«قوات سوريا الديمقراطية» تقاوم ضغوطاً روسية لدمجها مع قوات النظام

حكومة دمشق تقول إن مصير «قسد» لن يكون أفضل من مصير «الإرهابيين» الذين قضت عليهم

مدخل بلدة تل تمر الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف الحسكة يوم 10 يونيو الحالي (رويترز)
مدخل بلدة تل تمر الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف الحسكة يوم 10 يونيو الحالي (رويترز)
TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تقاوم ضغوطاً روسية لدمجها مع قوات النظام

مدخل بلدة تل تمر الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف الحسكة يوم 10 يونيو الحالي (رويترز)
مدخل بلدة تل تمر الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف الحسكة يوم 10 يونيو الحالي (رويترز)

أعادت التهديدات التركية الأخيرة بشن عملية عسكرية ضد «قوات سوريا الديمقراطية» مواقف الجهات الدولية والمحلية المنتشرة شمال شرقي سوريا إلى المربع الأول. فأعلنت روسيا أنها تضغط على «سوريا الديمقراطية» (قسد)، العربية - الكردية، للاندماج في الجيش السوري التابع لحكومة الرئيس بشار الأسد بهدف منع العملية التركية المرتقبة، في حين توعدت حكومة دمشق، على لسان وزير خارجيتها فيصل المقداد، بأن مصير «قسد» لن يكون أفضل «من الإرهابيين الذين قضى عليهم الشعب والجيش السوري». في المقابل، أبلغت الإدارة الأميركية، على لسان كبار مسؤولي الملف السوري والخارجية، قادة «قسد» والإدارة الذاتية بأن واشنطن تعارض أي هجوم تركي داخل الأراضي السورية.
وكشفت مصادر كردية بارزة أن الاجتماع الأخير الذي جمع القائد العام لقوات «قسد» مظلوم عبدي بقائد القوات الروسية العاملة في سوريا الجنرال أليكسندر تشايكو، الجمعة الماضية (10 يونيو / حزيران)، بحث قضايا عسكرية وملفات أمن الحدود والعرض الروسي بإدماج «قسد» في منظومة الجيش السوري، إلى جانب نشر المزيد من القوات الحكومية الموالية للرئيس الأسد على طول الشريط الحدودي السوري - التركي، وتعزيز مواقعها في نقاط التماس الفاصلة بين «قسد» والفصائل السورية الموالية لتركيا في كل من ريف الحسكة الشمالي وشمال غربي الرقة وريف حلب الشرقي والشمالي، كما تناول الاجتماع دور القوات الروسية كضامن للاتفاقات الجانبية بين القوى الحليفة والمتصارعة بالمنطقة، وتثبيت عمليات وقف إطلاق النار والحفاظ على خفض التصعيد بين كل الجهات العسكرية.
وقالت المصادر ذاتها إن مظلوم عبدي أعاد تذكير الجنرال الروسي بأن القوات الحكومية المنتشرة في مناطق سيطرة «قسد» كانت باتفاق وتفاهم بينهم وبين القوات الحكومية بضمانة روسية، على أن يبقى قوام عددها كما هو متفق عليه، مشيرة إلى أن هذه القوات تتولى مهام الفصل مع الجيش التركي والفصائل الموالية لأنقرة، كما تتولى حماية مخافر في المناطق الحدودية. وتابعت أن «قيادة (قسد) أبدت استعدادها للتنسيق والقتال مع قوات الحكومة لصد أي غزو تركي للشمال السوري، لكنه (مظلوم عبدي) شدد على أنه لا حاجة لإرسال قوات حكومية إضافية»، مشدداً على ضرورة استخدام الجيش السوري أنظمة الدفاع الجوي ضد الطائرات التركية.
كما طالب عبدي، بحسب المصادر ذاتها، الجانب الروسي بتعزيز قواته في مدينتي منبج وعين العرب (كوباني) شرق حلب، علماً أن هاتين المنطقتين سبق أن هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مراراً بأنها ستكون من بين الأهداف العسكرية لعمليته العسكرية، إلى جانب بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي. وبالفعل؛ تنتشر القوات الروسية في مواقع محدودة إضافة الى انتشارها في بلدة العريمة جنوب غربي منبج. وقالت المصادر ذاتها إن عبدي «طالب القيادة الروسية، لكونها ضامنة للحفاظ على خفض التصعيد، بأن تمنع أي جهة في استغلال التهديدات لتحقيق مكاسب على الأرض»، في إشارة الى مساعي القوات الحكومية التابعة لحكومة الأسد لتعزيز قبضتها على كامل الأراضي السورية.
في المقابل، يعزز انتشار الجيش الأميركي وقوات التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» بقيادة واشنطن، في شمال شرقي البلاد مواقف قوات «قسد» بعدم الرضوخ للضغوط الروسية، على الرغم أن واشنطن، بحسب ما يعتقد الأكراد، لا بد أنها أعطت الضوء الأخضر لتركيا بشن عملية «نبع السلام» في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 والسيطرة على مدينتي رأس العين بالحسكة وتل أبيض بالرقة وعلى شريط يمتد بطول 110 كيلومترات وبعرض 30 كيلومتراً، بينما تعارض أي عملية جديدة.
من جانبها، قالت إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» وهي تعد مهندسة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية وقوات «قسد»، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من القامشلي، إن القوات الروسية لم تنشر مزيداً من جنودها على الأرض، مشيرة إلى أن «لهم نقاط مراقبة على الحدود مع تركيا ويسيّرون دوريات برية وجوية داخل الأراضي السورية. نسعى معهم لرفع التنسيق لصد الهجمات التركية المحتملة، ومطلوب من موسكو اتخاذ إجراءات إضافية لحماية الحدود». وعن مواقف حكومة دمشق، أردفت قائلة: «لا جديد في مواقف حكومة دمشق، ونأمل أن تكون هناك تفاهمات حول آلية حماية الحدود لا سيما وأن القوات الروسية وقوات النظام منتشرة على خطوط التماس».
وكان مظلوم عبدي قد أكد في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، في بداية فبراير (شباط) 2021، أنهم لا يعارضون المشاركة في أي هيكلية أو جسم عسكري وطني سوري يحقق الأهداف الوطنية شريطة الحفاظ على خصوصيتهم.


