولات سياحية في المدينة بـ9 دولارات، وقرب الرقم 9 رَسمٌ لبُرجَي مركز التجارة العالمي على هيئة الرقم 11.
يصف آي جين تلك الحلقة بالغريبة، ولا يجد الكاتب تفسيراً للموضوع فيختصر ما جرى بالقول: «إنها صدفة مجنونة».

- التواصل عبر الفيديو
منذ سنة 1995 دخل الـvideo call إلى يوميات «السيمبسونز»، أي 15 سنة قبل الظهور الفعلي للتقنية. وقد استعانت ليزا في تلك الحلقة بعرّافة ساعدتها على التواصل مع والدتها، بواسطة شاشة فيديو مربوطة بالهاتف التقليدي.

- فضيحة «فيفا»
في إحدى حلقات عام 2014 تَحوّل هومر سيمبسون إلى حكَم في مباريات كأس العالم لكرة القدم على خلفية فضيحة فساد هزّت «فيفا»، حسب السيناريو. وكان شاهداً على فوز المنتخب الألماني ضد البرازيل. ما هي إلا أشهر قليلة حتى صدقت التوقّعات، ففازت ألمانيا واهتزّت شِباك «فيفا» فساداً.

- فضيحة ماكينات التصويت
قبيل انتخابات 2008 الرئاسية، ظهر هومر سيمبسون وهو يحاول التصويت لباراك أوباما بواسطة ماكينة التصويت الإلكتروني، فاحتُسب صوته خطأً لمنافس أوباما حينها، جون ماكين. وبعد 4 سنوات، حصلت مشكلة مماثلة في الانتخابات التي تَواجَهَ فيها أوباما وميت رومني.

تكثر التوقّعات التي صدَق فيها «السيمبسونز»، كنتائج السوبر بول، وجائحة إيبولا، وفضيحة لحوم الحصان في بريطانيا، وإفلاس اليونان، ونتائج جائزة نوبل للاقتصاد، واستحواذ شركة «ديزني» على شبكة «فوك»س، وغيرها...
في المقابل، ثمة توقّعات كثيرة لم تَصدُق، أو على الأقل لم تتحقق بعد، من بين آلاف المشاهد التي تضمّنت إيحاءات بأحداث مستقبليّة.
من جهة أخرى، لم يسلَم مسلسل «عائلة سيمبسون» من ظاهرة الأخبار المفبركة أو fake news. إذ إنّ البرنامج، وعلى عكس ما جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي من صور مركّبة، لم يتنبّأ بتفجير مرفأ بيروت، ولا بالحرب الروسية الأوكرانية، ولا بمرض جدري القِردة.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».