«أيام مصرية» إطلالة على ملامح «القاهرة الخديوية»

عاودت الصدور بعد توقف

«أيام مصرية»  إطلالة على ملامح «القاهرة الخديوية»
TT

«أيام مصرية» إطلالة على ملامح «القاهرة الخديوية»

«أيام مصرية»  إطلالة على ملامح «القاهرة الخديوية»

تمثل القاهرة الخديوية بعمارتها فائقة الجمال، وتخطيطها اللافت، ومخزونها الثقافي والحضاري، جزءاً مهماً من ذاكرة المصريين، فقد كانت شاهدة على محطات سياسية مهمة في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، كما أنها لم تكن فقط مجرد شوارع أنيقة وحدائق عظيمة التخطيط وحضارة عمرانية مشهودة، ولكن كان للثقافة أيضاً حضور طاغ ومؤثر.
ومع ما تشهده القاهرة من عمليات تطوير واسعة لإعادتها إلى سيرتها الأولى بكل ما تحمله من تنسيق وجمال، وكذلك بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية؛ خصص أحدث أعداد سلسلة «أيام مصرية»، العائدة للصدور بعد توقف، لإلقاء الضوء على تلك البقعة الساحرة الرابضة بمنطقة «وسط البلد» بقلب العاصمة المصرية، التي وضع لبنتها الخديوي إسماعيل عام 1863م، هادفاً إلى تأسيس عاصمة حديثة بمفردات حضارية معاصرة تضاهي عواصم أوروبا.
محتويات العدد الجديد تمثل إطلالة على تاريخ القاهرة الخديوية، حيث تتجول بين أبرز معالمها، وأهم الملامح التي ميزت تلك الحقبة، وكذلك مفردات من الحياة الثقافية والاجتماعية التي عرفت التطور وقتها، عبر مجموعة من المقالات التي كتبها مؤرخون وكتّاب أسرتهم القاهرة الخديوية، إلى جانب مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة، التي ترصد وتوثق جوانب من مهمة قديمة من القاهرة الحديثة.
يأخذ المشرف العام على تحرير «أيام مصرية»، المؤرخ أحمد كمالي، القراء إلى رحلة لـ«جروبي»، الذي لعبت الجغرافيا دوراً لأن يكون مركزاً لتجمع العائلات الأجنبية، ومن بعد ذلك ملتقى طبقة رجال الأعمال الأجانب في مصر، الذين كانوا يتحلقون حول مبنى البورصة المصرية حيث تجرى معاملات ضخمة بالبيع والشراء على أسهم الشركات سواء المصرية أو الأجنبية. ثم ما بعد حقبة الثلاثينيات صار «جروبي» مقراً لتناول الوجبات والمشروبات الساخنة لأعضاء البرلمان المصري بغرفتيه الشيوخ والنواب.
بعنوان «الخديو والفوتوغرافيا»، يكتب الباحث في تاريخ الفوتوغرافيا فرنسيس أمين، الذي يرصد جانباً من تاريخ التصوير في القاهرة الخديوية. ويذكر الباحث أنه في عصر الخديو إسماعيل شهدت مصر تطوراً كبيراً في انتشار فن التصوير، فقد كان إسماعيل يهوى جمع الصور الفوتوغرافية الشخصية لحكام الدول ولأشهر المعالم في العالم الغربي، واستدعى من فرنسا أشهر المصورين وقتها وهو جوستاف لي غراي، ليكون مدرساً للفنون لأولاده، وقد صاحب هذا المصور الأمير توفيق والأمير حسين في رحلات للصعيد وثقها في ألبومات وصور نادرة.
فيما حدثت النهضة التصويرية الكبرى في عصر الخديو عباس حلمي، الذي دعا كبار المصورين من أوروبا، وخاصة من النمسا والمجر وفرنسا للاستقرار في مصر، وافتتحوا استوديوهاتهم في شوارع المحروسة الجديدة، مثل شوارع قصر النيل وعماد الدين، وبدأت في عصره عادة تزيين المقار الحكومية ومنازل الأثرياء بصور الخديو الرسمية التي التقطها له المصور الشهير زولا.
عن تاريخ القاهرة الخديوية، يأتي مقال البرنس عباس حلمي (حفيد الأمير محمد علي توفيق)، رئيس جمعية أصدقاء قصر محمد علي، الذي يؤكد فيه أن مصر انطلقت إلى الأمام في الفترة الخديوية، ووصلت إلى الصف الأول بين بلاد العالم، وكانت تخاطب الدول الكبرى على قدم المساواة، لافتاً إلى أن مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا الكبير هو من وضع الأساس ليتمكن من يجئ بعده أن يفعل الكثير للنهوض بالبلاد. ومنتهياً إلى أن الفترة الخديوية غنية ومفيدة للغاية، وأنه «لا بد من معرفة وتعلم الكثير عنها لكي نتابع ما يحدث اليوم».
«لماذا تهمل السينما المصرية قاهرة القرن 19؟»، هو عنوان مقال للروائي ناصر عراق، يؤكد فيه أن السينما المصرية في حاجة ماسة إلى إعادة الاعتبار للنصف الثاني من القرن 19. فهو مكتظ بوقائع مهمة ملهمة قادرة على إشعال خيال فناني السينما الجادين الموهوبين.
كما تكتب الباحثة يمنة عبد التواب عن «مساجد القاهرة الخديوية»، لافتة إلى أن الاهتمام بالمساجد وتجديدها وترميمها كان أحد ملامح القاهرة الخديوية، مستشهدة على ذلك بمساجد: الرفاعي، والسلطان قلاوون، ومحمد علي، وجامع السلطان حسن، ومسجد السلطان المؤيد، إلى جانب تجديد الجامع الأزهر.
يضم العدد كذلك بعض المقالات الأخرى ومنها: «مئوية مجلس الشيوخ»، «مئوية نادي السيارات»، «الاجتماع الأول لتأسيس الجامعة المصرية»، «التصوف في القاهرة الخديوية»، «شخصية الخديو في السينما»، «تاريخ تأسيس نقابة المحامين»، «الاجتماع الأول لتأسيس الجامعة المصرية».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)
سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)
TT