مقالات ذات صلة

سوريا: مليون دولار وأسلحة في «مزرعة البغدادي» بالرقة

المشرق العربي سوريا: مليون دولار وأسلحة في «مزرعة البغدادي» بالرقة

سوريا: مليون دولار وأسلحة في «مزرعة البغدادي» بالرقة

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن وحدة مشتركة من «قوات سوريا الديمقراطية» والقوات الأميركية، عثرت على أموال وذهب خلال الأيام الفائتة، في مزرعة واقعة بمنطقة «كسرة فرج» في أطراف الرقة الجنوبية، وتعرف باسم «مزرعة البغدادي»، وذلك لأن أبو بكر البغدادي كان يمكث فيها إبان قيادته تنظيم «داعش» الإرهابي على المنطقة. ووفقاً للمرصد، فإن المداهمة جاءت بعد معلومات للأميركيين و«قسد» بوجود مخبأ سري، حيث عُثر عليه بالفعل وبداخله 3 غرف مموهة بشكل دقيق، وفيها 4 براميل مملوءة بكميات كبيرة من الذهب وأموال تقدر بنحو مليون دولار أميركي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي موسكو تتهم «إرهابيين» في إدلب بـ«التحضير لاستفزاز»

موسكو تتهم «إرهابيين» في إدلب بـ«التحضير لاستفزاز»

في وقت كُشفت فيه معلومات عن خطط أوكرانية لشن هجمات ضد القوات الروسية في سوريا، اتهمت وزارة الدفاع الروسية تنظيمات «إرهابية» منتشرة في محافظة إدلب بشمال غربي سوريا بـ«الاستعداد لهجوم استفزازي على المدنيين»، واتهام الجيش السوري والقوات الروسية به.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مقتل قيادي في «سوريا الديمقراطية» بغارة تركية

