الجزائر «تصعّد» مع إسبانيا بمنع السياحة لمدنها

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفقة نظيره الإيطالي خلال زيارته الأخيرة إلى إيطاليا (إ.ب.أ)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفقة نظيره الإيطالي خلال زيارته الأخيرة إلى إيطاليا (إ.ب.أ)
TT

الجزائر «تصعّد» مع إسبانيا بمنع السياحة لمدنها

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفقة نظيره الإيطالي خلال زيارته الأخيرة إلى إيطاليا (إ.ب.أ)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفقة نظيره الإيطالي خلال زيارته الأخيرة إلى إيطاليا (إ.ب.أ)

يثار جدل في الجزائر حول قرار مفترض للحكومة بتجميد كامل أنشطة وكالات السفر المحلية مع إسبانيا في مجال السياحة، وذلك في سياق تعليق «معاهدة الصداقة وحسن الجوار» التي كانت تجمع البلدين، وفي وقت تمر فيه العلاقات السياسية بين البلدين بأسوأ مرحلة في تاريخها، على خلفية استياء الجزائر الشديد من انحياز مدريد لأطروحة الحكم الذاتي المغربية في إقليم الصحراء.
ونشرت مديرية السياحة بمحافظة البويرة، شرق العاصمة، مذكرة لوكالات تنظيم الأسفار بالمنطقة تعلمها فيها بـ«التوقيف الفوري لعلاقات العمل التي تربطكم بإسبانيا، وهذا في إطار تعليق معاهدة الصداقة بين البلدين».
ورغم أن الخبر لم يكن مفاجئاً لمتابعي تطورات التوتر الحاد بين الشريكين التجاريين في حوض المتوسط، فإنه نزل كالصاعقة على الآلاف من الناشطين في مجال السياحة، الذين استعدوا لاستئناف العمل مع إسبانيا هذا الصيف، بعد نحو 3 سنوات من التوقف القسري بسبب جائحة «كورونا»، وما نجم عنها من خسائر مالية فادحة.
وتوقع مسيرو المئات من الوكالات السياحية الحكومية والخاصة أن يشملهم القرار أيضاً، بحكم أن ما وصل إلى زملائهم في البويرة من توجيهات صدر، حسبهم، عن وزارة السياحة، التي لا يمكن أن تقدم على قرار وقف التعاملات التجارية السياحية مع إسبانيا إن لم يكن مصدره رئاسة الوزراء، ومن ورائها رئاسة الجمهورية.
ونقل «الاتحاد الوطني لوكالات السياحة والأسفار»، أول من أمس، في بيان، عن وزارة السياحة أن خبر إلغاء الرحلات السياحية إلى إسبانيا «لا أساس له من الصحة». ودعا الناشطين في المجال إلى «مزاولة أعمالهم بصفة عادية، والالتزام بتعاقداتهم مع زبائنهم». لكن لم يصدر عن الجهات الحكومية أي تعليق بخصوص هذه التطورات.
ولا يعرف بالتدقيق عدد الجزائريين الذين يزورون إسبانيا كل سنة من أجل السياحة. لكن بحسب وكالات أسفار خاصة، فقد كان هذا البلد الثالث في الترتيب ضمن الوجهات التي قصدها الجزائريون صيفاً عام 2019 بعد تونس وتركيا.
وكانت «الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية» قد أصدرت في 9 يونيو (حزيران) الحالي أمراً لجميع مديري البنوك، طالبتهم فيه بمنع عمليات التصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا. وجاء في تعليماتها أنه «يمنع أي عملية تحويل بنكي لإجراء عملية استيراد من إسبانيا، كما يمنع أيضاً أي عملية تحويل بنكي للتصدير إلى إسبانيا». وشددت على «ضرورة اتخاذ جميع التدابير اللازمة للتطبيق الصارم لهذا الإجراء». واستثنت الحكومة عقود توريد الغاز من قرار تجميد العلاقات مع مدريد. لكن سرعان من جاء الرد من الاتحاد الأوروبي في اليوم التالي؛ إذ صرح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، بأن القرار الذي اتخذته الجزائر بتعليق التجارة مع إسبانيا «قد يكون انتهاكاً لقانون التجارة في الاتحاد الأوروبي»، كما عدّاه «إخلالاً» باتفاق الشراكة الساري بين الجزائر والاتحاد الأوروبي منذ 2005.
وبعد إعلان هذا الموقف الصارم، استشاطت الحكومة الجزائرية غضباً، وقالت عن طريق بعثتها الدبلوماسية في بروكسل إنها «تستنكر تسرع المفوضية الأوروبية»، وعابت عليها «عدم التحقق» معها حول مسألة تعليق التجارة «المزعوم»، مؤكدة أن ما اتخذته من إجراءات ضد إسبانيا لا يعني بأي حال اتفاق الشراكة.
إلى ذلك؛ أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، أن الأمين العام بها رشيد قايد، بدأ زيارة لإيطاليا منذ أمس، بغرض ترتيب «القمة الثنائية الرابعة»، التي ستعقد بالعاصمة الجزائرية يومي 18 و19 من الشهر المقبل.
وخطت العلاقات بين البلدين خطوة مهمة مطلع أبريل (نيسان) الماضي، بإعلان إمدادات إضافية من الغاز الجزائري إلى إيطاليا (زيادة 40 في المائة خلال عامي 2022 و2023). وتم تجسيد تميز العلاقات السياسية والتجارية بين البلدين بزيارة رسمية قادت الرئيس عبد المجيد تبون إلى روما، الذي ذكر قبل عام أن الاقتصاد الإيطالي «هو أكثر نموذج يشبه الاقتصاد الجزائري».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.