تساؤلات في الخرطوم بعد قرار حميدتي البقاء في دارفور

هل بسبب توتر مع الجيش أم اعتراضاً على الوساطة الأميركية ـ السعودية؟

محمد حمدان دقلو (حميدتي) (غيتي)
محمد حمدان دقلو (حميدتي) (غيتي)
TT

تساؤلات في الخرطوم بعد قرار حميدتي البقاء في دارفور

محمد حمدان دقلو (حميدتي) (غيتي)
محمد حمدان دقلو (حميدتي) (غيتي)

أثار قرار قائد قوات الدعم السريع، نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مغادرة الخرطوم، للبقاء في إقليم دارفور لمدة 3 أشهر، في الوقت الذي تشهد فيه العاصمة أحداثاً مهمة، كثيراً من الجدل والتساؤلات، حول ما إذا كان القرار نابعاً من رغبة الرجل في بسط الأمن في إقليم دارفور، أو أن له علاقة بالأوضاع في الخرطوم ومزاعم التوتر بينه وبين الجيش، أو عدم رغبته في البقاء قريباً من الحوار بين تحالف المعارضة «الحرية والتغيير» والجيش الذي ترعاه الوساطة الثنائية الأميركية السعودية. وقال حميدتي في تصريحات أدلى بها في إقليم دارفور المضطرب، بحسب نشرة وزعتها أجهزة إعلامه، إنه جاء من الخرطوم لمعالجة كل القضايا والمشكلات القبلية في ولاية غرب دارفور، وإنه لن يرجع حتى يجد حلاً لتلك المشكلات. وأضاف: «حضرنا هذه المرة، نحمل خيامنا للبقاء أطول فترة، ولن نغادر حتى نقف ميدانياً على كل صغيرة وكبيرة، نزور كل الأهل والمناطق التي شهدت أحداثاً، وسنجد حلاً لتلك المشكلات».
وبرغم أن حميدتي يترأس اللجنة العسكرية التي تتفاوض مع تحالف قوى «إعلان الحرية والتغيير» (المجلس المركزي)، في إطار الوساطة الأميركية – السعودية، فإن الرجل آثر أن يبقى في إقليم دارفور لحل النزاعات في الإقليم كما يقول؛ لكن تحليلات ذهبت إلى أنه سيبقى هناك بسبب استيائه، لا سيما بعد انتشار معلومات عن توتر بين قواته والجيش السوداني، وتحذير من مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية، مولي فيي، أثناء زيارتها للبلاد، من احتمال الصدام بين الطرفين.
وتطرقت تحليلات أخرى إلى احتمال أن يكون الرجل قد اختار النأي بنفسه عن الحوار بين المدنيين والعسكريين الجاري في الخرطوم، والذي قد يتوصل إلى توافق على حساب حلفائه من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، لا سيما أن الاجتماعات التي دارت في بيت السفير السعودي وشارك فيها حميدتي لم تشمل تلك الحركات، ولم تشمل حتى ممثلي الاتحاد الأفريقي في الآلية الثلاثية، واكتفت بإشراك ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس)، وهو الأمر الذي أثار غضب سفير الاتحاد الأفريقي في الخرطوم، محمد بلعيش، الذي أعلن الانسحاب من الآلية الثلاثية، قبل أن يعود ويتراجع عن انسحابه.
ومن دارفور، قال حميدتي واصفاً التوتر داخل الآلية الثلاثية وانزعاج حلفائه من حركات دارفور الموقعة على اتفاق سلام جوبا، والمشاركة في الحكومة الانقلابية، إنه يجدد التأكيد على دور الآلية الثلاثية في تسهيل الحوار بين الأطراف السودانية؛ خصوصاً دور الاتحاد الأفريقي في العمل وفق منهجية واضحة ومحددة.
ويترأس حميدتي الجانب العسكري في التفاوض مع «الحرية والتغيير»، إلى جانب كل من عضوي مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين كباشي، والفريق إبراهيم جابر. وبرغم أن الزمن ليس في صالح المتحاورين، فإن حميدتي آثر أن يكون بعيداً عن الخرطوم، زاعماً أنه هناك من أجل بسط الأمن في جنوب دارفور، وإنهاء حالة عدم استقرار الأمن، وقام بالفعل بعقد مصالحات بين عدد من المكونات الدارفورية.
وتتهم قطاعات واسعة من القوى المدنية قوات الدعم السريع بالضلوع في جريمة فض اعتصام القيادة العامة الشهير، وممارسة انتهاكات واسعة أدت إلى مقتل العشرات، وتضمنت انتهاكات جنسية وعمليات تعذيب وإخفاء قسري لا تزال عالقة. بيد أن الرجل قال في دارفور، الأسبوع الماضي، إنه ألقى القبض على كل الذين شاركوا في عملية فض الاعتصام من قواته، وتعهد بتقديمهم لمحاكمات عن تلك الجرائم.
وتواجه قوات الدعم السريع، منذ عهد الرئيس المعزول عمر البشير، اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أثناء الحرب الأهلية التي شهدتها دارفور في العشرية الأولى من القرن الجاري، بيد أن حميدتي، وحسب ما تردده مصادر مناوئة له، دخل في حلف سياسي وعسكري غير معلن مع خصومه السابقين في الحركات المسلحة الدارفورية، لا سيما «حركة العدل والمساواة» التي ألحق بقواتها خسائر فادحة في معركة شهيرة عُرفت بمعركة «قوز دنقو» في عهد نظام البشير.
ولم يشفع للرجل القادم من صحراء دارفور على ظهور إبل المجموعة العربية المسلحة في الإقليم، والمدعوم بسيارات «لاندكروزر» مسلحة، وعشرات الآلاف من المقاتلين، وبسيرة طويلة من القتال مع الحركات المسلحة في دارفور لصالح حكومة الإسلاميين، لم يشفع له دوره في القضاء على نظام الإسلاميين ودعم الثورة ضده، ورفضه قتل المحتجين السلميين وإعلانه الانحياز لهم، وفقاً لما ذكره في مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط» قبل أكثر من عام، قال فيها إنه من أبلغ الرئيس المعزول عمر البشير بتنحيته، وإنه أخذ شقيقه ونائبه عبد الرحيم إلى سجن «كوبر» الذي لا يزال يقبع فيه. لكن حميدتي اتُّهم لاحقاً بالقيام بدور كبير في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مصر تتابع التحقيقات في مقتل أحد مواطنيها بإيطاليا

مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر تتابع التحقيقات في مقتل أحد مواطنيها بإيطاليا

مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

تتابع مصر التحقيقات التي تجريها السلطات الإيطالية في ميلانو حول ملابسات واقعة مقتل شاب مصري (19 عاماً). ووفق إفادة لوزارة الخارجية والهجرة المصرية، الجمعة، وجه وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي القنصلية المصرية في ميلانو بمتابعة إجراءات وسير التحقيقات مع السلطات الإيطالية، والوقوف على تقرير جهات الاختصاص لمعرفة ملابسات واقعة الوفاة، فور الانتهاء من التحقيقات.

وبحسب صحيفة «كوري ديلا سيرا» الإيطالية، فإن الحادث وقع بمنطقة «كورفيتو»، والشاب المصري سقط خلال وجوده على دراجة نارية «سكوتر» يقودها شاب تونسي، في أثناء محاولتهما الفرار من ملاحقة الشرطة «بسبب سير الشابين عكس الاتجاه بالطريق». وأوضحت الصحيفة أن المدعي العام فتح تحقيقاً في الحادث، بينما جرى توقيف الشاب التونسي قائد الدراجة النارية للتحقيق معه.

وتصدرت إيطاليا المرتبة الأولى من حيث استقبال المهاجرين المصريين في 2023 بحسب بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء»، فيما تقدر أعداد الجالية المصرية في إيطاليا بأكثر من 650 ألف مصري، بوصفها أكبر جالية مصرية في أوروبا التي يوجد فيها 1.5 مليون مصري على الأقل، وفق تقديرات شبه رسمية.

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأوروبية، السفير جمال بيومي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مثل هذه الحوادث يصاحبها تحرك عاجل من القنصلية المصرية لمتابعة سير التحقيقات ونتائجها. وأضاف أن التعامل في التحقيقات يجري وفق قوانين الدولة التي وقع فيها الحادث، ويكون هناك تواصل بين مسؤول القنصلية وعائلة الضحية باستمرار مع تمكينهم من الاطلاع على ما يسمح به من معلومات حول القضية، مشيراً إلى "ضرورة عدم استباق نتائج التحقيقات حول ملابسات الواقعة.

وبحسب وسائل إعلام إيطالية فإن والد الشاب المصري يقيم في إيطاليا منذ 11 عاماً، ويتعاون مع السلطات الإيطالية في التحقيقات، وسبق أن طالب بـ«الكشف عن ملابسات وفاة نجله بناء على التحقيقات التي تجرى مع الشاب التونسي الموقوف، وأحد قوات الشرطة».

وتداول مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، مقاطع فيديو، قالوا: «إنها لأعمال شغب في ميلانو ضد الشرطة على خلفية مقتل الشاب المصري»، فيما نفى والد الشاب المصري «علاقة الأسرة بهذه الأعمال»، وفق تقارير إعلامية.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق قال: «إن مثل هذه الحوادث لا تؤثر عادة على العلاقات الدبلوماسية، خصوصاً حال التأكد من عدم وجود تعمد في الواقعة»، لافتاً إلى أنه حال «ارتكاب الضحية خطأ»، فإن القنصلية المصرية «لا يمكنها سوى محاولة العمل على إنهاء الإجراءات بأسرع وقت».