كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

الوزيرة الجديدة: خبرة ومهنية وتعلّق بحياة الأرياف

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار
TT

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

لم يشكل تعيين كاترين كولونا (66 سنة) على رأس وزارة الخارجية في فرنسا مفاجأة كبيرة، ومع أن وزيرة الخارجية الجديدة غير معروفة عند عامة الفرنسيين فإن سيرتها الذاتية حافلة بالإنجازات. ثم إن رجال السياسة وكبار موظفي الخارجية يعرفون جيداً «مدام كاترين» – كما تلقب - التي تتميز بالانضباط والمهنية، والتي تعرف عن ظهر قلب كل الملفات الساخنة بحكم خبرة طويلة مرت فيها بمناصب سفيرة وناطقة رسمية لقصر الإليزيه (مقر رئاسة الجمهورية) ووزيرة للشؤون الأوروبية.
تسلمت كاترين كولونا مهامها كوزيرة للخارجية الفرنسية خلفاً لنظيرها السابق جان إيف لو دريان الذي شغل هذا المنصب طوال السنوات الخمس الأخيرة، وبذا غدت ثاني امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ فرنسا بعد الوزيرة المخضرمة ميشيل أليو ماري.
بدأت كولونا مشوارها الدبلوماسي كمستشارة سياسية ثم إعلامية لدى السفارة الفرنسية في العاصمة الأميركية واشنطن. ووفق شهادة صديقها السفير السابق ميشال دوكلو، أسهمت فترة إقامتها ونشاطاتها في الولايات المتحدة في إتقانها اللغة الإنجليزية – التي تتكلمها بطلاقة – والتعرف على عدد من كبار السياسة الأميركيين، وبالأخص، الديمقراطيين، وتتابع عن كثب تطور العلاقات الثنائية، وهي الفترة التي تعرفت فيها أيضاً على دومينيك دو فيلبان الذي سيصبح صديقا حميماً ورفيقاً في العمل.
بعد عودة كاترين كولونا إلى فرنسا فإنها شغلت منصب مستشارة قانونية بمكتب وزير التجهيز والسكن في حكومة رولان دوما اليسارية. إلا أن أهم محطة في مشوارها السياسي جاءت بعد تعيينها ناطقةً رسمية للإليزيه عشية فوز الرئيس جاك شيراك في الانتخابات الرئاسية مايو (أيار) 1995، وهو المنصب الذي مكثت فيه أكثر من تسع سنوات محطمة رقماً قياسياً لم يصل إليه أي ناطق رسمي آخر في العالم.
- كفاءة واحترام دولي
حينذاك وصفت كاترين كولونا بالناطقة الرسمية «الصارمة» و«المجتهدة» التي تجيب على كل أسئلة الصحافيين مهما كان نوعها وتوقيتها. وكان الرئيس شيراك، بالتحديد، معجباً بعملها وحريصاً على اصطحابها معه في كل تنقلاته الخارجية. وحقاً، نقلت تقارير صحافية عديدة كيف أن الرئيس الفرنسي كان يعتمد عليها في كل صغيرة وكبيرة. وغالباً ما كان يلتفت إلى خلفه حين تغيب عن ذاكرته معلومة أو يفوته تاريخ أو اسم شخصية معينة، فكنا لا نرى الرئيس شيراك إلا ونرى وراءه «مدام كاترين» حاضرة.
على صعيد السياسة الخارجية، حظيت كاترين كولونا، ولا تزال، باحترام شخصيات عالمية مهمة كالرئيس الأميركي جورج بوش، الذي كان يناديها باسم «كاترين» مجرداً... أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد كتب لها رسالة وداع حين تركت منصبها كناطقة رسمية للإليزيه عام 2004. وللعلم، فهي دافعت عن موقف فرنسا الرافض للهجوم الأميركي على العراق وتعد من أشد المدافعين عن وحدة أوروبا.
