«سنن أبي داود» مخطوطة نادرة تعكس تراث العرب في حفظ العلم وتداوله

مكتوبة بخط يد المؤلف 1000 ألف عام ومعروضة في المدينة المنورة

زوار في متحف مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية في المدينة المنورة (الشرق الأوسط)
زوار في متحف مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية في المدينة المنورة (الشرق الأوسط)
TT

«سنن أبي داود» مخطوطة نادرة تعكس تراث العرب في حفظ العلم وتداوله

زوار في متحف مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية في المدينة المنورة (الشرق الأوسط)
زوار في متحف مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية في المدينة المنورة (الشرق الأوسط)

جذبت النسخة الأصلية من مخطوط سنن أبي داود «الفن في الحديث»، أنظار زوار معرض المدينة المنورة للكتاب، في متحف مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية المقام على هامش المعرض.
ويضم المعرض مجموعة من نوادر الكتب والمؤلفات التي تتفاوت في تاريخيتها، لكنها تجتمع في أهمية ما تعكسه من صيانة العرب والمسلمين لمصادر العلم، وحرصهم في حفظ تراثه ومدخراته.
وكُتبت النسخة الأصلية والمخطوط النادر من كتاب أبي داود، عام 389 للهجرة، قبل أكثر من ألف عام، والكتابة فيه بخط يد المؤلف، بالخط الحجازي القديم، غير المنقوط، إذ لم يكن نقط الحروف شائعاً وقتذاك، وفضل أبو داود أن يكتبه على ما ألِفه الناس في الكتابة، حتى تسهل عليهم قراءته ونسخه ومدارسته.
وقد تناول المخطوط الأيدي وتداولته المكتبات عبر الأزمان المتعاقبة، حتى استقر قبل مائة عام في المكتبة المحمودية، وهي من جنس المكتبات التي كانت ملحقة بمدارس التعليم وحلق المذاكرة، وكانت هذه المخطوطات زادهم في التلقي والدرس وأنشئت المحمودية عام 888 للهجرة، وتقع المدرسة بين باب السلام وباب الرحمة، وتطل نوافذها من الجهة الشرقية على الحرم، وتعتبر المكتبة ثاني مكتبة بعد مكتبة عارف حكمت من حيث المحتويات والتنظيم والشهرة، تحتوي المكتبة على الكثير من المخطوطات، وأوقف عليها الأوقاف الكثيرة التي وتجري منها المخصصات.

أطفال يرافقون آباءهم في زيارة المعرض (الشرق الأوسط)

وفي وقت سابق، جرى نقل المكتبة إلى دمشق، ووضعت في التكية السليمانية على جانب نهر بردى خارج دمشق القديمة، وفاض عليها نهر بردى، فتأذى جزء من محتوياتها، قبل أن تعاد مرة أخرى إلى المدينة المنورة، وأُلحقت بإدارة أوقاف المدينة عام 1960م.
وقد آلت أغلب تلك الكنوز التاريخية من نوادر المخطوطات والمقتنيات إلى عهدة مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية في المدينة المنورة، الذي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بإنشائه عام 2015. وتضم تحت سقفه قرابة 35 مكتبة تاريخية، تحوي ما يتجاوز أكثر من 15 ألف مخطوط نادر، صحبت طلاب العلم في رحاب المسجد النبوي خلال 14 قرناً الماضية. وقال أيمن فقيهي من إدارة الاتصال المؤسسي بالمجمع، إن المستودع الرقمي للمجمع الذي أنجز أكثر من 60% من أعماله في رقمنة المخطوطات، سيمكن كل النخب من الباحثين والجمهور من أنحاء العالم للاطلاع على هذه المقتنيات الثمينة، والشاهدة على تاريخ العلم الإسلامي والعربي في فنون الفقه والجغرافيا والهندسة والجبر والمقابلة والسيرة والحديث.
كما يضم المتحف المصاحب لمعرض المدينة للكتاب، مصحف السلطان قايتباي من العهد المملوكي، الذي أهداه إلى الحجرة النبوية على عادة أمراء وسلاطين الحقب التاريخية السابقة، بعد أن أمر بكتابته عام 889 للهجرة، والمصحف من أندر وأجمل المصاحف، وقد طليت حوافه بالذهب، وكتبت حروفه بحبر ملون في وقت لم يكن التلوين شائعاً فيه، وملئت هوامشه بالتفاسير والملاحظات التي تسهل قراءة القرآن. وجمعت المصاحف المهداة إلى الحجرة النبوية، وبلغت أكثر من 1800 مصحف تاريخي مخطوط، ويحرص مجمع الملك عبد العزيز على حفظها مع بقية المخطوطات الأخرى وفق أحدث التقاليد الذي تضمن عافية المخطوطات من التلف، وبقاءها شاهدة على عصور العلم والازدهار والحضارة.

16 مخطوطة نادرة شارك بها مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية (الشرق الأوسط)

مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.