إقرار حوثي باستقطاب 73 ألف طفل لمراكز تعبئة فكرية

TT

إقرار حوثي باستقطاب 73 ألف طفل لمراكز تعبئة فكرية

كان عبد الله عمر في زيارة إلى مدينة إب (190 كيلومتراً جنوب صنعاء) للاطمئنان على والده المريض، قبل أن يتلقى اتصالاً من عائلته في العاصمة يفيد بأن نجله الأكبر علاء (15 عاماً) لم يعد إلى المنزل منذ يومين، ولا يُعرف مصيره، قبل أن يكتشف أنه تم خطفه إلى أحد مراكز التعبئة الحوثية التي أقرت الجماعة بأنها استقطبت 73 ألفاً من الفتية وصغار السن إليها، ويسميها اليمنيون مراكز «غسل الأدمغة».
يشير عبد الله الذي يقطن مع عائلته، المكونة من ابنه علاء و3 بنات، أحد الأحياء وسط صنعاء، إلى إصابته بالفاجعة الكبيرة، مؤكداً أنه عقب رحلة بحث قام بها مع بعض أقاربه وصلته معلومات بأن ابنه مع مجموعة من أطفال وشبان الحي تم اختطافهم من قبل مشرفين حوثيين إلى مركز للتعبئة. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه شعر بالصدمة لحظة وصوله مع أولياء أمور آخرين إلى المركز الحوثي المذكور، معبراً عن فرحته بإيجاد ابنه وأسفه بذات الوقت بعد أن أصبح مع عشرات الأطفال والشبان تحت قبضة الجماعة التعبوية والطائفية، التي ستحولهم مستقبلاً إلى مشروعات موت.
حال عبد الله عمر، وهو موظف حكومي، لا يختلف كثيراً عن مئات الآباء الذين فجعوا باختفاء أبنائهم من الأحياء التي يقطنونها في صنعاء وبقية مدن سيطرة الجماعة حيث يقتادهم المشرفون الحوثيون إلى معسكرات التجنيد الصيفية.
وشرعت الجماعة منذ مطلع الشهر الحالي بتنفيذ عملية حشد واسعة لمقاتلين جدد من شريحة الأطفال والشباب المراهقين من طلبة المدارس إلى جبهاتها العسكرية عبر مراكز صيفية تتوزع في عدد من مديريات العاصمة ومدن أخرى تحت سيطرتها.
وتعد تلك المراكز المنطلق الحوثي الأول لإعداد المقاتلين الأطفال والشبان؛ حيث يتعرضون فيها لتعبئة فكرية وطائفية مصحوبة بالحض على الكراهية وتمجيد ثقافة الموت وتبجيل سلالة زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وبحسب ما يقوله قادة الميليشيات، فإنهم يسعون لاستقطاب أكبر عدد من المقاتلين الجدد إلى صفوفهم وإعداد جيل جديد يحمل أفكارهم المتطرفة، إذ يتوقعون أن تستوعب مخيماتهم هذا العام بين 500 - 600 ألف من طلبة المدارس بعموم المدن التي يسيطرون عليها.
ووسط تحذيرات ودعوات واسعة أطلقها أولياء أمور وتربويون يمنيون لمقاطعة معسكرات الجماعة التدميرية، كشف سكان في صنعاء وريفها ومدن إب وذمار وريمة وحجة والحديدة والمحويت عن إقبال ضعيف هذا العام على مخيمات الميليشيات، وأكد بعضهم أن دعوات الاستجداء الحوثية قوبلت ولا تزال برفض واسع من الأهالي، وذلك نتيجة تخوفهم من غسل أدمغة أبنائهم بأفكار طائفية، تمهيداً لتجنيدهم والزجّ بهم للقتال. ورغم هذا الرفض المجتمعي، زعمت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن عدد الطلاب والطالبات المسجلين بمعسكرات الميليشيات بلغ حتى اللحظة في 10 مديريات بالعاصمة صنعاء أزيد من 73 ألف طالب وطالبة.
وبحسب تقرير حديث صادر عما تسمى اللجنة الفرعية للمراكز الحوثية في صنعاء، فقد وصل عدد المدارس التي حوّلها الانقلابيون إلى مراكز لتفخيخ عقول الأطفال والنشء بصنعاء إلى أكثر من 316 معسكراً للطلاب و442 مخيماً للطالبات، بينها 27 معسكراً صيفياً مغلقاً يتم فيها تلقين نحو 5 آلاف طفل الأفكار الحوثية.
وأشار التقرير إلى أن عدد العاملين بتلك المخيمات قدّر بأكثر من 5 آلاف شخص، أغلبهم من معممي الميليشيات المؤدلجين طائفياً ممن تم استقدامهم من صعدة (معقل الميليشيات).
وتصدرت مديرية بني الحارث بقية مديريات العاصمة المحتلة صنعاء من حيث عدد معسكرات الاستقطاب والتجنيد الحوثية بواقع 164 معسكراً، فيما بلغ إجمالي المشاركين فيها، حسب التقرير، أزيد من 22 ألف طفل وطفلة، بعضهم من أبناء قتلى الجماعة في الجبهات.
وأطلقت الميليشيات منذ أكثر من 3 أسابيع ماضية ما يزيد على 10 آلاف برنامج ونشاط فكري وتعبوي، استهدفت خلالها أدمغة وعقول الأطفال في جميع مديريات صنعاء العاصمة.
وسبق للميليشيات أن شرعت مطلع مارس (آذار) الماضي في تنفيذ حملة تجنيد للشبان وصغار السن في أحياء عدة تتبع مديريات الصافية، والسبعين، والوحدة، والثورة، ومعين، والتحرير في العاصمة، لكن مصادر مطلعة تحدثت حينها مع «الشرق الأوسط»، وذكر سكان في العاصمة «أنه رغم تلك التحركات المتواصلة من قبل الجماعة، فإن غالبية اليمنيين باتوا مدركين تماماً خطورة الموقف، ويعدونها مستهدِفة لهم ولأبنائهم من الشبان وصغار السن، من خلال الزج بهم قسراً ليلقوا حتفهم، ثم يعودوا إليهم فيما بعد صوراً وجثثاً هامدة».
وكان مسؤولون في الحكومة اليمنية قد حذروا في أوقات سابقة من تصاعد عمليات التجنيد الإجباري للطلبة والمدنيين من قبل الميليشيات الحوثية في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها.
وطالب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تصريحات سابقة المجتمع الدولي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بالضغط على الميليشيات لوقف تلك العمليات القسرية بحق المدنيين بمن فيهم فئة الأطفال.
وشدد على أن تلك الخطوات تشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين والمواثيق الدولية، داعياً إلى تقديم المسؤولين عنها من قيادات الجماعة للمحاسبة، باعتبارهم «مجرمي حرب».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.