بنيت محذراً طهران: القاعدة الجديدة ستكون «الجهة المرسلة هي التي ستدفع الثمن»

الأمن الإسرائيلي: قائد استخبارات «الحرس الثوري» يتولى مسؤولية العمليات الانتقامية

بنيت يصل إلى اجتماع أسبوعي لمجلس الوزراء في مكتب رئيس الوزراء في القدس أمس (أ.ف.ب)
بنيت يصل إلى اجتماع أسبوعي لمجلس الوزراء في مكتب رئيس الوزراء في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

بنيت محذراً طهران: القاعدة الجديدة ستكون «الجهة المرسلة هي التي ستدفع الثمن»

بنيت يصل إلى اجتماع أسبوعي لمجلس الوزراء في مكتب رئيس الوزراء في القدس أمس (أ.ف.ب)
بنيت يصل إلى اجتماع أسبوعي لمجلس الوزراء في مكتب رئيس الوزراء في القدس أمس (أ.ف.ب)

حذَّر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت إيران من محاولات استهداف إسرائيليين في الخارج، مشدداً على أن القاعدة الجديدة التي سيتم اتباعها، ستكون أن «الجهة المرسلة هي التي ستدفع الثمن»، بينما اتهمت المخابرات الإسرائيلية، رئيس جهاز استخبارات «الحرس الثوري» بالتحضير لهجمات، انتقاماً لاغتيال عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين في الأسابيع الأخيرة.
وقال بنيت في مستهل الاجتماع الأسبوعي للحكومة أمس، إن «في هذه الأيام نشهد محاولات إيرانية لاستهداف إسرائيليين في أماكن مختلفة خارج البلاد. وتعمل أجهزة الأمن على إحباط محاولات تنفيذ هذه العمليات الإرهابية قبل تنفيذها». وأضاف: «سنواصل ضرب مرسلي الإرهابيين... حيث تكون القاعدة الجديدة التي نتبعها مفادها أن الجهة المرسلة هي التي تدفع الثمن».
وأشار بنيت إلى تحذير من السفر إلى تركيا، وخصوصاً إلى إسطنبول، وقال إن «الخطر ما زال مرتفعاً». وأكد أن عناصر أمن تركية وإسرائيلية نفذت «حملة غير مسبوقة في إسطنبول»، في نهاية الأسبوع الماضي، لإحباط عمليات ضد إسرائيليين.
جاء ذلك في وقت قالت فيه جهات أمنية في تصريحات لوسائل الإعلام العبرية، إن «معلومات وصلت إلى المخابرات في تل أبيب، مفادها أن المسؤول الإيراني الذي كُلف بتنفيذ عمليات انتقامية ضد إسرائيل، على أراضي تركيا وغيرها، هو حسين طائب، رئيس جهاز استخبارات «الحرس الثوري».
وذكرت الجهات الأمنية أن «طائب تعرض مؤخراً لانتقادات شديدة، واتهام بالإهمال من جراء كثرة عمليات الاغتيال. وبات الأمر بالنسبة إليه مسألة انتقام شخصي». وقالت إن «طائب معروف بتاريخ طويل في التنكيل والتخويف، ويعتبر قائداً قاسياً وفتاكاً. والمخابرات الإسرائيلية تتابعه جيداً. وقد قررت الإعلان عن موقفها منه كنوع من التحذير والتهديد، وربما الإعلان عن النية لتصفيته».
