وقّع الزعيم الصيني شي جينبينغ توجيهاً يسمح باستخدام الجيش في «عمل غير حربي»، مما أثار مخاوف من أن بكين ربما تستعد لغزو جزيرة تايوان تحت ستار «عملية خاصة» غير مصنفة على أنها حرب، شبيهة بـ«العملية الروسية الخاصة» في أوكرانيا.
وذكرت وسائل إعلام حكومية صينية، أن شي وقّع على أمر يسري مفعوله اليوم، من دون الكشف عن تفاصيله بشكل كامل.
وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) في تقرير موجز صدر مساء الاثنين بتوقيت بكين، إن الأمر «ينظِّم بشكل منهجي المبادئ الأساسية والتنظيم والقيادة وأنواع العمليات والدعم العملياتي والعمل السياسي وتنفيذ القوات لها، ويوفر الأساس القانوني لعملية عسكرية غير حربية».
وأضافت أن من بين الأهداف المعلنة للوثيقة المكونة من ستة فصول «الحفاظ على السيادة الوطنية، والاستقرار الإقليمي وتنظيم العمليات العسكرية غير الحربية وتنفيذها».
وجاء الأمر الذي وقّعه شي، بعد أن دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مخاطبته منتدى حوار «شانغري - لا» في سنغافورة عبر الفيديو، إلى العمل على حل دبلوماسي لتفادي التهديد بعمل عسكري في مضيق تايوان. واستخدم زيلينسكي أوكرانيا كمثال، داعياً العالم إلى «دعم أي إجراء وقائي دائماً»، وإلى حلول دبلوماسية لمنع الحرب.
وكان رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا قد حذّر الأسبوع الماضي من أن «أوكرانيا اليوم قد تكون شرق آسيا غداً».
حرب أوكرانيا تغير الموقف من تايوان
وقال محللون صينيون إن تصريحات زيلينسكي تبدو «منسجمة مع أهداف السياسة الأميركية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهو يبذل قصارى جهده لإجراء هذه المقارنات».
وقال المعلق السياسي الصيني، وو تشيانغ، إن تصريحات زيلينسكي تمثل أيضاً تغييراً في موقف أوروبا الشرقية والاتحاد الأوروبي تجاه تايوان، عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
لكنّ معلقين تايوانيين قالوا في تصريحات لإذاعة «آسيا الحرة» الأميركية، إن زيلينسكي «كان حريصاً إلى حد ما على تجنب استفزاز بكين».
وقال تشين تشي تشيه، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة «ناشيونال صن يات سين» في تايوان: «إنه ذكي بما يكفي لعدم الرغبة في استفزاز الصين، لذلك لا يمكنه التحدث بوضوح شديد بشأن مسألة تايوان». وأشار إلى أن هناك الكثير من المجالات التي تعتمد فيها أوكرانيا على المساعدة الصينية، ومن المرجح أن تعتمد عليها لإعادة الإعمار بعد الحرب. وقال: «علاقة أوكرانيا بتايوان ليست وثيقة بهذا القدر، لذا فهو لا يحتاج إلى التضحية بالعلاقة بالصين لدعم تايوان، على الأقل ليس بشكل واضح للغاية».
300 ألف جندي أميركي في آسيا
وفيما يواصل الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، التأكيد أن منافس الولايات المتحدة على المدى الطويل في المستقبل ستكون الصين، كشف وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن 300 ألف من أفراد الخدمة في الجيش الأميركي، يعملون في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي تعدها الولايات المتحدة «من أولويات استراتيجية الأمن القومي».
وقال أوستن خلال زيارته للعاصمة التايلندية بانكوك، إنه على الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة «قوة عالمية ذات مصالح ومسؤوليات عالمية أيضاً»، وتقود الجهود لتزويد أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة والإمدادات التي تحتاج إليها للدفاع عن نفسها ضد حرب غير مبررة. وأضاف، مثلما عمل الجيش الأميركي على طمأنة حلفاء الناتو عبر إرسال 20 ألف جندي إلى أوروبا، فإنه ينفذ مهامه في تلك المنطقة، بينما أفراده «يمضغون العلكة»، في إشارة إلى جهوزيته.
ولفت أوستن إلى أن السبب وراء قدرة الولايات المتحدة على «السير ومضغ العلكة في الوقت نفسه»، يرجع إلى شبكة لا مثيل لها من الحلفاء والشركاء. وأكد أن رحلته إلى المنطقة قادماً من لقاء مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، في مقر قيادة الدفاع الجوي لأميركا الشمالية في كولورادو، والذي يرمز إلى العلاقة الوثيقة بين البلدين، إلى سنغافورة للمشاركة في حوار «شانغري - لا»، ثم إلى بانكوك، للتشاور مع أقدم حليف للولايات المتحدة، هي مثال على كيفية تقدير الولايات المتحدة لتلك الشبكة من الحلفاء والاعتماد عليها.
التعامل مع مسرحين وأكثر
وقال أوستن إنه عرض خلال لقاءاته التي أجراها مع وزراء دفاع الدول المشاركة في حوار «شانغري - لا»، بوضوح مخاوف الولايات المتحدة ومقترحاتها بشأن المنطقة، وتحدث عن ضرورة التواصل بين الصين والولايات المتحدة لتقليل فرص التصعيد. كما تحدث عن مخاوف بشأن سلوكيات الصين وهي تحاول تأكيد سيطرتها على الممرات المائية والممرات الجوية الدولية. وقال إن الولايات المتحدة «لا تخجل أبداً من المنافسة الشريفة، لكننا لا نسعى إلى الصراع، ولا نسعى إلى منطقة منقسمة إلى كتل معادية». ورأى أن الحوار «كان فرصة مهمة لإثارة مخاوفنا بشأن احتمال عدم الاستقرار في مضيق تايوان والتأكيد أن سياستنا طويلة الأمد تجاه تايوان ثابتة ولا تتغير».
وكشف أوستن عن خطط لزيادة التعاون مع جميع دول المنطقة، مؤكداً أن اهتمام بلاده بدعم أوكرانيا «لا يُضعف جهودها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ». وقال إن بيت القصيد من كل هذا هو أن الولايات المتحدة «يمكن أن تتعامل مع مسرحين ومع منافسين اثنين ومع آخرين في الوقت نفسه»، مشيراً إلى أن عدد العمليات والتدريبات التي أجرتها الولايات المتحدة مع حلفاء وشركاء من المحيطين الهندي والهادئ خلال العام الماضي، «مثير للإعجاب في حد ذاته».
وأضاف أوستن: «لكن في الوقت نفسه، لم نكن قادرين فقط على المساعدة في توحيد (حلف شمال الأطلسي) الناتو، بل قمنا أيضاً بقيادة الجهود لتسريع المساعدة الأمنية التي تشتد الحاجة إليها لأوكرانيا بمساعدة الحلفاء والشركاء».