​«الرحلة» منحوتات رمزية تستكشف المجهول

التشكيلي المصري هاني السيد يؤكد استمتاعه بالعمل مع الأحجار

المراكب تحمل سمات الحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)
المراكب تحمل سمات الحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)
TT

​«الرحلة» منحوتات رمزية تستكشف المجهول

المراكب تحمل سمات الحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)
المراكب تحمل سمات الحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)

في تحدٍ لنفسه ينتقل الفنان التشكيلي المصري هاني السيد بشكل مستمر من المعلوم إلى المجهول، محاولاً سبر أغوار مشاعره وأفكاره والعالم من حوله، وفي أحدث معارضه الفردية بقاعة «ياسين» في القاهرة يخوض الفنان رحلة رمزية استكشافية جديدة من خلال 22 عملاً فنياً.

دمج السيد الشقين المعنوي والمادي معاً لمفهوم الرحلة، فهؤلاء الشخوص الذين يطالعوننا في المعرض نجد أن البعض منهم على متن مركب يستمتع برحلة بحرية وربما نهرية، والبعض الآخر في حركة توحي بالتأهب للرحيل، ومن جهة أخرى يخوض هو نفسه رحلة أخرى معنوية من حيث تطور تجربته الفنية.

الفنان التشكيلي المصري هاني السيد (الشرق الأوسط)

في حديث له مع «الشرق الأوسط» يقول السيد: «ترمز كلمة الرحلة إلى فكرة الترحال، أو التنقل من مكان إلى آخر، لكنها قد تشير أيضاً إلى الانتقال إلى مرحلة أو مستوى آخر من المرحلة الحياتية أو العملية». وأضاف: «وفي معرضي هذا بدأت استخدام خامات مغايرة مع الغرانيت، كما استخدمت الرخام؛ لتحقيق فكرة وجود اللونين في عمل واحد، كما استخدمت الزجاج والاستانليس؛ لكي أصل إلى فكرتي».

ألفة وونس في رحلة الحياة (الشرق الأوسط)

ومن هنا اختار الفنان عنوان ومفهوم الرحلة لمعرضه المستمر حتى 28 أبريل (نيسان) الحالي؛ لأنه أراد التأكيد على أن رحلته لا تتوقف: «فهي مستمرة، وستبقى مستمرة من خلال الاستكشاف والتطور» على حد قوله.

لكن تتجاوز رحلة هاني السيد ذلك إلى الانتقال إلى الفنون المصرية القديمة؛ حيث يظهر تأثره بها، فعلى سبيل المثال نجد أنه استخدم رمز الطائر في كثير من الأعمال، كما تتشابه مراكبه النحتية مع التصميم الفرعوني، مثل الاستطالة والخطوط الأفقية والرأسية، فضلاً عن التلخيص الواضح في شخوصه، عن ذلك يقول: «نعم ربما تكون رحلتي قد وصلت إلى حضارة أجدادي، لكن بأسلوب عصري من دون محاكاة».

الشخوص في رحلة نهرية أو بحرية (الشرق الأوسط)

ويواصل: «لذلك حين قدمت الشخوص اختزلتهم في شكل (الأوت لاين) أو الإطار الخارجي، وجعلت ملابسهم تستمد شكلها ونسيجها ولونها من الخامة نفسها سواء كان الحجر أو الرخام».

وتحمل الشخوص في المعرض تطوراً آخر في الرحلة الفنية للنحات المصري، فبعد أن كانت بعض التفاصيل الجسدية مثل الأكتاف والرأس واضحة اختلف الأمر الآن؛ حيث بالكاد تلمح الرقبة، مع اهتمام بارز بالأرجل وأصابعها، يقول هاني: «أخوض هنا تجربة تتسم بقدر أكبر من الاختزال، وفي الوقت نفسه أركز على الفكرة التي أهتم بها».

إذ إن الساق بالنسبة له ترمز إلى الثبات والحركة معاً، ويقول: «تعطي المعنيين، وعندما أجسد الأرجل أشعر بعضوية الأصابع، وهي بالنسبة لي عنصر مؤثر بصرياً، وفي الوقت نفسه لا أحتاج إلى حشد تفاصيل كثيرة، فأقدم خطوطاً ترمز إلى نتوءات الأصابع، وربما يكون ذلك تأثراً مرة أخرى بالفنان المصري القديم».

يحتفي الفنان بالأرجل كونها رمزاً للاستقرار والحركة معاً (الشرق الأوسط)

ورغم صعوبة خامة الحجر، فإن الفنان يعد التشكيل بها «متعة كبيرة»، ويوضح السيد قائلاً: «تندرج هذه الخامة تحت قائمة (خامات النحت بالحذف)، بمعنى أنه لكي يتم تجسيد منحوتة ينبغي أن نزيل جزءاً من الخامة، وهو أمر صعب؛ لأن الجزء الذي نزيله لا يمكن إعادته مرة أخرى، وهذا يقتضي التخطيط المسبق، والتأكد من القياسات الدقيقة للعمل، على عكس الخامات الأخرى مثل الطين».

تجريد الشخوص (الشرق الأوسط)

وعن التحدي الذي يواجهه الفنان أثناء تعامله مع هذه المادة الصلبة يقول السيد: «مع الحجر أشعر بأنني أتعامل مع خامة غير لينة معطياتها محدودة، وهذا يخرج أفضل ما في النحات؛ الذي يحاول مواجهة صعوبتها بمزيد من التفكير، وذلك أيضاً يمتد إلى الجمهور الذي يقدر من دون شك رحلة الفنان مع الخامة، وكلما عمل الفنان أكثر على ذلك كانت النتائج أكثر إبهاراً».

استخدم الفنان خامة الرخام في أحدث معارضه (الشرق الأوسط)

لكن في ظل هذه النظرة الفلسفية للخامة، وتجريد الشخوص التي يتناولها التشكيلي المصري هل تُعد أعماله موجهة للنخبة؟ ينفي ذلك قائلاً: «أي متلق يستمتع بالعمل الفني بأي طريقة، بغض النظر عن الخامة أو التقنية المستخدمة، وذلك عندما يجد الفكرة أمامه تدعوه للتفاعل معها، كما أن الاستعانة بالحجر هو استخدام لخامة طبيعية، وهي أكثر صدقاً وقدرة على مخاطبة الجمهور».


مقالات ذات صلة

«مغرس»... تقاطعات البيئة والثقافة والذاكرة في مدينة الأحساء

يوميات الشرق جانب من العرض (إنستغرام)

«مغرس»... تقاطعات البيئة والثقافة والذاكرة في مدينة الأحساء

«مغرس: مزرعة تجريبية» هو اسم عرض الجناح السعودي الأول في ترينالي ميلانو للتصميم والعمارة المنعقد حالياً، ربما يكون من أكثر المعارض المتكاملة.

عبير مشخص (ميلانو (إيطاليا))
يوميات الشرق الطلبة السعوديون شاركوا بمشاريع نوعية ومتميزة في مجالات علمية واعدة (واس)

السعودية تحصد 23 جائزة في «آيسف 2025»

حقَّق المنتخب السعودي 23 جائزة في معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة "آيسف 2025"، بينها 9 خاصة، و14 كبرى منها 3 في المركز الثاني، و5 ثالثاً، و6 رابعاً.