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، أول من أمس، بأن «إسرائيل جاهزة للرد بضربات ضخمة على أي مساس بمواطنيها، أينما كان»، وهو ما اعتُبر تهديداً شخصياً لطائب.
في غضون ذلك، شكر الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوغ، نظيره التركي رجب طيب إردوغان، على الجهود المشتركة لإحباط المحاولات لاغتيال مواطنين إسرائيليين على أراضي تركيا.
وأكدت مصادر دبلوماسية أن الرئيسين اتفقا على أن الخطر ما زال قائماً، ولم يتوقف بالقبض على خلايا في إسطنبول، ولذلك أكدا أهمية مواصلة التنسيق والتعاون بينهما، حتى يتم القبض على كل الخلايا، ويُقطع دابر التهديدات.
وأجمعت وسائل الإعلام العبرية أمس على وجود الخطر الموجه للإسرائيليين، استناداً إلى تسريبات من مسؤولين في الجيش والمخابرات. وكتب محرر الشؤون العسكرية في «هآرتس»، عاموس هرئيل: «خلف الكواليس تبذل في الأسابيع الأخيرة جهود هائلة من قبل رجال المخابرات في إسرائيل وفي تركيا، في محاولة لمنع عملية ضد مواطنين إسرائيليين في إسطنبول».
ورأى هرئيل أن «جهود إحباط العملية التي سجلت عدة نجاحات، هي قوية بشكل خاص؛ نظراً لأنه لا يوجد هذه المرة لـ(الحرس الثوري) هدف محدد. ووفقاً لجهاز الأمن الإسرائيلي، فإن الإيرانيين مصممون جداً على تحقيق إنجاز، إلى درجة أن كل هدف سيكون صالحاً في نظرهم». وتابع: «ألعاب القط والفأر مع عناصر (فيلق القدس) ومساعديهم المحليين في شوارع إسطنبول بدأت قبل وقت طويل، ولكن يبدو أن الجهد الإيراني ضوعف مرتين وثلاثاً، بعدما نسبوا لإسرائيل عملية اغتيال العقيد حسن خدائي من (الحرس الثوري)، قبل ما يقارب شهراً».
وبعد مقتل خدائي، تداولت وسائل الإعلام بالتناوب، أسماء أكثر من 5 ضباط وعلماء على صلة بالبرنامجين الصاروخي والنووي، وتُوفي جميعهم في حالات غامضة، وهو ما عزز مؤشرات على توسع حرب الظل.
وكتب يوآف ليمور، محرر الشؤون العسكرية في صحيفة «يسرائيل هيوم»، يقول: «كجزء من مساعي الإحباط، تجري لعبة أدمغة مشوقة بين إسرائيل وإيران. هكذا، كان الكشف في ليل السبت عن حسين طائب، رئيس جهاز استخبارات (الحرس الثوري) والرجل المسؤول عن العمليات المخططة في إسطنبول. وهو معروف منذ سنين لأجهزة الأمن في إسرائيل وفي الغرب. القرار بالإشارة إليه علناً كمن يقف خلف الحدث الحالي، يضع أيضاً دائرة هدف حول رأسه».
ورأى الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش، الجنرال احتياط عاموس يدلين، أنه بعد أن أخفقت المساعي الإيرانية في المساس بعلماء أو ضباط إسرائيليين، فإن طهران خفضت من سقف أهدافها، ليصبح أي شخص إسرائيلي أو يهودي هدفاً للقتل أو الاختطاف.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