كذلك كانت من أبرز الملتحقين بحكومة دو فيلبان للمساعدة في حلحلة أزمة الاستفتاء الأوروبي عام 2005. ورغم أنها لم تكشف يوماً عن انتمائها السياسي ولم تنضم لأي تشكيلة حزبية، لا من اليمين ولا من اليسار، فإنها أعربت غير مرة عن إعجابها بسياسات جاك شيراك حتى قيل بأنها «شيراكية» في القلب. ومن جهة ثانية، قالت بأنها لم تصرح يوماً عن مواقف رسمية لم تكن مقتنعة بها إزاء قضايا كالعلمانية والعراق والنزاع في الشرق الأوسط أو أوروبا... وإن اختيار الرئيس (شيراك) كان الأصح.
وفي سياق متصل، مع أن كولونا تلقت طلبات كثيرة وجهها الناشرون من أجل كتابة مذكراتها، ولا سيما، تفاصيل غير معروفة عن مشوارها السياسي مع الرئيس شيراك، فإنها كانت ترفض باستمرار مشددة في كل مرة على القول بأنها كانت «في خدمة الدولة... ولا يصح أن يستغل هذا الأمر لأغراض شخصية». وهنا نشير إلى أن عدة شخصيات قبلها كانت استغلت فرصة وجودها في موقع بهه الحساسية لإصدار سير ذاتية، كما فعل جاك أتالي - مثلاً - الذي كتب عن ذكرياته مع الرئيس الأسبق فرنسوا ميتران حين كان مستشاراً له ولاقت «سيرته» نجاحاً تجارياً واسعاً.
في أي حال، تجربة العمل مع رئيس من اليمين لم تمنع كاترين كولونا من العمل مع وزراء من اليسار مثل رولان دوما وهوبير فيدرين وموريس فور. ثم إن الرئيس شيراك أصر على بقائها في منصبها كناطقة رسمية حين قدمت استقالتها عام 2002، فقبلت التمديد لسنتين إضافيتين. وبعد انتهاء مهامها عام 2004 أقام لها حفلة تكريمية حضرتها ابنته كلود وزوجته برناديت التي كانت نادراً جداً ما تحضر حفلات تكريم المتعاونين، وتلقت فيه كولونا هدية هي عبارة عن شاشة تلفزيون بلازما.
محطة... مع السينما
بعد المهمة التي أحبتها كاترين كولونا بشغف، رغم كونها «مرهقة جداً»، بحسب شهادتها الشخصية، فإنها توجهت إلى مجال بعيد كل البعد عن السياسة هو مجال السينما حيث تولت مقاليد المركز الوطني للسينما.
في حينه كانت ترغب في قطيعة وتحديات جديدة. وفور تسلمها المنصب الجديد في «المركز» أعلنت أن بين أولوياتها ستكون محاربة القرصنة وتدعيم الاستثناء الثقافي الفرنسي. ويذكر المقربون من الوزيرة الجديدة وعارفوها أنها عاشقة للسينما الإيطالية، ولا سيما أعمال المخرج فريديكو فيليني، أما فيلمها المفضل فهو «ثمانية ونصف» الذي اضطلعت ببطولته النجمة كلوديا كاردينالي. والواقع أن كولونا بقيت في منصب بالمركز الوطني للسينما سنة واحدة، التحقت بعدها بصديقها رئيس الوزراء دومينيك دو فيلبان، الذي استدعاها لتشغل منصب وزيرة للشؤون الأوروبية (2005 – 2007) على إثر الأزمة التي خلقتها نتائج الاستفتاء على الدستور الأوروبي... التي رفض فيها الفرنسيون المشروع الأوروبي بنسبة 55 في المائة.
وبعد سنتين من العمل سفيرة فرنسا لدى منظمة «اليونيسكو» (2008 - 2010)، تركت كولونا السياسة من جديد لتلتحق بالفرع المالي لمجموعة برونزويك العالمية حيث شغلت منصب شريكة إدارية لمكتب المجموعة في العاصمة الفرنسية باريس. إلا أنها عادت على إثرها إلى السلك الدبلوماسي من جديد من خلال منصبي سفيرة فرنسا لدى إيطاليا (2014 - 2017) ثم لدى بريطانيا (2019 - 2022)، وتخلل الفترة بينهما (2017 - 2019) توليها منصب مندوب فرنسا الدائم لدى منظمة التجارة والتعاون الأوروبية.
- تحديات المنصب الجديد
