الاتحاد الأوروبي يستعد لفتح باب الانضمام لأوكرانيا ومولدافيا

رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ)
رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ)
TT
20

الاتحاد الأوروبي يستعد لفتح باب الانضمام لأوكرانيا ومولدافيا

رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ)
رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ)

من المقرر أن تعلن المفوضية الأوروبية يوم الجمعة المقبل موقفها النهائي من طلب أوكرانيا ومولدافيا وجورجيا الانضمام إلى الاتحاد، تمهيداً لمناقشته والبت فيه، في القمة الأخيرة تحت الرئاسة الدورية لفرنسا. وتفيد مصادر دبلوماسية مطّلعة بأن ثمّة إجماعاً على مستوى قيادة المفوضية حول قبول طلب ترشيح أوكرانيا، وربما مولدافيا، لعضوية الاتحاد، وإطلاق عملية الانضمام التي -في أي حال من الأحوال- يُنتظر أن تطول لسنوات أو لعقود.
وتقول المصادر إن هذه كانت خلاصة «النقاش التوجيهي» الذي دار مساء الاثنين بين المفوّضين الأوروبيين برئاسة أورسولا فون در لاين، والذي اقتصر على الجانب السياسي الذي سيستند إليه الموقف الذي ستعلنه المفوضية، بعد أيام من طلبات الانضمام التي تقدمت بها البلدان الثلاثة بعد الاعتداء الروسي على أوكرانيا. لكن القرار الأخير يعود لرؤساء الدول والحكومات، في ضوء تقرير المفوضية الذي يشكّل الخطوة الأولى للبدء في عملية الانضمام.
ونظراً لأهمية هذا القرار التاريخي والحسّاس من المنظور الجيوستراتيجي، كانت رئيسة المفوضية قد قررت اتخاذه على مرحلتين: الأولى مساء الاثنين، لمناقشة أبعاد قبول الطلبات أو رفضها، والثانية يوم الجمعة المقبل؛ حيث سيتمّ اعتماد الموقف النهائي الذي يُرفع لاحقاً إلى القمة.
ويقول مصدر دبلوماسي واكب المناقشات، إن المفوّضين تناولوا الطلبات التي تقدمت بها هذه البلدان «ليس من حيث انعكاساتها على الأوضاع الداخلية للدول المرشّحة؛ بل أيضاً من حيث تداعياتها على البلدان الأعضاء التي تتضارب مواقفها من ملفّ توسيع دائرة العضوية وشروطه ومواقيته منذ سنوات».
وكان المفوّضون قد ذهبوا في مناقشاتهم أبعد من مجرّد النظر فيما إذا كانت البلدان الثلاثة تستوفي الشروط السياسية والاقتصادية والمؤسسية للانضمام إلى الاتحاد، وركّزوا على الآثار التي يمكن أن تترتّب عن فتح باب توسعة جديدة لعضوية النادي الأوروبي، على غرار تلك التي حصلت في عام 2004، عندما انضمّت إلى الاتحاد في دفعة واحدة 10 بلدان، منها 8 كانت أعضاء في الكتلة السوفياتية.
وتجدر الإشارة إلى أن التعديلات التي تستدعيها مثل هذه التوسعة التي قد تشمل عدة دول، من أوكرانيا إلى البلقان، من شأنها أن تحدث تغييراً عميقاً في معادلة توزيع السلطة والنفوذ داخل الاتحاد، مع احتمال خفض عدد المفوضين الذي يتمّ تأجيله منذ 20 سنة، بسبب من ممانعة الدول الصغيرة، وتعديل في السياسة الزراعية المشتركة التي تعتبر من الركائز الأساسية للاتحاد، وذلك بسبب انضمام قوة زراعية كبرى مثل أوكرانيا.
الاتجاه السائد حالياً في المفوضية يميل إلى توسعة محدودة النطاق، تكتفي بقبول طلب ترشيح أوكرانيا، وربما مولدافيا، وترك جورجيا على لائحة الانتظار. وتقول المصادر إن ثمة إجماعاً بين المفوضين حول هذا الاتجاه، مع تحديد أهداف مرحلية، وتدرّج في عملية الانضمام، الأمر الذي من شأنه أن يثير نقاشاً حامياً بين القيادات الأوروبية في قمة الأسبوع المقبل.
وتعتبر المفوضية أن عامل القرب الجغرافي من الاتحاد لأوكرانيا ومولدافيا، يلعب لصالح هذين البلدين، وضد طلب ترشيح جورجيا. يضاف إلى ذلك أن أوكرانيا ومولدافيا عززتا علاقتيهما بالاتحاد في أعقاب الحرب، بدءاً بدمج الشبكة الكهربائية مع الأوروبية، والمراقبة المشتركة للحدود، إلى التعاون الأمني والعسكري. ويذكر أن بولندا ودول البلطيق الأعضاء في الاتحاد تؤيد بقوة انضمام أوكرانيا، بينما يحظى انضمام مولدافيا بدعم من رومانيا وفرنسا. وكانت نائبة رئيسة المفوضية المكلّفة الإشراف على توسعة الاتحاد، فيرا جوروفا، قد صرّحت منذ أيام بقولها: «أوكرانيا هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي وقع فيها ضحايا لمجرّد أنها كانت تحمل العلم الأوروبي، وليس بوسعنا اليوم أن نقول إن ذلك لم يكن مجدياً»، إشارة إلى القتلى الذين سقطوا في عام 2014 خلال المظاهرات التي شهدتها كييف تأييداً للانضمام إلى أوروبا.
وتجدر الإشارة إلى أن الموقف الذي ستعلنه المفوضية يوم الجمعة المقبل ليس ملزماً؛ لأن القرار الأخير يعود إلى الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي؛ لكنه سيؤثر بلا شك على تحديد وجهة النقاش والموقف النهائي الذي سيكون خاتمة الرئاسة الدورية الفرنسية للاتحاد.
ويذكر أن الحكومة الأوكرانية كانت قد قدّمت طلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بعد 4 أيام فقط من بداية الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط) الفائت، وتلتها مولدافيا وجورجيا بعد ذلك بثلاثة أيام، إثر شعورهما بالخطر الروسي؛ لا سيما أن البلدين كانا قد تعرَّضا لاعتداءات روسية سابقة. وبعد أن قدَّمت البلدان الثلاثة طلبات الانضمام، سارعت الدول الأعضاء في الاتحاد إلى تكليف المفوضية البدء في تدابير النظر في الترشيحات، والتي تستغرق في العادة أشهراً أو سنوات.
وفي 8 أبريل (نيسان) الفائت، توجهت رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين إلى كييف؛ حيث سلّمت الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي استبيان طلب الانضمام، قائلة: «هنا تبدأ مسيرتكم نحو الاتحاد الأوروبي»؛ لكن رغم الضغوط السياسية الكبيرة المحيطة بهذا الملف، فلن يكون من السهل التجاوب مع رغبة كييف في الانضمام بسرعة إلى النادي الأوروبي الذي تقف على أبوابه منذ سنوات دول أخرى، مثل ألبانيا ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود وصربيا وتركيا. وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قد طرح مؤخراً فكرة تعديل عملية التوسيع، لتشمل مراحل وسيطة قبل الوصول إلى الانضمام التام، على غرار ما كان قد طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام المجلس الأوروبي الشهر الماضي، لتشكيل مجموعة سياسية أوروبية تمتد من النرويج إلى تركيا.


مقالات ذات صلة

الأمين العام لـ«الناتو»: دعم أوكرانيا لا يتزعزع

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يسار) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقطان صورة خلال لقائهما في أوديسا (أ.ب)

الأمين العام لـ«الناتو»: دعم أوكرانيا لا يتزعزع

كشف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته أنه زار مدينة أوديسا الأوكرانية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم.

«الشرق الأوسط» (بروكسل - كييف)
الولايات المتحدة​ صورة مركَّبة لرؤساء الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا (أ.ب)

محادثات المعادن الأوكرانية في واشنطن تحقق «تقدماً بنّاءً»

محادثات المعادن الأوكرانية في واشنطن تحقق «تقدماً بنّاءً» لكن لم تتوقف الانتقادات المتبادلة بين المسؤولين من الطرفين.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا «محادثات جدة» بين الوفدين الأميركي والروسي بقصر الدرعية في الرياض يوم 18 فبراير (رويترز) play-circle

الكرملين يسعى لتحديد «ملامح التسوية المقبلة» في أوكرانيا وينتقد «دوراً تخريبياً» لأوروبا

الكرملين يسعى لتحديد «ملامح التسوية المقبلة» بأوكرانيا، وينتقد «دوراً تخريبياً» لأوروبا، ومدير «الاستخبارات الخارجية» يحذر «الناتو» من استفزاز روسيا وبيلاروسيا.

رائد جبر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب في سان بطرسبرغ الجمعة الماضي (أ.ف.ب) play-circle

ويتكوف: بوتين منفتح على اتفاق «سلام دائم» مع أوكرانيا

قال المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب الاثنين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منفتح على اتفاق «سلام دائم» مع أوكرانيا.

