كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

الوزيرة الجديدة: خبرة ومهنية وتعلّق بحياة الأرياف

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار
TT

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

لم يشكل تعيين كاترين كولونا (66 سنة) على رأس وزارة الخارجية في فرنسا مفاجأة كبيرة، ومع أن وزيرة الخارجية الجديدة غير معروفة عند عامة الفرنسيين فإن سيرتها الذاتية حافلة بالإنجازات. ثم إن رجال السياسة وكبار موظفي الخارجية يعرفون جيداً «مدام كاترين» – كما تلقب - التي تتميز بالانضباط والمهنية، والتي تعرف عن ظهر قلب كل الملفات الساخنة بحكم خبرة طويلة مرت فيها بمناصب سفيرة وناطقة رسمية لقصر الإليزيه (مقر رئاسة الجمهورية) ووزيرة للشؤون الأوروبية.
تسلمت كاترين كولونا مهامها كوزيرة للخارجية الفرنسية خلفاً لنظيرها السابق جان إيف لو دريان الذي شغل هذا المنصب طوال السنوات الخمس الأخيرة، وبذا غدت ثاني امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ فرنسا بعد الوزيرة المخضرمة ميشيل أليو ماري.
بدأت كولونا مشوارها الدبلوماسي كمستشارة سياسية ثم إعلامية لدى السفارة الفرنسية في العاصمة الأميركية واشنطن. ووفق شهادة صديقها السفير السابق ميشال دوكلو، أسهمت فترة إقامتها ونشاطاتها في الولايات المتحدة في إتقانها اللغة الإنجليزية – التي تتكلمها بطلاقة – والتعرف على عدد من كبار السياسة الأميركيين، وبالأخص، الديمقراطيين، وتتابع عن كثب تطور العلاقات الثنائية، وهي الفترة التي تعرفت فيها أيضاً على دومينيك دو فيلبان الذي سيصبح صديقا حميماً ورفيقاً في العمل.
بعد عودة كاترين كولونا إلى فرنسا فإنها شغلت منصب مستشارة قانونية بمكتب وزير التجهيز والسكن في حكومة رولان دوما اليسارية. إلا أن أهم محطة في مشوارها السياسي جاءت بعد تعيينها ناطقةً رسمية للإليزيه عشية فوز الرئيس جاك شيراك في الانتخابات الرئاسية مايو (أيار) 1995، وهو المنصب الذي مكثت فيه أكثر من تسع سنوات محطمة رقماً قياسياً لم يصل إليه أي ناطق رسمي آخر في العالم.
- كفاءة واحترام دولي
حينذاك وصفت كاترين كولونا بالناطقة الرسمية «الصارمة» و«المجتهدة» التي تجيب على كل أسئلة الصحافيين مهما كان نوعها وتوقيتها. وكان الرئيس شيراك، بالتحديد، معجباً بعملها وحريصاً على اصطحابها معه في كل تنقلاته الخارجية. وحقاً، نقلت تقارير صحافية عديدة كيف أن الرئيس الفرنسي كان يعتمد عليها في كل صغيرة وكبيرة. وغالباً ما كان يلتفت إلى خلفه حين تغيب عن ذاكرته معلومة أو يفوته تاريخ أو اسم شخصية معينة، فكنا لا نرى الرئيس شيراك إلا ونرى وراءه «مدام كاترين» حاضرة.
على صعيد السياسة الخارجية، حظيت كاترين كولونا، ولا تزال، باحترام شخصيات عالمية مهمة كالرئيس الأميركي جورج بوش، الذي كان يناديها باسم «كاترين» مجرداً... أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد كتب لها رسالة وداع حين تركت منصبها كناطقة رسمية للإليزيه عام 2004. وللعلم، فهي دافعت عن موقف فرنسا الرافض للهجوم الأميركي على العراق وتعد من أشد المدافعين عن وحدة أوروبا.
كذلك كانت من أبرز الملتحقين بحكومة دو فيلبان للمساعدة في حلحلة أزمة الاستفتاء الأوروبي عام 2005. ورغم أنها لم تكشف يوماً عن انتمائها السياسي ولم تنضم لأي تشكيلة حزبية، لا من اليمين ولا من اليسار، فإنها أعربت غير مرة عن إعجابها بسياسات جاك شيراك حتى قيل بأنها «شيراكية» في القلب. ومن جهة ثانية، قالت بأنها لم تصرح يوماً عن مواقف رسمية لم تكن مقتنعة بها إزاء قضايا كالعلمانية والعراق والنزاع في الشرق الأوسط أو أوروبا... وإن اختيار الرئيس (شيراك) كان الأصح.
وفي سياق متصل، مع أن كولونا تلقت طلبات كثيرة وجهها الناشرون من أجل كتابة مذكراتها، ولا سيما، تفاصيل غير معروفة عن مشوارها السياسي مع الرئيس شيراك، فإنها كانت ترفض باستمرار مشددة في كل مرة على القول بأنها كانت «في خدمة الدولة... ولا يصح أن يستغل هذا الأمر لأغراض شخصية». وهنا نشير إلى أن عدة شخصيات قبلها كانت استغلت فرصة وجودها في موقع بهه الحساسية لإصدار سير ذاتية، كما فعل جاك أتالي - مثلاً - الذي كتب عن ذكرياته مع الرئيس الأسبق فرنسوا ميتران حين كان مستشاراً له ولاقت «سيرته» نجاحاً تجارياً واسعاً.
في أي حال، تجربة العمل مع رئيس من اليمين لم تمنع كاترين كولونا من العمل مع وزراء من اليسار مثل رولان دوما وهوبير فيدرين وموريس فور. ثم إن الرئيس شيراك أصر على بقائها في منصبها كناطقة رسمية حين قدمت استقالتها عام 2002، فقبلت التمديد لسنتين إضافيتين. وبعد انتهاء مهامها عام 2004 أقام لها حفلة تكريمية حضرتها ابنته كلود وزوجته برناديت التي كانت نادراً جداً ما تحضر حفلات تكريم المتعاونين، وتلقت فيه كولونا هدية هي عبارة عن شاشة تلفزيون بلازما.
محطة... مع السينما
بعد المهمة التي أحبتها كاترين كولونا بشغف، رغم كونها «مرهقة جداً»، بحسب شهادتها الشخصية، فإنها توجهت إلى مجال بعيد كل البعد عن السياسة هو مجال السينما حيث تولت مقاليد المركز الوطني للسينما.
في حينه كانت ترغب في قطيعة وتحديات جديدة. وفور تسلمها المنصب الجديد في «المركز» أعلنت أن بين أولوياتها ستكون محاربة القرصنة وتدعيم الاستثناء الثقافي الفرنسي. ويذكر المقربون من الوزيرة الجديدة وعارفوها أنها عاشقة للسينما الإيطالية، ولا سيما أعمال المخرج فريديكو فيليني، أما فيلمها المفضل فهو «ثمانية ونصف» الذي اضطلعت ببطولته النجمة كلوديا كاردينالي. والواقع أن كولونا بقيت في منصب بالمركز الوطني للسينما سنة واحدة، التحقت بعدها بصديقها رئيس الوزراء دومينيك دو فيلبان، الذي استدعاها لتشغل منصب وزيرة للشؤون الأوروبية (2005 – 2007) على إثر الأزمة التي خلقتها نتائج الاستفتاء على الدستور الأوروبي... التي رفض فيها الفرنسيون المشروع الأوروبي بنسبة 55 في المائة.
وبعد سنتين من العمل سفيرة فرنسا لدى منظمة «اليونيسكو» (2008 - 2010)، تركت كولونا السياسة من جديد لتلتحق بالفرع المالي لمجموعة برونزويك العالمية حيث شغلت منصب شريكة إدارية لمكتب المجموعة في العاصمة الفرنسية باريس. إلا أنها عادت على إثرها إلى السلك الدبلوماسي من جديد من خلال منصبي سفيرة فرنسا لدى إيطاليا (2014 - 2017) ثم لدى بريطانيا (2019 - 2022)، وتخلل الفترة بينهما (2017 - 2019) توليها منصب مندوب فرنسا الدائم لدى منظمة التجارة والتعاون الأوروبية.
- تحديات المنصب الجديد
