«مجزرة بافالو» العنصرية تهزّ الشارع الأميركي

شاب أبيض قتل 10 أشخاص غالبيتهم من أصول أفريقية وحاول بثّ الجريمة مباشرة

أشخاص يجتمعون خارج سوبرماركت «توبس» ترحّماً على الضحايا أمس (أ.ب)
أشخاص يجتمعون خارج سوبرماركت «توبس» ترحّماً على الضحايا أمس (أ.ب)
TT

«مجزرة بافالو» العنصرية تهزّ الشارع الأميركي

أشخاص يجتمعون خارج سوبرماركت «توبس» ترحّماً على الضحايا أمس (أ.ب)
أشخاص يجتمعون خارج سوبرماركت «توبس» ترحّماً على الضحايا أمس (أ.ب)

دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إنهاء الإرهاب المحلي الذي يغذّي الكراهية ضد الأميركيين من أصول أفريقية، وذلك في أعقاب حادث إطلاق نار أودى بحياة 10 أشخاص في مدينة بافالو بولاية نيويورك. وقال بايدن إن الهجوم جاء بدوافع آيديولوجية قومية بيضاء بغيضة، ويناقض القيم الأميركية. وأوضح الرئيس الأميركي، في بيان أصدره البيت الأبيض، أن السلطات ما زالت تبحث عن الدوافع وراء الهجوم، لكن من الواضح أنها جريمة كراهية بدوافع عنصرية. وأضاف: «لسنا بحاجة لذكر حقيقة أخلاقية واضحة هي أن جرائم الكراهية بدوافع عنصرية مقيتة للنسيج الاجتماعي للولايات المتحدة»، واصفاً الجريمة بـ«المروعة».
وفتح شاب أبيض مسلّح النار في سوبرماركت السبت في بافالو بشمال ولاية نيويورك، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل، معظمهم أميركيّون من أصول أفريقيّة. وقال ستيفن بيلونجيا، الشرطي في مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في بافالو، خلال مؤتمر صحافي في هذه المدينة الشماليّة الواقعة على بحيرة إيرييه قرب الحدود مع كندا: «نحقّق في هذه الحادثة باعتبارها جريمة مدفوعة بالكراهية وقضيّة تطرّف عنيف بدوافع عنصريّة». وأوقف القاتل على الفور في مكان الواقعة، وهو ملاحق بتهمة «القتل العمد مع سبق الإصرار»، وقد أودِع السجن.
وقالت الشرطة والسلطات القضائيّة المحلّية إنّه شاب أبيض يبلغ 18 عاماً، يرتدي زياً من النوع العسكري وكانت بحوزته سترة واقية من الرصاص وخوذة وكاميرا من أجل بثّ جريمته مباشرة على الإنترنت.
وقال جوزف غراماليا، قائد شرطة بافالو، إنّ «10 أشخاص قُتلوا» وأصيب 3 آخرون، موضحاً أن 11 من مجموع الضحايا هم من السود، والاثنين الآخرين من البِيض، في هذا الحي الذي تقطنه غالبيّة من الأميركيين من أصول أفريقيّة في بافالو. وأضاف غراماليا أن الشاب أطلق النار في البداية على 4 أشخاص في ساحة لركن السيّارات في سوبرماركت، ما أسفر عن مقتل 3 منهم، قبل دخوله إلى المتجر حيث ارتكب المجزرة.
وفي السوبرماركت، أطلقَ عليه حارس أمني النار. لكنّ الشاب المحمي بسترته الواقية من الرصاص لم يُصب، وأطلق النار على الحارس، وهو شرطي متقاعد. وعندما وصل عناصر الشرطة إلى المكان بسرعة، صوّب الشاب سلاحه نحو رقبته، قبل أن يستسلم لهم، بحسب المفوض غراماغليا.
ووصف جون غارسيا، مسؤول الشرطة في مقاطعة إرييه، الهجوم بأنّه «جريمة مدفوعة بالكراهية»، وبأنّها «عنصريّة» ارتكبها رجل «يجسد الشرّ»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
