شمال شرقي سوريا جبهات ساخنة مع تصاعد التهديدات التركية

قائد «قسد» حذر من تجزئة سوريا والحرب ضد «داعش»

مقاتلون سوريون موالون لتركيا أثناء اسعدادهم للعملية العسكرية المرتقبة على منبج (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون موالون لتركيا أثناء اسعدادهم للعملية العسكرية المرتقبة على منبج (أ.ف.ب)
TT

شمال شرقي سوريا جبهات ساخنة مع تصاعد التهديدات التركية

مقاتلون سوريون موالون لتركيا أثناء اسعدادهم للعملية العسكرية المرتقبة على منبج (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون موالون لتركيا أثناء اسعدادهم للعملية العسكرية المرتقبة على منبج (أ.ف.ب)

مع تصعيد تركيا بشن عملية عسكرية مرتقبة ضد مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) العربية الكردية، اشتعلت ثلاث جبهات ساخنة على طول نقاط التماس الفاصلة بين الجهات السورية المتحاربة شمال شرقي البلاد، في وقت دفعت قوات النظام السوري التابعة للرئيس بشار الأسد، بحماية وتغطية جوية من الطيران الروسي، مزيداً من التعزيزات إلى بلدة تل رفعت الاستراتيجية في ريف محافظة حلب الشمالي، والتي صرح عنها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أول من أمس (الأربعاء) بشن هجوم ضدها، فيما حذر القائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي من الهجوم الذي سيؤثر سلباً على حرب التحالف الدولي والجيش الأميركي في ملاحقة وتعقب الخلايا الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي.
وقال المتحدث الرسمي لقوات «مجلس منبج العسكري» التابعة لـ«قسد» شرفان درويش في حديث إلى «الشرق الأوسط»، بأنهم أفشلوا محاولة تسلل عناصر من الفصائل السورية الموالية لتركيا، شمال مدينة منبج في ريف محافظة حلب الشرقي. وقال «حاول عناصر من فصيل (درع الفرات) التسلل عدة مرات إلى قرية المحسنلي فاشتبكت قواتنا معهم ودارت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة وباءت محاولتهم بالفشل». وأشار إلى أن حدة الاشتباكات ألحقت أضراراً بإحدى القواعد التركية في قرية حلونجي المقابلة للمنطقة. وأضاف درويش: «كما استمرت القوات التركية بقصف قرية المحسنلي بمدافع الهاون وبلغت الحصيلة الأولية للاستهداف نحو 15 قذيفة».
واستمرت القوات التركية قصف قريتي عون الدادات والمحسنلي بالأسلحة الثقيلة. وأكد المسؤول في «المجلس» أن عدد قذائف الهاون الصاروخية التي سقطت على مناطق نفوذها خلال الأيام الثلاثة الماضية بلغ 41 قذيفة.
وفي ريف حلب الشمالي، عززت قوات النظام مواقعها في بلدة تل رفعت الاستراتيجية، ووصل مزيد من الحشود والقوافل العسكرية بحماية وتغطية جوية من المقاتلات الروسية، بعد مرور يوم من إرسال مزيد من التعزيزات إلى مطار «منغ» العسكري المحيط بالبلدة. وذكر سكان محليون ومصدر مسؤول مدني يتبع الإدارة المدنية للمنطقة، بأن القوات السورية استقدمت تعزيزات ضمت دبابات ومدرعات وذخيرة وجنود بينها نحو 20 دبابة وخمس مدرعات (BMB) إضافة إلى ناقلات جند وذخيرة وسط تحليق للطائرات الروسية في سماء المنطقة.بدوره، علق القائد العام للقوات مظلوم عبدي على الهجمات العنيفة على مناطق نفوذ القوات، ونشر تغريده على حسابه الشخصي بموقع تويتر: «أي عدوان تركي جديد يعد استكمالاً لمخطط تقسيم سوريا الوطن وتجزئة الشمال، كما ستؤثر سلباً على الحرب ضد تنظيم داعش»، محذراً من تداعيات التصعيد التركي التي ستؤدي لأزمة إنسانية بحق مئات آلاف السوريين: «من الكرد والعرب ممن لجأوا لمناطقنا هرباً من المرتزقة، ندعو جميع الأطراف الفاعلة بالملف السوري للعمل بجدية والحيلولة دون وقوع مآسٍ جديدة لأهلنا».