تحليل إخباري ترمب يعدّ دافعي الضرائب الأميركيّين هم من يدفعون ثمن هذه العولمة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل يربح الشرق من حرب ترمب على العولمة؟

سلوك ترمب هو بين الواقعية الهجوميّة، وخلق الفوضى، وضرب أسس النظام العالمي القديم. فإذا نجح، وأثرى الأميركيّين، فإن التاريخ سيعدّه «سوبرمان» القرن الـ21.

المحلل العسكري

القبض على ألماني في برلين بتهمة الانتماء إلى «حزب الله» اللبناني

عناصر من الشرطة الألمانية خلال مداهمة مركز في منطقة نويكولن بألمانيا بعد الاشتباه في دعمه «حزب الله» اللبناني (رويترز-أرشيفية)
عناصر من الشرطة الألمانية خلال مداهمة مركز في منطقة نويكولن بألمانيا بعد الاشتباه في دعمه «حزب الله» اللبناني (رويترز-أرشيفية)
TT
20

القبض على ألماني في برلين بتهمة الانتماء إلى «حزب الله» اللبناني

عناصر من الشرطة الألمانية خلال مداهمة مركز في منطقة نويكولن بألمانيا بعد الاشتباه في دعمه «حزب الله» اللبناني (رويترز-أرشيفية)
عناصر من الشرطة الألمانية خلال مداهمة مركز في منطقة نويكولن بألمانيا بعد الاشتباه في دعمه «حزب الله» اللبناني (رويترز-أرشيفية)

ألقت السلطات الألمانية القبض على شخص يشتبه في انتمائه إلى «حزب الله» اللبناني، وذلك خلال مداهمة شقة في منطقة نويكولن في العاصمة الألمانية برلين.

وبحسب ما أعلنه الادعاء العام في برلين، فإنه يعتقد أن الرجل البالغ من العمر 29 عاما سافر إلى لبنان في عام 2023 من أجل تلقي تدريب من الميليشيا على استخدام الأسلحة النارية وأسلحة الحرب.

وفي تصريحات لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، قال المتحدث باسم الادعاء، زيباستيان بوشنر: «ليست لدينا حتى الآن أدلة على وجود خطط ملموسة لتنفيذ هجمات»، مضيفا في الوقت ذاته أن الأعمال التحضيرية مثل التدريب العسكري تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. ويجري الادعاء العام تحقيقا في الواقعة بشبهة ارتكاب جريمة جسيمة تهدد أمن الدولة.

وتابع بوشنر بأن «الهدف من التدريب كان تنفيذ جرائم عنف مثل الاغتيال والقتل والخطف للحصول على فدية واحتجاز رهائن، بغرض تدمير دولة إسرائيل». ووفقا للتصريحات، تم التدريب خلال النصف الأول من عام 2024.

وأفاد بوشنر بوجود مؤشرات على أن المتهم تلقى تدريبا على أنظمة مضادة للدروع وبندقية آلية من نوع كلاشنيكوف.

وصرح المتحدث بأن هناك اشتباها في أن الرجل الذي يحمل الجنسية الألمانية، قرر بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 ومايو (أيار) 2024، بعد الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الانضمام إلى ميليشيا «حزب الله» والمشاركة إلى جانب الحزب في الصراع.

ولم يتلق الادعاء العام معلومات حول القضية إلا خلال العام الماضي.

وأوضح بوشنر أن المتهم كان مسجونا في تلك الفترة، وأردف: «ونظرا لأنه لفت أنظار موظفي السجن بميله إلى التطرف من ناحية، ويبدو أنه أدلى من ناحية أخرى ببعض التصريحات لزملائه السجناء التي أشارت إلى ذلك، ومن ثم فإنه حان الوقت الآن، إذا جاز التعبير، للتدخل في هذا الأمر».

وخلال تفتيش الشقة الواقعة في شارع زوننآليه، تم ضبط هواتف جوالة سيتم تحليل بياناتها، بحسب الادعاء. وشارك في العملية محققون من مكتب التحقيقات الجنائية في ولاية برلين وقوات خاصة.

وصدر أمر اعتقال بحق الرجل، ومن المقرر عرضه على قاضي تحقيقات اليوم الثلاثاء.

وفي تعليقه على الحادثة، قال شتيفان فيه رئيس فرع نقابة الشرطة في برلين: «الاشتباه في أن مواطنا ألمانيا اعتنق الفكر المتطرف، وسافر إلى منطقة حرب، وتلقى هناك تدريبا على تنفيذ أخطر جرائم العنف، أمر صادم - ويؤكد للأسف مدى حقيقة التهديد الذي يشكله الإرهاب ذو الدوافع الإسلاموية حتى في مدينتنا».