أسدلت أستراليا الستار على خلافها المرير مع فرنسا، بخصوص فسخ عقد «تاريخي»، أبرم قبل 10 سنوات، والبالغة قيمته مليارات الدولارات، وشهد سجالات على مستوى القادة بين البلدين، وهدد بنسف المحادثات بشأن اتفاق تجاري بين أستراليا والاتحاد الأوروبي. وقررت كانبيرا تعويض مجموعة «نافال» الفرنسية عن قرار فسخ شراء أسطول من الغواصات، لتطوي بذلك صفحة خلاف أدى إلى تدهور العلاقات مع باريس لمدة عام تقريباً.
وأفاد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، بأن الشركة الفرنسية وافقت على «تسوية منصفة» بقيمة 555 مليون يورو (584 مليون دولار أميركي) كتعويض، بعد أن قررت أستراليا التوجه إلى السوقين الأميركية والبريطانية، لشراء 10 غواصات تعمل بالديزل.
وكانت أستراليا قد ألغت العام الماضي طلبية شراء غواصات مع المجموعة الفرنسية لصناعة السفن الحربية، واختارت بدلاً من ذلك صفقة ثلاثية تتعلق بأسطول من الغواصات تعمل بالطاقة النووية بتكنولوجيا أميركية وبريطانية.
وتوصلت الحكومة الأسترالية الجديدة التي يقودها حزب «العمال» إلى التسوية، في خطوة تأمل كانبيرا أن تساعد في تسوية الخلاف بين البلدين. وقال ألبانيزي في بيان منفصل: «نظراً لخطورة التحديات التي نواجهها في المنطقة والعالم على حد سواء، من المهم أن تتحد أستراليا وفرنسا مرة أخرى للدفاع عن مبادئنا ومصالحنا المشتركة».
توجه أستراليا إلى السوقين، البريطانية والأميركية، أثار غضب باريس، وتسبب في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة، كما أثار أيضاً غضب الصين، القوة الرئيسية الصاعدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وأبدت أستراليا والولايات المتحدة وفرنسا وشركاؤها قلقهم بشأن نفوذ الصين المتزايد في المحيط الهادئ، وهي منطقة كانت تقليدياً تحت نفوذهم. وزادت مخاوفهم بعد أن وقعت الصين وجزيرة سولومون اتفاقية أمنية في وقت سابق من العام.
وقال ألبانيزي: «نحن نحترم بشدة دور فرنسا ومشاركتها الفعالة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ». وقال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، إن الاتفاق «يسمح لنا بطي صفحة في علاقاتنا الثنائية مع أستراليا، والتطلع إلى المستقبل». وأفاد ألبانيزي بأنه سيتوجّه قريباً إلى فرنسا «لإعادة إطلاق» العلاقات التي خيّم عليها توتر «واضح للغاية».
وبدأ الخلاف في سبتمبر (أيلول) 2021، عندما فسخ رئيس الوزراء الأسترالي حينذاك سكوت موريسون، بلا سابق إنذار، عقداً أُبرم منذ زمن طويل، مع مجموعة «نافال» الفرنسية المدعومة من الدولة لبناء الغواصات. وفاجأ باريس أيضاً بإعلانه عن محادثات سرية لشراء غواصات أميركية وبريطانية تعمل بالطاقة النووية، في تحوّل بالنسبة لبلد لا يملك إمكانيات نووية تذكر. وأثار القرار حفيظة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اتهم موريسون علناً بالكذب، واستدعى سفير بلاده لدى أستراليا للاحتجاج. وطرأ جمود على العلاقة بين الطرفين حتى مايو (أيار) عندما انتُخب ألبانيزي (يسار وسط) رئيساً للوزراء. ومنذ توليه السلطة، سارع ألبانيزي لإصلاح علاقات بلاده مع فرنسا ونيوزيلندا ودول المحيط الهادئ الجزرية التي انتقدت مماطلة الحكومة المحافظة السابقة في ملف التغيّر المناخي.
وقال ألبانيزي، كما نقلت عنه «الصحافة الفرنسية»، بعدما تحدّث مع ماكرون بشأن التسوية: «نعيد تأسيس علاقة أفضل بين أستراليا وفرنسا». وأضاف: «أتطلع لقبول دعوة الرئيس ماكرون لزيارة باريس في أقرب فرصة».
واعتُبر عقد الغواصات في صلب مساعي أستراليا الحثيثة لتطوير إمكانياتها العسكرية، في ظل المخاوف من ازدياد نفوذ الصين في عهد الرئيس شي جينبينغ. وفي المجموع، كان عقد الغواصات مع فرنسا سيكلّف دافعي الضرائب الأستراليين 2.4 مليار دولار أميركي من دون مقابل ملموس، بحسب ألبانيزي.
كانبيرا تطوي صفحة خلافها مع باريس
كانبيرا تطوي صفحة خلافها مع باريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة