«أولويات مصطنعة» تشغل الفضاء الاجتماعي والإعلامي بمصر

من «جواز الترحم» على أبو عاقلة... إلى «غفوة أبو الهول»

صورة متداولة على حسابات مصرية بموقع «فيسبوك» قال ناشروها إنها تظهر أبو الهول مغمض العينين
صورة متداولة على حسابات مصرية بموقع «فيسبوك» قال ناشروها إنها تظهر أبو الهول مغمض العينين
TT

«أولويات مصطنعة» تشغل الفضاء الاجتماعي والإعلامي بمصر

صورة متداولة على حسابات مصرية بموقع «فيسبوك» قال ناشروها إنها تظهر أبو الهول مغمض العينين
صورة متداولة على حسابات مصرية بموقع «فيسبوك» قال ناشروها إنها تظهر أبو الهول مغمض العينين

«إذا أغلق أبو الهول عينيه، فليهرع كل جنود الفرعون إلى المخابئ، ولا يعودون أبداً فإن رع سيعود وسيفنى البشر»، كلمات تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر على مدار اليومين الماضيين، مصحوبة بصورة لتمثال «أبو الهول» الأثري الشهير، تبدو فيها عينا التمثال وكأنها مغلقة، ليبدأ الحديث عن «دلائل غفوة أبو الهول»، وسط تساؤلات عن صحة الصورة، بينما سعت وسائل إعلام محلية لمجاراة «الترند» الجديد، عبر نفي شائعات «غفوة التمثال».
ترند «غفوة أبو الهول» جاء ليكمل سلسلة ما وصفه خبراء بـ«الأولويات المصطنعة»، التي انشغل بها الفضاء الاجتماعي والإعلامي في مصر على مدار الأيام الأخيرة، بداية من ترند «ملابس التايجر» الذي صاحب طلاق الفنانة ياسمين صبري، من رجل الأعمال أبو هشيمة، مروراً بقضية «جواز الترحم» على الإعلامية الفلسطينية الراحلة شيرين أبو عاقلة، بعد إشارات لديانتها المسيحية، ليتجاهل مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي القضية الأساسية، المتعلقة بقتلها، وهي ترتدي الدرع الذي يحمل شارة الصحافة، إلى ما إذا كان يمكن الترحم عليها، ووصفها بـ«الشهيدة».
وقتلت أبو عاقلة في جنين الأربعاء الماضي، أثناء تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية، وأكد الجيش الإسرائيلي أن هناك احتمالاً بأن «يكون جندي من صفوفه أطلق الرصاص عليها من بندقية ذات منظار تليسكوب»، ورغم إصدار مؤسسة الأزهر الشريف بياناً رسمياً نعت فيه أبو عاقلة، فإن هذا لم يحسم الجدل الدائر على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن جواز الترحم عليها من عدمه.
«الرغبة في ركوب الترند» هي السبب في انشغال الإعلام بمثل هذه القضايا، بحسب فادي رمزي، خبير الإعلام الرقمي والمحاضر بالجامعة الأميركية، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «وسائل الإعلام أصبح هدفها اللحاق بالترند، حتى لو كان غير منطقياً كقصة أبو الهول، أو مصطنعاً كقصة الترحم على شيرين أبو عاقلة، فالإعلام يعتبر نفسه مقصراً لو لم يتابع الترند». ويوضح رمزي أن «بعض الجهات تستغل ظهور قضايا معينة على السطح، لتحاول توجيه الرأي العام في اتجاه آخر يخدم أفكارها كما حدث مع أبو عاقلة»، مضيفاً: «للأسف لم يعد الإعلام يصنع الترند، ولا يوجه الرأي العام نحو القضايا الجادة». ويتفق الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، مع الرأي السابق، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «مواقع التواصل الاجتماعي باتت تساهم في وضع أجندة الرأي العام، وتجرّ خلفها وسائل الإعلام». ويرصد صادق أن «نسبة معتبرة من الرأي العام لمصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، تبدو منشغلة بقضايا الدين والجنس والمرأة، أكثر من أي قضايا أخرى، لذلك من الطبيعي أن تتحول هذه الأمور إلى ترند، خاصة مع وجود تيارات وجهات تحاول توجيه الترند لخدمة مصالحها، كما حدث مع مسألة جواز الترحم على أبو عاقلة، التي لا تخدم سوى إسرائيل». ويأتي انشغال رواد لمواقع التواصل الاجتماعي بهذا النوع من القضايا في مصر، وسط ترقب لأزمة ارتفاع الأسعار، وتراجع عائدات السياحة نتيجة الأزمة الروسية - الأوكرانية، وهي القضايا التي تراجعت مساحات التغطية، مقابل الاهتمام بـ«ترند جديد». ويرجع صادق السبب إلى «رغبة الناس في الهروب من مشكلاتها اليومية، أو محاولة الإلهاء عن القضايا الرئيسية، فوسط الأزمة الاقتصادية، وعدم القدرة على انتقاد مباشر لبعض الجهات، يجد الناس ضالتهم في قضايا مصطنعة وتبدو تافهة، لكنها ربما محاولة للتنفيس عما يعانون من مشكلات، والهروب منها».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.