قافلة لاجئين وقافلة حقائب. ما أصعب ألا يبقى لك من بلادك إلا حقيبة. مشهد الحقائب يكسر القلب.
كأن الحقيبة نعش يحمل جثة الوطن ورائحة التراب ورماد الذكريات. هذا كان المشهد الذي رصدته «الشرق الأوسط» في المحطة المركزية للقطارات في برلين، الحضن الألماني حيث يلتقي اللاجئون باللاجئين.في الرحلة الأوكرانية لا وجود لقوارب الموت. القطارات هي وسيلة الفرار. ابتعدوا عن الصواريخ والقنابل الروسية، لكنهم لا يعرفون كم سيطول الغياب وماذا تخبئ أيام الغربة. صوفي، شابة في الحادية والعشرين. جاءت من مدينة خيرسون الواقعة على البحر الأسود في جنوب أوكرانيا.
لم تصدق في البداية أن الحرب ستنشب وستطول، وتقول إنها تشك في احتمال عودة قريبة «لأن العيش في ظل الاحتلال الروسي مستحيل».تركت اللاجئين الأوكرانيين مع أوجاعهم وحقائبهم وقلت أزور، مع الزميلة راغدة بهنام، «شارع الشمس» الذي طغى عليه في السنوات الأخيرة الطابع السوري.
يقصد السوريون هذا الحي للتبضع. جاء إيهاب سحاري من إدلب في «نوع من اللجوء». يقول «كان المحل تركياً وصار ملكنا أنا وشقيقي». وأضاف «أتعاطف مع الأوكرانيين؛ فقد ذقنا مرارة أن يخسر المرء بلاده وتدمر. حين قلنا إن الطيران الروسي دمر بلادنا لم يكن هناك من يريد أن يسمع».
في السنوات الأولى لوصولهم إلى بلد اللجوء، يعاند الواصلون محاولين الاحتفاظ بتراثهم. تصبح التقاليد الجسر الأخير الذي يربطهم ببلادهم السابقة. لكن الوقت يبدل كل شيء. غداً يذهب أطفالهم إلى المدارس ويتعلمون بلغة أخرى ويحفظون مواويل البلد الجديد وينخرطون في أسلوب حياة مختلف. هذا يصدق على السوريين وسيصدق لاحقاً على الأوكرانيين.
... المزيد
ألمانيا «وطن مؤقت» للأوكرانيين بعد السوريين
حكوا لـ«الشرق الأوسط» عن رحلة فرارهم وحملوا على «الخيط الروسي»
ألمانيا «وطن مؤقت» للأوكرانيين بعد السوريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة