يثار جدل في الجزائر حول قرار مفترض للحكومة بتجميد كامل أنشطة وكالات السفر المحلية مع إسبانيا في مجال السياحة، وذلك في سياق تعليق «معاهدة الصداقة وحسن الجوار» التي كانت تجمع البلدين، وفي وقت تمر فيه العلاقات السياسية بين البلدين بأسوأ مرحلة في تاريخها، على خلفية استياء الجزائر الشديد من انحياز مدريد لأطروحة الحكم الذاتي المغربية في إقليم الصحراء.
ونشرت مديرية السياحة بمحافظة البويرة، شرق العاصمة، مذكرة لوكالات تنظيم الأسفار بالمنطقة تعلمها فيها بـ«التوقيف الفوري لعلاقات العمل التي تربطكم بإسبانيا، وهذا في إطار تعليق معاهدة الصداقة بين البلدين».
ورغم أن الخبر لم يكن مفاجئاً لمتابعي تطورات التوتر الحاد بين الشريكين التجاريين في حوض المتوسط، فإنه نزل كالصاعقة على الآلاف من الناشطين في مجال السياحة، الذين استعدوا لاستئناف العمل مع إسبانيا هذا الصيف، بعد نحو 3 سنوات من التوقف القسري بسبب جائحة «كورونا»، وما نجم عنها من خسائر مالية فادحة.
وتوقع مسيرو المئات من الوكالات السياحية الحكومية والخاصة أن يشملهم القرار أيضاً، بحكم أن ما وصل إلى زملائهم في البويرة من توجيهات صدر، حسبهم، عن وزارة السياحة، التي لا يمكن أن تقدم على قرار وقف التعاملات التجارية السياحية مع إسبانيا إن لم يكن مصدره رئاسة الوزراء، ومن ورائها رئاسة الجمهورية.
ونقل «الاتحاد الوطني لوكالات السياحة والأسفار»، أول من أمس، في بيان، عن وزارة السياحة أن خبر إلغاء الرحلات السياحية إلى إسبانيا «لا أساس له من الصحة». ودعا الناشطين في المجال إلى «مزاولة أعمالهم بصفة عادية، والالتزام بتعاقداتهم مع زبائنهم». لكن لم يصدر عن الجهات الحكومية أي تعليق بخصوص هذه التطورات.
ولا يعرف بالتدقيق عدد الجزائريين الذين يزورون إسبانيا كل سنة من أجل السياحة. لكن بحسب وكالات أسفار خاصة، فقد كان هذا البلد الثالث في الترتيب ضمن الوجهات التي قصدها الجزائريون صيفاً عام 2019 بعد تونس وتركيا.
وكانت «الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية» قد أصدرت في 9 يونيو (حزيران) الحالي أمراً لجميع مديري البنوك، طالبتهم فيه بمنع عمليات التصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا. وجاء في تعليماتها أنه «يمنع أي عملية تحويل بنكي لإجراء عملية استيراد من إسبانيا، كما يمنع أيضاً أي عملية تحويل بنكي للتصدير إلى إسبانيا». وشددت على «ضرورة اتخاذ جميع التدابير اللازمة للتطبيق الصارم لهذا الإجراء». واستثنت الحكومة عقود توريد الغاز من قرار تجميد العلاقات مع مدريد. لكن سرعان من جاء الرد من الاتحاد الأوروبي في اليوم التالي؛ إذ صرح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، بأن القرار الذي اتخذته الجزائر بتعليق التجارة مع إسبانيا «قد يكون انتهاكاً لقانون التجارة في الاتحاد الأوروبي»، كما عدّاه «إخلالاً» باتفاق الشراكة الساري بين الجزائر والاتحاد الأوروبي منذ 2005.
وبعد إعلان هذا الموقف الصارم، استشاطت الحكومة الجزائرية غضباً، وقالت عن طريق بعثتها الدبلوماسية في بروكسل إنها «تستنكر تسرع المفوضية الأوروبية»، وعابت عليها «عدم التحقق» معها حول مسألة تعليق التجارة «المزعوم»، مؤكدة أن ما اتخذته من إجراءات ضد إسبانيا لا يعني بأي حال اتفاق الشراكة.
إلى ذلك؛ أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، أن الأمين العام بها رشيد قايد، بدأ زيارة لإيطاليا منذ أمس، بغرض ترتيب «القمة الثنائية الرابعة»، التي ستعقد بالعاصمة الجزائرية يومي 18 و19 من الشهر المقبل.
وخطت العلاقات بين البلدين خطوة مهمة مطلع أبريل (نيسان) الماضي، بإعلان إمدادات إضافية من الغاز الجزائري إلى إيطاليا (زيادة 40 في المائة خلال عامي 2022 و2023). وتم تجسيد تميز العلاقات السياسية والتجارية بين البلدين بزيارة رسمية قادت الرئيس عبد المجيد تبون إلى روما، الذي ذكر قبل عام أن الاقتصاد الإيطالي «هو أكثر نموذج يشبه الاقتصاد الجزائري».
الجزائر «تصعّد» مع إسبانيا بمنع السياحة لمدنها
الجزائر «تصعّد» مع إسبانيا بمنع السياحة لمدنها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة