«الرابطة القلمية الجديدة» تستوحي جبران خليل جبران

خلال 17 عاماً من مسيرتها في نيويورك

في أثناء غرس أرزة باسم سعيد عقل في نيويورك
فرقة نيويورك أوركسترا في «ميللر ثياتر» في حفلة تكريم الرحابنة سنة 2009
في أثناء غرس أرزة باسم سعيد عقل في نيويورك فرقة نيويورك أوركسترا في «ميللر ثياتر» في حفلة تكريم الرحابنة سنة 2009
TT

«الرابطة القلمية الجديدة» تستوحي جبران خليل جبران

في أثناء غرس أرزة باسم سعيد عقل في نيويورك
فرقة نيويورك أوركسترا في «ميللر ثياتر» في حفلة تكريم الرحابنة سنة 2009
في أثناء غرس أرزة باسم سعيد عقل في نيويورك فرقة نيويورك أوركسترا في «ميللر ثياتر» في حفلة تكريم الرحابنة سنة 2009

لا يمكن عقد مقارنات بين «الرابطة القلمية» التي أسّستها نخبة أدباء المهجر اللبنانيين في نيويورك وأصبحت رسمية عام 1920 وذاع صيتها و«الرابطة القلمية الجديدة» في المدينة نفسها التي تأسست عام 2005، أي بعد ما يقارب القرن، بإرادة عربية ومحرك لبناني، ولا تزال تجهد مصرّة على تأدية دورها. الزمن اختلف، والظروف تغيرت، ومعنى المهجر نفسه تبدّل بسبب سهولة التواصل المستجد، ومقام الأعمال الأدبية في حياة الناس. من هنا يرى يوسف عبد الصمد، عميد «الرابطة القلمية الجديدة»، أن التشابه بين الاسمين لا يعني، في أي حال، استنساخاً للتجربة القديمة، بقدر ما هو استنارة واستيحاء من ماضٍ جميل يستحق اعتزازاً.
«الرابطة القلمية الجديدة» لم تولد في لحظة تجلٍّ، ولا بقرار مفاجئ، وإنما هي جاءت تتويجاً لحراك، ولعدد من الأنشطة الثقافية التي سبقت الإعلان الرسمي عنها، والاتفاق على منحها كياناً واسماً وإطاراً. قبل التسعينات من القرن الماضي، يقول عبد الصمد: «كان يصعب جمع عشرين شخصاً عربياً لحضور قراءة شعرية في نيويورك، وكانت غالبية اللقاءات تتم حول الموسيقى والغناء». لذلك كانت ثمة محاولات دائبة، لجمع المهتمين العرب، خلال لقاءات بقيت متواضعة. يتذكر عبد الصمد أن الجمع أخذ يكبر وأن أمسية أدبية موسيقية غنائية أُقيمت سنة 1995 في قاعة «كامي هول» الشهيرة في نيويورك، قدمها القنصل اللبناني العام هناك يومها رامي شديد، شارك فيها عبد الصمد مع لميعة عباس عمارة وناهدة فضلى الدجاني وسيمون شاهين ومنصور عجمي وغادة غانم، كان فيها الواقفون أكثر من الجالسين. وتلك كانت انطلاقة مشجعة، تتالت بعدها الأنشطة، التي لاقت جمهوراً متعطشاً، هو نفسه كان يعاني فراغاً، ووجد ضالته في هذا الحراك النشط.
رويداً رويداً، تحول منزل القنصل العام السعودي في نيويورك يومها، الدكتور عبد الله الجديع، العاشق للشعر، صالوناً أدبياً بامتياز، حسبما يروي عبد الصمد. تأسست «الرابطة القلمية الجديدة»، في إحدى تلك الجلسات، التي ضمت مهتمين بالأدب والفكر، وكان للشاعر والدبلوماسي السعودي عبد الله الجديع اليد الطولى في الحصول على الترخيص من الحكومة الفيدرالية، وفي مد الجسور بين المثقفين العرب أنفسهم ومؤسسات أميركية ثقافية. انبثقت لجنة تأسيسية، وإدارة مؤقتة، كان فيها عبد الصمد عميداً، والدكتور جورج يونان نائباً له، والدكتورة سميرة ماضي مسؤولة عن العلاقات العامة والمال، وأنطون شعشع معنياً بالشؤون اللغوية وإدارة التحرير. فالإصدارات هي جزء لا يتجزأ من طموح الرابطة.
يتحدث الشاعر يوسف عبد الصمد لـ«الشرق الأوسط» عن أنشطة كثيرة قامت بها الرابطة. فهي جاءت بعد فراغ وحضور عربي ثقافي ضحل. يقول: «قمنا بتنظيم حفلات ولقاءات، ولم نكن بلا صوت، لكنه بقي خافتاً». ومما كانت تعاني منه الجالية العربية وقتها، التشرذم بدل التنسيق. وبين المهمات التي طرحت لتقوم بها الرابطة، أن يكون لها برنامجها الثقافي الذي يجمع الجالية العربية حوله، آخذة بعين الاعتبار التنوع. كانت ثمة قناعة بأن الحضور الثقافي العربي لا يتناسب وما يمكن إنجازه، ولا بد من تغيير المشهد، لذلك أريدَ للأنشطة أن تكون متكاملة بحيث تراعي إلى جانب الثقافة الناحية الاقتصادية والاجتماعية، وتستطيع أن تلملم هذه التجمعات المتناثرة.
