الغاز يشتعل في أوروبا ويهدد بشتاء جليدي

ارتفاع هائل للأسعار وتراجع بالغ للإمدادات

أسعار عقود الغاز الطبيعي تصعد في تعاملات الأسواق الأوروبية أمس
أسعار عقود الغاز الطبيعي تصعد في تعاملات الأسواق الأوروبية أمس
TT

الغاز يشتعل في أوروبا ويهدد بشتاء جليدي

أسعار عقود الغاز الطبيعي تصعد في تعاملات الأسواق الأوروبية أمس
أسعار عقود الغاز الطبيعي تصعد في تعاملات الأسواق الأوروبية أمس

ارتفعت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في التعاملات الأوروبية أمس (الجمعة)، لليوم الخامس على التوالي، لتسجل أكبر زيادة أسبوعية منذ بداية الحرب الروسية ضد أوكرانيا يوم 24 فبراير (شباط) الماضي، بعد تحركات روسيا لإجراء خفض أكبر لإمدادات الغاز الطبيعي عبر أكبر خطوط النقل إلى أوروبا.
ويخشى الكثير من محللي الطاقة من استعداد روسيا لوقف جميع الإمدادات إلى أوروبا كتكتيك لممارسة الضغط. وحذر مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي باولو جينتيلوني يوم الخميس من دخول اقتصاد القارة في حالة ركود إذا توقفت إمدادات الغاز من روسيا، رغم أن هذا لم يحدث حتى الآن.
وارتفع سعر الغاز الطبيعي الهولندي، وهو الغاز القياسي للسوق الأوروبية، بنسبة 4.5% حتى الساعة 11:18 بتوقيت أمستردام إلى 130 يورو لكل ميغاواط-ساعة تسليم الشهر المقبل، كما ارتفع سعر الغاز البريطاني بنسبة 3.2%.
وارتفع سعر العقود الآجلة القياسية للسوق الأوروبية بنسبة 8.4% ليصل إجمالي الارتفاع خلال أسبوع التداول الحالي إلى نحو 60% بعد إعلان شركة «إيني» الإيطالية تلقيها إخطاراً من «غازبروم» الروسية للغاز الطبيعي بأنها ستضح إلى إيطاليا نصف الكميات المطلوبة.
وذكرت شركة «إيني» أن «غازبروم» تعهدت لروما في السابق بإمدادها بنصف الـ63 مليون متر مكعب من الغاز التي تم طلبها يوم الجمعة. وتم تقليص إمدادات الغاز بنسبة 15% من النسبة المطلوبة يوم الأربعاء، و35% يوم الخميس.
وذكرت «بلومبرغ» أن هذا الخفض يمثل ضربة قوية لإحدى كبرى الدول المستهلكة للغاز الطبيعي الروسي في أوروبا، في الوقت الذي تحاول فيه أوروبا تعزيز مخزوناتها من الغاز قبل فصل الشتاء المقبل.
من ناحيتها، أعلنت الشركة المشرفة على شبكة نقل الغاز الفرنسية «جي آر تي غاز» أمس، عدم تلقي الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب منذ 15 يونيو (حزيران)، مع «انقطاع التدفق المادي بين فرنسا وألمانيا».
وتعتمد فرنسا على روسيا في نحو 17% من غازها، الذي يصل عبر خطوط الأنابيب أو على شكل سائل عن طريق ناقلات الغاز الطبيعي المسال. وتصل الغالبية العظمى من الغاز المستورد عادةً عن طريق خط الأنابيب، من خلال نقطة الترابط الوحيدة مع ألمانيا.
وانخفضت التدفقات بنسبة 60% منذ بداية العام، وتعمل نقطة الاستيراد هذه بنسبة 10% فقط من طاقتها «منذ بداية عام 2022»، وفق «جي آر تي غاز».
ومنذ يومين، انخفض التوريد إلى الصفر. ولا تعرف «جي آر تي غاز» سبب الانخفاض.
لكنّ الشركة الفرنسية طمأنت إلى المخزونات الفرنسية مع ترقب الشتاء المقبل، والتي تبلغ 56%، في مقابل 50% عادةً في التاريخ نفسه. وتستورد فرنسا الغاز من دول أخرى، بينها إسبانيا، التي زادت شحناتها في الفترة الأخيرة.
وخفضت روسيا خلال الأسابيع القليلة الماضية تدفق الغاز الذي تصدّره لعدة دول أوروبية وسط خلافات بشأن العقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا. وشهدت ألمانيا انخفاضاً بنسبة 60% من إمدادات الغاز الأسبوع الجاري عبر خط «نورد ستريم - 1».
من جانبها، ذكرت الحكومة الألمانية أن إمدادات الغاز في ألمانيا لا تزال مستقرة. في الوقت نفسه، تحدث الناطق باسم وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، يوم الجمعة، عن وضع خطير، مشيراً إلى أن توقف إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى فرنسا عبر خط أنابيب من ألمانيا هو نتاج لتقليص الإمدادات عبر خط أنابيب «نورد ستريم» من روسيا إلى ألمانيا.
وذكر المتحدث أنه لم يتم حتى الآن تفعيل آلية تضامن من أي دولة في الاتحاد الأوروبي.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.