وسط التفشي النادر... ما هو مرض جدري القرود؟ وهل من داعٍ للقلق؟

رجل مصاب بجدري القرود يُظهر يديه في الكونغو الديمقراطية (رويترز)
رجل مصاب بجدري القرود يُظهر يديه في الكونغو الديمقراطية (رويترز)
TT

وسط التفشي النادر... ما هو مرض جدري القرود؟ وهل من داعٍ للقلق؟

رجل مصاب بجدري القرود يُظهر يديه في الكونغو الديمقراطية (رويترز)
رجل مصاب بجدري القرود يُظهر يديه في الكونغو الديمقراطية (رويترز)

تشهد بلدان عدة مثل المملكة المتحدة والبرتغال وإسبانيا تفشياً لمرض جدري القرود؛ كما تم الإبلاغ عن حالات في كندا والولايات المتحدة.
لكن مسؤولي الصحة ليس لديهم سوى القليل من الأدلة حول كيفية إصابة الأشخاص بهذا الفيروس. وهناك قلق من أن جدري القرود قد ينتشر عبر المجتمع - دون أن يتم اكتشافه - وربما من خلال طرق جديدة، وفقاً لموقع «إن بي آر» الأميركي.
وقالت عالمة الأوبئة سوزان هوبكنز، كبيرة المستشارين الطبيين لوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، في بيان، يوم الاثنين، «هذا التفشي نادر وغير معتاد».
وأوضحت الوكالة في البيان: «أين وكيف أصيب الناس بالعدوى لا يزالان قيد التحقيق العاجل».
قد يسبب جدري القرود أعراضاً قاسية، بما في ذلك الحمى وآلام الجسم وتضخم الغدد الليمفاوية، وفي النهاية «الجدري»، أو بثور مؤلمة مليئة بالسوائل على الوجه واليدين والقدمين. نسخة واحدة من جدري القرود تُعد قاتلة للغاية - تتسبب في وفاة ما يصل إلى 10 في المائة من المصابين.
https://twitter.com/CDCgov/status/1527272480968257536?s=20&t=fVCeK7lsa25R-pOo5xu1bA
* أولاً، هل يأتي المرض من القرود؟
يتحدث خبيران في جدري القرود آن ريموين من جامعة كاليفورنيا، وجاي هوبر من معهد البحوث الطبية التابع للجيش الأميركي للأمراض المعدية، عن الفيروس في ضوء الحالات الحالية.
ومن الجدير ذكره أن هذا المرض لا يأتي من القردة.
تقول ريموين: «الاسم في الواقع يرتبط بتسمية خاطئة إلى حد ما... ربما ينبغي أن يُطلق عليه (جدري القوارض) بدلاً من ذلك».
جاء اسم «جدري القرود» من أولى الحالات الموثقة للمرض، في عام 1958، عندما حدث تفشٍ في مستعمرات من القرود التي تم الاحتفاظ بها لإجراء الأبحاث، حسبما ذكرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها على موقعها على الإنترنت.
لكن القردة ليست ناقلة رئيسية للفيروس. بدلاً من ذلك، من المحتمل أن ينتقل المرض في السناجب أو الجرذان أو أي قوارض أخرى.

* كيف ينتقل الفيروس؟
في المقام الأول، ينتقل الفيروس من عضة حيوان أو خدش أو ملامسة السوائل الجسدية للحيوان. ثم يمكن أن ينتشر الفيروس إلى أشخاص آخرين من خلال السعال والعطس أو أي احتكاك جسدي.
وتتشابه الآفات الناتجة عن جدري القرود مع تلك الناتجة عن الإصابة بالجدري.
يقول هوبر: «لكن المرض لا ينتشر بشكل كبير بين الناس... معدل الإصابة به أقل بكثير من ذلك المرتبط بالجدري». في كثير من الحالات، لا ينقل الأشخاص الفيروس إلى أي إنسان آخر.
حتى تفشي المرض الحالي، كان الشخص المصاب بجدري القرود ينشر الفيروس بين صفر وشخص واحد في المتوسط. لذا فإن جميع حالات التفشي السابقة (حتى الآن) أحرقت نفسها بسرعة.
يقول موقع منظمة الصحة العالمية على الإنترنت، «لا يوجد دليل، حتى الآن، على أن انتقال العدوى من شخص لآخر وحده يمكن أن يحافظ على عدوى جدري القردة بين البشر».
لا يعرف العلماء حتى الآن ما إذا كان معدل انتقال العدوى قد زاد في هذه الفاشية الحالية. إذا كان هناك انتقال محسن، فقد يكون هذا أحد أسباب انتشار المرض حالياً عبر المجتمعات في أكثر من بلد.

