جبايات الحوثيين تهدد بتوقف 290 منشأة صحية عن العمل

الميليشيات أغلقت أقسام العمليات والعناية المركزة في 117 مركزاً

شرطي مرور في سوق وسط صنعاء (أ.ف.ب)
شرطي مرور في سوق وسط صنعاء (أ.ف.ب)
TT

جبايات الحوثيين تهدد بتوقف 290 منشأة صحية عن العمل

شرطي مرور في سوق وسط صنعاء (أ.ف.ب)
شرطي مرور في سوق وسط صنعاء (أ.ف.ب)

لم تكتف الميليشيات الحوثية بالتدمير المنظم طيلة 7 أعوام ونيف للقطاع الصحي وحرمان ملايين اليمنيين من الحصول على أقل الخدمات الطبية، ولكنها وسعت من حجم ذلك الاستهداف والتدمير ليطال مئات المنشآت الخاصة في صنعاء ومدن أخرى تحت قبضتها من خلال حزمة من القرارات التعسفية.
وفي هذا السياق أفاد عاملون في القطاع الصحي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن القيادي الحوثي طه المتوكل المعين وزيرا للصحة بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها، أصدر قبل أيام سلسلة قرارات وصفت بـ«الابتزازية» واستهدفت عشرات المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة في مناطق سيطرة الجماعة.
وذكرت المصادر أن بعض قرارات الميليشيات تضمنت إغلاق أقسام العمليات والعناية المركزة والرقود في 29 مستشفى خاصا وأقسام العمليات في 88 مستوصفا ومركزا طبيا، مشيرين بذات الصدد إلى أن القرارات تعد حصيلة لسلسلة نزول ميداني رافقه حملات ابتزاز ونهب بحق أكثر من 175 مستشفى و115 مستوصفا أهليا.
وأفصح العاملون الصحيون عن توجيه صحة الميليشيات في صنعاء إنذارات لـ100 مستشفى ومثلها لمائة مستوصف أهلي، بذريعة حصولها على تقييم حوثي نسبته 60 في المائة، وهي نسبة مرتبطة بمدى الخضوع لدفع الجبايات، وتقديم الخدمات المجانية لعناصر الميليشيات.
وذكرت المصادر أن ذلك الاستهداف يأتي بسياق ما تقوم به الجماعة حاليا من عملية تقييم جديدة لمنشآت الصحة وهي الثالثة من نوعها خلال أقل من ثلاث سنوات ماضية، ولا تخضع لأدنى المعايير الطبية المتبعة بكافة دول العالم.
في سياق متصل، نقلت مصادر طبية في صنعاء عن القيادي الحوثي المدعو طه المتوكل، وهو أحد معممي الميليشيات ومن أشدهم تعصبا، قوله إن «تلك القرارات تأتي في إطار عملية تقييم جديدة وواسعة لمئات المنشآت الطبية في صنعاء وبقية المحافظات». وإنه هدد باستمرار استهداف المراكز والمستوصفات التي تشملها بعد عمليات الابتزاز.
وكانت الميليشيات أعلنت خلال فعالية نظمت مؤخرا في صنعاء العاصمة عما يسمى نتائج الدورة الثالثة من عملية تقييم للمنشآت الطبية الخاصة في مناطق سيطرتها.
وركز خطاب القيادي المتوكل خلال الفعالية على تكرار الدعوة لملاك ومديري المشافي والمراكز التشخيصية الأهلية لتقديم الاهتمام الخاص وتوفير الرعاية الطبية الكاملة لجرحى الميليشيات وأسرهم، وكذا لأسر وذوي القتلى في الجبهات دون غيرهم من المرضى اليمنيين.
وسبق للانقلابيين الحوثيين قيامهم بإغلاق أكثر من 8 مستشفيات أهلية وخاصة وسحب تراخيصها، في حين أغلقوا قسمي العمليات والعناية المركزة في 25 مستشفى أهليا وحكوميا، جميعها واقعة في العاصمة صنعاء.
كما أغلقت الميليشيات في إطار مرحلة الاستهداف الثانية، نحو 110 منشآت طبية خاصة في العاصمة، منها 86 منشأة بشكل كلي، و24 بشكل جزئي، وسحب تراخيص العشرات من المراكز الصحية.
وجاءت تلك الممارسات الحوثية بحق ما تبقى من ذلك القطاع بهدف ابتزاز مالكيها وإجبارهم على دفع جبايات غير قانونية لعناصر الميليشيات، تحت اسم «المجهود الحربي». وفق ما يقوله العاملون في القطاع الصحي.
وكانت وزارة الصحة بحكومة الشرعية أكدت سابقا أن اليمن ما زال يواجه تحديات كبيرة في القطاع الصحي نتيجة للعبث المتواصل للميليشيات التي تصادر المساعدات الطبية في كافة المناطق التي تسيطر عليها.
وتؤكد تقارير محلية وأخرى دولية أنه لا يعمل الوقت الحالي سوى جزء يسير جداً من منشآت الصحة في اليمن بكامل طاقتها. وتشير بعض التقارير إلى أن نحو 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، يحتاجون لمساعدات إنسانية وصحية عاجلة والكثير منهم على شفا المجاعة ويواجهون مخاطر الأمراض والأوبئة.
وفي حين أشارت الأمم المتحدة في عدة تقارير سابقة لها إلى وجود انهيار كامل للقطاع الصحي في اليمن، وإغلاق عدد كبير من المرافق الصحية، ما تسبب بتفشي الأمراض والأوبئة في البلاد؛ خصوصاً بمناطق سيطرة الانقلابيين.
وكان تقرير محلي حقوقي اتهم الميليشيات بارتكاب أكثر من 4 آلاف انتهاك ضد القطاع الصحي في 15 محافظة يمنية منذ منتصف عام 2017 وحتى منتصف 2021.
وطبقا لما ذكره تقرير الشبكة اليمنية للحقوق والحريات فإن تلك الجرائم والانتهاكات طالت المرافق والقطاعات الصحية بما في ذلك المستشفيات والعاملون في المجال الصحي.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.