ينفّذ الاتّحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في تونس)، اليوم (الخميس)، إضراباً عن العمل في القطاع العام ردّاً على رفض الحكومة مطالبه بزيادة رواتب العمال والموظفين، في خطوة تشدد الضغط على الرئيس قيس سعيّد وإدارته في بلد يعاني أساساً من أزمة سياسية ومالية خانقة.
ودعا الاتّحاد في بيان إلى وقف العمل في كامل أنحاء البلاد في نحو 160 مؤسسة تتوزّع على معظم القطاعات الاقتصادية وتشغّل نحو ثلاثة ملايين موظف.
وأوضح البيان أنّ إضراب العمّال هو «من أجل الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن ماطلت الحكومة في الاستجابة إلى مطالبهم المشروعة واستهانت ببرقية التنبيه بالإضراب الصادرة منذ 31 مايو (أيار)».
ومن المفترض أن يلتزم بالإضراب العاملون في قطاعات النقل والمواصلات والاتصالات وخدمات البريد والمؤسسات التعليمية، بما فيها المدارس والجامعات، كما ستتوقف حركة الملاحة في سائر مطارات البلاد وحركة النقل البحري، في وقت تستعدّ فيه تونس لموسم سياحي.
وردّاً على إصرار الاتحاد على المضي قدماً بالإضراب، قال المتحدّث باسم الحكومة وزير النقل نصر الدين النصيبي، أمس، إنّه سيتمّ تسخير عدد من الموظفين من أجل تأمين الحدّ الأدنى من الخدمات للمواطنين.
«ورغم أن قيادات الاتّحاد تؤكّد لى أنّ قرار الإضراب (غير سياسي) فإنّ هذه الخطوة تتزامن مع انتقادات شديدة توجّه للرئيس التونسي قيس سعيّد الذي احتكر السلطات في البلاد منذ 25 يوليو (تموز) الماضي وأقصى معارضين من حوار وطني يفترض أن يفضي إلى تعديل دستور 2014 وإقرار هذا التعديل في استفتاء شعبي خلال شهر.
ورفض اتحاد الشغل بدوره المشاركة في هذا الحوار، معلّلاً قراره بأنّ هدف هذا الحوار هو «فرض سياسة الأمر الواقع» وإقرار نتائج تمّ «إعدادها من طرف الرئيس».
غير أنّ الاتّحاد كان مسانداً صريحاً لقرار سعيّد احتكار السلطات وإقالة رئيس الحكومة السابق وتجميد أعمال البرلمان ثم حلّه.
وأمام استمرار ارتفاع التضخّم في البلاد يطالب الاتحاد الحكومة بمواصلة المفاوضات حول زيادة رواتب العمّال والموظفين «لتعديل القدرة الشرائية»، كما يطالب بمنح هؤلاء مستحقات أقرّت منذ لعام 2021.
وتشترط القيادات النقابية التي يترأّسها الأمين العام نور الدين الطبوبي سحب مرسوم حكومي صدر في ديسمبر (كانون الأول) 2021 ويحظر على أعضاء الحكومة الدخول في مفاوضات مع الاتحاد في مختلف القطاعات قبل الحصول على ترخيص مسبق من رئيسة الحكومة نجلاء بودن.
وتتهم الحكومة الاتحاد بعدم الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي والمالي الذي تمر به البلاد. ويظهر الاتحاد في موقف قوة لأن السلطة تحتاج إليه لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقدمت به لصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض جديد.
ومن بين أهم النقاط التي تضمنها البرنامج الإصلاحي تجميد كتلة الأجور في القطاع الحكومي ومراجعة لسياسة دعم بعض المواد الأساسية، فضلاً عن إعادة هيكلة عدد من المؤسسات العمومية.
لكنّ الاتحاد حذّر في مناسبات عديدة من «الإصلاحات المؤلمة» الرامية برأيه إلى إرضاء صندوق النقد الدولي وهو كذلك يطالب «بضمانات» لجهة عدم خصخصة الشركات التي تحتكرها الدولة وفي مقدّمها «ديوان الحبوب» و«شركة فسفات قفصة».
وكانت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني اعتبرت في نهاية مايو (أيار) الماضي أنّ الخلافات بين الاتحاد والحكومة تعرقل مفاوضات البلاد مع صندوق النقد الدولي، مؤكّدة أنّه «من الصعب جداً» إقرار إصلاحات سياسية واقتصادية دون دعم المركزية النقابية.
ويمثّل اتحاد الشغل طرفاً فاعلاً ومهماً جداً في الحياة السياسية في البلاد منذ تأسيسه في 1946. وحصل هذا التجمّع النقابي على جائزة نوبل للسلام لعام 2015 مكافأة له على دوره في حلّ أزمة سياسية حادّة مرّت بها تونس، مهد ما سمّي بثورات «الربيع العربي» في 2011.
«اتحاد الشغل» التونسي يشدّد الضغط على سعيّد بإضراب عام
«اتحاد الشغل» التونسي يشدّد الضغط على سعيّد بإضراب عام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة