في تجربة تعد الأولى من نوعها، بدأت واعظات مصريات تبوء مقعد الفتوى في عدد من المساجد المصرية، حيث يتولين الاستماع إلى النساء طالبات الفتوى في أمور الدين والدنيا، خصوصاً القضايا الأسرية (الزواج والحب والعمل والعلاقات الاجتماعية مع العائلة والأهل والأصدقاء)، عبر مجالس فتوى نسائية تعقد مساء السبت من كل أسبوع، ما بين صلاة المغرب وآذان العشاء، وتهدف إلى رفع الحرج عن بعض السيدات للاستفسار عما يدور في خواطرهن، لا سيما في القضايا النسائية ذات الطبيعة الخاصة، عن طريق واعظات لديهن إلمام بالفتاوى الشرعية، وذلك عقب تلقيهن دورات تدريبية عديدة في أمور الفتوى، بجانب تخرجهن من معهد الدعاة التابع لوزارة الأوقاف المصرية.
بدأت التجربة في أربعة مساجد شهيرة بالعاصمة المصرية القاهرة، هي مسجد «الحسين»، ومسجد «السيدة نفيسة»، ومسجد «الاستقامة» بالجيزة، ومسجد «الرحمن الرحيم» بمدينة نصر، إذ تتصدر أربع داعيات المشهد، كل منهن تتولى مقعد مجلس الفتوى في مسجد ما.
الواعظة الدكتورة يمنى أبو النصر تتولى مقعد مجلس الفتوى النسائية في مسجد الحسين، أحد أشهر مساجد مصر التاريخية، وهي تجربة وضعتها في مواجهة مباشرة مع قضايا العصر الحديث المتشابكة والمُلغمة، تقول يمنى لـ«الشرق الأوسط»، إن «تجربة مجالس الفتوى النسائية شهدت إقبالاً كبيراً وتفاعلاً واسعاً من النساء، حيث تراوحت أعمار الحاضرات ما بين 12 إلى 80 عاماً، وتنوعت الأسئلة لتشمل كافة جوانب الحياة والقضايا، منها الأمور الفقهية الخاصة بالصلاة والصوم واختلاف الأئمة، وقضايا اجتماعية مثل الطلاق والعلاقة مع الزوج والأهل».
وأبرز اختلاف أعمار المشاركات تبايناً واسعاً في الأسئلة والاهتمام بقضايا بعينها وفق أبو النصر: «الفتيات الشابات تركزت أسئلتهن حول قضايا الزينة والملابس وأمور الإقبال على الزواج مثل الشبكة أو المهر، في حين اهتمت النساء الأكبر سناً بقضايا اجتماعية أخرى مثل الطلاق وعقوق الوالدين وتربية الأبناء».
وكان اللافت، حسب أبو النصر، «تطرق العديد من النساء إلى أسئلة جديدة تتعلق بأمور اقتصادية، منها فوائد البنوك، والقروض، وشهادات الادخار، والذمة المالية المنفصلة للزوجة، وقضايا المواريث».
بحكم كونها طبيبة واستشاري أمراض نساء، استفادت الواعظة الدكتورة جيهان يس يوسف، التي تتولى مجلس الفتوى بمسجد الاستقامة بالجيزة من معرفتها الطبية، لتجمع بين تأهلها لإصدار الفتاوى وخبرتها الطبية في المسائل النسائية، وتقول يوسف لـ«الشرق الأوسط»، «وجدت تداخلاً في الأسئلة بين الأمور الفقهية والطبية، فالكثير من المشكلات الخاصة بالمرأة تنطلق من طلب الرأي الشرعي في قضية ما تتقاطع مع الرأي الطبي، لذلك أفادني عملي طبيبة في توضيح الكثير من الأمور العلمية، خصوصاً في القضايا النسائية شديدة الخصوصية، مثل العلاقة الزوجية، ودواعي توقف المرأة عن الصلاة، أو الصوم لأسباب بيولوجية».
وتشير يوسف إلى أن «الكثير من النساء كن ينقلن الحوار من الفقه إلى الرأي الطبي عندما يعرفن أنني طبيبة، فيطرحن أسئلتهن في أمور ذات حساسية دون حرج وبعفوية واضحة، لذلك تتحول الجلسات أحياناً إلى دردشة نسائية وطلب استشارات طبية بجانب طلب الرأي الفقهي في مسألة ما».
القضايا الأسرية تتصدر استفسارات طالبات الفتوى بمساجد مصرية
القضايا الأسرية تتصدر استفسارات طالبات الفتوى بمساجد مصرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة