تأجيل استشارات الحكومة اللبنانية يثير تساؤلات... وموعدها في عهدة باسيل

ميقاتي لـ«الشرق الأوسط»: لن أكون رئيساً لتمديد الأزمة وهذه شروطي للإنقاذ

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
TT

تأجيل استشارات الحكومة اللبنانية يثير تساؤلات... وموعدها في عهدة باسيل

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)

يتريث رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون في تحديد الموعد النهائي لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة ريثما ينتهي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من جوجلة أسماء المرشحين في محاولة للضغط، كما تقول مصادر بارزة في الموالاة والمعارضة، على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كونه الأوفر حظاً بلا منازع لتولي رئاسة الحكومة العتيدة، وابتزازه لعله يستجيب لشروطه برغم أنه يدرك، أي عون، بأن تأخير ولادتها سيزيد من التكلفة السياسية والاقتصادية والمالية على البلد الذي لم يعد يحتمل إضاعة الفرص ويفتح الباب أمام ارتفاع منسوب الاحتجاجات الشعبية.
وتستبعد المصادر البارزة في الموالاة والمعارضة أن تجري الاستشارات النيابية المُلزمة هذا الأسبوع، إلا إذا رضخ عون لطلب الكتل النيابية والنواب المستقلين بضرورة الإسراع لإنجازها. وتسأل ما الجدوى من تأخيرها، وإن كان الدستور اللبناني لا يُلزمه بمهلة زمنية لإتمامها، كما لا يُلزم الرئيس المكلف بمهلة مماثلة لتأليف الحكومة؟
وتحذر المصادر نفسها من أن يؤدي تريث الرئيس عون بدعوته النواب للاستشارات المُلزمة إلى تكرار نفس السيناريو الذي اتبعه قبل أن يوجه الدعوة للنواب بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب للمشاركة في الاستشارات التي سمت زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة، واضطر لاحقاً للاعتذار عن عدم تأليفها بعد أن اصطدم بشروط باسيل التي تبناها رئيس الجمهورية على بياض، رافضاً التدخل لضبط إيقاع صهره لتسهيل ولادتها.
وتكشف هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن باسيل يستدرج العروض بتواصله المباشر مع عدد من المرشحين لتولي رئاسة الحكومة في محاولة لإعادة خلط الأوراق، وتقول بأن المطبخ السياسي في القصر الجمهوري والذي يدين بالولاء المطلق لباسيل هو من يحرض المرشحين، ويتولى تنظيم اللقاءات لهم ويحضهم على التواصل مع عدد من القيادات لإطلاعهم على برامجهم الإنقاذية في حال توليهم رئاسة الحكومة.
وتؤكد أن هذه اللقاءات لم تقدم أو تؤخر وإنما حصلت من باب رفع العتب وبقيت محصورة في تعرف هذه القيادات على المرشحين وغالبيتهم من الذين استحضرهم باسيل على عجل، وتقول بأن الخبير السابق في صندوق النقد الدولي صالح نصولي انضم إلى نادي المرشحين، وتردد بأن الفريق المحسوب على عون - باسيل كان وراء حثه على عرض خدماته لتولي الرئاسة الثالثة.

وترى المصادر نفسها أن باسيل وإن كان يعتقد بأن هناك صعوبة في التفافه على ميقاتي كونه المرشح الأممي لتولي رئاسة الحكومة، فإنه يسعى لابتزازه لعله يتمكن من تحسين شروطه في الحكومة، وهذا ما يعترف به عدد من النواب المنتمين إلى تكتله النيابي بقولهم أمام عدد من زملائهم على هامش الجلسة الأولى للمجلس النيابي التي خُصصت لإعادة تكوين البيت التشريعي للبرلمان بأن باسيل يرفض في العلن عودة ميقاتي إلى سدة الرئاسة الأولى؛ لأنه يريد تمرير رسالة سياسية لمن يعنيهم الأمر بضرورة التواصل معه لإصلاح ذات البين بينه وبين رئيس حكومة تصريف الأعمال لإعادة وصل ما انقطع بينهما.
وتلفت إلى أن الفريق السياسي المحسوب على عون - باسيل هو من يُشرف على تنظيم الهجوم المضاد لمعظم المرشحين في محاولة لحشر ميقاتي و«زكزكته»، لكن الأخير يتصرف بهدوء ويدير ظهره للذين يقدمون أنفسهم على أن لديهم المواصفات والشروط التي تتيح لهم الدخول معه في منافسة ليست موجودة في الأساس لأن أكثرية الكتل النيابية تتعاطى مع حرتقات باسيل على أنها تأتي في الوقت الضائع ولا يمكن التأسيس عليها كواحدة من الخيارات التي تحظى بتأييد الأكثرية في البرلمان.
وتؤكد المصادر نفسها أن الكرة الآن في مرمى رئيس الجمهورية، وأن التبرير الذي يلجأ إليه فريقه السياسي في دفاعه عن تريثه في دعوة النواب للاستشارات النيابية المُلزمة لن يُصرف في مكان ولن يكون له من مفاعيل سياسية، خصوصا أنه ليس في الموقع السياسي الذي يستطيع من خلاله التدخل لإزالة العقبات التي تعترض تشكيل الحكومة قبل أن يجري الاستشارات لتسمية الرئيس المكلف.
وتصنف تريث عون بدعوة النواب للاستشارات المُلزمة على خانة الاستجابة لطلب وريثه السياسي، أي باسيل، الذي يتولى تلغيمها ما لم تُشكل الحكومة العتيدة على قياسه، وتقول بأن بمجرد تمديده لفترة التريث سيواجه بحملة سياسية تتجاوز الداخل إلى الخارج الذي حدد دفتر الشروط وضرورة التقيد بمضامينه الإصلاحية لتأمين العبور بلبنان إلى مرحلة التعافي واستباقاً لما يمكن أن تحمله الاستشارات النيابية المُلزمة. وقد أكد ميقاتي لـ«الشرق الأوسط» أنه لن يتهرب من تحمل المسؤولية، وأن لديه شروطاً وطنية وليست شخصية لإنقاذ البلد، وأبرزها إقرار الإصلاحات وخطة التعافي المالي، ووضع قطاع الكهرباء على سكة إعادة تأهيله، وإلا تُعطى الفرصة للمرشحين لتولي رئاسة الحكومة وهم كثر ومن بينهم عدد من النواب.
ومع أن ميقاتي يتجنب الدخول في تفاصيل المداولات التي دارت بينه وبين عون في اجتماعهما الأخير، فإنه يؤكد أنه لن يكون رئيساً لحكومة تتولى إدارة الأزمة وتمديدها في بلد يقف على حافة الانهيار الشامل يستدعي من الجميع التلاقي لإنقاذه بدلاً من أن نقحمه في سجالات لا جدوى منها تعيق الجهود لإتمام ما يتوجب علينا لإخراج بلدنا من التأزم غير المسبوق؛ لأن علينا أن نساعد أنفسنا قبل أن نتوجه إلى المجتمع الدولي طلباً للمساعدة.
ويبقى السؤال: هل يبادر عون إلى اختصار المهلة الزمنية التي حددها لنفسه وخصصها للتريث بدعوته إلى إجراء الاستشارات النيابية المُلزمة؟ لأن اللعب على عامل الوقت مهما كانت الذرائع سيؤدي حتماً إلى تعطيل الجهود الرامية إلى وقف الانفجار الاجتماعي الشامل الذي لا يُداوى بالمواقف الإعلامية ولا بتبادل الاتهامات، وبالتالي فإن رهانه على إخضاع ميقاتي لشروط باسيل ليس في محله، وسيرتد كارثياً على من يعطل تشكيل الحكومة مهما تعددت الأسباب.
وعليه فهل يتحمل عون إغراق البلد في لعبة استمزاج الآراء بحثاً عن اسم المرشح لتولي رئاسة الحكومة؟ أم أنه سيختصر المسافة بتسهيل تشكيلها بعد أن قال ميقاتي كلمته بأنه لن يشكل حكومة بأي ثمن لا يراد منها أولاً وأخيراً أن تتصالح مع اللبنانيين وتستجيب لآلامهم بحثاً عن لقمة العيش وطلباً لإصرارهم على إخراج البلد من العتمة السياسية والكهربائية؟ وإلا فإن الأزمة تبقى مفتوحة على مصراعيها.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)
حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)
TT

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)
حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تعد أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة.

وتحولت التطورات الأخيرة في البلد الجار إلى محور سجال بين الرئيس رجب طيب إردوغان والمعارضة التركية.

وبدا أن هناك تركيزاً من تركيا على إنهاء وجود «الوحدات الكردية» ليس فقط في المناطق القريبة من حدودها، وإنما في جميع الأراضي التي تسيطر عليها في شمال شرقي سوريا عبر الاستمرار في عمليات «الجيش الوطني السوري» الموالي لها، والاتفاق مع الإدارة السورية الجديدة.

القضاء على «الوحدات الكردية»

وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن بلاده «تريد سوريا خالية من الإرهاب»، وأن هدفها الاستراتيجي هو إنهاء «وحدات حماية الشعب» التي وضع أمامها خيارين: إما أن تحل نفسها أو أن يتم القضاء عليها.

وقال فيدان في مقابلة تلفزيونية ليل الجمعة - السبت بعد ساعات قليلة من مباحثاته في أنقرة مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حول سوريا، إن «تركيا وأميركا كانتا في موقفين متعارضين تماماً بخصوص التنظيم (الوحدات الكردية). هذه قضية وجودية تتعلق بأمننا القومي؛ لذلك نحن دولة أخذت هذه القضية بأعلى قدر ممكن من الجدية».

فيدان خلال مقابلة تلفزيونية ليل الجمعة (الخارجية التركية)

ولفت فيدان إلى أن تركيا استخدمت العمليات في الميدان والأدوات الدبلوماسية على الطاولة بكل جدية، وأن موقفها لا يزال كما هو دون أي تغيير، مضيفاً: «المعارضة السورية كانت تقاتل نظام بشار الأسد منذ سنوات طويلة، وتعرضت لظلم وخسائر لا تصدق، إلا أنها استعادت سوريا الآن. وبطبيعة الحال، سوف يتخذون الخطوات اللازمة لضمان سلامة البلاد».

وتابع: «نعتقد أن (تنظيم الوحدات الكردية) لن يكون قادراً بعد الآن على إيجاد أرضية كبيرة في سوريا نتيجة للخطوات التي ستتخذها الإدارة في دمشق لضمان سلامتها الوطنية والإقليمية».

وقال فيدان: «القضاء على التنظيم الإرهابي هو هدف استراتيجي بالنسبة لتركيا. وبعبارة أخرى: إما أن يحل نفسه أو يتم القضاء عليه. بالطبع، هناك محددات معينة، وأعتقد أنه سيكون من المفيد التعبير عنها؛ أولاً: رغم أن وسائلنا وإمكاناتنا قادرة على القضاء على التنظيم، فإننا سننتظر أولاً الخطوات التي سيتخذها الأشقاء في سوريا للقضاء على هذا التهديد، من خلال اتخاذ خطوات تضمن سلامة أراضيهم ووحدتهم الوطنية».

عناصر من «وحدات حماية الشعب الكردية» في شمال سوريا (إعلام تركي)

وأضاف: «في المرحلة الأولى يجب أن يغادر مسلحو التنظيم الإرهابي (الوحدات الكردية) غير السوريين، سواء من قدموا من العراق أو إيران أو تركيا أو أوروبا؛ أن يغادروا سوريا. وفي المرحلة الثانية يجب على مستوى قيادة التنظيم بأكمله، بمن في ذلك السوريون، مغادرة البلاد».

الغرب و«داعش»

وتابع: «يجب أن تقوم العناصر ممن لا تنتمي لتنظيم (حزب العمال الكردستاني - الوحدات الكردية) الإرهابي بإلقاء السلاح والعودة إلى حياتهم الطبيعية في سوريا بالاتفاق مع الإدارة الجديدة».