وفيما نفت قوات «قسد» قصفها أول من أمس (الأربعاء) بلدة تل أبيض بريف محافظة الرقة الشمالي الخاضعة لسيطرة فصائل سورية موالية لتركيا، قال المركز الإعلامي لـ«قسد» أمس في بيان رسمي: «نشرت صفحات تابعة للاحتلال التركي وفصائلها أنباء كاذبة عن تنفيذ قواتنا قصفاً صاروخياً استهدف مدينة تل أبيض الحدودية، قواتنا لم تنفذ أي عمليات في تلك المنطقة خلال الساعات الماضية». وقال فرهاد شامي، مدير المركز لـ«الشرق الأوسط»: «الاحتلال التركي أطلق عشرات القذائف المدفعية باتجاه مركز بلدة عين عيسى ومحيطها وقرى دبس وهوشان وصيدا ومحيط الطريق الدولي (إم 4)، تسببت بأضرار مادية جسيمة بمملكات المدنيين»، لافتاً إلى أن تصاعد الهجمات التركية على مناطق نفوذ القوات المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن. وتابع: «أنقرة تستقوي بالصمت الدولي في مواصلة جرائمها، حيث لا يخدم تغاضي المجتمع الدولي عن الاعتداءات أي مشروع لحفظ الأمن والاستقرار بسوريا، أو مواصلة مكافحة الإرهاب في المنطقة».
وفي محور ريف محافظة الحسكة الشمالي حيث ثالث جبهة ساخنة مشتعلة من إطلاق التهديدات التركية؛ استهدفت القوات التركية والسورية الموالية 13 قرية ونقطة على طول خطوط التماس الفاصلة بين مناطق «قسد» ومنطقة عمليات «نبع السلام»، بينها قرى العبوش والدادرة وتل شنان وقصر (توما يلدا) وتل جمعة والغيبش والطويلة وتقع بريف بلدة تل تمر الشمالي الغربي، كما طال القصف محيط القاعدة الروسية في منطقة المقابر ومحطة كهرباء البلدة إلى جانب قريتي محرملة وخضراوي.
-- دوريات روسية - تركية
وذكرت مصادر طبية أن القصف التركي خلال اليومين الماضيين أسفر عنه إصابة خمسة مدنيين بينهم طفلين اثنين وسيدتان ومواطن مدني من سكان تلك المناطق ونقلوا إلى المشافي لتلقي العلاج، بينما شهدت خطوط الجبهة والقرى والمواقع المحيطة بها تحليق للمروحيات الروسية في الأجواء وحركة نشطة من نزوح الأهالي خشيةً من القصف المكثف. وتابعت ذات المصادر: «استهدف القصف كل من كوثر حاج خليل ومزكين حاج خليل وهما شقيقان، وطفل من أبو راسين وطفل ثاني من (كوباني) فضلاً عن تضرر مساحات واسعة من المحاصيل الزراعية ومنازل المدنيين».
وقالت قوات «قسد» في بيان رسمي نشر على موقعها أمس أن القصف التركي الأخير استهدف عشرات القرى والبلدات الآهلة بالسكان في مناطق شمال شرقي سوريا، «أكثر من 30 قرية وعشرات التجمعات السكنية تعرضت لاستهداف تركي بأكثر من 370 قذيفة مدفعية وصاروخية، فالقصف الشامل والعشوائي الذي تنفذه تركيا وصلت إلى مستويات خطيرة».


مقالات ذات صلة

سوريا: مليون دولار وأسلحة في «مزرعة البغدادي» بالرقة

المشرق العربي سوريا: مليون دولار وأسلحة في «مزرعة البغدادي» بالرقة

سوريا: مليون دولار وأسلحة في «مزرعة البغدادي» بالرقة

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن وحدة مشتركة من «قوات سوريا الديمقراطية» والقوات الأميركية، عثرت على أموال وذهب خلال الأيام الفائتة، في مزرعة واقعة بمنطقة «كسرة فرج» في أطراف الرقة الجنوبية، وتعرف باسم «مزرعة البغدادي»، وذلك لأن أبو بكر البغدادي كان يمكث فيها إبان قيادته تنظيم «داعش» الإرهابي على المنطقة. ووفقاً للمرصد، فإن المداهمة جاءت بعد معلومات للأميركيين و«قسد» بوجود مخبأ سري، حيث عُثر عليه بالفعل وبداخله 3 غرف مموهة بشكل دقيق، وفيها 4 براميل مملوءة بكميات كبيرة من الذهب وأموال تقدر بنحو مليون دولار أميركي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي موسكو تتهم «إرهابيين» في إدلب بـ«التحضير لاستفزاز»