* هل يُعد الفيروس جديداً؟
الجواب هو لا. من المحتمل أن الفيروس كان يصيب الناس لعدة قرون، حتى آلاف السنين، كما تقول ريموين. لكن لفترة طويلة، غاب الأطباء عن الحالات.
يرتبط جدري القرود ارتباطاً وثيقاً بالجدري الأكثر شهرة. توضح ريموين: «لا يمكن تمييزهما سريرياً... لذلك، لعدة قرون، من المحتمل أن الأطباء يخلطون بين جدري القرود والجدري الأخرى» الأكثر شيوعاً.
هناك عدة فيروسات أخرى مرتبطة بالجدري، بما في ذلك جدري البقر وجدري الإبل. تقول ريموين: «سأكون قلقة بشأن جدري الإبل أكثر من جدري القرود».

* هل يمثل المرض بالفعل تهديداً متزايداً؟
تشير ريموين إلى أن الفيروس يشكل قلقاً بسيطاً حتى الآن.
في عام 2010، ذكرت ريموين وزملاؤها أن جدري القرود قد زاد بمقدار 14 ضعفاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ الثمانينات. ارتفع معدل الإصابة من أقل من حالة واحدة لكل 10 آلاف شخص إلى حوالي 14 حالة لكل 10 آلاف شخص.
وسبب هذا النتوء مثير للسخرية: التخلص من مرض الجدري.
في الواقع، يعمل لقاح الجدري جيداً لحماية الناس من جدري القرود - ويعد فعالاً بنسبة 85 في المائة (رغم أن لقاح الجدري لديه بعض المخاوف المتعلقة بالسلامة، لأنه فيروس حي، ويمكن أن يسبب عدوى مميتة في الأشخاص الذين يعانون من ضعف شديد في جهاز المناعة).
ولكن بعد أن قضى العالم على الجدري، توقفت البلدان عن تطعيم الأطفال. يؤكد هوبر أنه بالنسبة لأولئك الذين تم تطعيمهم قبل سنوات، من المحتمل أن تكون الحماية قد تضاءلت بمرور الوقت.
https://twitter.com/WHO/status/1513088494905839619?s=20&t=r6yboLfxlbrh5vN79szpMw
* هل يمكن أن يصبح الفيروس أكثر قابلية للانتقال - ويشكل تهديداً عالمياً؟
يقول هوبر: «نعم... في كل مرة يحدث فيها تفشٍ - وكلما زاد عدد المصابين - زادت فرص تكيف جدري القرود مع الناس».
بمعنى آخر، كلما زاد الوقت الذي يقضيه الفيروس داخل البشر، كلما تمكن من التطور - يمكنه معرفة كيفية الانتشار بسرعة أكبر بين الناس.
لذلك يراقب العلماء عن كثب الفيروس والأوبئة التي تحدث - خصوصاً إذا بدا أن الفيروس يغير مسار انتقاله، كما يحدث في الفاشية الحالية.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
TT

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

قال موقع «بولتيكو» إن كبار المسؤولين الأوروبيين المجتمعين في هاليفاكس للأمن الدولي قلقون بشأن الأشخاص في الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ورؤيتهم لعلاقات واشنطن بالعالم.

وذكر أن المنتدى يجتمع به وزراء الخارجية والدفاع والمشرعون ومسؤولو حلف شمال الأطلسي (الناتو) لمناقشة قضايا الأمن العالمي، وطرح أحد كبار الدبلوماسيين من دولة عضو في «الناتو» سؤالاً: «ماركو روبيو وزير الخارجية، ولكن هل سيستمع إيلون ماسك إلى ترمب بشأن أوكرانيا؟ هل سيكون لمايك والتز أو دونالد جونيور أو تاكر كارلسون الكلمة الأخيرة بشأن سياسة حلف شمال الأطلسي؟ نحن منشغلون بهذه الأسئلة، وبصراحة هي مرهقة بالفعل ولكن لا يمكننا تجاهل ذلك؛ فهو لا يزال مهماً».

تم منح الدبلوماسي، مثل الآخرين في هذه القصة، عدم الكشف عن هويته لمناقشة آرائه بصراحة.

ولفت إلى أنه في الوقت الذي كان فيه الحاضرون يجلسون لتناول العشاء، ليلة الجمعة، بعد يوم من المناقشات حول مستقبل الديمقراطية وما هي السياسات التي يمكن توقُّعها من الرئيس المنتخب، كان ترمب في جنوب فلوريدا يعلن عن مزيد من الترشيحات بسرعة البرق؛ حيث عين أشخاصاً لـ7 مناصب في أقل من 90 دقيقة، وكان من بين هؤلاء أليكس وونغ نائب مستشار الأمن القومي وسيباستيان جوركا لمنصب مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض.

ترمب ونجله دونالد جونيور (أ.ف.ب)

وقال جيم تاونسند، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في عهد إدارة باراك أوباما، ويعمل الآن في مركز أبحاث الأمن الأميركي الجديد: «نحن مثل خبراء الكرملين الآن».

وكان يشير إلى كيف درس المسؤولون الغربيون من كثب قطع المعلومات القادمة من الاتحاد السوفياتي الخاضع لسيطرة مشددة في عصر الحرب الباردة، محاولين التكهن بمن كان له نفوذ داخل الكرملين بناءً على صور من وقف بجانب من في العروض العسكرية.

وقال تاونسند عن ترمب: «نحن نقرأ من يلعب الغولف معه ومن لم يعد كذلك»، وأضاف ضاحكاً: «يبدو الأمر سخيفًا أن تكون في موقف خبير في شؤون الكرملين بينما نحاول معرفة بلدنا».

ويؤكد النقاش على القلق المتنامي تحت السطح بشأن ما تعنيه عودة ترمب إلى البيت الأبيض لحلفاء الولايات المتحدة وسط غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، والحرب في الشرق الأوسط والتعاون المتزايد بين الخصوم الغربيين مثل روسيا والصين وإيران، كما يعكس كيف يخطط المسؤولون الأجانب لإحراز تقدم مع كل من فريق ترمب الرسمي - أعضاء حكومته ومجلس الأمن القومي - ومجموعة المستشارين غير الرسميين، مثل إيلون ماسك.

وتحدث كثير من الحاضرين في المنتدى بشكل خاص عن النفوذ المحتمل لماسك في مجال السياسة الخارجية نظراً لمصالحه التجارية في جميع أنحاء العالم، وعن مدى اعتماد بعض البلدان بالفعل على تقنية أقمار ستارلينك الاصطناعية لأغراض أمنية.

وخلال حلقة نقاش حول أمن القطب الشمالي، أقر وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي بأن ستارلينك «جزء» من شبكة أقمار بلاده الاصطناعية «ما دام إيلون ماسك سعيداً، على ما أعتقد».

ومع ذلك، حظي اختيار ترمب وزيراً للخارجية ومستشاراً للأمن القومي، بقبول جيد إلى حد كبير، ولكن هناك مخاوف بشأن تأثير الشخصيات الأكثر انعزالية، بمن في ذلك نائب الرئيس جيه. دي. فانس، وسيباستيان جوركا، الذي أعلن ترمب، ليلة الجمعة، أنه سيشغل منصباً كبيراً في مجلس الأمن القومي.

وقال أحد كبار المسؤولين السابقين في إدارة ترمب: «الفريق غير الرسمي هو الذي يهم قد يتغير هذا بمجرد أن يستقر ترمب في منصبه في واشنطن، ولكن في الوقت الحالي، يعد دون جونيور أكثر أهمية من ماركو روبيو».

وتكهن أحد المسؤولين الأوروبيين، متذكراً معدل تغيير الموظفين المرتفع في ولاية ترمب الأولى، مع زملائه حول المدة التي قد يستمر فيها روبيو وتوقع المسؤول 8 أشهر.

ويقول كثير من المسؤولين الأوروبيين إنه على عكس عام 2016، فإنهم مستعدون للتعامل مع فريق ترمب - بشرط أن يتمكنوا من معرفة لديه أكبر نفوذ.