جدل واسع في تونس إثر إعفاء أكثر من 40 مسؤولاً حكومياً

مصادر ترجح إجراء الرئيس تعديلاً مرتقباً على تركيبة الحكومة

جانب من مظاهرات التونسيين المطالبة بالتنمية والتشغيل (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات التونسيين المطالبة بالتنمية والتشغيل (أ.ف.ب)
TT

جدل واسع في تونس إثر إعفاء أكثر من 40 مسؤولاً حكومياً

جانب من مظاهرات التونسيين المطالبة بالتنمية والتشغيل (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات التونسيين المطالبة بالتنمية والتشغيل (أ.ف.ب)

خلف إعفاء أكثر من 40 مسؤولاً في الحكومة التونسية، وقبول استقالة الكثير منهم، جدلاً سياسياً واسعاً داخل الأوساط السياسية التونسية، خصوصاً أن هذه الإعفاءات تأتي قبل نحو شهرين من موعد إجراء الاستفتاء الشعبي، واقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية، وإمكانية فوز أحد الأحزاب السياسية المعارضة، على غرار الحزب الدستوري الحر، ومطالبته بترؤس الحكومة المقبلة.
فبعد الاستغناء عن عدد من القيادات الأمنية، وإحالة بعضهم على التقاعد، وطلب إعفاء بعض الولاة دون تقديم أسباب واضحة، جاء الدور على المعتمدين (ممثلو الحكومة على المستوى المحلي)، حيث تم الاستغناء عن العشرات منهم دون تقديم أسباب أو تبريرات مقنعة، وهو ما اعتبره عدد من الأحزاب السياسية المعارضة «محاولة للسيطرة على الجهات» قبل فترة قصيرة من المواعيد الانتخابية المرتقبة.
وتبعاً لذلك، فقد اتخذت وزارة الداخلية مجموعة من القرارات الهادفة إلى نقل أو إقالة أو قبول استقالة عشرات المعتمدين من قبل وزير الداخلية توفيق شرف الدين، المعروف بقربه من رئيس الجمهورية، وإحدى أذرع مشروعه السياسي حتى قبل فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت سنة 2019.
وفي هذا الشأن، اعتبرت كريمة الماجري، المحللة السياسية التونسية، أن عدداً من الأحزاب السياسية «كانت في السابق ترضي مسانديها ومناضليها بمنحهم بعض المناصب الحكومية، حتى يشكلوا أرضية ملائمة للتعبئة والحشد لمشاريعهم، والإعداد للمواسم الانتخابية. وبسحب البساط من تحت أقدام تلك الأحزاب، وتغيير خارطة المسؤولين الحكوميين، تكون السلطة القائمة قد أحكمت قبضتها على الجهات بعد عزل بعض من عُرفوا بولائهم أو انتمائهم للأحزاب، حتى وإن كانت بعض الولايات (المحافظات) لا تزال منذ أشهر وإلى اليوم دون ممثلين للسلطة المركزية».
في سياق ذلك، وفي إطار برنامج التطوير والإصلاح الذي انطلقت فيه وزارة العدل، وتحسين الخدمات لكل من الأسرة القضائية الموسعة والمتقاضين، قررت وزيرة العدل إجراء تعديلات على رأس عدد من الإدارات الجهوية للعدل، شملت 11 إدارة جهوية من جملة 14 إدارة، سواء بتعيينات جديدة أو في إطار التنقيل.
من جهة ثانية، التقى الرئيس التونسي قيس سعيد، فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في ظل خلافات داخل الهيئة الانتخابية الجديدة، بعد صدور تصريحات حول اجتماع بوعسكر لوحده بوزير الداخلية، دون إعلام بقية أعضاء الهيئة الذين عبروا عن احتجاجهم على طريقة إدارة الهيئة الانتخابية، وسياسة حجب الكثير من المعلومات والمعطيات عن أعضائها. وقال الرئيس سعيد إنه سيعمل من أجل أن يتمّ الاستفتاء المقرّر بتاريخ 25 يوليو (تموز) المقبل في أحسن الظروف، وتذليل جميع العقبات في سبيل تحقيق هذا الهدف. وشكّل اللقاء «فرصة لمناقشة بعض الصعوبات، التي يتم العمل على تذليلها حتى يعبّر الشعب التونسي صاحب السيادة عن إرادته»، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية التونسية.
في غضون ذلك، رجحت عدة مصادر إعلامية تونسية أن يجري الرئيس سعيد تعديلاً مرتقباً على تركيبة الحكومة، وسيكون الموعد قبل شهر يونيو (حزيران) المقبل على أقصى تقدير، وذلك بسبب «عدم رضاه عن أداء حكومة نجلاء بودن وعدد من وزرائها»، بحسب مراقبين للمشهد السياسي التونسي.
وكان الرئيس التونسي قد نفى، قبل أيام، ما صرح به غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي المعارض، حول محاولة رئيسة الحكومة وعدد من أعضائها التقدم باستقالاتهم لعدم اقتناعهم بأدائها.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.