الجزائر تبحث عن بدائل لسلع إسبانيا بعد قرار تجميد التجارة

مؤسسات باتت تتخوف على مصير نشاطها الاقتصادي

تكدس عشرات الحاويات في ميناء الجزائر بعد قرار تجميد المعاملات التجارية مع إسبانيا (إ.ب.أ)
تكدس عشرات الحاويات في ميناء الجزائر بعد قرار تجميد المعاملات التجارية مع إسبانيا (إ.ب.أ)
TT

الجزائر تبحث عن بدائل لسلع إسبانيا بعد قرار تجميد التجارة

تكدس عشرات الحاويات في ميناء الجزائر بعد قرار تجميد المعاملات التجارية مع إسبانيا (إ.ب.أ)
تكدس عشرات الحاويات في ميناء الجزائر بعد قرار تجميد المعاملات التجارية مع إسبانيا (إ.ب.أ)

رداً على قرار السلطات الجزائرية حظر التعاملات التجارية مع إسبانيا باستثناء الغاز والنفط، أصبح رجال أعمال جزائريون يبحثون عن بدائل لسلع ومنتجات إسبانية مستوردة، يتم تصنيعها في بلدان أخرى لتفادي خسائر كبيرة محتملة على معاملاتهم التجارية.
وأعلنت الجزائر، الأربعاء الماضي، تعليق «معاهدة الصداقة وحسن الجوار» مع إسبانيا، وذلك على خلفية دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية الخاصة بإقليم الصحراء، محل نزاع بين الرباط و«بوليساريو»، وأكدت أن توطين العمليات التجارية مع الشريك الأورومتوسطي بالبنوك الجزائرية باتت مجمدة ابتداء من أول من أمس.
ونقلت الصحيفة الإلكترونية الفرنكفونية «كل شيء عن الجزائر»، أمس، عن رئيس «جمعية المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين»، إسماعيل نعمان، أن قرب الموانئ الجزائرية من إسبانيا كان دافعاً مشجعاً على استيراد منتجات تتطلبها السوق الجزائرية، مبرزاً أن «هناك خيارات أخرى لاستيراد هذه المنتجات من بلدان أخرى، إذ لا مناص من التكيف مع المستجدات».
ومن أهم السلع والبضائع، التي تستوردها الجزائر من إسبانيا مادة السيراميك التي سيتم جلبها، حسب نعمان، من إيطاليا التي باتت الوجهة الاقتصادية الأولى للجزائر، وذلك بقرار من أعلى السلطات. وأبرز رجل الأعمال الذي يمثل المستوردين الجزائريين أن أسعار السيراميك الإيطالي أغلى. كما تحدث عن احتمال استيراده من الصين وتركيا والهند.
وتستورد الجزائر كميات كبيرة من اللحوم الحمراء من إسبانيا، لكن نعمان أوضح أن البرازيل يمكنه أن يعوض الأطنان التي تأتي سنوياً من شمال البحر المتوسط. كما يمكن للصين أن تكون بديلاً، حسبه، مبرزاً أن «كل سلعة تأتينا من إسبانيا بإمكاننا أن نحضرها من بلدان أخرى». كما تنشط عدة مؤسسات في مجال الصناعة الغذائية، وتأتيها السلع من إسبانيا.
غير أن عدة مؤسسات صغيرة ومتوسطة جزائرية، تتعامل مع عشرات المؤسسات الخاصة في إسبانيا، أبدت مخاوف على مصير نشاطها الاقتصادي وعمالها وموظفيها، بعد قرار تجميد التجارة، خصوصاً أن بعضها يعتمد بشكل حصري على مواد أولية مستوردة من إسبانيا، وهو ما يعني أنها قد تواجه شبح الزوال في حال لم تجد بدائل لتعويضها، وطال حظر الاستيراد.
علاوة على النشاط التجاري، يوجد بين إسبانيا والجزائر تعاون كبير في مجال محاربة الهجرة غير النظامية والإرهاب. وهناك احتمال أن يتأثر بالتوترات السياسية والدبلوماسية بينهما.
وتفيد إحصائيات الجمارك الجزائرية لعام 2020، فيما يتعلق بالتبادل التجاري مع إسبانيا، أن البلد الأوروبي صدر ما قيمته 2 مليار دولار إلى الجزائر (حوالي 3 مليارات في 2019). واستورد منها ما قيمته 2.3 مليار دولار (4 مليارات دولار في 2019)، وتتمثل خصوصاً في الغاز. وفي 2020 كانت إسبانيا ثالث زبون للجزائر بعد إيطاليا وفرنسا، فيما حلت في المركز الخامس في ترتيب الموردين للجزائر، بعد الصين وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، حسب الإحصائيات ذاتها.
وبعكس السلع والخدمات، تمنع الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مع إسبانيا وقف تصدير الغاز. وبهذا الخصوص، ذكرت المنصة الرقمية المتخصصة «الطاقة» أن «مصادر» صرحت لها «بشكل خاص» أنه في حال قررت الجزائر وقف إمداداتها بالغاز إلى إسبانيا، فإنه «يحق لمدريد اللجوء إلى التحكيم الدولي، وهو ما يعرض الجزائر لتحمل تعويضات مالية كبيرة». ونقلت عن «المصادر» أن تعليق العمل بمعاهدة الصداقة «من شأنه أن يؤثر في المستقبل على التعاون في المجالين الاقتصادي والطاقوي على وجه الخصوص».
وفي هذا السياق، لوحت وزيرة الطاقة والتحول البيئي الإسبانية، تيريزا ريبيرا، أول من أمس، باللجوء إلى التحكيم الدولي حال قطع إمدادات الغاز الجزائري. وقالت إن قرار تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون «يندرج في إطار الرد على موقف رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز حول الصحراء»، في إشارة إلى عدم ارتباط المعاهدة بالجوانب الاقتصادية الثنائية بين البلدين.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مقتل 10 مدنيين في هجوم نُسب لقوات «الدعم السريع» بولاية الجزيرة

عائلة سودانية نازحة من ولاية الجزيرة بسبب عنف قوات «الدعم السريع» تجلس بملجأ في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)
عائلة سودانية نازحة من ولاية الجزيرة بسبب عنف قوات «الدعم السريع» تجلس بملجأ في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)
TT

مقتل 10 مدنيين في هجوم نُسب لقوات «الدعم السريع» بولاية الجزيرة

عائلة سودانية نازحة من ولاية الجزيرة بسبب عنف قوات «الدعم السريع» تجلس بملجأ في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)
عائلة سودانية نازحة من ولاية الجزيرة بسبب عنف قوات «الدعم السريع» تجلس بملجأ في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)

قتل 10 مدنيين في هجوم نُسب لقوات «الدعم السريع» بولاية الجزيرة وسط السودان، على ما أفادت اليوم (الثلاثاء)، لجان المقاومة، وهي مجموعة من الناشطين المؤيدين للديمقراطية، في استمرار للعنف المتصاعد في الولاية منذ الشهر الماضي.

واشتدت المواجهات أخيراً في السودان بين طرفي النزاع الجيش وقوات «الدعم السريع» بولايتي شمال دارفور (غرب) والجزيرة، حيث قتل 23 مدنياً خلال يومين، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأفادت لجنة مقاومة مدني بأنّ «قوات الدعم السريع قتلت مساء الاثنين 10 مدنيين في قرية البربوراب على بعد نحو 85 كيلومتراً شمال شرقي ود مدني» عاصمة ولاية الجزيرة.

جاء ذلك غداة مقتل 13 شخصاً بالرصاص في هجوم نسب أيضاً إلى قوات «الدعم السريع» ببلدة الهلالية شرق ولاية الجزيرة على بعد 70 كيلومتراً شمال ود مدني.

وكانت هذه الولاية الخاضعة للجيش شهدت الشهر الماضي، مقتل 200 شخص على الأقل، حسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، استناداً إلى مصادر طبية وناشطين ونزوح 135 ألفاً، بحسب الأمم المتحدة.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوشوا) الاثنين، في بيان، بـ«نزوح نحو 135.400 شخص (27.081 أسرة) من مناطق مختلفة بولاية الجزيرة، إثر موجة من العنف المسلح والهجمات على أكثر من 30 قرية وبلدة في أجزاء من الولاية منذ 20 أكتوبر (تشرين الأول)».

واندلعت المعارك في السودان منتصف أبريل (نيسان) العام الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضاً رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات «الدعم السريع» بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب بـ«حميدتي».

وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص، من بينهم 3.1 مليون نزحوا خارج البلاد، بحسب المنظمة الدوليّة للهجرة. وتسبّبت، وفقاً للأمم المتحدة، بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.

واتُهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين عمداً ومنع دخول المساعدات الإنسانية.

وصعّدت قوات «الدعم السريع» في الفترة الأخيرة هجماتها على المدنيين بولاية الجزيرة بعد انشقاق أحد قادتها وانضمامه إلى الجيش.

وأفادت لجان المقاومة بأنّ قوات «الدعم السريع» حاصرت وهاجمت قريتين نهاية أكتوبر، ما أسفر عن مقتل 124 شخصاً وإصابة 200 آخرين.

وأثارت هذه الهجمات تنديداً دولياً واسعاً، ونددت الأمم المتحدة بحدوث «جرائم فظيعة».

والاثنين، أفاد شهود عيان بوقوع اشتباكات بين قوات يقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل، والميليشيا شبه العسكرية في بعض قرى شرق الجزيرة. وهي أول اشتباكات بين الطرفين منذ 22 أكتوبر.

ولا يلوح في الأفق حلّ لهذا النزاع الدامي.

وسبق لطرفي النزاع أن أجريا جولات من المباحثات في مدينة جدة السعودية، وتمّ الاتفاق خلالها على السماح بدخول المساعدات، من دون الاتفاق على وقف لإطلاق النار.