تعيين كولونا أخيراً وزيرة للخارجية، يوم 20 مايو الماضي، جاء في ظروف خاصةً منها إعلان موظفي وزارة الخارجية الفرنسية الإضراب احتجاجاً على برنامج إصلاحات يهدد بتسريح عدد منهم، وتقليص امتيازاتهم المهنية، إضافة إلى إغلاق عدة قنصليات في أماكن مختلفة من العالم... وهذا حدث نادر جداً، بل إنها المرة الثانية فقط في تاريخ فرنسا فقط التي يعلن فيها إضراب من هذا النوع. وحسب شهادة السفير السابق في روسيا جان غلينياستي لصحيفة «الفيغارو» قد يكون هذا هو «التحدي الأول الذي سيواجه الوزيرة الجديدة... مع احتمال أن تنجح في اجتيازه بسلام بفضل سمعتها الجيدة وحنكتها الدبلوماسية».
الملف الآخر الذي ينتظر الوزيرة هو «الملف المالي» في ضوء تدهور العلاقات بين فرنسا ومالي، وطرد سلطات باماكو السفير الفرنسي جويل ماير بسبب تصريحات جان إيف لو دريان، وزير الخارجية السابق، الذي وصف المجلس العسكري المالي بـ«الحكومة غير الشرعية». وللتذكير يتمركز حوالي 2400 جندي فرنسي في مالي من أصل 4600 عسكري تنشرهم باريس في منطقة «الساحل والصحراء» الأفريقية. هذا، وقد بدأت العلاقات الثنائية تتأزم بعد طلب السلطات المالية من فرنسا سحب قواتها بحجة قلة رضاها عن العمليات التي نفذتها في هذه المنطقة لوقف زحف الجماعات المسلحة لتنظيم «القاعدة»، ومنها عملية «برخان» وعملية «سيرفال». وفي المقابل، تنظر باريس بعين القلق إلى المباحثات الأخيرة التي أجرتها أطراف مالية رسمية مع نظراء روسيين في الكرملين. وبالتالي، يتوقع أن تنكب الوزيرة كولونا على هذا الملف بالتعاون مع زميلها وزير الجيش سيبستيان لوكورنيو، وأيضاً الرئيس إيمانويل ماكرون بنفسه، نظراً لأهميته بالنسبة لفرنسا والمنطقة ككل. ثم هناك ملفات مهمة أخرى تنتظر البت موضوعة على طاولة رئيسة الدبلوماسية الفرنسية الجديدة، في طليعتها: الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، والأزمة في ليبيا، والوضع في لبنان، وذلك بسبب نفوذ فرنسا الكبير في هذه المناطق.
- ملف أوكرانيا
لكن الملف الأكثر أهمية وإلحاحاً لباريس راهناً يبقى مسألة الحرب الروسية الأوكرانية، ولذا افتتحت الوزيرة كولونا مهامها على رأس «الكيه دورسيه» (مقر وزارة الخارجية في وسط باريس) بزيارة أوكرانيا، وبالذات مدينة بوتشا التي أصبحت رمزاً لفظائع الحرب التي تنسبها أوكرانيا لروسيا بعد انسحاب الجنود الروس... واكتشاف مئات الجثث من المدنيين العزل. وبعد زيارة كولونا لهذه المدينة الصغيرة المنكوبة شددت الوزيرة على أن «فرنسا ستقف إلى جانب أصدقائها وحلفائها الأوكرانيين، وستبذل قصارى جهدها لإعادة السلام». ومع أنها لم تؤكد لنظرائها الأوكرانيين موافقة باريس على طلبهم الأساسي المتمثل بتسليم أوكرانيا أسلحة حربية جديدة، مكتفية بالإجابة بأن «الطلب في طور الدراسة»، إلا أنها أعلنت عن مساعدة لإعادة بناء هذه المنطقة بحوالي ملياري دولار.
وفي الشأن نفسه، كانت كولونا، قبل الزيارة التي قام بها الرئيس ايمانويل ماكرون لكييف يوم الخميس، هي المسؤولة الفرنسية الأعلى التي تزور أوكرانيا منذ بدء العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير (شباط) الفائت. وهي رغم إعلانها على إثر الندوة الصحافية التي عقدتها مع نظيرها الأوكراني عن رغبة بلادها في «لعب دور الوسيط» بين موسكو وكييف، فإن المراقبين السياسيين يستبعدون هذا الاحتمال بسبب انحياز فرنسا لأوكرانيا وإمدادها لها بالأسلحة والمساعدات.
أخيراً، سواءً كان مصدرها من اليمين أو اليسار، فكل آراء الساسة الفرنسيين اتفقت على أن كاترين كولونا قد تكون «المرأة المناسبة في المكان المناسب» خلال هذه العهدة الثانية من ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون، وهذا بفضل خبرتها الواسعة في التفاوض والمباحثات الدبلوماسية وحل الأزمات التي تأكدت قدرتها مراراً. وضمن هذا الإطار نذكر أنها قادت مباحثات «البريكست» في مواجهة نظرائها البريطانيين وتمكنت من انتزاع موافقتهم على منح الصيادين الفرنسيين تصاريح للصيد في المياه البريطانية. وفي الفترة التي شغلت فيها كولونا منصب سفيرة فرنسا في لندن، فإنها احتفظت بالحزم والمرونة في آن معاً إبان فترة تأزم العلاقات الفرنسية البريطانية. إذ شهدت هذه الفترة عدة مناوشات كلامية بين البلدين في ملفات اعتبرت شائكة كملف الصيد، والمهاجرين غير الشرعيين في بحر المانش، والعقود الأسترالية للغواصات، والبروتوكول الخاص بآيرلندا الشمالية، ولقاحات أسترازينيكا... وهذا بجانب كونها في واجهة الأحداث إبان الأزمة الفرنسية الأميركية عام 2003 بخصوص غزو العراق.
بطاقة هوية
- ولدت كاترين كولونا في منطقة لوش بمحافظة إندر أي لوار (وعاصمتها مدينة تور في غرب وسط فرنسا)، لأب محام وأم أستاذة. وبعد الزواج، قرر والداها التخلي عن نشاطهما المهني وصخب المدينة للاستقرار مختارين العيش في المزرعة العائلية مع الجدة وسط الحقول الخضراء والهواء النقي.
- والد كاترين، الذي ولد في قرية بجزيرة كورسيكا، كان يعتبر أن العيش في الريف سيسمح بتوفير متعة وملاذ آمن لابنتيه كاترين وآن ماري. وفعلاً تلقت كاترين وأختها الكبرى تربية علمانية اتسمت بدفء الأواصر والحوار المتبادل.
- حصلت كاترين على شهادة في الحقوق من جامعة تور «فرنسوا رابليه» العريقة، وتابعت دراساتها في معهد العلوم السياسية «سيانس بو» في باريس وتخصصت في الإدارة من المدرسة العليا للإدارة «إينا» - وهي إحدى أهم المعاهد الجامعية الفرنسية.
- لم تتزوج ولم تنجب أطفالا. وتمتاز بشخصية كتومة، فهي تتفادى الأضواء ولا تتكلم عن حياتها الخاصة ولا يعرف لها أي علاقات عاطفية.
- تتذكر آن ماري (الأخت الكبرى) أن أختها الصغرى كاترين كانت طفلة فطنة ومضحكة، غالباً ما ترافق والدها لاصطياد الأرانب البرية أو طائر الدراج أو لتصليح معدات المزرعة. وهذه الطبيعة أكدتها كاترين نفسها حين صرحت لصحيفة «ليبيراسيون» بأنها «ريفية... برغماتية ومتعلقة بالأرض»، كما أنها تعترف في الوقت نفسه بأن حياتها مملوءة بالمفارقات، إذ تقول للصحيفة ذاتها «أحب الطبيعة لكنني أعيش في الصالونات، وأنا مثقفة لكني أحب العمل اليدوي... وكأنني منذ البداية أفعل ما لم يكن مقرراً لي أن أفعله...».
- تستقل كاترين كولونا مرتين في الشهر «القطار السريع» لزيارة والدها، الذي لا يزال على قيد الحياة، والاستمتاع بهدوء الريف. وهناك تمضي وقتها في تقليم الأشجار أو صنع الأثاث المنزلي، وكان آخر القطع كان مصباحا من طراز الأربعينيات وطاولة من الخشب.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