وتُشير عبارة «جرائم الكراهية» تقليدياً في الولايات المتحدة إلى فعل موَجّه ضدّ شخص بسبب عناصر في هويته، مثل العرق أو الدين أو الجنسيّة أو التوجّه الجنسي أو إعاقة محدّدة.
ورداً على سؤال عما إذا كان مطلق النار يواجه عقوبة الإعدام على المستوى الفيدرالي، قال الممثل المحلي للنيابة العامة إن «كلّ الخيارات مطروحة على الطاولة».
بدأ منفّذ العمليّة الذي كان يحمل كاميرا بثّ جريمته على منصّة «تويتش»، التي قالت إنها «صدمت» ووعدت بـ«عدم التسامح مطلقاً مع أي شكل من أشكال العنف». وقالت الشبكة الاجتماعيّة إنّ المحتوى حُذِف بعد «دقيقتين» على بدء بثّه، وإنّه جرى «تعليق حساب المهاجم نهائياً»، مشيرة إلى أنّ «كلّ الحسابات التي يُحتمل أن تُعيد نشر هذا المحتوى تخضع للرقابة».
وتحدّثت وسائل إعلام أميركيّة أيضاً عن «بيان» ذي طبيعة عنصريّة نُشر على الإنترنت، كما هو الحال غالباً في الجرائم التي يرتكبها متعصّبون للعرق الأبيض. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن هذا «البيان» أن المشتبه به «استوحى» عمله من جرائم ارتكبها متطرفون يؤمنون بتفوق العرق الأبيض، بما في ذلك مذبحة عام 2019 التي راح ضحيتها 51 مصلياً في مسجدين في مدينة «كرايست تشرش» في نيوزيلندا.
من جانبها، كشفت صحيفة «بافالو نيوز» أنّ كلمة مهينة وعنصريّة لوصف السود، كُتِبت بالأبيض على قطعة السلاح. وقالت حاكمة ولاية نيويورك، كاثي هوكل، على «تويتر» إنها «مجزرة مروّعة ارتكبها شخص يؤمن بتفوق البيض».
من جهته، كشف رئيس بلديّة بافالو بايرون براون، وهو أميركي من أصل أفريقي، أن منفّذ الهجوم سافر لساعات من أجل ارتكاب جريمته في حي في بافالو تقطنه غالبيّة من السود.
وتذكّر هذه الحادثة بمجزرة عنصرية وقعت في 3 أغسطس (آب) 2019، عندما قتل رجل يميني متطرف يبلغ من العمر 21 عاماً، 23 شخصاً، بينهم 8 مكسيكيين وأشخاص «ناطقون بالإسبانية» في إل باسو بولاية تكساس، وأخرى وقعت في 17 يونيو (حزيران) 2015 عندما قتل رجل أبيض عنصري 9 مصلين أميركيين من أصل أفريقي في كنيسة في تشارلستون بولاية ساوث كارولينا.
وتشهد الولايات المتحدة عمليات إطلاق نار وقتل في أماكن عامة بشكل شبه يومي، بينما تسجل في عدد من المدن الكبرى مثل نيويورك وشيكاغو وميامي وسان فرانسيسكو زيادة في الجرائم التي تستخدم فيها أسلحة نارية؛ خصوصاً منذ انتشار وباء «كوفيد 19».
وتفيد أرقام برنامج «مراقبة الأسلحة الصغيرة» (سمول آرم سيرفي) بأنه كان في الولايات المتحدة في 2017 نحو 393 مليون بندقية، أي أكثر من عدد السكان. وفي 2021 قتل بأسلحة نارية نحو 45 ألف شخص في الولايات المتحدة، بما في ذلك نحو 24 ألف انتحار، حسب منظمة «غان فايولنس أركايف».
وفيما يكفل الدستور الأميركي الحق في حيازة السلاح، فشل عدد كبير من المبادرات من قبل البرلمانيين لتشديد القوانين المتعلقة بحيازة الأسلحة في الكونغرس في السنوات الأخيرة، بينما ما زال لوبي السلاح القوي «الرابطة الوطنية للأسلحة» (إن آر أيه) مؤثراً جداً.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأول بالتاريخ... فوز ترمب يساعد ماسك على تحقيق ثروة تتخطى 400 مليار دولار

