أميركا تناصر إسرائيل في مواجهة «مجلس حقوق الإنسان»

بعد تقرير أممي قال إن تل أبيب «ليس لديها النية لإنهاء الاحتلال»

اشتباك فلسطينيين مع جنود إسرائيليين أثناء محاولتهم عبور الحاجز للوصول إلى وادي الأردن بالقرب من طوباس بالضفة الغربية الاثنين (إ.ب.أ)
اشتباك فلسطينيين مع جنود إسرائيليين أثناء محاولتهم عبور الحاجز للوصول إلى وادي الأردن بالقرب من طوباس بالضفة الغربية الاثنين (إ.ب.أ)
TT

أميركا تناصر إسرائيل في مواجهة «مجلس حقوق الإنسان»

اشتباك فلسطينيين مع جنود إسرائيليين أثناء محاولتهم عبور الحاجز للوصول إلى وادي الأردن بالقرب من طوباس بالضفة الغربية الاثنين (إ.ب.أ)
اشتباك فلسطينيين مع جنود إسرائيليين أثناء محاولتهم عبور الحاجز للوصول إلى وادي الأردن بالقرب من طوباس بالضفة الغربية الاثنين (إ.ب.أ)

رفضت الحكومة الإسرائيلية، أمس (الأربعاء)، التقرير الذي أصدره مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي حذر من إجراءات تخليد الاحتلال للأراضي الفلسطينية. واعتبرته «مضيعة للوقت وإهداراً للمال»، مبرزة الرفض الأميركي له ومناصرة إسرائيل ضده. في حين رحبت به السلطة الفلسطينية و«حماس»، مع العلم بأنه تطرق إليهما أيضاً بشكل سلبي.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن «التقرير متحيز وأحادي الجانب، وملوث بالكراهية لدولة إسرائيل، ويستند إلى سلسلة طويلة من التقارير السابقة الأحادية الجانب والمتحيزة». وأضافت أن «التحقيق تجاهل الأسباب الحقيقية التي دفعت إسرائيل إلى الدفاع عن مواطنيها ضد المنظمات الإرهابية الفتاكة التي ترتكب جريمة حرب مزدوجة: إطلاق النار على المدنيين الإسرائيليين من مناطق مدنية في غزة».
أما الولايات المتحدة، فقد أصدرت بياناً وقّع عليه الناطق بلسان الخارجية، نيد برايس، قال فيه إن التقرير متحيز ضد إسرائيل ولا يفعل شيئاً للتقدم في عملية السلام.
وأضاف «على الرغم من أن هذا المجلس يؤدي دوراً مهماً في حماية حقوق الإنسان في دول العالم المختلفة، فإن تقريره الأخير حول إسرائيل لا يتناسب مع سياسته تجاه حقوق الإنسان».
وكان التقرير قد صدر بوثيقة من 18 صفحة، تم إرسالها إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وسيعرض على جلسة مجلس حقوق الإنسان الاثنين المقبل. وقد نشر للرأي العام، الثلاثاء، بعد التحقيق الذي أجرته لجنة تحقيق مستقلة، شكّلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة في مايو (أيار) 2021. ورفضت إسرائيل التعاون معها وقاطعتها ومنعتها من دخول المناطق الفلسطينية المحتلة. فاضطرت إلى العمل من الأردن وسويسرا. وخلُص التقرير إلى أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والتمييز ضد الفلسطينيين، هما السببان الجذريان الكامنان وراء التوتّرات المتكرّرة وعدم الاستقرار وإطالة أمد النزاع في المنطقة. ونوهت لجنة التحقيق في بيان عممته على الإعلام، بأن الإفلات من العقاب يزيد الشعور بالاستياء المتزايد بين صفوف الشعب الفلسطيني. ورأت أن التهجير القسري والتهديد به، وأعمال الهدم وبناء المستوطنات وتوسيعها والعنف من قِبل المستوطنين والحصار المفروض على قطاع غزة كلّها، عوامل مؤدّية إلى تكرار دوّامات العنف.
وأكدت اللجنة، أن هذا التقرير أولي وستعقبه تقارير أخرى، وإنه «وعلى الرغم من عدم تعاون إسرائيل ورفضها السماح للجنة بالدخول، ستواصل اللجنة السعي إلى الوصول إلى الضحايا». ويشير التحقيق إلى أن إسرائيل «ليس لديها نية لإنهاء الاحتلال» وتسعى إلى «السيطرة الكاملة» على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية التي استولت عليها في حرب عام 1967. ويقول التقرير، إن «إنهاء الاحتلال وحده لن يكون كافياً»، وحث على اتخاذ إجراءات إضافية لضمان المساواة في التمتع بحقوق الإنسان. ويتهم التقرير إسرائيل، بمنح «أوضاع مدنية وحقوق وحماية قانونية مختلفة» للأقليات العربية، مستشهداً بقانون إسرائيلي يمنع منح الجنسية للفلسطينيين المتزوجين من إسرائيليات. وتقول إسرائيل، إن مثل هذه الإجراءات تحمي الأمن القومي والطابع اليهودي للدولة.
في السياق، انتقد التقرير السلطة الفلسطينية، وقال، إنها «غالباً ما تستخدم الاحتلال مبرراً لانتهاكاتها لحقوق الإنسان، كما تعتبره السبب الرئيسي لعدم إجراء الانتخابات». ووجّه التقرير انتقادات لحركة حماس في قطاع غزة، وقال، إنها «تكاد لا تعمل لحقوق الإنسان». وبحسب اللجنة، فإنها أيضاً «تولي القليل من الاهتمام بالقانون الدولي».
وقد ردت نافانيثيم بيلاي، رئيسة لجنة التحقيق، على الاتهامات الإسرائيلية والأميركية بالتحيز، فقالت، إن «النتائج والتوصيات الخاصة بالأسباب الجذرية وجّهت بأغلبيتها إلى إسرائيل، وهذا مؤشّر على الطبيعة غير المتكافئة للنزاع وواقع دولة محتلّة لدولة أخرى. لكن إسرائيل لم تنفذ التوصيات ولم تكترث للتحقيقات، بسبب بيئة الإفلات من العقاب، وهما دليلان قاطعان على أن إسرائيل لا تنوي إنهاء الاحتلال، بالإضافة إلى التمييز المستمر ضد الفلسطينيين في صلب تكرار الانتهاكات الممنهج في الأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وفي إسرائيل».
من جهته، نوّه ميلون كوثاري، عضو لجنة التحقيق، «يشير استعراضنا لنتائج وتوصيات آليات وهيئات الأمم المتحدة السابقة بوضوح، إلى أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي تماشياً مع قرارات مجلس الأمن بشكل كامل، أساسياً لوقف دوّامات العنف المتكرّرة. فإنهاء الاحتلال وحده يسمح للعالم بعكس مسار الظلم عبر التاريخ والتقدّم نحو تقرير الشعب الفلسطيني لمصيره. ومن الواضح أن إسرائيل لا تنوي إنهاء الاحتلال، بل إنها وضعت سياسات واضحة لضمان السيطرة الدائمة والكاملة على الأرض الفلسطينية المحتلّة، مثل سياسات تغيير التركيبة الديموغرافية لهذه الأراضي، من خلال الإبقاء على بيئة تقمع الفلسطينيين، وبالمقابل إرساء بيئة مؤاتيه للمستوطنين الإسرائيليين. وتزيد سياسات إسرائيل وأعمالها من إحباط الفلسطينيين؛ ما يؤدّي إلى تفاقم دوّامة العنف وإطالة أمد النزاع».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