كان الطموح يتجاوز إصدار مجلة، تكتب فيها أقلام من هنا وهناك، تعبّر عن أحاسيس المهاجرين ومشكلاتهم. بل كان الهدف هو الابتعاد عن الموسمية لصالح برنامج له تشعباته ورؤيته. من بين ما أنجزته الرابطة أنها وثّقت، حسبما يقول عبد الصمد، للزجل اللبناني من خلال فيلم عن الأزجال المرتجلة، بالتعاون مع القنصلية اللبنانية في نيويورك، ومؤسسة «ستيلور» الأميركية. كما وصلت الرابطة حبل التعاون مع «جمعية الأطباء الأميركيين» والمؤسسة التي تهتم بمتحف الدكتور داهش وتراثه الأدبي، ومع «مركز الحوار العربي». ومما قامت به الرابطة دراسة مستقبلية حول توحيد مغتربي لبنان، تبنتها فيما بعد «الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم».
وهكذا وفي خضمّ نشاطاتها، كرّمت الرابطة شخصيات أدبية وفكرية، بينها جبران خليل جبران في ذكرى ميلاده الـ125 في جامعة كولومبيا بحضور وزير الثقافة اللبناني حينها، طارق متري، كما كرم الشاعر سعيد عقل في مئويته، ووزّعت أربعة أشجار أرز لبنانية، في شارع برودواي: واحدة لجبران، وثانية لإدوارد سعيد، وثالثة لسعيد عقل، ورابعة لـ«ملهمة الفنون»، هذا عدا إقامة عشرات الأمسيات الشعرية والتراثية. لكن وكما يشرح عبد الصمد فإن بلدية نيويورك، لم تعد تسمح بزراعة مثل هذه الأرزات، وتمنعها لأنها ليست من بين النباتات المدرجة على الجدول المسموح بغرسه في شوارع المدينة.
يصف عبد الصمد ما تقوم به الرابطة بأنه «مخاض عسير وطويل». ويقول: «وجوه تغيرت، وكثيرون تركونا خلال المسيرة، إلا أنها لا تزال مستمرة. نعترف بأن ثمة سلبيات وأخطاء، لكن ما يعنينا ليس الزبد وإنما ما ينفع الناس ويبقى في الأرض».
قبل أشهر صدر عدد جديد من مجلة «أقلام مهاجرة» بالعربية والإنجليزية، التي كانت هي فاتحة الأنشطة عند بدء التأسيس، وعُدَت صوت «الرابطة القلمية الجديدة»، ولا تزال تجاهد لتبقى. هذه المرة تكرّم المجلة أديباً مهجرياً فذاً هو أمين الريحاني، وقبله كُرِّم إيليا أبو ماضي وميخائيل نعيمة. وكتبت مديرة تحرير المجلة كريستين زعتر معلوف، في هذا العدد «أن أعضاء الرابطة الجبرانية التليدة، عاشوا معاناة أهلهم من الجوع والظلم والاستبداد، وكان ذلك من الغريب. أما نحن اليوم فإننا نعاني ما هو أشد مضاضة، كونه من ذوي القربى».
في أوائل تسعينات القرن الماضي، عملت مجموعة المثقفين العرب الذين سيشكلون بعد ذلك نواة «الرابطة القلمية الجديدة» تحت اسم «أقلام مهاجرة». الاسم الجديد حمّلهم وزراً، فاضطروا لأن يناضلوا ثقافياً، ليس في نيويورك وحدها، بل خارجها ممتدين بأنشطتهم إلى بيروت وزحلة، ورأس المتن، وأماكن كثيرة غيرها. وتشاركت الرابطة مع «الجامعة اللبنانية الأميركية»، و«الجامعة الأميركية» في بيروت وقسم نيويورك، لتفعيل دورها. وبين ما تُعنى به الرابطة الجديدة، ترجمة الكتب التي كان قد أصدرها أعضاء الرابطة القديمة إلى اللغة الإنجليزية، وتزويد كل ترجمة بمقدمة تضع الكتاب في سياقه التاريخي والأدبي. وكذلك تُعنى بترجمة كتب لأدباء لبنانيين معروفين مثل مارون عبود وتوفيق يوسف عواد.
انتهت أنشطة «الرابطة القلمية» بموت جبران خليل جبران عام 1932. ورغم أنها لم تعش رسمياً سوى 12 عاماً فإنها تحولت إلى مدرسة ونموذج، بسبب قامات أقطابها. الرابطة الجديدة، لها من العمر 17 عاماً، ولا تزال تصرّ على متابعة أنشطتها رغم بطء حركتها خلال السنتين الماضيتين، بسبب حجر الوباء، إلا أنها، حسب عبد الصمد، تستعيد عافيتها، وماضية في مشروعها.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)
معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)
TT