روسيا وأوكرانيا في صميم هموم البرلمان الأوروبي الأكثر يمينية

من لقاء أوربان - بوتين في موسكو (رويترز)
من لقاء أوربان - بوتين في موسكو (رويترز)
TT

روسيا وأوكرانيا في صميم هموم البرلمان الأوروبي الأكثر يمينية

من لقاء أوربان - بوتين في موسكو (رويترز)
من لقاء أوربان - بوتين في موسكو (رويترز)

مطلع الشهر الماضي ذهب الأوروبيون إلى صناديق الاقتراع لتجديد عضوية البرلمان الأوروبي، فيما أجمعت الآراء على وصفها بأنها أهمّ انتخابات في تاريخ الاتحاد، الذي منذ أكثر من سنتين تشتعل حرب على تخومه وتهدد باتساع دائرتها وإيقاظ أشباح الماضي الذي قام المشروع الأوروبي بهدف وأده، وهذا بينما تتنامى داخل حدوده القوى التي منذ ثمانية عقود أفرزت أقسى الحروب التي شهدتها القارة في الأزمنة الحديثة. ولقد جاءت النتائج لتؤكد الصعود المطّرد للموجة اليمينية المتطرفة التي كانت قد أمسكت بزمام الحكم منذ سنتين في إحدى الدول الأعضاء الكبرى المؤسسة، إيطاليا، وأصبحت قاب قوسين من الوصول إلى سدّة الرئاسة الفرنسية... فيما بدت جذورها راسخة في العديد من البلدان الأعضاء الأخرى. ولكن، على الرغم من الصاعقة التي ضربت الصرح السياسي الفرنسي، ظل صعود هذه الموجة دون منسوب الطوفان الذي كانت تنذر به الاستطلاعات ويهدد - وفقاً لأفضل الاحتمالات - بجنوح المركب الأوروبي عن مساره التأسيسي. أمام هذا المشهد المعقد، كان القرار الأول الذي اتخذه البرلمان الجديد في جلسته الافتتاحية يوم الثلاثاء الفائت بعد انتخاب رئيسة له، تأكيد الدعم لأوكرانيا وترسيخ الانقسام الحاد بين الكتل السياسية الذي لم يشهد له مثيلاً منذ تأسيسه في عام 1979.

صور بارديلا مرفوعة خلال حملة الانتخابات الفرنسية (إيبا/شاترستوك)

يتّسم البرلمان الأوروبي الجديد الذي افتتح ولايته الاشتراعية العاشرة هذا الأسبوع في العاصمة البلجيكية بروكسل بكونه الأكثر تشرذماً، على صعيد الكتل التي تشكلت داخله بعد انتخابات التاسع من الشهر الماضي، والأكثر جنوحاً نحو اليمين. إذ أصبح أكثر من نصف أعضائه ينضوون تحت الرايات اليمينية المحافظة واليمينية المتطرفة. بيد أن عجز القوى المتطرفة عن الانصهار ضمن كتلة واحدة، أدّى إلى تشكيل 8 كتل سياسية، للمرة الأولى منذ عشرين سنة، تتصدرها كتلة الحزب الشعبي الأوروبي الذي يضمّ 26 في المائة من الأعضاء. وحقاً، ينذر هذا التشرذم بولاية يتخلّلها المزيد من النقاش الحاد، يصعب فيها التوازن عند الاستحقاقات الحسّاسة ويتعذّر الاتفاق، ذلك أن القوى المعتدلة التي كانت تشكل مجتمعة 70 في المائة من أعضاء البرلمان الأول عام 1979، ما عادت تمثّل اليوم أكثر من 45 في المائة فقط.

أهمية الاستقرار السياسي

تعدّ هذه الولاية على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للاستقرار السياسي داخل الاتحاد، خاصةً بعد صعود اليمين المتطرف والزلزال الذي نجم عن الانتخابات الأخيرة في فرنسا، حيث لا يزال المخاض مستمراً لتشكيل حكومة جديدة. وفي حين تجهد القوى المعتدلة للتأكيد بأنها تمكّنت من صدّ الموجة اليمينية المتطرفة - مع خشية كثيرين من أن تكون هذه آخر فرصة لقطع الطريق أمام الانقلاب السياسي الكبير - تكثّف هذه القوى مساعيها لفرض حظر على التعامل مع بعض القوى اليمينية المتطرفة التي تصنّفها قريبة من روسيا، وتعمل على منعها من تولّي مناصب حساسة في المؤسسات الأوروبية.

كتلة الحزب الشعبي الأوروبي تضم اليوم في البرلمان الجديد 188 عضواً، تليها كتلة الحزب الاشتراكي التي تتكوّن من 136 عضواً لا يتجاوزون نسبة 20 في المائة من المجموع للمرة الأولى منذ انطلاق البرلمان. وتأتي في المرتبة الثالثة كتلة «وطنيون من أجل أوروبا» اليمينية المتطرفة بـ84 عضواً، التي يقودها رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان وزعيمة «التجمّع الوطني» الفرنسي مارين لوبان، ثم تأتي في المرتبة الرابعة الكتلة اليمينية الأخرى التي تتزعمها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وتضمّ 87 عضواً تحت شعار «المحافظون والديمقراطيون من أجل أوروبا»... التي فشلت حتى الآن كل محاولات ضمّها إلى كتلة الحزب الشعبي الأوروبي. أما الكتلة الأخيرة التي تتجاوز بقليل 10 في المائة من مجموع أعضاء البرلمان، فهي الكتلة الليبرالية الوسطية، التي كانت أكبر الخاسرين في الانتخابات الأخيرة بعدما فقدت المرتبة الثالثة التي كانت تحتلها عادةً بين الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي.

"تشكّك أوساط برلمانية أوروبية في قدرة الكتلة اليمينية المتطرفة الجديدة على التأثير داخل البرلمان"

البرلمان الأكثر جنوحاً نحو اليمين

بذلك يكون هذا البرلمان الجديد الأكثر جنوحاً نحو اليمين في تاريخ الاتحاد الأوروبي. ويبقى الذكور يشكلون فيه أكثرية الأعضاء (60 في المائة)، مع أن بعض البلدان، مثل قبرص، لم تنتخب أي رجل للبرلمان الجديد، بينما تشكّل النساء ثلث الأعضاء المنتخبين في كلٍ من ألمانيا وإيطاليا.

من ناحية أخرى، كان التطور اللافت والمفاجئ في المعسكر اليميني المتطرف نجاح رئيس الوزراء المجري أوربان في لمّ شمل القوى اليمينية المتطرفة القريبة من موسكو ضمن كتلة برلمانية جديدة «وطنيون من أجل أوروبا». ولقد قامت هذه الكتلة على أنقاض كتلة «الهوية والديمقراطية»، وتضمّ كلاً من الحزب الليبرالي النمساوي و«التحالف المدني» الذي يقوده رئيس الوزراء التشيكي السابق أندريه بابيس، إلى جانب حزب «فوكس» الإسباني، وحزب «الرابطة» الإيطالي بزعامة ماتّيو سالفيني، واليمين الهولندي المتطرف، وحزب «التجمع الوطني» الفرنسي بزعامة مارين لوبان.

ويعود الفضل في تشكيل هذه الكتلة الجديدة، التي تعمّدت تهميش رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، إلى أوربان وحلفائه في أوروبا الشرقية. ويهدف هذا التجمع الجديد إلى التأثير في سياسات البرلمان الأوروبي وعرقلة مشروع الاندماج الذي يتجه نحو توسعة جديدة للاتحاد تشمل دول البلقان وبعض بلدان القوقاز، إلى جانب أوكرانيا.

رئيس الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)

دور فيكتور أوربان

وتأتي هذه الخطوة أيضاً، وسط تزايد القلق بين الشركاء الأوروبيين من الدور الذي يلعبه فيكتور أوربان في الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد، وجولاته على كييف وموسكو وبكين في «مهمة سلام» لم تكلفه بها الدول الأعضاء التي وجهت إليه انتقادات شديدة واتهمته بخدمة مصالح الكرملين، وبدأت أخيراً بمقاطعة الاجتماعات الوزارية التي تنظمها الرئاسة المجرية.

