الحوثيون يهددون بفتح المقابر وليس المعابر

صمت أممي بعد رحلة غروندبرغ إلى صنعاء

أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء خلال زيارة غروندبرغ (إ.ب.أ)
أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء خلال زيارة غروندبرغ (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يهددون بفتح المقابر وليس المعابر

أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء خلال زيارة غروندبرغ (إ.ب.أ)
أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء خلال زيارة غروندبرغ (إ.ب.أ)

في الوقت الذي يواصل فيه رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي جولته الخارجية لاستمداد الدعم الخليجي والعربي، غادر المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ صنعاء ملتحفا بالصمت، بعدما كان يراهن على إقناع قادة الميليشيات الحوثية بخطته لفك الحصار عن تعز وفتح الطرق بين مناطق التماس.
وبينما اكتفت الميليشيات الحوثية بإيراد خبر موجز أفاد بمغادرة المبعوث صنعاء، هدد القيادي في الميليشيات ورئيس وفدها التفاوضي يحيى الرزامي بفتح المقابر في تعز عوضا عن المعابر، بحسب ما نقلته عنه قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، في إشارة إلى رفض المقترح الأممي الذي كان يؤمل غروندبرغ أن يقنع به قادة الميليشيات، بعد انقضاء جولتي التفاوض في العاصمة الأردنية عمان.
ومع عدم ورود أي تصريح من قبل غروندبرغ أو مكتبه (حتى مساء الجمعة بتوقيت صنعاء) ذكرت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أنه غادر المطار بعد زيارة التقى فيها رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، دون إيراد أية تفاصيل أخرى.
ويتكهن مراقبون يمنيون أن الميليشيات الحوثية رفضت المقترح الأممي الذي كان يطمح إلى فتح أربع طرق في تعز بينها طريق رئيسي، وأن المبعوث الأممي يهدف إلى مواصلة الضغوط على الجماعة من تحت الطاولة عبر وسطاء إقليميين، في حين لا يزال الجانب الحكومي في انتظار ما ستسفر عنه هذه الجهود.
وبحسب تغريدة لعضو الوفد الحكومي المفاوض نبيل جامل على «تويتر» لاتزال الحكومة في انتظار«نتيجة زيارة المبعوث لسلطة صنعاء بشأن الموافقة علي مقترح مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة والذي يتضمن فتح أربع طرق في تعز من ضمنها طريق رئيسي، وطريق بين دمت والضالع».
وأبدى جامل مخاوفه من استمرار تعنت الميليشيات ونفاد الوقت، وقال «نخشى أن يستهلك وقت الهدنة الثانية، بالطريقة نفسها التي استهلك وقت الهدنة الأولى» في إشارة إلى انقضاء الشهرين الأولين من الهدنة التي تم تمديدها لشهرين إضافيين ينتهيان في الثاني من أغسطس (آب) المقبل.
وكان غروندبرغ قال للصحافيين الثلاثاء الماضي لدى وصوله مطار صنعاء إنه يتطلع لحدوث مناقشات بناءة مع الحوثيين حول اقتراحه «بإعادة فتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى، وكذلك الإجراءات الاقتصادية والإنسانية، والمضي قدما».
وفي وقت سابق أكد الوفد الحكومي موافقته على المقترح الأممي، الذي يدعو لإعادة فتح طرق، بما فيها خط رئيسي، مؤدية إلى تعز ومنها، إضافة إلى طرق في محافظات أخرى بهدف رفع المعاناة عن المدنيين وتسهيل وصول السلع، وهو المقترح الذي يأخذ بعين الاعتبار مقترحات ومشاغل عبّر عنها الطرفان، بالإضافة إلى ملاحظات قدمها المجتمع المدني اليمني.
يشار إلى أن الهدنة اليمنية التي كانت بدأ سريانها في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي تشمل وقف العمليات العسكرية والسماح بتدفق الوقود إلى ميناء الحديدة بواقع 18 سفينة خلال الشهرين والسماح بالرحلات الجوية التجارية من مطار صنعاء إلى الأردن ومصر بواقع رحلتين أسبوعيا في كل من المسارين.
كما تنص على عقد مناقشات لفك الحصار عن تعز وفتح الطرق الرئيسة بين المحافظات، غير أن القضية الأخيرة لم يتم تنفيذها حتى الآن بسبب مساعي الحوثيين لتجزئتها ومحاولة تسييسها لتحقيق مكاسب عسكرية، وفق ما تقوله الحكومة اليمنية.
وبشكل يومي يقول الإعلام العسكري اليمني إن الميليشيات الحوثية ترتكب عشرات الخروق الميدانية للهدنة، مع استمراراها في التحضير لاستئناف الحرب من خلال استحداث المتارس وحشد المجندين ونشر الآليات القتالية، وفرض الإتاوات وتجنيد الأطفال ونهب الموارد.
على صعيد آخر، يواصل رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي جولته الخارجية الأولى التي بدأها من الكويت مرورا بالبحرين، والتي ستشمل مصر وقطر، في سياق سعيه لاستمداد الدعم السياسي والاقتصادي وتعزيز الجهود لإحلال السلام في البلاد.
وفي أحدث محطات العليمي أفادت المصادر الرسمية اليمنية بأنه التقى ملك البحرين حمد بن عيسى بقصر الصافرية في المنامة، حيث أشاد بالعلاقات المتميزة مع البحرين، مؤكدا أهمية تعزيزها وترسيخها لتحقيق الأهداف المنشودة، ومواجهة التحديات المشتركة.
وذكرت وكالة «سبأ» أن العليمي «عرض مستجدات الوضع في بلاده والصعوبات التي تواجه مجلس القيادة الرئاسي على مختلف الأصعدة، وخصوصا في الجوانب الاقتصادية والخدمية والأمنية».
وقال العليمي إن مجلس القيادة «عازم على تعزيز حضور السلطات والعمل من الداخل اليمني، وتطبيع الأوضاع بدعم سخي من تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة».
وطبقا لما أوردته الوكالة اليمنية الرسمية أكد العليمي «التزام مجلس القيادة بخيار السلام وفقا للمرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، رغم إمعان الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني في رفض جميع الجهود والمساعي الحميدة على هذا السياق، بما في ذلك مبادرة المملكة العربية السعودية لإنهاء معاناة الشعب اليمني وإحلال السلام والاستقرار في البلاد».
إلى ذلك، نقلت المصادر الرسمية اليمنية عن الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة أنه أعرب عن ثقته بمجلس القيادة الرئاسي، في تحقيق تطلعات الشعب اليمني وتضحياته من أجل السلام والاستقرار، واستعادة حضوره في الأسرة الإقليمية والدولية وأنه أكد «موقف بلاده الثابت، وتأييده التام لعضوية اليمن الكاملة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، نظرا للترابط الجغرافي والتاريخ المشترك مع دول المجلس».


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».