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)
معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)

وسط ازدياد أعداد الوافدين إلى مقرّ «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» بنسخته الثانية في العاصمة السعودية، بتنظيم من «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر»، في منطقة «كوب 16» بالرياض، رصدت «الشرق الأوسط» جوانب لافتة حول تصميم مقرّ المعرض وإنشائه.

بدخول الزوّار المنطقة المركزية، يجدون أنفسهم في قلب الحدث. وكشف «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر»، لـ«الشرق الأوسط» عن أنّ المعرض يقدّم رؤيته للمستقبل المستدام من خلال مجموعة متنوّعة من الأنشطة والجلسات ومناطق الجذب؛ فتمثّل المنطقة المركزية قلبَه، إذ تُشكِّل نقطة الانطلاق والتواصل مع المناطق الأربع المحيطة، مما يسمح للزوار بالتعرُّف إلى كيفية تضافر الجهود المختلفة لتحقيق الاستدامة.

جانب من التقنيات ضمن المعرض (تصوير: تركي العقيلي)

قلب النبتة وبتلاتها

وتُمثّل المنطقة المركزية في المعرض «قلب النبتة»؛ وهي المحور الرئيس الذي يمدُّ جميع المناطق المحيطة بالأفكار والموارد اللازمة. تحتوي هذه المنطقة على المعرض وجناح المركز، حيث تُعرض الرؤية الشاملة لمستقبل مستدامٍ ومكافحة التصحّر.

ولاحظت «الشرق الأوسط» خلال جولتها في أجنحة المعرض، انقسامه إلى 4 مناطق تُمثّل «بتلات النبتة»، إذ تجسِّد كل منطقة شريكاً من شركاء المركز في رحلتهم نحو بناء مستقبل مستدام.

استعراض عدد من الأرقام المهمّة (تصوير: تركي العقيلي)

وشرح القائمون على «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير»، تلك المناطق كالآتي:

«صون الطبيعة»؛ وهي مخصّصة لعرض جهود حماية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر، و«واحة التشجير» المُرتكزة على أهمية المشاتل والمتنزهات في تعزيز الغطاء النباتي ودورها في الحفاظ على التنوّع البيولوجي.

شاشات عرض متعدّدة داخل المعرض (تصوير: تركي العقيلي)

أما الثالثة، «منطقة المستقبل والابتكار»، فتتضمّن عرضاً لأحدث الابتكارات والتقنيات التي تقدّم حلولاً عملية للتحدّيات البيئية، إلى جانب «منطقة النماء المستدام» المُرتكزة على أهم الطرق والأساليب المستدامة لإنماء الطبيعة من خلال بناء شراكات وتوفير فرص استثمارية وجهات داعمة لتنمية الغطاء النباتي.

استدامة من التصميم إلى الإنشاء

وأكد «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر» حرص المعرض على استخدام مواد مستدامة وصديقة للبيئة في جميع جوانب التصميم والإنشاء، بما فيها مناطق الجلوس والديكورات، والأثاث، بهدف تقليل البصمة الكربونية وتعزيز أهمية الاستدامة البيئية.

شاشة تستعرض المتنزهات الجيولوجية (تصوير: تركي العقيلي)

ومن المواد المستخدمة في التصميم والإنشاء، مادة «الإكريليك» المعروفة باسم «البليكسيغلاس» أو «صفائح البليكسيغلاس»، وهي متعدّدة الاستخدامات وصديقة للبيئة ومثالية لمجموعة واسعة من المشروعات. وأوضح المسؤولون أنَّ مَن يبحث عن إنشاء قطعة ديكور منزلية، أو قطعة أثاث مخصّصة، أو ميزة معمارية فريدة، فإنّ صفائح «الإكريليك» توفِّر فوائد عدَّة تجعلها الخيار الأمثل لأي مشروع.

