الصحافة الرياضية أصبحت أقل تحيزاً ضد المرأة... لكن الطريق ما زالت طويلة

سيدات تشيلسي الفائزات بكأس إنجلترا الأحد الماضي (إ.ب.أ)
سيدات تشيلسي الفائزات بكأس إنجلترا الأحد الماضي (إ.ب.أ)
TT

الصحافة الرياضية أصبحت أقل تحيزاً ضد المرأة... لكن الطريق ما زالت طويلة

سيدات تشيلسي الفائزات بكأس إنجلترا الأحد الماضي (إ.ب.أ)
سيدات تشيلسي الفائزات بكأس إنجلترا الأحد الماضي (إ.ب.أ)

في خضم فصل الشتاء بأسكوتلندا العام الماضي، تجمعت مجموعة من الصحافيات - بمن فيهم أنا - أمام أجهزة الكومبيوتر المحمولة الخاصة بنا لمناقشة خططنا السنوية لتوجيه وإرشاد المواهب النسائية الصاعدة. ولمعالجة المشكلة المتمثلة في أن عدداً قليلاً جداً من الكاتبات المختصات في الشؤون الرياضية تقدمن بطلبات من قبل للانضمام إلى هذا البرنامج، فقد قررنا حجز 5 أماكن لهن، لكننا واجهنا مشكلة، وهي أنه كان من المستحيل العثور على عدد كافٍ من الصحافيات لملء الأماكن الشاغرة.
وأمضت منظمتنا، التي تحمل اسم «النساء في الصحافة في أسكوتلندا»، والتي تعمل من أجل المساواة في هذا المجال، الأشهر القليلة التالية في إجراء تحقيقات بشأن ما كنا نعتقد أنها مشكلة في التنوع. واكتشفنا أن 3 فقط من بين 95 كاتباً في وسائل الإعلام الرياضية الأسكوتلندية المطبوعة، من النساء. ثم وجدنا أنفسنا منشغلين بسؤالين: ما المشكلات والصعوبات التي تواجه الصحافيات في هذه الصناعة؟ وما الذي يمكننا القيام به لحل هذه المشكلات؟ وكان الجواب هو العمل مع اثنتين من طالبات أبحاث دراسات النوع الاجتماعي في جامعة ستراثكلايد، اللتين أجرتا مقابلات مع العدد القليل من الصحافيات اللاتي يعملن في وسائل الإعلام الرياضية المطبوعة، وفي وظائف حرة. ومن المهم التفريق بين وسائل الإعلام المطبوعة من جهة؛ ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة من جهة أخرى، نظراً إلى أن تمثيل النساء اللاتي يغطين الشؤون الرياضية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة أفضل بكثير.
وفي الأسبوع نفسه الذي نُشر فيه تقرير هؤلاء الطالبات، نظم «الاتحاد الأسكوتلندي لكتاب كرة القدم» جوائزه السنوية. واحتفل هذا العام لأول مرة بإنجازات النساء في الرياضة، لكنني كنت واحدة من الضيوف الذين انسحبوا احتجاجاً على التعليقات التمييزية التي أدلى بها المتحدث باسم الاتحاد، بيل كوبلاند، بعد العشاء. وأدت تغريدة نشرتها تضامناً مع المذيعة إيليده باربور، التي انسحبت أيضاً، إلى جذب انتباه الصحافة. وفي تطور آخر، كانت هانا نيكول وروان كلارك، وهما من طالبات الماجستير في دورة الدراسات الجنسانية التطبيقية بالجامعة، تنتظران لتقديم بحثيهما في المساء بعد العشاء. وكان الخطاب الذي ألقاه كوبلاند بمثابة مثال واقعي على النتائج التي توصلا إليها، ويثبت أنه لا تزال أمامنا طريق طويلة يجب علينا أن نقطعها قبل القضاء على التمييز على أساس الجنس.
وقالت الصحافيات اللاتي شملهن الاستطلاع إنهن عانين من سوء المعاملة الكارهة للمرأة على أيدي مشجعي كرة القدم، وأكدن على أنهن يتقاضين أجوراً أقل من نظرائهن من الرجال (تشير بيانات من حكومة المملكة المتحدة إلى أن فجوة الأجور بين الجنسين في الصحف تتراوح بين 5 في المائة و21 في المائة). لقد تعرضن لتصريحات متحيزة جنسياً في غرف التحرير وشعرن بالتجاهل فيما يتعلق بالترقية في وظائفهن.
ومع ذلك، كانت هناك أخبار جيدة، حيث قال أحد المشاركين إن هذا القطاع «قطع شوطاً طويلاً» في العقود القليلة الماضية. وقالت كثير من الصحافيات إنهن يعتقدن أن جنسهن قد أتاح لهن فرصاً؛ مثل انفتاح الذكور الذين أجرين معهم المقابلات على الحديث معهن بشكل أكبر. كما أدى تطور الرياضة النسائية إلى فتح مزيد من الفرص أمام الصحافيات، حيث أشارت تقارير إلى أن محرري الشؤون الرياضية من الذكور قد تفاعلوا بشكل إيجابي مع الاقتراحات بأن البطولات النسائية يجب أن تغطَى من قبل صحافيات وليس صحافيين.
وخلال عشاء «كتاب كرة القدم»، رأيت التأثير الكبير لهذه التحالفات، فعندما وقفت وغادرت الغرفة تبعني عدد من الصحافيين الذكور الذين كانوا يجلسون على الطاولة نفسها تضامناً معي. في الحقيقة، من الصعب أن أجد الكلمات المناسبة لوصف كيف كان وجودهم بجانبي مؤثراً. وفي الأيام التالية، أدليت بتصريحات صحافية إلى عشرات المراسلين - معظمهم من الذكور - ممن قاموا بتغطية القصة، والذين أعربوا جميعاً عن خيبة أملهم واشمئزازهم مما حدث. لقد قررت التركيز على هذه التجارب الإيجابية، بدلاً من النظر إلى ردود الرجال على تغريدتي، والتي تقول إن التصريحات التي استفزتني كانت مزحة وإنني لم أتقبلها، أو إنني لم أنسحب بالفعل اعتراضاً على تلك التصريحات، أو إنه لا توجد مشكلة في أن يقول المرء مزحة متحيزة جنسياً، أو إنه لن يصدقني أحد لأنني لم أذكر اسم المتحدث أو أصف الصياغة الدقيقة للتصريحات التي قالها.
ولهذا السبب بالتحديد لم أركز على تلك التجربة السلبية؛ لأن الأمر لا يتعلق بدلالات الألفاظ أو الشخص الموجود على خشبة المسرح، لكن الأمر يتعلق بالصدق بشأن الثقافة التي سمحت بتوجيه الدعوة له للوقوف على خشبة المسرح في المقام الأول، مهما كانت هذه الحقيقة غير مريحة. ويشير بحثنا إلى أن هذه الثقافة قد قطعت خطوات واسعة خلال السنوات الأخيرة. لكن حدث خطأ ما مؤخراً، كما ظهر خلال العشاء الذي أشرت إليه.
والأهم من ذلك كله أن الأمر يتعلق باستغلال هذا الحدث محفزاً ودافعاً للتغيير؛ التغيير الذي يحدث بالفعل، وهناك دليل على ذلك، فقبل بضعة أيام استقبل البريد الإلكتروني لمنظمة «النساء في الصحافة في أسكوتلندا» رسالة من مراسل في لعبة الرغبي يعرض العمل بشكل مجاني من أجل نقل خبرته في العمل، وهو الأمر الذي كان من بين التوصيات الواردة في التقرير لمساعدة مزيد من الصحافيات على إتقان العمل في وسائل الإعلام الرياضية المطبوعة. ثم جاء عرض ثان، ثم عرض آخر. وأرسل كاتب مختص في ألعاب القوى رسالة نصية يسأل فيها عما يمكنه القيام به في هذا الصدد.
في الواقع، يعدّ هذا النوع من العمل الموحد هو السبيل الوحيد للمضي قدماً. إن آخر شيء نريده أو نحتاجه هو الانقسام بين الجنسين في الصحافة الأسكوتلندية. كما تعدّ الإيماءات والإشارات الداعمة أمراً بالغ الأهمية إذا كنا نريد حقاً منع الأجيال المقبلة من النساء من التجميد في وسائل الإعلام الرياضية المطبوعة. وأعتقد أن الجليد قد بدأ بالفعل في الذوبان.