روسيا المنخرطة في أوكرانيا... كيف تواجه معارك سوريا؟

قوات روسية في سوريا (أرشيفية)
قوات روسية في سوريا (أرشيفية)
TT

روسيا المنخرطة في أوكرانيا... كيف تواجه معارك سوريا؟

قوات روسية في سوريا (أرشيفية)
قوات روسية في سوريا (أرشيفية)

دخل الكرملين على خط المعارك الساخنة في سوريا، الجمعة، بعد مرور 3 أيام على اندلاع أوسع مواجهات تشهدها البلاد منذ ربيع عام 2020، محذراً من «الاعتداء على سيادة سوريا».

وحملت دعوة الرئاسة الروسية للحكومة السورية إلى «استعادة النظام بأسرع وقت» مؤشرات إلى أن موسكو التي راقبت بصمت تطور الوضع في مناطق المواجهة خلال الأيام الماضية، بدأت تشعر بقلق بسبب التقدم السريع لقوات المعارضة في محيط إدلب وحلب.

وربط محللون في موسكو التطورات بما وصف أنه محاولة لاستغلال الانخراط الروسي في أوكرانيا، و«فتح جبهة جديدة تضغط على موسكو، على خلفية احتدام المواجهة المباشرة مع حلف الأطلسي (الناتو)».