«الشرق الأوسط» (كولومبوس)
يوميات الشرق اتجاه حكومي نحو التوسُّع في تصدير نباتات الظلّ والزينة (الشرق الأوسط)

زهور الربيع «تذبل» تحت عبء الغلاء في مصر

تبرز في المعرض أجنحة مخصَّصة لنباتات الظلّ المنزلية التي لا تحتاج إلى ضوء شمس مباشر؛ مما يستلزم إعداد الأجنحة بحيث تكون أسطحها مغطّاة.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق يقدّم لوحاته تكريماً لمجتمع يستحق (الشرق الأوسط)

«ظلال في الداخل»... وقفة مع الحياة لمجتمع يستحق

الحشود حاضرة في جميع لوحات أنطوان مطر، ومعها تغيب الفردية التي تُهيمن على معارض فنية أخرى. يصوغها في إطار مشترك، فتبدو كتلة مترابطة ومتماسكة في آن.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الخيال أداة لبناء واقع بديل وفضاء يمكن العيش فيه (صور رأفت مجذوب)

الخيال أداةٌ معمارية... اللبناني رأفت مجذوب يبني عوالم ممكنة

يبتكر رأفت مجذوب فضاءات مادية ومُتخيَّلة تتيح للناس أن يشاركوا في نسج سردياتهم الخاصة، وتفتح المجال للغات متعدّدة كي تتجاور وتتحاور، على مستويات الفكر والمعرفة.

فاطمة عبد الله (الشارقة)

ريدوان لـ«الشرق الأوسط»: لا أتعجل دخول عالم التمثيل

الفنان المغربي ريدوان يجهز أغنية لتشجيع المنتخب المغربي (حسابه على «إنستغرام»)
الفنان المغربي ريدوان يجهز أغنية لتشجيع المنتخب المغربي (حسابه على «إنستغرام»)
TT

ريدوان لـ«الشرق الأوسط»: لا أتعجل دخول عالم التمثيل

الفنان المغربي ريدوان يجهز أغنية لتشجيع المنتخب المغربي (حسابه على «إنستغرام»)
الفنان المغربي ريدوان يجهز أغنية لتشجيع المنتخب المغربي (حسابه على «إنستغرام»)

قرّر الفنان والمنتج المغربي ريدوان (نادر خياط) خوض تجربة جديدة في مسيرته الفنية عبر دخول مجال الإنتاج السينمائي بالمغرب، من خلال فيلم «البطل» الذي يعد أول فيلم سينمائي من إنتاجه بعد مسيرة حافلة قدّم خلالها مئات الأعمال الغنائية على المستوى العربي والعالمي.

وكشف ريدوان في حواره مع «الشرق الأوسط» خلال وجوده في دبي عن الأسباب التي دفعته إلى دخول عالم السينما، وإعداده حالياً ألبوماً غنائياً خاصاً بالمنتخب المغربي لكرة القدم؛ دعماً له في بطولة كأس الأمم الأفريقية التي تستضيفها المملكة المغربية في نهاية العام الحالي.

وتحدث الفنان المغربي عن فيلم «البطل» الذي تلعب بطولته فرح الفاسي وعمر لطفي، مؤكداً أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في مسيرته الفنية بعد سنوات من العمل في مجال الموسيقى والإنتاج الغنائي: «أنا دائماً كنت من محبي السينما، وتحديداً فيلم (البطل) الذي كنت من جمهوره منذ انطلاقته، وأتابع باهتمام أعمال الفنان عمر الفاسي والفنانة فرح الفاسي، ووالدتي تحبهما كثيراً، لذلك، عندما قررت الانتقال من عالم الموسيقى إلى السينما، كان من الطبيعي أن أبدأ معهما، لأنهما أصدقائي وأشخاص مميزون جداً بالنسبة لي».

وأوضح أن «فكرة دخوله مجال الإنتاج السينمائي لم تكن وليدة اللحظة، بل نابعة من شغف قديم: «الفكرة كانت حاضرة دائماً في داخلي، لكن تركيزي كان في الموسيقى. ومع الوقت والنقاش مع الأصدقاء والعائلة، شعرت بأن الوقت حان لاتخاذ هذه الخطوة. رغبت بأن تكون الانطلاقة من بلدي المغرب، وأن أقدم عملاً يعكس ثقافتنا، مع فنانين أؤمن بموهبتهم وأعتبرهم من أجمل الأشخاص على المستوى الإنساني والفني».