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

رياضة عالمية صلاح لقيادة ليفربول إلى فوز جديد في الدوري الإنجليزي (أ.ب)

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

تتجه الأنظار الأحد، إلى استاد الاتحاد، حيث يتواجه مانشستر سيتي حامل اللقب، مع ضيفه وغريمه مانشستر يونايتد في ديربي المدينة، بينما يسعى ليفربول المتصدر إلى مواصل

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المدرب الإيطالي يهنئ لاعبيه عقب إحدى الانتصارات (إ.ب.أ)

كيف أنهى ماريسكا كوابيس تشيلسي في لمح البصر؟

في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، كان الإيطالي إنزو ماريسكا يلعب محور ارتكاز مع إشبيلية، عندما حل فريق برشلونة الرائع بقيادة المدير الفني جوسيب غوارديولا ضيفاً

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية  فيرنانديز دعا إلى إصلاح الأخطاء الفنية في فريقه (إ.ب.أ)

فيرنانديز: علينا إصلاح أخطائنا قبل التفكير في مان سيتي

قال البرتغالي برونو فيرنانديز قائد فريق مانشستر يونايتد إن فريقه يجب أن يعمل على إصلاح أخطائه بدلاً من التفكير في الأداء السيئ لمنافسه في المباراة المقبلة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية استبدل بوستيكوغلو المهاجم فيرنر ودفع بالجناح ديان كولوسيفسكي (إ.ب.أ)

مدرب توتنهام يهاجم فيرنر: لم تكن مثالياً أمام رينجرز

وجه أنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، انتقادات لاذعة لمهاجمه تيمو فيرنر بعدما استبدله بين الشوطين خلال التعادل 1-1 مع رينجرز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوندوغان نجم السيتي خلال مواجهة اليوفي بدوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

اعترف الألماني إلكاي غوندوغان، لاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي، بأن فريقه "لم يعد جيدا بشكل كاف"، في الوقت الذي فشل فيه في إيجاد حل لتبديل حظوظه بالموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».