هذا، وكان «التجمّع الوطني» الفرنسي الذي تقوده لوبان، والذي يشكّل القوة الرئيسية في هذه الكتلة الجديدة بعد حصوله على 30 مقعداً في انتخابات الشهر الماضي، قد تريّث في الإعلان عن انضمامه إلى الكتلة في انتظار نتائج الدورة الثانية من الانتخابات الاشتراعية الفرنسية التي كان يأمل أن يحصل فيها على الغالبية المطلقة ويكلّف نجمه الصاعد الشاب جوردان بارديلا تشكيل الحكومة الجديدة. إلا أنه بعد ظهور النتائج النهائية للانتخابات الفرنسية وتراجع «التجمع الوطني» إلى المرتبة الثالثة، صرّح بارديلا - الذي كان قد انتُخب عضواً في البرلمان الأوروبي – بـ«أن أعضاء (التجمع الوطني) في البرلمان الأوروبي الجديد سيلعبون دورهم كاملاً ضمن كتلة كبيرة سيكون لها تأثير واضح على موازين السلطة ومعادلاتها في أوروبا». وتعهّد بارديلا، بالتالي، مواصلة العمل من أجل «منع إغراق بلدان الاتحاد بالمهاجرين، ورفض السياسات البيئية المتطرفة، ومصادرة السيادة الوطنية».

وما يُذكر أنه على الرغم من تغيّب بارديلا عن الاجتماع التأسيسي للكتلة الجديدة، فإنه انتُخب رئيساً لها بالإجماع، يعاونه ستة نواب للرئيس، تبرز من بينهم المجرية كينغا غال كنائبة أولى.

تشكيك بإمكانية توحيد اليمين

في أي حال، تشكّك أوساط برلمانية أوروبية في قدرة هذه الكتلة اليمينية المتطرفة الجديدة على التأثير داخل البرلمان الجديد، وتستبعد نجاحها في العمل بتوجيهات موحدة في ضوء اختلاف مصالحها وأهدافها الخاصة. وكانت الكتلة السابقة «الهوية والديمقراطية»، التي قامت على أنقاضها الكتلة الجديدة، وكان ينتمي إليها حزب «البديل من أجل ألمانيا» - الذي طُرد منها بسبب التصريحات النازية لزعيمه - دائماً معزولة من القوى البرلمانية الأخرى، بما فيها الكتلة التي تتزعمها ميلوني. وهنا نشير إلى أنه رغم الانسجام العريض بين مواقف ميلوني ومواقف أوربان من معظم الملفات الأوروبية، فإن الزعيمين يختلفان بوضوح حول الحرب الدائرة في أوكرانيا؛ إذ تصطف ميلوني ضمن الموقف الرسمي للاتحاد، بعكس حليفها اللدود في الائتلاف الحكومي الذي ينافسها على زعامة المعسكر اليميني المتطرف في إيطاليا، زعيم حزب «الرابطة» ماتيو سالفيني.

جدير بالذكر، أن البرلمان الأوروبي الجديد انتخب في جلسته الافتتاحية يوم الثلاثاء الماضي المالطية روبرتا متسولا، من الحزب الشعبي، رئيسة لنصف الولاية الاشتراعية حتى مطلع عام 2027. ونالت متسولا، التي كانت ترأس البرلمان السابق منذ وفاة الإيطالي دافيد ساسولي، 562 صوتاً من أصل 720، وهذا رقم قياسي لم يحصل عليه أي من الرؤساء السابقين؛ الأمر الذي يدلّ على أنها حصلت أيضاً على تأييد عدد من نواب اليمين المتطرف بجانب تأييد الكتلتين الكبريين اللتين تتوافقان عادة على توزيع المناصب القيادية في مؤسسات الاتحاد.

ولقد قالت متسولا في كلمتها قبل البدء بالاقتراع السري: «أدعوكم إلى التمسك والالتزام بمبادئنا وقيمنا التأسيسية، والدفاع عن سيادة القانون، وعن الإنسانية في الشرق الأوسط ورفض اجتياح أوكرانيا». وشددت، كما فعلت عند انتخابها للمرة الأولى، على إعطاء البرلمان الأوروبي صلاحية اقتراح التشريعات المقصورة حالياً على المفوضية.