ريدوان مع أبطال فيلم «البطل» (حسابه على «إنستغرام»)

وعن اختيار دولة الإمارات العربية المتحدة لتكون المحطة الأولى لعرض الفيلم، فبيّن المنتج أن هذا القرار يحمل أبعاداً ثقافية مدروسة: «أردنا أن تكون انطلاقة عرض الفيلم من الإمارات، لما لها من مكانة إقليمية وثقافية مؤثرة، ولأن جمهورها متنوع ومنفتح على مختلف الثقافات، وهذه الخطوة تساهم في نشر اللهجة المغربية وتعريف العالم العربي أكثر بخصوصية الهوية المغربية وتنوّعها الفني».

وعن تطلعاته المستقبلية، أكد المنتج أن الهدف لا يقتصر على النجاح المحلي فقط، بل يتجاوز ذلك نحو الحضور على الساحة العالمية: «انطلقنا من المغرب، لكن رؤيتنا واضحة. نطمح أن يكون الصوت المغربي حاضراً في السينما العالمية، مثلما فعلنا في الموسيقى وأن يجد مكانه إلى جانب الأعمال الكبرى. المغرب غني بالقصص والمواهب، وعلينا إيصالها إلى جمهور أوسع».

وعن إمكانية خوضه تجربة التمثيل، قال لا أتعجل هذه الخطوة، كما أنه لم يضغط علي أحد لأبدأ بالتمثيل بشكل سريع، وأنا هنا لأساند زملائي الفنانين، وأمنحهم المساحة للتألق، وأؤمن بأن لكل مجال خصوصيته، ودوري حالياً يتركّز في دعم المشروع خلف الكاميراً وليس أمامها.

ورحب ريدوان بالتعاون مع الفنان المغربي سعد لمجرد، وعبر عن احترامه الكبير له قائلاً: «سعد صديقي، وفنان صاحب مستوى عالٍ جداً. لا يوجد مشروع محدد يجمعنا حالياً، لكن لو جاءت الفرصة المناسبة، بالتأكيد سيكون التعاون مُفرحاً، لأننا نكمل بعضنا فنّياً ونحترم مسيرة بعض».

ريدوان لا يستعجل دخول عالم التمثيل (حسابه على «إنستغرام»)

وتحدّث الفنان المغربي عن أحدث مشاريعه الموسيقية، وهي أغنية خاصة بالمنتخب المغربي لكرة القدم، ضمن مشروع ألبوم وطني، قائلاً: «(مغربي مغربي) أول أغنية من مشروع متكامل موجَّه للمنتخب وللشعب المغربي بشكل عام. أردت أن تكون لدينا أغانٍ تشجيعية مثل باقي المنتخبات العالمية، التي يملك جمهورها أغاني جماعية تهتف بها الملاعب. للأسف، لم يكن لدينا ما يُعرف بـ (الألتراس) للمنتخب، فقررت أن أبدأ هذه المبادرة، وأظن أنها فكرة جميلة جداً».

وأضاف: «تخيلوا أكثر من 90 أو حتى 100 ألف مشجع يهتفون بكلمات منظمة ولحن حماسي موحد، سيكون لذلك أثر نفسي ومعنوي ضخم على اللاعبين وعلى الجماهير معاً. الحماس سيتضاعف، والانتماء سيكبر».

وكشف المنتج عن فخره الكبير بتقديم النشيد الرسمي لنادي ريال مدريد الإسباني، النادي الذي يشجعه منذ الطفولة، قائلاً: «منذ كنت صغيراً، كنت أقول لنفسي: في يوم من الأيام، سأقدّم نشيداً رسمياً لريال مدريد، النادي الأقرب إلى قلبي. واليوم، تحقق هذا الحلم، وأصبح صوتي يصدح في ملعب البرنابيو أمام 90 ألف مشجع في كل مباراة، هذا شرف كبير لا يمكن وصفه».

عاجل إسرائيل ستستأنف إدخال المساعدات لغزة عبر القنوات القائمة (أكسيوس)