مقتل قيادي في «سوريا الديمقراطية» بغارة تركية

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل قيادي في «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وإصابة مرافق له، بعدما استهدفتهما طائرة مسيّرة تركية، بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة، قرب معبر نصيبين في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة على الحدود مع تركيا. ولفت «المرصد» إلى أن الاستهداف جاء بعد حوالي أسبوع من نجاة القائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، من محاولة اغتيال بمسيّرة تركية في محيط مطار السليمانية بكردستان العراق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي قتيل وجرحى في اشتباكات بين «قسد» وقوات مدعومة من روسيا

قتيل وجرحى في اشتباكات بين «قسد» وقوات مدعومة من روسيا

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، بمقتل عنصر من فصيل «الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا خلال اشتباكات عنيفة مع عناصر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في بلدتي الطابية وجديد عكيدات بريف دير الزور الشرقي. وأضاف المرصد أن الاشتباكات العنيفة قد أسفرت أيضا عن سقوط جرحى في صفوف قوات سوريا الديمقراطية، فيما من المرجح ارتفاع عدد القتلى لوجود إصابات في حالة حرجة في صفوف الطرفين. وتوجه رتل روسي إلى بلدة طابية بريف دير الزور، لوقف الاشتباكات بين الطرفين، وسط حالة من التوتر والاستنفار في المنطقة، وفقا للمرصد. بالتوازي، حلق طيران مروحي لـ«التحالف الدولي» في أجواء قرى خشام والطابية ومظلوم بريف دير الزور ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجا قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، مساء أمس، من محاولة اغتيال استهدفته في مطار السليمانية بكردستان العراق. وتحدث مصدر مطلع في السليمانية لـ «الشرق الأوسط» عن قصف بصاروخ أُطلق من طائرة مسيّرة وأصاب سور المطار.


تقرير: أعضاء بالمخابرات الأوكرانية دعموا المعارضة السورية بمُسيرات

رجلان مسلحان يراقبان طريقًا من جسر في دمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
رجلان مسلحان يراقبان طريقًا من جسر في دمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

تقرير: أعضاء بالمخابرات الأوكرانية دعموا المعارضة السورية بمُسيرات

رجلان مسلحان يراقبان طريقًا من جسر في دمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
رجلان مسلحان يراقبان طريقًا من جسر في دمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

ذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، اليوم (الأربعاء)، أن مقاتلين سوريين تسلموا نحو 150 طائرة مسيرة، فضلا عن دعم سري آخر من أعضاء في المخابرات الأوكرانية الشهر الماضي قبل أسابيع من تقدم قوات المعارضة التي أطاحت بالرئيس بشار الأسد في مطلع الأسبوع.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على الأنشطة العسكرية الأوكرانية لم تسمها أن المخابرات الأوكرانية أرسلت نحو 20 مشغلاً للطائرات المسيرة ونحو 150 طائرة مسيرة تعمل بتقنية منظور الشخص الأول قبل ما أربعة أو خمسة أسابيع تقريباً لمساعدة «هيئة تحرير الشام».

وكانت وزارة الخارجية الروسية قالت في وقت سابق، دون تقديم أدلة، إن مقاتلي المعارضة حصلوا على طائرات مسيرة من أوكرانيا وتلقوا تدريباً على كيفية تشغيلها، وهو ما قالت وزارة الخارجية الأوكرانية حينئذ إنها ترفضه «رفضاً قاطعاً».

تحركت «هيئة تحرير الشام»، التي كانت تابعة لتنظيم «القاعدة» سابقاً، لتنصيب إدارة مؤقتة بعد أن أدت الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ 13 عاما إلى تقسيم البلاد.

وروسيا حليف رئيسي للرئيس المخلوع بشار الأسد وتدخلت لتزويده بالدعم العسكري في الحرب الأهلية في البلاد في عام 2015، كما تخوض موسكو صراعاً مع كييف بعد غزو أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وساعدت القوات العسكرية الروسية قوات الأسد في شن غارات جوية على المعارضة في وقت سابق هذا الشهر. لكن مدوني حرب روسيين حذروا من أن الإطاحة بالأسد لا تهدد فقط منشأتين عسكريتين روسيتين مهمتين استراتيجياً في سوريا، وإنما تهدد أيضا وجود موسكو في الشرق الأوسط.