الملياردير الأميركي إيلون ماسك يظهر إلى جانب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك يظهر إلى جانب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

الأول بالتاريخ... فوز ترمب يساعد ماسك على تحقيق ثروة تتخطى 400 مليار دولار

الملياردير الأميركي إيلون ماسك يظهر إلى جانب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك يظهر إلى جانب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

أصبح الملياردير الأميركي إيلون ماسك أول شخص في التاريخ تبلغ ثروته 400 مليار دولار (314 مليار جنيه إسترليني) بعد زيادة ثروته منذ فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية، بحسب صحيفة «التليغراف».

ساعد ارتفاع أسهم «تسلا» وصفقات أسهم «سبيس إكس» هذا الأسبوع في دفع صافي ثروة ماسك إلى 439.2 مليار دولار، وفقاً لـ«بلومبيرغ».

وتبلغ ثروته الآن ضعف ثروة ثاني أغنى رجل في العالم، جيف بيزوس، التي تُقدَّر بنحو 244 مليار دولار.

وشهد ماسك زيادة في ثروته بعد دعمه بنجاح لترمب في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث ارتفعت أسهم «تسلا» بأكثر من 60 في المائة منذ ذلك الحين، وسط توقعات بتخلص الرئيس المنتخب من البيروقراطية والتنظيم اللذين يُنظر إليهما على أنهما يعيقان مصالح ماسك التجارية.

سيكون للملياردير نفسه السلطة للقيام بذلك، بعد تعيينه لإدارة وزارة كفاءة الحكومة التي تم إنشاؤها حديثاً، والتي كُلفت بخفض الإنفاق والبيروقراطية.

كما يمكن أن تستفيد شركة «تسلا» أيضاً إذا ألغى الرئيس الجديد الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية، وهو الأمر الذي دعا إليه ماسك مراراً وتكراراً.

أنفق ماسك أكثر من ربع مليار دولار لتمويل حملات ترمب والمرشحين الجمهوريين الآخرين خلال الانتخابات الرئاسية عام 2024. ومع ذلك، فإن الزيادة الحادة الأخيرة في قيمة استثماراته تعني أنه قد استردَّ بالفعل أكثر من هذا الإنفاق، فقد ارتفعت القيمة الصافية لرجل الأعمال بمقدار 155 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وفقاً لـ«بلومبيرغ».

ويمثل ذلك تحولاً كبيراً منذ بداية هذا العام عندما كانت هناك شكوك حول قدرة ماسك على قيادة العديد من الشركات.

وانخفض سعر سهم «تسلا» من 407 دولارات في نوفمبر 2022 إلى 147 دولاراً في يناير (كانون الثاني) وسط مخاوف من أنه قد أفرط في الالتزامات.

وأدى استحواذه على منصة «تويتر»، المعروفة الآن باسم «إكس»، مقابل 44 مليار دولار (34.6 مليار جنيه إسترليني)، في عام 2022 إلى انتقادات متزايدة لسلوكه. بعد الاستحواذ، تورطت منصة التواصل الاجتماعي في جدال، مع فرار المعلنين، وسط مخاوف بشأن السلامة عبر الإنترنت والآراء المثيرة للجدل التي عبَّر عنها ماسك.

قفزت ثروته على الورق يوم الأربعاء، بعد أن حصلت شركته «سبيس إكس»، على تقييم بقيمة 350 مليار دولار (275 مليار جنيه إسترليني)، حيث اشترى المستثمرون والشركة الأسهم التي يسيطر عليها الموظفون. يمتلك ماسك حصة 42 في المائة في الشركة.