تعيين كولونا أخيراً وزيرة للخارجية، يوم 20 مايو الماضي، جاء في ظروف خاصةً منها إعلان موظفي وزارة الخارجية الفرنسية الإضراب احتجاجاً على برنامج إصلاحات يهدد بتسريح عدد منهم، وتقليص امتيازاتهم المهنية، إضافة إلى إغلاق عدة قنصليات في أماكن مختلفة من العالم... وهذا حدث نادر جداً، بل إنها المرة الثانية فقط في تاريخ فرنسا فقط التي يعلن فيها إضراب من هذا النوع. وحسب شهادة السفير السابق في روسيا جان غلينياستي لصحيفة «الفيغارو» قد يكون هذا هو «التحدي الأول الذي سيواجه الوزيرة الجديدة... مع احتمال أن تنجح في اجتيازه بسلام بفضل سمعتها الجيدة وحنكتها الدبلوماسية».
الملف الآخر الذي ينتظر الوزيرة هو «الملف المالي» في ضوء تدهور العلاقات بين فرنسا ومالي، وطرد سلطات باماكو السفير الفرنسي جويل ماير بسبب تصريحات جان إيف لو دريان، وزير الخارجية السابق، الذي وصف المجلس العسكري المالي بـ«الحكومة غير الشرعية». وللتذكير يتمركز حوالي 2400 جندي فرنسي في مالي من أصل 4600 عسكري تنشرهم باريس في منطقة «الساحل والصحراء» الأفريقية. هذا، وقد بدأت العلاقات الثنائية تتأزم بعد طلب السلطات المالية من فرنسا سحب قواتها بحجة قلة رضاها عن العمليات التي نفذتها في هذه المنطقة لوقف زحف الجماعات المسلحة لتنظيم «القاعدة»، ومنها عملية «برخان» وعملية «سيرفال». وفي المقابل، تنظر باريس بعين القلق إلى المباحثات الأخيرة التي أجرتها أطراف مالية رسمية مع نظراء روسيين في الكرملين. وبالتالي، يتوقع أن تنكب الوزيرة كولونا على هذا الملف بالتعاون مع زميلها وزير الجيش سيبستيان لوكورنيو، وأيضاً الرئيس إيمانويل ماكرون بنفسه، نظراً لأهميته بالنسبة لفرنسا والمنطقة ككل. ثم هناك ملفات مهمة أخرى تنتظر البت موضوعة على طاولة رئيسة الدبلوماسية الفرنسية الجديدة، في طليعتها: الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، والأزمة في ليبيا، والوضع في لبنان، وذلك بسبب نفوذ فرنسا الكبير في هذه المناطق.
- ملف أوكرانيا
لكن الملف الأكثر أهمية وإلحاحاً لباريس راهناً يبقى مسألة الحرب الروسية الأوكرانية، ولذا افتتحت الوزيرة كولونا مهامها على رأس «الكيه دورسيه» (مقر وزارة الخارجية في وسط باريس) بزيارة أوكرانيا، وبالذات مدينة بوتشا التي أصبحت رمزاً لفظائع الحرب التي تنسبها أوكرانيا لروسيا بعد انسحاب الجنود الروس... واكتشاف مئات الجثث من المدنيين العزل. وبعد زيارة كولونا لهذه المدينة الصغيرة المنكوبة شددت الوزيرة على أن «فرنسا ستقف إلى جانب أصدقائها وحلفائها الأوكرانيين، وستبذل قصارى جهدها لإعادة السلام». ومع أنها لم تؤكد لنظرائها الأوكرانيين موافقة باريس على طلبهم الأساسي المتمثل بتسليم أوكرانيا أسلحة حربية جديدة، مكتفية بالإجابة بأن «الطلب في طور الدراسة»، إلا أنها أعلنت عن مساعدة لإعادة بناء هذه المنطقة بحوالي ملياري دولار.
وفي الشأن نفسه، كانت كولونا، قبل الزيارة التي قام بها الرئيس ايمانويل ماكرون لكييف يوم الخميس، هي المسؤولة الفرنسية الأعلى التي تزور أوكرانيا منذ بدء العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير (شباط) الفائت. وهي رغم إعلانها على إثر الندوة الصحافية التي عقدتها مع نظيرها الأوكراني عن رغبة بلادها في «لعب دور الوسيط» بين موسكو وكييف، فإن المراقبين السياسيين يستبعدون هذا الاحتمال بسبب انحياز فرنسا لأوكرانيا وإمدادها لها بالأسلحة والمساعدات.
أخيراً، سواءً كان مصدرها من اليمين أو اليسار، فكل آراء الساسة الفرنسيين اتفقت على أن كاترين كولونا قد تكون «المرأة المناسبة في المكان المناسب» خلال هذه العهدة الثانية من ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون، وهذا بفضل خبرتها الواسعة في التفاوض والمباحثات الدبلوماسية وحل الأزمات التي تأكدت قدرتها مراراً. وضمن هذا الإطار نذكر أنها قادت مباحثات «البريكست» في مواجهة نظرائها البريطانيين وتمكنت من انتزاع موافقتهم على منح الصيادين الفرنسيين تصاريح للصيد في المياه البريطانية. وفي الفترة التي شغلت فيها كولونا منصب سفيرة فرنسا في لندن، فإنها احتفظت بالحزم والمرونة في آن معاً إبان فترة تأزم العلاقات الفرنسية البريطانية. إذ شهدت هذه الفترة عدة مناوشات كلامية بين البلدين في ملفات اعتبرت شائكة كملف الصيد، والمهاجرين غير الشرعيين في بحر المانش، والعقود الأسترالية للغواصات، والبروتوكول الخاص بآيرلندا الشمالية، ولقاحات أسترازينيكا... وهذا بجانب كونها في واجهة الأحداث إبان الأزمة الفرنسية الأميركية عام 2003 بخصوص غزو العراق.
بطاقة هوية
- ولدت كاترين كولونا في منطقة لوش بمحافظة إندر أي لوار (وعاصمتها مدينة تور في غرب وسط فرنسا)، لأب محام وأم أستاذة. وبعد الزواج، قرر والداها التخلي عن نشاطهما المهني وصخب المدينة للاستقرار مختارين العيش في المزرعة العائلية مع الجدة وسط الحقول الخضراء والهواء النقي.
- والد كاترين، الذي ولد في قرية بجزيرة كورسيكا، كان يعتبر أن العيش في الريف سيسمح بتوفير متعة وملاذ آمن لابنتيه كاترين وآن ماري. وفعلاً تلقت كاترين وأختها الكبرى تربية علمانية اتسمت بدفء الأواصر والحوار المتبادل.
- حصلت كاترين على شهادة في الحقوق من جامعة تور «فرنسوا رابليه» العريقة، وتابعت دراساتها في معهد العلوم السياسية «سيانس بو» في باريس وتخصصت في الإدارة من المدرسة العليا للإدارة «إينا» - وهي إحدى أهم المعاهد الجامعية الفرنسية.
- لم تتزوج ولم تنجب أطفالا. وتمتاز بشخصية كتومة، فهي تتفادى الأضواء ولا تتكلم عن حياتها الخاصة ولا يعرف لها أي علاقات عاطفية.
- تتذكر آن ماري (الأخت الكبرى) أن أختها الصغرى كاترين كانت طفلة فطنة ومضحكة، غالباً ما ترافق والدها لاصطياد الأرانب البرية أو طائر الدراج أو لتصليح معدات المزرعة. وهذه الطبيعة أكدتها كاترين نفسها حين صرحت لصحيفة «ليبيراسيون» بأنها «ريفية... برغماتية ومتعلقة بالأرض»، كما أنها تعترف في الوقت نفسه بأن حياتها مملوءة بالمفارقات، إذ تقول للصحيفة ذاتها «أحب الطبيعة لكنني أعيش في الصالونات، وأنا مثقفة لكني أحب العمل اليدوي... وكأنني منذ البداية أفعل ما لم يكن مقرراً لي أن أفعله...».
- تستقل كاترين كولونا مرتين في الشهر «القطار السريع» لزيارة والدها، الذي لا يزال على قيد الحياة، والاستمتاع بهدوء الريف. وهناك تمضي وقتها في تقليم الأشجار أو صنع الأثاث المنزلي، وكان آخر القطع كان مصباحا من طراز الأربعينيات وطاولة من الخشب.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


ترمب اختار فانس للدفع بـ«الترمبية» قدماً... وتغيير هوية حزب ريغان

أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية
أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية
TT

ترمب اختار فانس للدفع بـ«الترمبية» قدماً... وتغيير هوية حزب ريغان

أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية
أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية

لسنوات عدة، كان الحزب الجمهوري الأميركي يمرّ بتغيير جذري، حيث يتبنى بشكل متزايد الشعبوية الاقتصادية في الداخل والانعزالية في الخارج، ويغيّر مواقفه في العديد من القضايا الاجتماعية. ثم إنه لم يعد فقط حذِراً من بعض المصالح التجارية الكبرى، بل صار معادياً لها. لا، بل أكثر من ذلك، إذ عمل على طرح نفسه ليكون حزب الطبقة العاملة، وكل ذلك تحت شعار «أميركا أولاً». ومع أن الرئيس السابق دونالد ترمب عاد، خلال رئاسته الأولى، إلى آيديولوجية الحزب الجمهوري الأكثر تقليدية بشأن بعض القضايا، فإن اختياره جيمس ديفيد «جي دي» فانس نائباً له على بطاقة الانتخابات الرئاسية المقبلة، هو الذي يمكن، في نهاية المطاف، أن يعزّز مسار الحزب نحو مرحلة جديدة مختلفة. وهذا ما يبدو أنه حدث في مؤتمر الحزب الذي انعقد خلال الأيام القليلة الماضية في مدينة ميلووكي؛ كبرى مدن ولاية ويسكونسن.

الواقع أنه خلال مؤتمر الحزب الجمهوري بميلووكي، لم يقتصر الأمر على اختيار السيناتور جي دي فانس، المعارض لتقديم الولايات المتحدة مساعدات لأوكرانيا، بل تبني الحزب أيضاً خطاباً اجتماعياً مخففاً، بجانب انتقاد الشركات الكبرى، وهو ما عدّه البعض إشارة إلى تراجع دور الإيفانجيليين البروتستانت المتشددين في رسم سياسات الجمهوريين.

ومن فوق منصة المؤتمر، خرج برنامج الحزب خالياً من أي ذكر لـ«الزواج بين رجل وامرأة»، الذي يندرج كعنصر أساسي في مبادئ الحزب منذ فترة طويلة، لمصلحة تعزيز «ثقافة تقدّر قدسية الزواج» و«الدور التأسيسي للعائلات». الأمر الذي رحّب به الجمهوريون المؤيدون لمجتمع المثليين وعدّوه انتصاراً، في حين رآه كثيرون بمثابة ضربة للجناح المحافظ المتشدّد في الحزب، ومن صفوفه قال السيناتور المحافظ السابق، ريك سانتوروم: «هذا برنامج حزب المحافظين البريطاني. هذه ليست منصة محافظة. ترمب يستهدف الوسط مباشرة».

من جهة ثانية، قال مارك شورت، الذي شغل منصب كبير موظفي مايك بنس، نائب ترمب السابق، الذي اختاره عام 2016 للحصول على دعم الإيفانجيليين: «أعتقد أن ما نشهده، الآن، هو هجوم مباشر كامل على التيار المحافظ... يمكنك أن تنظر إلى المنصة، وهي تبتعد عن قضايا مثل الحياة والزواج التقليدي، وتتبنّى التعريفات الجمركية في جميع المجالات». وأردف: «أشعر بأن الحزب ذهب خطوة أخرى إلى الأمام، عندما يكون لديك متحدثون يقولون بشكل أساسي إن (الناتو) كان مخطئاً في موقفه من غزو بوتين لأوكرانيا، ويصفون مَن يخلقون فرص العمل بأنهم (خنازير الشركات)». وخلص إلى القول: «هذا خروج هائل عما كان عليه حزبنا، ولا أعتقد أنه وصفة للنجاح».

ولكن من جي دي فانس؟

بطاقة شخصية وعائلية

وُلد جيمس ديفيد فانس في مدينة ميدلتاون، بجنوب غربي ولاية أوهايو، وأمضى جزءاً من طفولته في مدينة جاكسون، بولاية كنتاكي.

وعلى أثر طلاق والديه تولّى تربيته جدُّه لأمه، بينما كانت الأم تعاني إدمان المخدرات. وبعد تخرّجه في المدرسة الثانوية بمدينة ميدلتاون، التحق بسلاح مشاة البحرية «المارينز»، وخدم 4 سنوات في العراق بمهامّ إدارية، ما مكّنه من توفير كلفة دراسته الجامعية.

