القاهرة تنشط أوروبياً وإقليمياً بملف الطاقة على وقع أزمة أوكرانيا

السيسي يلتقي رئيس بولندا... ولجنة مصرية - إسرائيلية لتصدير الغاز

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره البولندي أندريه دودا في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره البولندي أندريه دودا في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

القاهرة تنشط أوروبياً وإقليمياً بملف الطاقة على وقع أزمة أوكرانيا

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره البولندي أندريه دودا في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره البولندي أندريه دودا في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)

أظهرت تحركات ثنائية وإفادات إقليمية، نشاطاً لافتاً بمساعي القاهرة في ملف أزمة الطاقة الأوروبية، وفيما بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره البولندي أندريه دودا، أمس، «توريد الغاز المسال إلى دول الاتحاد»، قال مسؤولون إسرائيليون، إنه تم تشكيل فريق عمل يجمعهم بالإضافة إلى مصر وأوروبا لإعداد ترتيبات التصدير، وذلك على وقع أزمة الحرب في أوكرانيا والصراع بين روسيا ودول القارة.
وخلال جولة مباحثات ثنائية في القاهرة، أعرب السيسي، أمس، عن تطلع مصر لتعزيز العلاقات الثنائية مع بولندا إلى «آفاق أرحب»، مؤكداً حرص بلاده على الانتقال بهذه العلاقات إلى «مستوى أكثر تميزاً».
بدوره، أوضح الرئيس البولندي، أنه ناقش «إمكانية توريد الغاز المصري المسال»، لافتاً إلى أن «مصر بالنسبة لبلاده هي شريك مستقبلي، وأن بلاده تدعم المفاوضات التي تتم بين مصر والاتحاد الأوروبي من أجل تصدير الغاز المصري إلى دول الاتحاد».
وأشار السيسي إلى أن المباحثات تناولت «الأزمة الروسية - الأوكرانية التي تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي بأسره، وتهدد الأمن الغذائي لمختلف دول العالم»، مضيفاً أن «وجهة النظر المصرية تجاه الأزمة تقوم على تناول السبل كافة المؤدية إلى التهدئة والتوصل لحل سلمي للنزاع، وبذل كافة الجهود من أجل تحقيق ذلك، سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي، وكذلك أهمية إيجاد البدائل والحلول لتجنيب الشعوب الآثار السلبية».
في الملف ذاته، قال دودا، إن بولندا بلاده «تولي أهمية كبيرة للأزمة الأوكرانية، وتأمل أن تنتهي بسلام»، لافتاً إلى أن العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا جاءت من دون أي مبرر، وانتقصت من الحقوق الدولية، ومؤكداً ضرورة «إنهاء هذه الأزمة بشكل سلمي».
وأعرب الرئيس البولندي عن اعتقاده بأن «العقوبات التي تعرضت لها روسيا بسبب عمليتها العسكرية في أوكرانيا يمكن أن يتم إلغاؤها عن طريق المفاوضات»، مؤكداً «ضرورة مشاركة أوكرانيا في هذه المفاوضات، وضرورة قبولها للحلول المطروحة، وأن تكون جزءاً لا يتجزأ من هذه الحلول».
وانعكست الأزمة الروسية - الأوكرانية على سوق الطاقة الأوروبية، فيما كثف مسؤولون باتحاد القارة مساعيهم لشراء الغاز من أسواق بديلة.
في السياق ذاته، أعلنت وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين إلحرار، أمس، أن إسرائيل «بصدد إعداد جولة أخرى من العطاءات للتنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر، وتأمل في التوقيع على اتفاق مبدئي قريباً لتصدير الغاز إلى أوروبا».
وأضافت أنه «تم تشكيل فريق عمل بين إسرائيل ومصر وأوروبا لإعداد ترتيبات التصدير»، معتبرة أن «هناك فرصة حقيقية أمام إسرائيل لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا». وأضافت أنها، لهذا السبب، «أصدرت تعليماتها للوزارة بالاستعداد لجولة جديدة من العطاءات للتنقيب عن الغاز قبالة ساحل إسرائيل على البحر المتوسط، التي من المتوقع أن تبدأ في الربع الثالث من العام». وقالت، «شكلنا مجموعة عمل ثلاثية مع إسرائيل وأوروبا ومصر، وسنوقع، وأرجو أن يكون هذا في المستقبل القريب، على مذكرة تفاهم من شأنها وضع اتفاق إطاري للتصدير». وأوضحت أن «الفكرة حالياً تتمثل في إرسال الغاز إلى مصر عبر شبكة خطوط أنابيب موسعة لتسييل الغاز، ومن ثم شحنها إلى أوروبا»، وقالت إن «الخيارات الأخرى، مثل خط أنابيب (إيست ميد) الذي تم التباحث حوله طويلاً، ويربط حقول الغاز الإسرائيلية مباشرة بأوروبا، مطروحة أيضاً للدراسة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.