يعقد «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، أهم أحزاب المعارضة اللائكية في الجزائر، الجمعة والسبت مؤتمره السادس لاختيار خليفة لرئيسه محسن بلعباس، الذي تميز تسييره للحزب بالصرامة مع الحكومة، ما جلب له مضايقات ومتابعات قضائية، ووعيدا بإغلاق المقرات.
ويتنافس على رئاسة «التجمع» القياديان البارزان عثمان معزوز ومراد بياتو، وكلاهما يبدي استماتة على الخط الراديكالي تجاه الإسلاميين والسلطات، التي لم تخف أبدا إرادة في وضع حدود لنشاط أعضائه، وخاصة في العاصمة حيث توجد القيادة المركزية، وفي ولايات القبائل الناطقة بالأمازيغية، حيث ينتشر المناضلون بكثافة. ويوصف الحزب من طرف خصومه، وخاصة الموالين للحكومة، بأنه «جهوي»، بحجة أن انتشاره ينحصر فقط في منطقة واحدة من البلاد، وذلك انتقاصا من قيمته. أما مناضلوه فيتباهون بكونه من أحزاب المعارضة القليلة، التي بقيت مستميتة على خطها السياسي، الرافض لسياسات السلطة وللتيار الإسلامي.
وصرح بلعباس لوسائل الإعلام أنه لن يترشح لولاية ثالثة، بعد أن قضى 10 سنوات في القيادة. مبرزا أنه «على قناعة عميقة بأن التداول ينبغي أن يكون القاعدة في أداء كل الأحزاب السياسيةّ». كما قال إنه لن ينسحب من العمل السياسي «وسأظل مناضلا». وكان بلعباس استخلف الزعيم التاريخي والمؤسس سعيد سعدي، علما أن بين الرجلين خصومة غير معلنة، بسبب تحالفات ظرفية عقدها بلعباس مع الإسلاميين المعارضين في «حركة مجتمع السلم». وقد عرف سعدي بعدائه الشديد للتيار الإسلامي.
ومنذ التأسيس عام 1989، قامت عقيدة «التجمع» على المبدأ المزدوج: معارضة السلطة والإسلاميين. وفي بداية حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (1999)، وافقت قيادته على دخول الحكومة. لكن في سياق مظاهرات «الربيع الأسود» بالقبائل عام 2001، غادر الحكومة احتجاجا على إطلاق النار على المتظاهرين. لكن ثلاثة من وزرائه فضلوا «حضن السلطة»، وهم حميد لوناوسي الذي عينه الرئيس عبد المجيد تبون مؤخرا مستشارا لديه للتنظيمات غير الحكومية، وخليدة تومي الموجودة في السجن حاليا بتهم فساد، وعمارة بن يونس الذي غادر السجن منذ أشهر بعد أن تم اتهامه بالفساد أيضا.
ويعد معزوز (51 سنة) المكلف شؤون الإعلام في «التجمع»، المرشح الأوفر حظا للوصول إلى القيادة حكم قدمه في الحزب. وهو برلماني سابق عن محافظة بجاية، صغرى مدن القبائل تقع شرق البلاد. وقد كتب على حسابه بفيسبوك أن «خطة العمل التي سأنفذها، ستكون عاكسة للمبادئ، التي يدافع عنها التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، منذ تأسيسه عام 1989». مؤكدا أنه يعتزم «جمع شمل عائلة الحزب»، ويقصد بذلك قدامى المناضلين، الذين غادروه لأسباب مختلفة. وأوضح بالمقابل أنه «لن يقبل أن ينتمي إلينا أيا كان».
وواجه معزوز متاعب كبيرة مع القضاء في العامين الماضيين، بسبب انخراطه الكبير في الحراك. أما بلعباس فيقع تحت الرقابة القضائية منذ عام، في قضية تتعلق بوفاة عامل أجنبي بورشة بناء مسكنه بجنوبي العاصمة. كما تابعت النيابة العديد من مناضلي الحزب ومنتخبيه بالمجالس البلدية والولائية، بسبب أنشطتهم السياسية، التي كيفها القضاء على أنها «تحريض على الاحتجاج»، و«الإساءة إلى رموز الدولة» و«المس بالوحدة الوطنية».
من جهته، تعهد مراد بياتور، الثلاثيني الذي التحق بالحزب منذ 10 سنوات، بـ«تكريس استقلال الحزب في قراراته»، و«العمل على تقوية التسيير المبني على التشاور، واتباع نموذج الديمقراطية الاجتماعية». وقال إنه «يملك طموحا بأن يجعل من الحزب أول قوة سياسية في البلاد». مؤكدا أن النهج الذي سيتبعه، إذا فاز في انتخابات المؤتمر، يتمثل في «فصل الدين عن المجال السياسي والحداثة السياسية، ومبدأ التعددية والمواطنة، والعدالة والحريات وحقوق الإنسان، وإلغاء قانون الأحوال الشخصية، والمساواة بين الجزائريين والجزائريات أمام القانون».
أهم أحزاب المعارضة الجزائرية لاختيار رئيسه الجديد
أهم أحزاب المعارضة الجزائرية لاختيار رئيسه الجديد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة