«الإدارة الذاتية» شرق الفرات لسن قانون للاستثمار بعد الإعفاءات الأميركية

مزارعون محليون يتابعون مرور دورية روسية - تركية مشتركة في ريف الدرباسية شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)
مزارعون محليون يتابعون مرور دورية روسية - تركية مشتركة في ريف الدرباسية شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)
TT

«الإدارة الذاتية» شرق الفرات لسن قانون للاستثمار بعد الإعفاءات الأميركية

مزارعون محليون يتابعون مرور دورية روسية - تركية مشتركة في ريف الدرباسية شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)
مزارعون محليون يتابعون مرور دورية روسية - تركية مشتركة في ريف الدرباسية شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)

كشف مسؤول كردي عن أن سلطات الإدارة الذاتية، شرق الفرات، بصدد سن قانون استثماري لمواكبة الإعفاءات الأميركية الأخيرة على مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) شمال شرقي سوريا، وسيسمح القانون للمستثمرين العرب والأجانب، بالعمل في مشروعات البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية والزراعية والتنموية المدرجة على لائحة الإعفاءات، في وقت رحب فيه القائد العام لقوات «قسد» بالقرار، وبقدوم جميع الشركات للاستثمار في مناطق نفوذها، وعدَّها خطوة جيدة لإعادة بناء البنية التحتية، ودعم الاقتصاد المنهك جراء استمرار الحرب وسيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي سابقاً على مساحات شاسعة شرق البلاد.
وقال رئيس هيئة الاقتصاد بالإدارة الذاتية سليمان بارودو، في تصريحات صحافية، إن رئاسة المجلس التنفيذي للإدارة، تعمل على إصدار وسن قانون للاستثمار بعد استثناء مناطقها من عقوبات «قيصر»، وأشار إلى أن المستثمرين والشركات الأجنبية كانوا يتحفظون على الاستثمار في مناطقها لإدراجها على لائحة العقوبات الأميركية المفروضة على الحكومة السورية، لافتاً إلى أن «قانون الاستثمار حال صدوره سيخلق جواً من الثقة بين المستثمرين، بعد أن أصبح بمقدورهم إنشاء مشاريع في شمال شرقي سوريا»، منوهاً بأن سلطات الإدارة، ستركز في طرحها الاستثماري على المشاريع الزراعية والاكتفاء الذاتي لتحسين الواقع المعيشي لأبناء وسكان المنطقة وتحقيق الأمن الغذائي.
ويقول قادة الإدارة، إن الوضع الاقتصادي والخدمي، شرق الفرات، شهد انتكاسات عديدة يعزونها إلى الهجمات التركية المتكررة على مناطقهم وتهديدها ضرب الأمن والاستقرار، إلى جانب تداعيات عقوبات قانون «قيصر»، وتأثر المنطقة بجائحة «كورونا» خلال العامين الماضيين، التي أنهكت المنطقة اقتصادياً. كما شهدت أزمات في السكر والطحين والوقود، بسبب إغلاق المعابر والمنافذ الحدودية انعكست على المناخ الاقتصادي. لكن بارودو، أكد أن استثناء المنطقة من عقوبات «قيصر» سينعشها اقتصادياً، «كما سيمنع استغلال (داعش) للوضع الاقتصادي في المنطقة، وإعادة تنظيم صفوفه».
وحسب مسؤولي الإدارة وخبراء اقتصاديين، استثنت واشنطن 12 قطاعاً من العقوبات؛ أبرزها الزراعة، حيث تتمتع مناطقها شرق الفرات بمنتجات القمح والشعير والذرة الصفراء والبقوليات، إلى جانب الاتصالات، وهذه هي المرة الأولى بتاريخها التي ستخلق فيها فرص للشركات العربية والأجنبية، للاستثمار في هذا القطاع الذي كان حكراً على شخصيات مقربة من النظام السوري، ومن عائلة الرئيس السوري بشار الأسد. وبين أبرز القطاعات التي ستشهد شداً وجذباً في المرحلة المقبلة، قطاع الكهرباء والمياه المتشابك مع مناطق سيطرة النظام، من حيث وجود السدود والبحيرات. كما سيتيح الإعفاء فرص التنقيب والتشغيل في قطاعات النفايات والبناء والطاقة النظيفة والنقل والتخزين، إضافة إلى القطاعات المتعلقة بالخدمات الصحية والتصنيع والتعليم، حيث إن مناطق الإدارة وعلى مدار أعوام، انفصلت كلياً عن المنهاج الحكومي، ومنعت تدريس الكتاب الصادر عن وزارة التربية والتعليم بدمشق، وشهاداتها غير مصدقة أو معترف بها من قبل الحكومة، كما سيمنح الاستثناء شراء المنتجات البترولية المكررة ذات المنشأ السوري، شريطة استخدامها داخل حدود الأراضي، باعتبار أن هذه المشتقات ضرورية للأنشطة الاقتصادية المذكورة في الإعفاءات.
من جانبه، توجه القائد العام لقوات «قسد»، مظلوم عبدي، بالدعوة إلى الشركات المحلية والعربية والدولية، للاستثمار في مناطق الإدارة الذاتية، وعد الخطوة بمثابة دعم لترسيخ عمليات وجهود استقرار مستدامة، ونشر تغريدة على حسابه الشخصي بموقع «تويتر»، قال فيها: «نرحب بالقرار وبجميع الشركات للاستثمار هنا، هذه خطوة جيدة لإعادة بناء البنية التحتية ودعم الاقتصاد، فهذه مهمة مشتركة مع التحالف من شأنها مواجهة (داعش) وتعطي الأمل لجميع السوريين».
وقسمت المناطق المعفية من عقوبات قانون «قيصر» الخاضعة لنفوذ «قسد»، إلى أربعة قطاعات، أولها محافظة حلب، وتبدأ من مدينة منبج بريفها الشرقي، واستثنت من الاستثمار، ناحيتي الخفسة ومسكنة التابعة لها باعتبارهما خاضعتين لسيطرة قوات النظام السوري، وبلدة عين العرب (كوباني) الكردية الواقعة في الريف الشرقي. كما شمل الإعفاء الأميركي، القطاع الثاني، وهو مركز محافظة الرقة وبلدتي الطبقة وعين عيسى، باستثناء نواحي معدان والمنصورة لتبعيتها لقوات النظام. كما استثنت الإعفاءات في القطاع الثالث، مركز محافظة دير الزور وجميع المناطق الخاضعة لنفوذ سيطرة النظام، لتبقي على ريفها الشرقي والشمالي الخاضع لنفوذ حلفائها «قسد». أما محافظة الحسكة، فكانت القطاع الرابع، وشملت الجزء الخارج عن سيطرة النظام، مدينة القامشلي بالكامل وريفها الغربي بلدتي عامودا والدرباسية، إضافة إلى ريفها الشرقي، ويضم بلدات المالكية (ديريك) الحدودية ورميلان النفطية وقبور البيض (تربيسبيه) وجل أغا وكركي لكي.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.