ولفت فيدان إلى أن أميركا والأوروبيين يقولون إن «الوحدات الكردية» تكافح «داعش»، لكن «الحقيقة أنهم جعلوا منها حارساً على تنظيم (داعش) الإرهابي»، لافتاً إلى ضرورة أن تتسلم الدول الغربية مواطنيها المنخرطين في «داعش».

وقال إن سوريا باتت «لاعباً دولياً مستقلاً»، ولن تعترف بتنظيم «الوحدات الكردية» الإرهابي، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه بينما يتم القضاء على «الوحدات الكردية»، ينبغي ألا يتعرض الأكراد الذين يعيشون في المدن العريقة في المنطقة منذ قرون طويلة للأذى؛ لأن القمع الذي مارسه التنظيم ضد العرب والأكراد واضح دائماً؛ إذ يفرض سيطرته عليهم بإبقائهم تحت الضغط.

فيدان وبلينكن يتحدثان للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

وأضاف فيدان أن هدفهم في المرحلة الجديدة في سوريا هو «إقناع المجتمع الدولي والجهات الإقليمية الفاعلة بحماية الشعب السوري، ودعم الإدارة الجديدة في دمشق، والتعاون من أجل إعادة الاستقرار إلى سوريا مجدداً».

«الجيش الوطني» و«تحرير الشام»

ونوّه فيدان بدور «الجيش الوطني السوري»، قائلاً إنه «لو لم يتم دعم (الجيش الوطني السوري)؛ لما تم تدمير المعارضة السورية فحسب، بل لكان ملايين اللاجئين قد أتوا إلى تركيا».

وعن بعض المخاوف المتعلقة بـ«هيئة تحرير الشام»، قال فيدان إن «هذا أمر طبيعي للغاية»، مشدداً على ضرورة إزالة هذه المخاوف، وأنه تواصل مع وزراء خارجية دول عربية في هذا الشأن، وأن «العالم بات متقبلاً للمعايير والمحددات التي وضعتها تركيا».

أحد مقاتلي «تحرير الشام» أمام مقر السفارة التركية في دمشق قبل وقت قليل من افتتاحها السبت (أ.ف.ب)

وأضاف أن هناك رغبة في رؤية سوريا لا يوجد فيها إرهاب، ولا تحظى فيها التنظيمات الإرهابية مثل «حزب العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب الكردية» و«داعش» بالدعم، وتابع: «ولا تتعرض الأقليات لسوء المعاملة، بل يتم تلبية متطلباتهم الأساسية. و(تكون) سوريا لا يشعر أحد فيها بالحاجة للتعامل مع أسلحة الدمار الشامل، والبلد الذي لا يشكل أي خطر وتهديد للمنطقة، وفي الوقت نفسه يتم ضمان وحدة البلاد وسلامة أراضيها».

وتابع أنهم أبلغوا الإدارة الجديدة في دمشق بهذه «المخاوف»، وأنهم ينتظرون منها اتخاذ المواقف والخطوات اللازمة لإزالتها، و«سنتابع كيف سيتطور الأمر لاحقاً، وسنناقش ذلك على المدى القريب والمتوسط، وسنتابعه عن كثب».

المرحلة الانتقالية

بدوره، أكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أن تركيا لم ولن تسمح بالأمر الواقع الجديد الذي يحاول تنظيم «حزب العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب الكردية» الإرهابي تطويره عقب الأحداث الأخيرة، وبخاصة في محيط مناطق العمليات التركية في سوريا.

وزير الدفاع التركي يشار غولر متحدثاً في البرلمان (وزارة الدفاع التركية)

وقال غولر في كلمة أمام البرلمان خلال مناقشة ميزانية وزارته لعام 2025 ليل الجمعة - السبت، إن «الوحدات الكردية» اضطرت إلى الانسحاب من مناطق تل رفعت وجنوب الباب وخط منبج نتيجة للعمليات الناجحة التي نفذها «الجيش الوطني السوري»، و«لن نسمح أبداً باستغلال حالة عدم الاستقرار في الميدان».