وبالفعل، في أعقاب تسريحه من الخدمة العسكرية التحق بجامعة ولاية أوهايو، ثم بكلية الحقوق في جامعة ييل الشهيرة. وبعد تخرّجه عمل في شركة «باي بال»، للملياردير بيتر ثيل، الذي كان شريكاً مع إيلون ماسك فيها. ثم أسّس فانس شركته الخاصة للعمل في رأس المال الاستثماري، ثم رشح نفسه عام 2022 لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، وفاز بالمقعد.

زوجته، أوشا تشيلوكوري فانس، تتحدر من أصول هندية، فولداها مهاجران من الهند. ولقد درست الحقوق في جامعة ييل، وتابعت دراسات عليا في جامعة كمبريدج ببريطانيا. وحققت في مجال المحاماة مسيرة مهنية جداً، وعملت كاتبة لدى قاضي المحكمة العليا جون روبرتس، وقاضي المحكمة العليا بريت كافانو. وفي كتابه «مرثية هيلبيلي» وصفها فانس بأنها «مرشدته الروحية» التي ساعدته على النجاح.

قضايا حملته الانتخابية

يركّز المتابعون، اليوم، على نظرة فانس إلى القضايا التي يرجّح أن تكون محوَر حملته الانتخابية مع ترمب، خلال الأشهر المقبلة، وقد تُهيمن على سياسات البيت الأبيض، في حال فازا بالسباق.

بدايةً، يعارض فانس حقوق الإجهاض بشدة، حتى في حالة سفاح القربى أو الاغتصاب، لكنه مع استثناءات للحالات التي تكون فيها حياة الأم في خطر. وكان قد أشاد بقرار المحكمة العليا الأميركية التي أبطلت هذا الحق، وكان عنواناً رئيساً لترشحه لعضوية مجلس الشيوخ عام 2022، لكنه، رغم ذلك، التحق بموقف ترمب الذي يعارض حظر الإجهاض على المستوى الفيدرالي ويتركه للولايات.

قضية الهجرة كانت أيضاً في طليعة اهتمامات حملته عام 2022، وعكست آراؤه، إلى حد كبير، آراء ترمب، فهو مع إكمال بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، وأعلن أنه «سيعارض كل محاولة لمنح العفو للمهاجرين غير الشرعيين، الذين عدَّهم مصدراً للعمالة الرخيصة التي تُخفّض أجور العمال الأميركيين، وتأتي على حساب 7 ملايين أميركي خرجوا من سوق العمل». ثم إنه يفضل ما سمّاه «النظام القائم على الجدارة للمهاجرين»، الساعين إلى الاستقرار في أميركا، قائلاً إن الحدود المفتوحة مصدر للمخدّرات غير المشروعة وتدفق «مزيد من الناخبين الديمقراطيين إلى هذا البلد».

فانس يدعم بقوة، في المقابل، فرض تعرفات واسعة النطاق، خاصة على البضائع المستوردة من الصين؛ «لأنها تشكل تهديداً غير عادل للوظائف والتجارة الأميركية». ولقد قال: «نحن بحاجة إلى حماية الصناعات الأميركية من كل منافسة». ويتوافق موقفه هذا، إلى حد كبير، مع ترمب، الذي اقترح فرض تعرفة جمركية قد تصل إلى 100 في المائة، على بعض البضائع الصينية، وتعرفات شاملة بنسبة 10 في المائة على كل البضائع الواردة إلى البلاد.

وحول البيئة، يرى فانس أن «تغير المناخ لا يشكل تهديداً»، مشككاً في الإجماع العلمي على أن ارتفاع درجة حرارة الأرض ناجم عن النشاط البشري، ولذا يؤيد بقوة صناعة النفط والغاز التي تهيمن على ولايته أوهايو، ويعارض توليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية.

إرث الريغانية

على صعيد آخر، أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية، إذ إنه من أبرز «حمائم» الأمن القومي في الحزب، ويعزّز يد القوى الانعزالية الحريصة على التراجع عن إجماع الحزب الجمهوري المتشدد الذي استمر منذ عهد رونالد ريغان. وإذا ما فاز ترمب في الانتخابات، فسيحظى أنصار الإحجام عن التدخل الخارجي بنصير قوي وصريح لهم إلى جانب ترمب.