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)
سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

وأوضح باحثون من جامعة كاليفورنيا في الدراسة التي نشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «نيتشر»، أن هذا النظام يعزز حدوث حالة مرضية تُسمى «التهاب الكبد الدهني المرتبط بالخلل الأيضي (MASH)»، وهي حالة تؤدي إلى تلف الخلايا، وتحفِّز دخولها في حالة الشيخوخة الخلوية.

ووفقاً للدراسة، شهدت السنوات الأخيرة زيادة بنسبة تصل إلى 25 - 30 في المائة في حالات الإصابة بسرطان الكبد، مع ارتباط معظم هذه الزيادة بانتشار مرض الكبد الدهني الذي يؤثر حالياً على 25 في المائة من البالغين في أميركا. ويعاني العديد من هؤلاء المرضى من شكل حاد من المرض يُسمَّى «التهاب الكبد الدهني المصاحب للخلل الأيضي»، الذي يزيد من خطر الإصابة بالمرض.

ومن خلال دراسة الخلايا بشرية، اكتشف الباحثون أن النظام الغذائي الغني بالدهون والسكر، مثل الوجبات السريعة، والحلويات، والمشروبات الغازية، والأطعمة المعالجة، يؤدي إلى تلف الحمض النووي في خلايا الكبد، وهذه الحالة تُعدّ استجابة طبيعية للإجهاد الخلوي؛ حيث تتوقف الخلايا عن الانقسام ولكن تبقى نشطة من الناحية الأيضية.

ومع ذلك، وجد الفريق أن بعض الخلايا التالفة التي دخلت في حالة الشيخوخة الخلوية لا تموت؛ بل تبقى «قنبلة موقوتة»، ومن الممكن أن تبدأ في التكاثر مجدداً بأي وقت؛ ما يؤدي في النهاية إلى تحولها إلى خلايا سرطانية.

كما أظهرت التحليلات الجينومية الشاملة للحمض النووي في الأورام أن الأورام السرطانية تنشأ من خلايا الكبد المتضررة بسبب مرض «التهاب الكبد الدهني المرتبط بالخلل الأيضي»؛ ما يبرز العلاقة المباشرة بين النظام الغذائي المسبب للتلف الجيني وتطوُّر السرطان.

وأشار الباحثون إلى أن هذه النتائج تشير إلى أن علاج تلف الحمض النووي الناتج عن النظام الغذائي السيئ قد يكون مساراً واعداً في الوقاية من سرطان الكبد. كما يساهم فهم تأثير النظام الغذائي على الحمض النووي في تطوير استراتيجيات علاجية جديدة لمكافحة السرطان. وشدَّد الفريق على أهمية التوعية بمخاطر النظام الغذائي السيئ الذي يشمل الأطعمة الغنية بالدهون والسكر؛ حيث لا يؤثر هذا النظام فقط على المظهر الجسدي ويزيد الإصابة بالسمنة، بل يتسبب أيضاً في تلف الخلايا والحمض النووي؛ ما يزيد من الحاجة لتحسين العادات الغذائية كوسيلة للوقاية من السرطان وأمراض الكبد.

يُشار إلى أن سرطان الكبد يُعدّ من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم، وغالباً ما يرتبط بالأمراض المزمنة، مثل التهاب الكبد الفيروسي «سي» و«بي»، بالإضافة إلى مرض الكبد الدهني.