وثانياً «الألمنيوم» الذي يُعدّ من أكثر المعادن الصديقة للبيئة. وثالثاً خشب «شيبورد» وهو لوح حُبيبي أو منتج خشبي هندسي يُضغَط من رقائق الخشب ويُستَخدم على هيئة رقائق خشب مُشكَّلة، أي مُعاد تدويرها. وأوضح المعرض أنه باستخدام هذه الأخشاب، «نعمل على تقليل الطلب على الأخشاب المقطوعة حديثاً، مما يساعد في الحفاظ على الغابات ونُظمها البيئية».

اهتمام من زوّار دوليّين بمشاهدة تقنية سلّة المهملات الذكية (تصوير: تركي العقيلي)

وأخيراً «الدهانات المائية صديقة البيئة»، المتميّزة بأنها طلاءات ذات أساس مائي. ورغم ذلك، فإنّ هذا الأساس المائي ليس كافياً لتكون صديقة للبيئة، فيؤكد المعرض ضرورة تجنُّب استخدام المركّبات العضوية المتطايرة وشبه المتطايرة في الطلاءات لتأثيرها السلبي في الصحة، ولتوفير نوعية ممتازة من الهواء في الأماكن المغلقة.

الشجرة التفاعلية تتحدّث إلى أحد الزوّار (تصوير: تركي العقيلي)

ويقدّم المعرض أيضاً فرصة فريدة لاستعراض جهود «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر» عبر 14 تقنية منتشرة في أرجائه، منها: «تقنية خريطة تأثير المركز» التي تُبرز جهوده عبر تسليط «بروجكتور» على خريطة البلاد لتُقسَّم تلك الجهود إلى 7 قوائم رئيسية؛ وعند اختيار قائمة، تُحدَّد المنطقة وتُعرَض الجهود فيها على شكل جداول.

فمن خلال «هولوغرام» نَظم المعلومات الجغرافية، والاستعراض التفاعلي للمنتزهات الجيولوجية، وشاشة بحجم يتجاوز المترين، تُعرَض جميع بيانات إدارة الفرص والاستثمارات.

جانب من التقنيات الـ14 في المعرض (تصوير: تركي العقيلي)

وضمن التقنيات، برزت شاشة بحجم 9 أمتار، متخصّصة في إدارة الرصد والحماية، فكشف المركز لـ«الشرق الأوسط» عن رصد الإدارة العامة للرقابة والحماية 2752 مخالفة بيئية خلال عام 2024، مضيفاً أنّ الإدارة العامة للرقابة والحماية تُعنى بالمحافظة على الغطاء النباتي من خلال تسيير دوريات الحماية الخاصة بالمركز وأعمال الرقابة الجوّية باستخدام الطائرات المسيَّرة للمحافظة على سلامة الغطاء النباتي في المتنزهات والغابات والأراضي والمراعي؛ مع نشر أكثر من 600 مراقب بيئي للحدّ من المخالفات وضبط المُخالفين.

عرض ثلاثيّ البُعد (تصوير: تركي العقيلي)

تبرز تقنية «الشجرة التفاعلية» وسط القاعة. فعندما يقترب الزائر، تدبُّ الحياة في الشجرة ويُعرَض وجهٌ عليها لتبدأ بسرد قصتها ممثلةً الأشجار المُعمِّرة في السعودية.

كذلك تتعدّد التقنيات لتشمل غرفة التنوّع النباتي، بالإضافة إلى جولة تفاعلية للمتنزهات الوطنية، عبر «هولوغرام» مع شاشة جانبية تعرض صوراً ثلاثية البُعد لمستقبل هذه المتنزّهات.

من وسائل الرصد والحماية في المركز (تصوير: تركي العقيلي)

ذلك بالإضافة إلى مؤشِّر التنوّع البيئي، وجهاز الرخص والتراخيص، وشاشة خطّ الإنجازات، وسلّة المهملات الذكية، وتقنية الواقع المعزِّز أمام كل شجرة لكشف تفاصيل تتعلّق بها وببيئتها ومواقعها والجهود المبذولة بشأنها.

وأخيراً مُساعد الذكاء الاصطناعي الذي يتفاعل مع الزوّار بطرح الأسئلة والتحدُّث معهم حول موضوعات التصحُّر والتشجير في السعودية.