ومثالاً، فانس من أبرز المعارضين لدعم أوكرانيا في الحرب مع روسيا. وسبق له أن قال، في مقابلة إذاعية مع الحركي اليميني المتشدد ستيفن بانون: «أعتقد أنه من السخف أن نركز على هذه الحدود في أوكرانيا». وتابع: «يجب أن أكون صادقاً معك، لا يهمُّني حقاً ما يمكن أن يحدث لأوكرانيا...». وفعلاً، قاد فانس، قبل أشهر، معركة فاشلة في مجلس الشيوخ؛ لمنع إرسال حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا. وكتب، في مقالة رأي بالـ«نيويورك تايمز»، موضحاً: «لقد صوتت ضد هذه الحزمة في مجلس الشيوخ، وما زلت معارضاً لأي اقتراح للولايات المتحدة لمواصلة تمويل هذه الحرب.. بايدن فشل في توضيح حتى الحقائق الأساسية حول ما تحتاج إليه أوكرانيا، وكيف ستغيّر هذه المساعدة الواقع على الأرض».

وعلى مواقف كهذه اتهمته ليز تشيني - التي كانت زعيمة كتلة الجمهوريين بمجلس النواب قبل إقالتها لمعارضتها ترمب - على منصة «إكس»، بـ«أنه يستسلم لروسيا ويضحّي بحريّة حلفائنا في أوكرانيا.. لم يعد حزب ترمب الجمهوري هو حزب لنكولن أو ريغان أو الدستور». غير أن فانس أكد أن تقديم المساعدات لأوكرانيا يتماشى تماماً مع إرث رونالد ريغان. وشرح: «انظر، أعتقد أن ريغان كان رئيساً عظيماً، لكنه أيضاً تولى الرئاسة قبل 40 أو 45 سنة في بلد مختلف تماماً».

أما بالنسبة للشرق الأوسط، فإن فانس مؤيد ثابت متحمس لإسرائيل، قبل وطوال حربها في غزة، ودافع عن سياساتها في مواجهة الانتقادات المتزايدة بشأن عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين. وعندما نظر أعضاء مجلس الشيوخ في مشروع قانون ينص على توفير مساعدات عسكرية لكل من إسرائيل وأوكرانيا، رفض فانس ذلك، وكتب: «لدى إسرائيل هدف يمكن تحقيقه.. أما أوكرانيا فلا».

ثم إنه ردَّد تصريحات رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، عن «الحاجة إلى القضاء على (حماس)»، بعد هجوم «حماس»، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وهاجم الرئيس جو بايدن؛ لتأخيره شحن الأسلحة إلى إسرائيل، معترفاً بالضحايا المدنيين في غزة، لكنه ألقى اللوم على «حماس» وليس على إسرائيل.

وأخيراً، بشأن علاقة فانس بترمب، تجدر الإشارة إلى أنه أعاد تشكيل نفسه تماماً باعتباره نصيراً متحمساً لحركة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» الترمبية، إذ إنه لم يدعم ترمب في السابق، ولم يصوِّت له عام 2016، بل ذهب أبعد ملمّحاً بأنه يمكن أن يكون «هتلر أميركا»، منتقداً خطاباته المناهضة للمهاجرين والمسلمين، لكنه تحوّل فجأة إلى أحد أبرز المدافعين عنه، قائلاً إنه «كان مخطئاً» في تقييم سياساته.

أيضاً أيّد فانس ادعاءات ترمب بتزوير انتخابات 2020، وشكّك في أن (نائب الرئيس) مايك بنس كان في خطر، لأنه رفض، بصفته رئيساً لمجلس الشيوخ، منع التصويت الذي يؤكد صحة فوز بايدن. ومما صرّح به فانس، لشبكة «سي إن إن» قوله: «أعتقد أن أهل السياسة يحبّون المبالغة في الأمور من وقت لآخر. يوم 6 يناير كان يوماً سيئاً، لكن فكرة أن دونالد ترمب عرّض حياة أي شخص للخطر عندما طلب منهم الاحتجاج سلمياً فكرة سخيفة»... وقد حظي بعدها بدعمه للترشح في مجلس الشيوخ عام 2022.