صادق الصبّاح لـ«الشرق الأوسط»: «نرحب بالمنصات العالمية في المنطقة ولكن...»

بعد منع عرض فيلم «لايت يير» في 14 دولة عربية

الصبّاح يرى أن على المنصات العالمية مراعاة واحترام تقاليدنا ومجتمعاتنا (الشرق الأوسط)
الصبّاح يرى أن على المنصات العالمية مراعاة واحترام تقاليدنا ومجتمعاتنا (الشرق الأوسط)
TT

صادق الصبّاح لـ«الشرق الأوسط»: «نرحب بالمنصات العالمية في المنطقة ولكن...»

الصبّاح يرى أن على المنصات العالمية مراعاة واحترام تقاليدنا ومجتمعاتنا (الشرق الأوسط)
الصبّاح يرى أن على المنصات العالمية مراعاة واحترام تقاليدنا ومجتمعاتنا (الشرق الأوسط)

بدأت أخيراً المنصات الإلكترونية العالمية تحول انتباهها نحو المنطقة العربية. فبعد ولوج عدد منها هذا الفضاء، انضمت إليها مؤخراً منصة «ديزني» على أن تلحق بها كل من «أمازون» و«إتش بي أو». وقبل ساعات من طرح فيلم «لايت يير» Lightyear في دور العرض السينمائية في العالم، كشفت شركة ديزني، أن 14 سوقاً في أنحاء الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، حظرت عرض الفيلم، وذلك بعد ما رفضت الشركة حذف مشهدٍ يتضمن قبلة مثلية بين سيدتين متزوجتين. ومن بين تلك البلدان الإمارات العربية المتحدة ولبنان والأردن والبحرين ومصر والكويت والمملكة العربية السعودية وغيرها. وجاء ذلك بالتزامن مع إطلاق منصة البث الإلكتروني «ديزني» في الشرق الأوسط. ومن غير الواضح ما إذا كان سيتم عرض «Lightyear» على المنصة المذكورة أو العكس.
وإزاء هذه الواقعة استمزجت «الشرق الأوسط» صادق الصبّاح حول رأيه في الموضوع. فهو إضافة إلى كونه صاحب شركة إنتاج عربية رائدة (الصباح أخوان) يشغل اليوم موقع نائب رئيس اتحاد المنتجين العرب. كما يملك خبرة طويلة في مجال الإنتاج والتعامل مع المنصات الإلكترونية العالمية. وكانت قد أعلنت «نتفليكس» عن عرضها لمسلسل «الهيبة» بأجزائه الأربعة. فكيف يتلقف قرار منع عرض الفيلم، وما هو تعليقه حول تحول المنصات العالمية نحو المنطقة؟ يرد الصبّاح قائلاً: «بالتأكيد نرحب بدخول المنصات العالمية منطقتنا العربية، ولكن عليها في المقابل أن تراعي وتحترم تقاليدنا ومجتمعاتنا. فالفيلم يتوجه إلى الأطفال. وكان من البديهي أن تأخذ هذه الدول قرار المقاطعة من باب الحذر والأمان. فأطفالنا هم المستقبل، ولا يجدر بنا أن نساهم في زعزعة المنطق الطبيعي للحياة. نحن لسنا ضد أحد، ولكن ضد أن يتم فرض أفكار معينة علينا. فالموجة غربية ونحن نحترم الآخر، ولكن يجب أن نتوخى الحذر، لأنها تضعنا في منطقة حرجة. وإذا لم نبعد هذه الموجة عنا، نصبح من دون شك في قلبها. الأمر يشمل موضوعات مختلفة وبينها سياسية واجتماعية وغيرها». ويتابع الصبّاح الذي يؤكد حرصه على إبقاء بوابة الشرق مفتوحة على الإنتاجات الغربية، شرط مراعاتها لأعراف وتقاليد المجتمع الشرقي: «لقد أقلقني هذا الموضوع، سيما وأننا نتكلم هنا عن الأطفال ضمن فيلم كرتوني. فهم لا يزالون في طور التكوين الفكري».
ويشير الصبّاح إلى أن هذه المنصات، ورغم أنها تابعة لمكتبات كبيرة في عالم صناعة الأفلام، ولديها تاريخ طويل، فإننا يجب أن ننتبه لفكرها. ويضيف: «في حال لا سمح الله، استطاعت هذه الموجة ولوج مجتمعنا، فإننا نتوقع محاربتها بالفكر، وبالأسلوب الذي تتبعه تماماً، للتسلل به إلى مجتمعنا».
يرفض الصبّاح أن يصل اليوم الذي تتمكن فيه هذه المنصات من استخدام أدوات وعناصر ونجوم عرب لكي تنتج هذا النوع من الأعمال التي لا تشبهنا. «من هنا ينبع القلق الذي يساورني وأدق ناقوس الخطر كي نحاربه. أعرف تماماً أنه ليس لدي حق الاعتراض على وجهات نظر الغرب، لكن شرط أن تبقى بعيدة عنا».
ويلفت الصبّاح إلى أن أعمالاً عربية أخذت بعين الاعتبار حالات اجتماعية تختلف عنا، وأنه تعاطف مع فيلم «أصحاب ولا أعز». ويقول: «تناول موضوعات عديدة دقيقة، ولكن بذكاء ومن دون أن يخدش عين المشاهد».
من ناحية ثانية، بدأت شركة الصباح التحضير لإنتاجاتها المستقبلية التي تتضمن أعمالاً لموسم رمضان عام 2023.
ويأتي في مقدمة هذه الأعمال «عاصي الزند»، وهو من بطولة تيم حسن وكوكبة من نجوم الشاشة الصغيرة. ومن المقرر أن يعرض في موسم رمضان المقبل على أن يتبعه موسم ثانٍ في العام الذي يليه. ويحكي المسلسل، وهو من النوع التاريخي، عن شاب استطاع أن يتعامل مع الجو الإقطاعي الذي كان سائداً في الحقبة التي تدور فيها القصة. ويعلق الصبّاح: «بعد النجاح الذي حققه (الهيبة) بحثنا كثيراً عن قصة توازيه أهمية، ويمكنها أن تجذب المشاهد. وقع اختيارنا على هذه القصة النابعة من حكاياتنا الشعبية التي تشبه التي كان يرويها الحكواتي. وهو عمل سيصور بين لبنان وسوريا ومن ثم في تركيا. وقد لزمه ميزانية مرتفعة والكثير من التحضير لنقل جميع عناصر تلك الفترة التاريخية بدقة». العمل من كتابة عمر أبي سعدى وإخراج سامر البرقاوي. وعن سبب تمسكه بتيم حسن كحصان رابح لا يستغني عنه يرد: «إنه يستأهل هذا الاهتمام لأنه رجل مثقف ومضطلع وقارئ نهم. وهو في مقدوره أن يذوب في آراء المجموعة والعمل سيكون مبهراً».
ومن الأعمال الأخرى التي يجري الاستعداد لتصويرها لموسم رمضان «وأخيراً» لنادين نسيب نجيم من كتابة بلال شحادات و«النار بالنار» من بطولة عابد فهد. أما المشاهدون المتحمسون لمشاهدة الجزء الثاني من «صالون زهرة» فيطمئنهم صادق الصبّاح بأن موعد تصويره سيبدأ في شهر أغسطس (آب) المقبل. «إنه يدور ضمن نص جميل سيرسم البسمة على ثغر مشاهده ويتألف من 10 حلقات». ومع كارين رزق الله ومعتصم النهار ونخبة من الممثلين، يجري التحضير أيضاً لمسلسل جديد سيعرض في رمضان. ومن أعمال رمضان المصرية أكد الصباح أن بينها واحداً يقوم ببطولته عمرو سعد ويدور في الأجواء الشعبية المصرية. كما أن هناك رواية ثانية سيتم الإعلان عنها قريباً إلى جانب «المداح» في جزئه الثالث مع حمادة هلال. وعن المسلسل المغربي «سلامات أبو البنات» يؤكد الصبّاح أنه يستعد لتصوير الجزء الخامس والأخير منه.
وعلى مقلب آخر، تتحضر شركة الصبّاح لتصوير أعمال سعودية بينها «أكليريك» الذي يحكي قصة رسام، وسيتم تصويره في الرياض في شهر سبتمبر (أيلول) ويوليو (تموز).


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.