موسكو تتهم «إرهابيين» في إدلب بـ«التحضير لاستفزاز»

في وقت كُشفت فيه معلومات عن خطط أوكرانية لشن هجمات ضد القوات الروسية في سوريا، اتهمت وزارة الدفاع الروسية تنظيمات «إرهابية» منتشرة في محافظة إدلب بشمال غربي سوريا بـ«الاستعداد لهجوم استفزازي على المدنيين»، واتهام الجيش السوري والقوات الروسية به.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مقتل قيادي في «سوريا الديمقراطية» بغارة تركية

مقتل قيادي في «سوريا الديمقراطية» بغارة تركية

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل قيادي في «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وإصابة مرافق له، بعدما استهدفتهما طائرة مسيّرة تركية، بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة، قرب معبر نصيبين في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة على الحدود مع تركيا. ولفت «المرصد» إلى أن الاستهداف جاء بعد حوالي أسبوع من نجاة القائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، من محاولة اغتيال بمسيّرة تركية في محيط مطار السليمانية بكردستان العراق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي قتيل وجرحى في اشتباكات بين «قسد» وقوات مدعومة من روسيا

قتيل وجرحى في اشتباكات بين «قسد» وقوات مدعومة من روسيا

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، بمقتل عنصر من فصيل «الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا خلال اشتباكات عنيفة مع عناصر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في بلدتي الطابية وجديد عكيدات بريف دير الزور الشرقي. وأضاف المرصد أن الاشتباكات العنيفة قد أسفرت أيضا عن سقوط جرحى في صفوف قوات سوريا الديمقراطية، فيما من المرجح ارتفاع عدد القتلى لوجود إصابات في حالة حرجة في صفوف الطرفين. وتوجه رتل روسي إلى بلدة طابية بريف دير الزور، لوقف الاشتباكات بين الطرفين، وسط حالة من التوتر والاستنفار في المنطقة، وفقا للمرصد. بالتوازي، حلق طيران مروحي لـ«التحالف الدولي» في أجواء قرى خشام والطابية ومظلوم بريف دير الزور ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجا قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، مساء أمس، من محاولة اغتيال استهدفته في مطار السليمانية بكردستان العراق. وتحدث مصدر مطلع في السليمانية لـ «الشرق الأوسط» عن قصف بصاروخ أُطلق من طائرة مسيّرة وأصاب سور المطار.


بعد الإطاحة بالأسد... الجولاني يضع بصمته على الدولة السورية

رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
TT

بعد الإطاحة بالأسد... الجولاني يضع بصمته على الدولة السورية

رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)

تفرض إدارة العمليات العسكرية في سوريا بقيادة أحمد الشرع المكنى «أبو أحمد الجولاني» سلطتها على الدولة السورية بنفس السرعة الخاطفة التي سيطرت بها على البلاد؛ ففي غضون أيام قليلة نشرت شرطةً، وسلَّمت السلطة لحكومة مؤقتة، وعقدت اجتماعات مع مبعوثين أجانب، مما يثير مخاوف بشأن ما إذا حُكَّام دمشق الجدد سيلتزمون بعدم إقصاء أحد.

ومنذ أطاحت «هيئة تحرير الشام»، تحت قيادة الشرع وبدعم تحالف من قوات معارضة، ببشار الأسد من السلطة، يوم الأحد، انتقل موظفوها الذين كانوا حتى الأسبوع الماضي يديرون إدارة إسلامية في شمال غربي سوريا إلى مقر الحكومة في دمشق.

وكان تعيين محمد البشير رئيس حكومة «هيئة تحرير الشام» في إدلب رئيساً انتقالياً جديداً للوزراء في سوريا، يوم الاثنين، بمثابة تأكيد على مكانة الهيئة باعتبارها الأقوى بين الفصائل المسلحة التي حاربت لأكثر من 13 عاماً لإنهاء سنوات الأسد الذي حكم بقبضة من حديد.

ورغم أن الهيئة كانت تابعة لتنظيم «القاعدة» قبل فك الارتباط معها عام 2016، فقد نجحت في طمأنة زعماء العشائر والمسؤولين المحليين والسوريين العاديين خلال زحفها إلى دمشق؛ بأنها ستحمي معتقدات الأقليات، وقد حظيت بدعم واسع النطاق. وساعدت هذه الرسالة في تسهيل تقدُّم مقاتلي الفصائل. ويكرر الشرع الرسالة نفسها منذ الإطاحة بالأسد.

وفي مكتب محافظ دمشق، حيث الجدران المزينة بشكل رائع بالخشب المطعَّم والزجاج الملوَّن، قلَّل مسؤول تم جلبه من إدلب لتولي المسؤولية من شأن المخاوف من أن سوريا تتجه نحو شكل إسلامي من أشكال الحكم.

وقال محمد غزال، وهو مهندس مدني يبلغ من العمر 36 عاماً ويرتدي نظارة طبية ولديه لحية كثيفة ويتحدث الإنجليزية بطلاقة تقريباً: «لا يوجد شيء اسمه الحكم الإسلامي. في النهاية، نحن مسلمون، ومؤسساتنا أو وزاراتنا مدنية».

وأضاف: «ليس لدينا أي مشكلة مع أي عرق أو دين. ومَن صَنع المشكلة هو النظام (السابق بقيادة الأسد)».

ورغم ذلك، فقد أثارت الطريقة التي اتبعتها «هيئة تحرير الشام» في تشكيل الحكومة المؤقتة الجديدة، من خلال استقدام كبار الإداريين من إدلب، قلق البعض. وقالت أربعة مصادر من المعارضة وثلاثة دبلوماسيين لـ«رويترز» إنهم يشعرون بالقلق إزاء شمول العملية حتى الآن.

وقال البشير إنه سيبقى في السلطة حتى مارس (آذار) فقط، إلا أن «هيئة تحرير الشام» (التي لا تزال مُصنَّفة جماعة إرهابية لدى الولايات المتحدة، والقوة الإقليمية تركيا، وحكومات أخرى) لم تفصح بعد عن التفاصيل الرئيسية للعملية الانتقالية، بما في ذلك تفكيرها في دستور جديد.

وقال زكريا ملاحفجي أمين عام «الحركة الوطنية السورية» الذي عمل في الماضي مستشاراً سياسياً للمعارضين في حلب: «(انت عم بتجيب من لون واحد. مفروض يكون في تشارك مع الآخرين)... هذه الطريقة ليست صحيحة. المفترض أن تأتي القوى السياسية والعسكرية إلى الطاولة، وترتّب، وتضع حكومة انتقالية بالتشاور مع الآخرين. هذا يعطي دعماً للحكومة».

وأضاف: «المجتمع السوري متعدد الثقافات، (فبصراحة هيك مقلق)».

«خراب... خراب... خراب»

لإدارة هيئات حكومية، قال غزال إنه قدَّم تطمينات للموظفين وحثهم على العودة للعمل. وقال غزال إنها «دولة منهارة. خراب، خراب، خراب».

وتتركز أولوياته للأشهر الثلاثة المقبلة في تشغيل الخدمات الأساسية وتبسيط البيروقراطية. كما ستتم زيادة الرواتب، التي يُقدَّر متوسطها بنحو 25 دولاراً في الشهر لتتماشى مع أجور حكومة الإنقاذ الذي يبلغ الحد الأدنى لأجورها 100 دولار في الشهر.

ورداً على سؤال حول كيفية تمويل هذا، قال: «سوريا دولة غنية للغاية. لكن النظام اعتاد على سرقة الأموال».

كما يتولى رجال شرطة قدموا من إدلب تنظيم حركة المرور في دمشق، في محاولة لاستعادة جانب من الوضع الطبيعي، بعد أن أمرت «هيئة تحرير الشام» الفصائل المسلحة بالخروج من المدينة. وقال أحد المسؤولين الأمنيين (لم يذكر اسمه) إن العبء أصبح كبيراً للغاية، مشيراً إلى أنهم كانوا في السابق يقومون بمهامهم في إدلب فقط.

ورغم أن «هيئة تحرير الشام» هي الأبرز بين الفصائل التي حاربت الأسد، فإن فصائل أخرى لا تزال مسلحة، خاصة في المناطق الواقعة على الحدود مع الأردن وتركيا.

وخلال سنوات الحرب، كانت تقع في كثير من الأحيان صدامات بين فصائل مسلحة، مما يترك إرثاً من التنافسية والعداء يُنظر إليه على أنه أحد المخاطر العديدة التي تهدد الاستقرار في سوريا ما بعد الأسد.

وقال يزيد صايغ، وهو زميل أول بمركز «كارنيغي» لـ«الشرق الأوسط» إن «(هيئة تحرير الشام) تسعى بوضوح إلى الحفاظ على الزخم على جميع المستويات»، مضيفاً أن أي مجموعة في موقفها تتولى السلطة من نظام منهار في بلد منهك، ستتصرف بشكل عام بالطريقة ذاتها.

وأضاف: «هناك مخاطر متعددة تكمن في تحديد (هيئة تحرير الشام) للأولويات، ووتيرة ما سيأتي بعد ذلك. أحد هذه المخاطر إنشاء شكل جديد من الحكم الاستبدادي، هذه المرة في ثوب إسلامي».

لكنه ذكر أن تقديراته تشير إلى أن تنوُّع المعارضة والمجتمع في سوريا من شأنه أن يجعل من الصعب على مجموعة واحدة احتكار النفوذ.

وقال إن «تركيا، الداعم المؤثر للمعارضة، حريصة أيضاً على أن تكون هناك حكومة قادرة على الفوز بالدعم الدولي».

«سنبقى حتى مارس»

قال مصدر من المعارضة مطَّلع على مشاورات «هيئة تحرير الشام» إن جميع الطوائف السورية سيكون لها تمثيل في حكومة تصريف أعمال. وأوضح المصدر أن من الأمور التي سيتم تحديدها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة ما إذا كان ينبغي أن يكون نظام الحكم في سوريا رئاسياً أم برلمانياً.

واندلعت الثورة السورية ضمن ما يُعرَف بانتفاضات الربيع العربي عام 2011 التي أطاحت بالحكام في مصر وتونس وليبيا واليمن، وأعقبتها فترات انتقالية مضطربة وعنيفة في كثير من الأحيان.

وفي مقابلة مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية نُشِرت أمس (الأربعاء)، قال رئيس الوزراء البشير: «سنبقى حتى مارس (آذار) 2025 فقط».

وأوضح أن الأولويات استعادة الأمن وسلطة الدولة، وإعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وتوفير الخدمات الأساسية.

وعندما سُئِل عما إذا كان الدستور السوري الجديد سيكون إسلامياً، قال إن «هذه التفاصيل» سيتم توضيحها خلال عملية صياغة الدستور.

وقال محمد علاء غانم، وهو ناشط سوري بارز مقيم في واشنطن وعلى اتصال بشخصيات بارزة من المعارضة، إن «هيئة تحرير الشام» مطالَبة بأن «تتحلى بالذكاء، وأن تنفذ الانتقال بشكل صحيح، لا أن يتملكها الغرور، وتهيمن بشكل كامل على الحكومة الجديدة».

وحثت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «هيئة تحرير الشام» على عدم تولي القيادة بشكل تلقائي في سوريا، وإنما تبني عملية لا تقصي أحداً لتشكيل حكومة انتقالية، وفقاً لمسؤولين أميركيين ومساعد في الكونغرس مطلعين على الاتصالات الأميركية الأولى مع الهيئة.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن الانتقال في سوريا يجب أن يؤدي إلى «حكم موثوق وشامل وغير طائفي»، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم «2254».

ويدعو هذا القرار، الذي تمت الموافقة عليه في عام 2015، إلى عملية بقيادة سوريا تتولى الأمم المتحدة تسهيلها، والتأسيس لحكم غير طائفي في غضون 6 أشهر، وتحديد جدول زمني لعملية صياغة دستور جديد.

كما يدعو إلى انتخابات حرة ونزيهة.