ووصف الناطق الرئاسي الروسي، دميتري بيسكوف، الوضع في حلب بأنه «تعدٍ على سيادة سوريا»، وأكد أن بلاده «تدعم استعادة النظام في المنطقة».

وقال للصحافيين، رداً على سؤال يتعلق بالوضع حول حلب، إن «هذا بالطبع تعدٍ على سيادة سوريا في هذه المنطقة، وندعو السلطات السورية إلى استعادة النظام بسرعة في هذه المنطقة وفرض النظام الدستوري».

اللافت في توقيت التصريح أنه جاء بعد مرور ساعات على دخول القوات الجوية الروسية على خط المواجهات، ما يعكس تحول موسكو من مراقبة الوضع إلى التدخل المباشر عسكرياً وسياسياً لدعم النظام.

وكان «مركز المصالحة الروسي» المكلف مراقبة تنفيذ الهدنة في سوريا أعلن، ليل الجمعة، أن القوات السورية «تصدت بدعم من الطيران الروسي لـ(هجوم إرهابي) في محافظتي حلب وإدلب، وكبّدت المسلحين خسائر فادحة في المعدات والقوى البشرية». وكان هذا أول إعلان مباشر من موسكو بتحريك الطيران الحربي لمساعدة القوات الحكومية على وقف الهجوم الواسع.

الانخراط في أوكرانيا

وتربط تقديرات التطورات السورية بتفاقم المواجهة المباشرة لروسيا مع حلف شمال الأطلسي، وخصوصاً لجهة سماح الغرب لأوكرانيا باستهداف العمق الروسي بصواريخ بعيدة المدى، وما أعقبه من الردّ الروسي بتوسيع استهداف البنى التحتية والمرافق في المدن الأوكرانية الكبرى، واستخدام أحدث الأسلحة في ذلك، وبينها صاروخ «أوريشنيك» القادر على حمل رؤوس نووية، ما عدّ رسالة تحذير قوية من جانب الكرملين للغرب.

وعلى نهج التقدير السابق، نقلت وسائل إعلام روسية عن خبراء سياسيين وعسكريين أن التطورات السورية مرتبطة بالتعقيدات التي تواجهها روسيا، المنخرطة بقوة في أوكرانيا.

ورأى الخبير العسكري ألكسندر أرتامونوف أن «المواجهة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي باتت مباشرة، وكان استخدام (أوريشنيك) في الأساس تبادلاً للضربات مع التحالف، وليس مع القوات المسلحة الأوكرانية (...) لذلك، لا ينبغي أن يكون مفاجئاً أننا بدأنا بالفعل مواجهة أوسع مع مجموعات عسكرية حليفة للناتو، بما في ذلك تلك الموجودة في الشرق الأوسط».

انفجار صاروخ في السماء خلال هجوم روسي على كييف (رويترز)

ويعتقد أرتامونوف أن إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن تبحث عن فرص «لإلحاق أقصى قدر من الضرر بمصالح روسيا». وقال إن سوريا تشكل منصة مناسبة لذلك، حيث توجد قاعدتان عسكريتان روسيتان هناك، والدولة نفسها تدخل في فلك المصالح الروسية.

غموض حول زيارة الأسد

ومع تسارع التطورات الميدانية في سوريا، تجنب المسؤول الإعلامي في الكرملين التعليق على تقارير تحدثت عن زيارة غير معلنة للرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو، وقال بيسكوف حرفياً عندما طلب منه ممثلو وسائل الإعلام تأكيد أو نفي هذه الزيارة: «ليس لديّ ما أقوله بشأن هذه القضية».

وكان دبلوماسي روسي أبلغ «الشرق الأوسط» أن الأسد «يزور موسكو كثيراً لمواصلة علاج زوجته»، مستبعداً بذلك أن تكون الزيارة، إذا صحّت التقارير بشأنها، مرتبطة بالوضع الميداني المتفاقم في شمال غربي سوريا.

ومقابل الصمت الرسمي لموسكو خلال الأيام الأولى للهجوم، نقلت وسائل الإعلام الحكومية الروسية تغطيات مقتضبة حول «شنّ الإرهابيين هجمات على مناطق سيطرة الحكومة السورية».

وبرز إلى جانب ذلك تحميل غير مباشر للمسؤولية عن التصعيد على عاتق تركيا، التي كتبت عنها وكالة أنباء «نوفوستي» الرسمية، أنها «المسؤولة بموجب توافقات وقف النار عن الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب ومحيطها».

