حملة ملاحقات في صنعاء لإجبار لاجئين أفارقة على التجنيد

عنصر أمن حوثي أمام تجمع أعقب محرقة بحق لاجئين أفارقة بصنعاء في مارس 2021 (إ.ب.أ)
عنصر أمن حوثي أمام تجمع أعقب محرقة بحق لاجئين أفارقة بصنعاء في مارس 2021 (إ.ب.أ)
TT
20

حملة ملاحقات في صنعاء لإجبار لاجئين أفارقة على التجنيد

عنصر أمن حوثي أمام تجمع أعقب محرقة بحق لاجئين أفارقة بصنعاء في مارس 2021 (إ.ب.أ)
عنصر أمن حوثي أمام تجمع أعقب محرقة بحق لاجئين أفارقة بصنعاء في مارس 2021 (إ.ب.أ)

عادت الميليشيات الحوثية مجددا إلى شن حملات ملاحقة طالت خلال الأيام الماضية العشرات من اللاجئين الإثيوبيين في مناطق متفرقة من العاصمة صنعاء الخاضعة للجماعة، وفق ما تحدثت به مصادر يمنية وإثيوبية.
تأتي تلك الممارسات بالتزامن مع صدور تحذيرات من مواصلة الانقلابيين تدعيم صفوفهم بمقاتلين أفارقة من خلال تجنيدهم تحت وسائل الضغط والترهيب، خصوصاً بعد أن منيت الجماعة في حملات سابقة بفشل ذريع في تجنيد المزيد من المدنيين.
وفي ظل توالي الاتهامات للميليشيات بتكثيفها حملات المطاردة والاستدراج بحق من تبقى من اللاجئين، تحدثت تقارير إثيوبية عن شروع الجماعة بتنفيذ حملات ملاحقة واعتقال وصفت بـ«الشعواء» في صفوف اللاجئين الأوروميين في صنعاء وضواحيها.
وأوضحت إذاعة مستقبل أوروميا الإثيوبية في بيان لها، أن الجماعة ما تزال تساوم اللاجئين المعتقلين في سجونها بدفع مبلغ 100 ألف ريال يمني (الدولار يساوي 600 ريال) مقابل الإفراج عنهم أو نفيهم خارج مناطق سيطرتها.
وكشفت عن اعتقال الجماعة خلال الأسبوع الماضي نحو 22 لاجئا إثيوبيا أثناء قدومهم من مدينة ذمار إلى صنعاء، لافتة إلى أن الميليشيات فرضت على كل فرد منهم دفع مبلغ 100 ألف ريال مقابل الإفراج عنه.
وأوردت الإذاعة الإثيوبية أسماء بعض المعتقلين وهم: جعفر أدم ، ومسعود مصباح أحمد ، وعباس جمال سعود، وكمال أمين حسن، إضافة إلى عدد آخر قالت إنها لم تتمكن من حصر أسمائهم.
في سياق ذلك ، كشفت المصادر في صنعاء عن أن الميليشيات طرحت على اللاجئين المعتقلين حديثا الالتحاق بصفوفها، وتحدثت عن وجود حالة من الاستياء والغضب في أوساط اللاجئين نتيجة عودة التصعيد الحوثي وجرائم الابتزاز الممارس بحقهم.
وفي تعليق لها، طالبت رئيسة المنظمة الأورومية لحقوق الإنسان المحامية عرفات جبريل بكري في بيان لها الميليشيات الحوثية باحترام القوانين الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين الإثيوبيين في الجمهورية اليمنية.
وكانت الناشطة الاثيوبية كشفت عن ارتفاع أعداد جرحى اللاجئين والمهاجرين الإثيوبيين المقاتلين مع الحوثيين. وبينت عبر سلسلة تغريدات سابقة لها في «تويتر»، أن الميليشيات نقلت قبل أشهر ماضية العشرات من اللاجئين الجرحى من جبهاتها إلى عدة مستشفيات في صنعاء، وسط تحفظ وتعتيم كبير.
وكان ناشطون حقوقيون يمنيون اتهموا الجماعة في أوقات سابقة باستخدام مبنى الإدارة العامة للجوازات في صنعاء العاصمة كسجن للأفارقة واللاجئين ومركز استدراج واستقطاب لهم.
وأكد بعض الناشطين أن الميليشيات أجرت حينها مفاوضات مع أعداد كبيرة من اللاجئين الذين نجحت باستدراجهم أو اختطافهم إلى ذلك المبنى للقبول بالانخرط كمقاتلين في صفوفها مقابل منحهم الجنسية اليمنية وإطلاق سراحهم.
وسبق للميليشيات أن شنت على مدى الأعوام الماضية حملات تجنيد إجبارية في أوساط اللاجئين بالمناطق تحت سيطرتها، تمثل أخيرها باستهداف الجماعة للأطفال والشبان الأفارقة في صنعاء عبر حملة تحت شعار: «انفروا خفاقاً وثقالاً».
وعينت الجماعة حينها مشرفين على عمليات التجنيد ممن لديهم خبرات باللاجئين الأفارقة، بهدف إتمام مهمة الحشد والتعبئة وفرز وتصنيف المجندين وفق خبراتهم في حمل السلاح.
وكانت منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة، أعلنت قبل أيام أنها تسعى للمساعدة في إجلاء ما لا يقل عن 6750 مهاجراً إثيوبياً من اليمن إلى بلادهم خلال الأشهر المقبلة، وناشدت التبرع بـ7.5 ملايين دولار للمساعدة في إعادتهم إلى الوطن.
وأضافت المنظمة أنها نقلت أكثر من 600 مهاجر، من بينهم 60 طفلاً غير مصحوبين بذويهم، إلى إثيوبيا على متن ثلاث رحلات جوية خلال هذا العام، وأنه يجرى التخطيط لتنظيم مزيد من الرحلات الجوية بين مدينة عدن، والعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وقالت رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، كريستا روتنشتاينر: «المهاجرون الذين يمرون عبر اليمن، أو تقطعت بهم السبل في اليمن، هم أكثر المتضررين من تدهور الوضع الإنساني في البلاد».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.