وشدد غولر على أن تركيا ستواصل جهودها ومبادراتها النشطة لضمان أن تكون عملية الانتقال السياسي في سوريا آمنة وسلسة وتحل المشاكل القائمة، معرباً عن اعتقاده بأنه سيتم إرساء الأمن والاستقرار الكاملين في سوريا، من خلال حل سياسي شامل في الفترة المقبلة بعد سقوط الأسد.

سجال سياسي

في الوقت ذاته، تحولت التطورات الأخيرة في سوريا والموقف التركي من «وحدات حماية الشعب الكردية» إلى محور سجال بين الرئيس رجب طيب إردوغان، وزعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزال، وقال إردوغان: «لقد خرج السيد أوزال محاولاً الضغط علينا من خلال حزب (الاتحاد الديمقراطي) الذي تشكل (الوحدات الكردية) ذراعه المسلحة».

إردوغان متحدثاً في مؤتمر لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم (الرئاسة التركية)

وكان أوزال وجّه خلال مقابلة تلفزيونية، الخميس، سؤالاً إلى إردوغان بشأن قرار حزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي استخدام العلَم السوري، وهل لا يزال يصرّ على أنه تنظيم إرهابي.

ورد إردوغان في كلمة خلال مؤتمر لحزب «العدالة والتنمية» في أرضروم (شمال شرقي تركيا)، السبت، قائلاً: «موقفنا بشأن الامتدادات السورية للمنظمة الإرهابية الانفصالية (حزب العمال الكردستاني) واضح يا سيد أوزال»، مضيفاً: «تعالَ واشرح، هل تعتنق رأي زعيمك السابق (كمال كليتشدار أوغلو) بشأن حزب (الاتحاد الديمقراطي) و(وحدات حماية الشعب الكردية) حينما قال إن (الوحدات الكردية) لن تهاجمنا؟».

وتساءل إردوغان: «متى أصبح تغيير العلَم كافياً لتبرير امتدادات حزب (العمال الكردستاني)؟ أنت لا تعرف سوريا، ألا تعرف حتى المخططات التي كان حزب (العمال الكردستاني) يفعلها منذ 40 عاماً؟ ماذا يجب أن نقول؟! نسأل الله لهم البصيرة».

وقال الرئيس التركي إن الأزمة السورية كانت بمثابة اختبار حقيقي لمعرفة أين يقف كل طرف في تركيا، وإن مجرد النظر إلى التطورات في سوريا خلال الأسبوعين الماضيين يكفي لفهم ما يعنيه حزب «العدالة والتنمية» و«تحالف الشعب» (العدالة والتنمية والحركة القومية والوحدة الكبرى) بالنسبة لتركيا.

زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزال (من حسابه في «إكس»)

وعدّ إردوغان أن أكبر فرصة لتركيا هي أن يكون حزب «العدالة والتنمية» في غرفة القيادة بتركيا في جميع الأزمات.

استطلاع رأي

في السياق، أظهرت نتائج أول استطلاع للرأي أُجري في تركيا بعد التطورات في سوريا، ارتفاع أصوات حزب «العدالة والتنمية»، وفقد حزب «الشعب الجمهوري» تفوقه الذي حققه منذ الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي.

وبحسب نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة «آسال» في 26 ولاية تركية في الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، جاء حزب «العدالة والتنمية» في المرتبة الأولى بنسبة 32.5 في المائة، وحزب «الشعب الجمهوري» في المرتبة الثانية بنسبة 30.7 في المائة، وحزب «الحركة القومية» في المرتبة الثالثة بنسبة 9.6 في المائة، وذلك بعد توزيع أصوات المترددين التي بلغت 30 في المائة.

إردوغان ملوّحاً لأعضاء حزبه خلال مؤتمر في كوجا إيلي غرب تركيا مساء الجمعة (الرئاسة التركية)

وكان حزب «الشعب الجمهوري» حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات المحلية التي أُجريت في 31 مارس الماضي، للمرة الأولى من 47 عاماً، بنسبة 37.8 في المائة من الأصوات في جميع أنحاء تركيا، وحصل حزب «العدالة والتنمية» على 35.5 في المائة ليأتي في المرتبة الثانية للمرة الأولى خلال فترة بقائه في الحكم التي استمرت 22 عاماً.