جنود من الفصائل المسلحة السورية يقفون في تشكيل بعد دخول قرية عنجارة على مشارف حلب الغربية... 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

لكن الأبرز في هذا الإطار الإشارات إلى أن الهجمات التي شنّتها المعارضة استغلت «تراجع قوة القوات المدعومة من إيران» في مناطق عدة، ما أعطى إيحاء بأن الهجوم الواسع تم تنسيقه مع الولايات المتحدة، وربما مع تركيا، لـ«تعزيز الضغط على الإيرانيين والقوات النظامية»، وكذلك لتحسين الشروط التفاوضية للمعارضة.

الأثر التركي

في إطار متصل، كتب المعلق السياسي لصحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» واسعة الانتشار أن «دمشق الرسمية تواجه أقوى هجوم للجماعات المسلحة المتطرفة الموالية لتركيا في السنوات الأخيرة»، والهدف وفقاً للصحيفة «احتواء الجيش الحكومي والمسلحين الشيعة المتحالفين معه».

ورأى أن «تزامن تفعيل القوات الموالية لتركيا مع تجميد النزاع المسلح في لبنان المجاور وجمود المفاوضات بين أنقرة ودمشق بشأن تطبيع العلاقات الثنائية يوجّه رسائل عدة بأن التطورات تم التخطيط لها بعناية».

وبرغم أن الصحيفة نقلت تأكيدات مصدر استخباراتي تركي على أن أنقرة «تحاول منع العملية لتجنب مزيد من تصعيد التوترات في الشرق الأوسط، خاصة في ظل الجبهة المفتوحة في قطاع غزة»، فإنه استنتج أن «محاولات استخدام قنوات الاتصال لم تسفر عن نتائج»، خصوصاً أن «الهجوم الذي كانت موسكو تتوقع في البداية أنه لن يزيد عن كونه عملية محدودة، سرعان ما توسع نطاقه، عندما بدأت القوات النظامية السورية التخلي عن مواقعها، كما انهارت دفاعات القوات الموالية لها».

مقاتلون سوريون موالون لتركيا يستعدون لقصف مواقع تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)

ولعل التحليل السابق، يشرح بصورة غير مباشرة أسباب الصمت الروسي في أيام الهجوم الأولى، إذ يبدو أن موسكو سعت إلى درس الموقف، ومعرفة ما إذا كانت تركيا تقود التحرك، أم أنه جرى بدفع من الولايات المتحدة لاستغلال لحظة الضعف لدى الحكومة والحلفاء الإيرانيين.

كما أن موسكو ربما أرادت فهم حجم المعركة ومستوى اتساعها ومداها الزمني، ما يعني أن التدخل الروسي الحالي جاء بعد تفاقم المخاوف من أن تخرج الأمور عن سيطرة دمشق، وأن تنهار الدفاعات بشكل قوي، ما يسمح للمعارضة بالسيطرة على مدن كبرى استراتيجية، مثل حلب.

وبرغم أن التقديرات الأولية تشير إلى أن «أنقرة تبدو حتى الآن المستفيد الرئيسي من التصعيد»، فإن الفهم الروسي ينطلق من أن التطورات السورية بمثابة ضربة لموسكو أولاً، في سياق المواجهة مع الغرب، وربما تهدف إلى وضع خرائط جديدة تستبق الرؤية الأميركية بالانسحاب من سوريا، بعد تولي الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة في يناير (كانون الثاني) المقبل.

خيارات محدودة

لا يستبعد خبراء أن تُصعّد موسكو التي فوجئت بقدرة قوات المعارضة على التقدم سريعاً من ضرباتها على مواقع التحرك والإمداد، بهدف وقف هذا التقدم، وإفساح المجال أمام تحسين الدفاعات في المناطق، وخصوصاً مدينة حلب.

في الوقت ذاته، نشّطت موسكو اتصالاتها، وفقاً لمصادر مع الجانب التركي، لضبط تحرك الفصائل السورية المسلحة، والعودة إلى خط الهدنة، مع الإشارة إلى أن موسكو لا ترغب بتدخل عسكري واسع النطاق، قد تحتاج معه لإعادة زجّ قوات إضافية، ما قد يضرّ بالعلاقة مع الجانب التركي.

لذلك تبدو الخيارات أمام موسكو محدودة للتحرك الميداني. ووفقاً لخبراء، فهي تفضل التوصل إلى «صيغة سريعة للتهدئة» تعيد إنتاج التوافقات مع تركيا، ربما بطريقة جديدة، تدفع الحكومة إلى التجاوب سريعاً مع جهود التقارب مع أنقرة.