الحكومة الإيرانية تتمسك بالتعديلات الاقتصادية وتحذيرات من تعمق الأزمة

إيرانية تتحقق من سعر زيت الطهي في متجر مع موجة جديدة من الغلاء في طهران  17 مايو الجاري (رويترز)
إيرانية تتحقق من سعر زيت الطهي في متجر مع موجة جديدة من الغلاء في طهران 17 مايو الجاري (رويترز)
TT

الحكومة الإيرانية تتمسك بالتعديلات الاقتصادية وتحذيرات من تعمق الأزمة

إيرانية تتحقق من سعر زيت الطهي في متجر مع موجة جديدة من الغلاء في طهران  17 مايو الجاري (رويترز)
إيرانية تتحقق من سعر زيت الطهي في متجر مع موجة جديدة من الغلاء في طهران 17 مايو الجاري (رويترز)

تمسك الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بالمضي قدماً في تعديلات جذرية في نظام الدعم الحكومي للسلع الاستهلاكية الأساسية، ما أدى إلى موجة جديدة من الاحتجاجات المعيشية، إثر قفزة في أسعار المواد الغذائية.
وعزا رئيسي مرة أخرى نهج الحكومة في الملف الاقتصادي إلى محاربة الفساد. وقال في مؤتمر عن «الخصخصة» إن من المقرر «اتخاذ قرارات صعبة» على مستوى البلاد. وأضاف: «ربما البعض لا يوافق على هذا الأمر، لكن لا عيب في إلقاء نظرة انتقادية إلى الأعمال وستدلنا إلى أفق واضح يواجه اقتصادنا».
وقال رئيسي: «جئنا للحكومة لكي نصلح حاضنا في اقتصاد، لكي لا تكون هناك قضايا تتطلب متابعة القضاء».
واتخذت الحكومة خطوات عملية بداية الشهر الحالي، للعمل بخطة خفض الدعم المخصص للسلع الغذائية، في سياق ما يوصف بـ«الدولار الحكومي»، وذلك وفقاً لخطة الموازنة العامة التي أقر البرلمان الإيراني خطوطها العريضة في يناير (كانون الثاني) الماضي، رغم تحذيرات الخبراء من تداعياتها السلبية على التضخم الذي تقول الحكومة إنه يصل إلى نحو 40 في المائة، فيما تشير تقديرات أخرى إلى أكثر من 50 في المائة.
وبدأت الحكومة خطة التخلي عن دعم الدولار المخصص للسلع الغذائية، بوقفه القمح، ما رفع سعر الطحين (الدقيق)، ووصل سعر الخبز إلى عشرة أضعاف، قبل أن تعلن وزارة الداخلية الإيرانية رسمياً رفع أسعار الألبان وزيت الطهي والبيض والدجاج.
وتناوبت مدن في أنحاء البلاد، منذ 6 مايو (أيار) الحالي، على الاحتجاج ضد ارتفاع الأسعار. وبموازاتها، نشرت السلطات عدداً كبيراً من قوات الشرطة وقوات «الباسيج» التابعة لـ«الحرس الثوري»، لإخماد الاحتجاجات قبل توسع نطاقها في المناطق التي تشهد نزول الإيرانيين إلى الشارع.
وذكرت وكالة «هرانا» المعنية بحقوق الإنسان في إيران أن 10 من أصل 31 محافظة إيرانية، شهدت 35 تجمعاً احتجاجياً في غضون الأسبوعين الماضيين، مشيرة إلى اعتقال 449 محتجاً في محافظة الأحواز ذات الأغلبية العربية، في جنوب البلاد.
وبحسب تسجيلات فيديو، سقط حتى الآن ما لا يقل عن ستة قتلى. ولم تقدم السلطات الإيرانية أي إحصائية للمعتقلين والقتلى حتى الآن. وخلال الأيام الماضية، أظهرت تسجيلات فيديو أن السلطات استخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي ضد المتظاهرين.
واعترفت الحكومة، الأسبوع الماضي، بخروج احتجاجات لكنها وصفتها بأنها تجمعات صغيرة، وقالت السلطات إن الاضطرابات الجديدة «أثارها أعداء أجانب»، في تكرار لأوصاف استخدمتها السلطات الإيرانية للاحتجاجات والتجمعات ضد تدهور الوضع المعيشي خلال السنوات الخمس الماضية. وأفادت وسائل إعلام رسمية، الأسبوع الماضي، باعتقال «عشرات المشاغبين والمحرضين»، بحسب «رويترز». ونظم معلمون احتجاجات في جميع أنحاء إيران في الآونة الأخيرة للمطالبة برفع الرواتب وتحسين ظروف العمل. وتم اعتقال العشرات.
وسرعان ما اكتسبت الاحتجاجات منحى سياسياً، إذ دعت الحشود إلى نهاية المؤسسة الحاكمة، على غرار الاحتجاجات العامة في 2017 و2019 وانطلقت شرارة الأخيرة بسبب ارتفاع مفاجئ لأسعار الوقود.
ويقول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بإيران إن خدمات الإنترنت معطلة منذ الأسبوع الماضي، وهو ما يُنظر إليه على أنه محاولة من قبل السلطات لوقف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم التجمعات ونشر مقاطع مصورة. ونفى المسؤولون الإيرانيون حدوث أي انقطاع في الإنترنت.
ودافعت قوات «الحرس الثوري» عن إجراءات الحكومة. ووصف قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، تلك الإجراءات بأنها «جراحة اقتصادية»، وعرض مساعدة قوات «الباسيج» الذراع التعبوية لـ«الحرس الثوري» لتنفيذ خطة الحكومة. وعاد سلامي للتعليق، الجمعة، على التطورات في إيران، وقال: «يعتقد الأعداء خطأ أن الشعب الإيراني سيستجيب... للشائعات التي ينشرونها والأكاذيب التي يقولونها».
ونشر ناشطون، أواسط الأسبوع الجاري، صوراً من منشورات لقوات «الباسيج» تدعو إلى تنظيم تجمعات «موازية» في تأييد للحكومة، ضد الاحتجاجات الشعبية. وبالفعل خرجت أول من أمس، وعرض التلفزيون الرسمي مسيرات مؤيدة للحكومة، وهم يهتفون «الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل»، في عدد من المدن التي شهدت احتجاجات حاشدة.
وحذرت رابطة علماء الاجتماع في إيران من تعمق الأزمة الحالية. وقالت، في بيان تناقلته مواقع محلية أمس، إن «الإصرار على الأساليب المجربة والمكلفة وغير الفاعلة، توسع وتعمق نطاق الاحتجاجات». ويحتج البيان على اعتقال الأستاذ الجامعي في علم الاجتماع سعيد مدني، وهو أحد الباحثين المختصين في دراسة «الحركات الاجتماعية» في البلاد.
وبحسب أرقام رسمية، يعيش زهاء نصف سكان إيران، البالغ عددهم 85 مليون نسمة، تحت خط الفقر. وفاقمت العقوبات الأميركية، إلى جانب ارتفاع التضخم والبطالة وتراجع العملة الوطنية والفساد الحكومي، الوضع الاقتصادي المتردي.
وسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، واشنطن عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى كبرى، وأعاد فرض العقوبات على طهران. وتعثرت المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران منذ مارس (آذار).


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

إسرائيل تبلغ واشنطن بتوفر «فرصة» لاستعادة الرهائن من غزة

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تبلغ واشنطن بتوفر «فرصة» لاستعادة الرهائن من غزة

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس لنظيره الأميركي لويد أوستن، اليوم (الأربعاء)، أن ثمة «فرصة حالياً» للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين ممن تم احتجازهم في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال كاتس لأوستن خلال مكالمة هاتفية: «ثمة فرصة حالياً للتوصل إلى اتفاق جديد». وأضاف، وفق بيان صادر عن مكتبه: «نأمل في إطلاق سراح جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

توسَّطت الولايات المتحدة، إلى جانب مصر وقطر، من دون جدوى، للتوصُّل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل وحركة «حماس»، منذ أكثر من عام.

احتجزت الفصائل الفلسطينية 251 رهينة خلال هجوم 7 أكتوبر 2023 ما زال منهم 96 في غزة، بينهم 34 أكد الجيش الإسرائيلي أنهم قضوا في الأسر.

في الأيام الأخيرة، صدرت إشارات إلى احتمال إحياء المفاوضات وتحقيق اختراق؛ فقد صرَّح مصدر مقرَّب من «حماس» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين، أن الحركة أبلغت رئيس المخابرات المصرية عن «جهود لجمع معلومات عن الأسرى الإسرائيليين؛ خصوصاً الأحياء».

وأوضح أن «(حماس) تُعِدّ قائمة بأسماء الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة، ومن بينهم عدد من الأسرى مزدوجي الجنسية الإسرائيلية والأميركية».

وقال: «في حال وافقت إسرائيل على الاقتراح المصري (بشأن تبادل الأسرى). أعتقد أن صفقة التبادل ستصبح جاهزة للتنفيذ».

وأوضحت الدوحة، من جانبها، السبت، أن انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة أحدث «زخماً» جديداً للمفاوضات.

وفي الوقت نفسه، قال مصدر مقرب من وفد «حماس» إن تركيا، وكذلك مصر وقطر، تبذل جهوداً حثيثة لوقف الحرب، وإنه يمكن أن تبدأ جولة جديدة من المحادثات قريباً.

ولمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أيضاً إلى تقدُّم محتمل، قائلاً لأسر الرهائن إن النجاحات العسكرية الإسرائيلية ضد «حزب الله» و«حماس» من شأنها أن تسهل المفاوضات لإطلاق سراحهم.

دعا متظاهرون، ومن بينهم أهالي الرهائن، باستمرار، إلى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراحهم، واتهموا نتنياهو بإطالة أمد الحرب لأغراض سياسية.

أسفر هجوم «حماس» عن مقتل 1208 أشخاص، وفقاً لإحصاء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، استناداً إلى أرقام إسرائيلية.

وأسفرت الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل في غزة، رداً على هجوم «حماس»، عن مقتل 44 ألفاً و805 أشخاص، على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، وفقاً لأرقام وزارة الصحة في القطاع الذي تديره «حماس»، التي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

وما زال 7 أفراد يحملون الجنسية الأميركية في غزة، وقد تأكد مقتل 4 منهم. وفي الأسبوع الماضي، أبلغ الجيش الإسرائيلي عائلة الجندي الأميركي الإسرائيلي، أومر نيوترا، أنه قُتل يوم الهجوم، وأن جثته في غزة.