الدبلوماسية الفرنسية تنشط لتجنب الحرب الواسعة والرئيس ماكرون يسير على خُطى سلفه جاك شيراك

البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
TT

الدبلوماسية الفرنسية تنشط لتجنب الحرب الواسعة والرئيس ماكرون يسير على خُطى سلفه جاك شيراك

البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)
البحث عن ناجين بعد ضربة جوية إسرائيلية شمال بيروت الخميس (رويترز)

كثّفت الدبلوماسية الفرنسية نشاطها في نيويورك؛ حيث حضر في وقت واحد الرئيس إيمانويل ماكرون ومستشاروه وكذلك وزير الخارجية الجديد جان نويل بارو. وبذلت باريس جهوداً في العمل من أجل احتواء التصعيد العسكري بين «حزب الله» وإسرائيل، والتوصل إلى وقف للعمليات العسكرية.

ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي بدفع من الرئيس ماكرون، الذي يريد أن يكون لبلاده دور في حماية لبنان، بعد الإخفاق الذي واجهه منذ العام 2020 وقت انفجاري المرفأ، ورغم الزيارتين اللتين قام بهما إلى بيروت خلال أقل من شهر (في 6 أغسطس «آب» والأول من سبتمبر «أيلول»)، مقدماً خطة إنقاذ اقتصادية وسياسية ومالية واجتماعية، ودفع الطبقة السياسية من أجل التفاهم فيما بينها لإخراج البلاد من ورطتها متعددة الأشكال.

بيد أن شيئاً من هذا لم يتحقق، كما لم تنجح الجهود الفرنسية في الدفع لملء الفراغ على رأس المؤسسات اللبنانية، رغم تعاقب زيارات وزراء الخارجية الفرنسيين من جان إيف لودريان إلى كاترين كولونا وستيفان سيجورنيه، إضافة إلى المكلفين في قصر الإليزيه بالملف اللبناني.

سيجورنيه زار لبنان 3 مرات، بتكليف من ماكرون، ومنذ زيارته الأولى، بداية العام 2024، حمل خطة مفصلة لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وعمد إلى صياغة بعض فقراتها نزولاً عن طلب رئيس الوزراء المستقيل نجيب ميقاتي، الذي استقبله ماكرون في قصر الإليزيه، كما استقبل قائد الجيش العماد جوزيف عون، والرئيس السابق للحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط، وشخصيات لبنانية أخرى.

وخلال أشهر طويلة، كانت رسالة باريس للسلطات والسياسيين اللبنانيين، بمن فيهم مسؤولون من «حزب الله»، دعوتهم إلى التنبه من المخططات الإسرائيلية، ومن أن «حرب الإسناد» التي يقوم «حزب الله» «لن تبقى محصورة الإطار، ويمكن أن تتطور في أي يوم»، وفق تأكيدات مصادر فرنسية واكبت الجهود الدبلوماسية. كذلك نبهت باريس من «الخفة» التي يتعامل بها اللبنانيون مع المخاطر المقبلة.

ورغم التنافس بين باريس وواشنطن، التي قدمت هي الأخرى بشخص مبعوثها الرئاسي، آموس هوكشتاين، خطة موازية، فإن العاصمتين توصلتا، في النهاية، إلى العمل معاً، وفي اتجاه واحد. إلا أن النتيجة جاءت مخيبة، إلى أن حلّ التصعيد الأخير.

على خطى شيراك

اليوم تغير الوضع، والكارثة حلّت، ويمكن أن تتبعها كوارث أكبر، ومن عناوينها قد تكون الحرب البرية، وسعي إسرائيل لاحتلال أقسام من الجنوب اللبناني (وهو ما فعلته سابقاً) وتمددها لتتحول إلى حرب إقليمية مع احتمال أن تتدخل بها إيران المتأرجحة حالياً بين رغبتها في الانفتاح على الغرب، وعدم التصادم مع إسرائيل والقوات الأميركية المنتشرة بقوة في المنطقة وبين «واجبها» دعم «حزب الله» ومنع هزيمته.

من هنا، فإن الحراك الفرنسي ارتقى إلى درجة أعلى، فالرئيس ماكرون لم يتردد في بث شريط فيديو قبل 5 أيام وجهه إلى «اللبنانيين واللبنانيات الأعزاء»، ليؤكد «مساندتهم في أي محنة يمرون بها»، وليشدد على أن لبنان «لا يمكن أن يعيش في حالة التخوف من حرب مقبلة».

ومع انتقاله إلى نيويورك، كان ماكرون الرئيس الغربي الوحيد الذي التقى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان؛ حيث عمد إلى «تسليط الضوء على مسؤولية إيران في دعم تهدئة عامة (في الشرق الأوسط بما فيه لبنان) واستخدام نفوذها في هذا الاتجاه لدى الأطراف المزعزعة للاستقرار التي تتلقى دعمها».

وزاد ماكرون: «نحضّ إسرائيل على وقف هذا التصعيد في لبنان، ونحضّ (حزب الله) على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. نحضّ كل من يزوّد (حزب الله) الوسائل اللازمة للقيام بذلك على التوقف»، عادّاً في الوقت نفسه أنّه لا يمكن لإسرائيل أن «توسّع عملياتها في لبنان من دون عواقب».

ونبه ماكرون، متحدثاً عن التطورات على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية من أن «الخطر الرئيسي راهناً هو (خطر) التصعيد» في الشرق الأوسط، معرباً عن تعاطفه مع لبنان والشعب اللبناني. وإذ انتقد «حزب الله» الذي «يجازف منذ وقت طويل جداً بجر لبنان إلى الحرب»، دعا جميع الفرقاء إلى الوفاء بالتزاماتهم على طول الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة بين إسرائيل ولبنان.

وأكد أن باريس ستتحرك «من أجل بلورة مسار دبلوماسي لا غنى عنه، يهدف إلى تحييد السكان المدنيين والحؤول دون انفجار إقليمي». وأعلن أنه طلب من وزير خارجيته التوجه إلى لبنان نهاية الأسبوع. وبطلب من فرنسا، عقد مجلس الأمن لبحث التصعيد العسكري والتطورات الخطيرة.

باريس تسعى لدفع واشنطن للتحرك الجدي

لم يتوقف الحراك الفرنسي عند هذا الحد، إذ إن باريس ترى أن مساعيها لا يمكن أن تؤتي أُكلها من غير مشاركة أميركية فاعلة. من هنا، انكب فريقا البلدين على بلورة مبادرة مشتركة، كشف عنها وزير الخارجية في كلمته أمام مجلس الأمن؛ حيث قال إن «فرنسا عملت، في الأيام الأخيرة، مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوماً لإفساح المجال أمام المفاوضات»، مضيفاً أن اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله» «ليس حتمياً» بشرط أن تنخرط كل الأطراف «بحزم» في إيجاد حلّ سلمي للنزاع.

ووفق القراءة الفرنسية، فإن «التوترات بين (حزب الله) وإسرائيل اليوم تُهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه». وما كان للمبادرة المشتركة المستعجلة أن ترى النور من غير حصول اجتماع في نيويورك بين الرئيسين الفرنسي والأميركي. وما تتخوف منه باريس، وفق مصادرها، أن يكون الانخراط الأميركي في الملف اللبناني - الإسرائيلي شبيهاً بانخراطها فيما خص حرب غزة، حيث «الخطوط الحمراء» التي وضعتها واشنطن لإسرائيل ول نتنياهو تهاوت تباعاً، ولم تنجح واشنطن في إلزام الأخير بهدنة دعت إليها مراراً وتكراراً وتوقعت حصولها.

ويتضح مما سبق أن الرئيس ماكرون يريد أن يكون له دور فاعل في الأزمة الراهنة، وربما أنه استوحى الدور الذي لعبه جاك شيراك، الرئيس الأسبق، في وضع حد للحربين اللتين شنتهما إسرائيل على لبنان في 1996 وفي 2006. ففي الأولى، أرسل شيراك وزير خارجيته هيرفيه دو شاريت إلى المنطقة، وطلب منه البقاء فيها حتى انتزاع اتفاق. وفي الثانية، كان لباريس دور كبير في دفع مجلس الأمن لتبين القرار الشهير 1701 الذي وضع حدّاً للحرب، ولكن ليس للنزاع المستمر بين إسرائيل ولبنان، الذي ما زال الأساس الذي تدور حوله المناقشات في الأمم المتحدة.

وثمة أسئلة كثيرة تطرح نفسها؛ أولها يتناول مدى الجدية الأميركية، وثانيها الطريق إلى بلورة آلية تمكن من تنفيذ القرار المذكور، وثالثها الموقف الإيراني ورغبة طهران في المساعدة، ورابعها المدة الزمنية اللازمة للحصول على موافقة الأطراف المعنية المبادرة المشتركة، وآخرها معرفة ما يريده حقيقة نتنياهو من حربه الراهنة على لبنان، والأهداف التي يريد تحقيقها قبل أن يقبل الهدنة.