احتفاء مصري بمقتنيات أثرية توثق للاحتفالات عبر العصور

مخطوط تسبحة كيهك  -  إناء من الفيانس من العصرين اليوناني والروماني (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مخطوط تسبحة كيهك - إناء من الفيانس من العصرين اليوناني والروماني (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

احتفاء مصري بمقتنيات أثرية توثق للاحتفالات عبر العصور

مخطوط تسبحة كيهك  -  إناء من الفيانس من العصرين اليوناني والروماني (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مخطوط تسبحة كيهك - إناء من الفيانس من العصرين اليوناني والروماني (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«ولقد سبق المصريون الشعوب إلى إقامة الأعياد العامة، والمواكب العظيمة، وعنهم تعلمها اليونانيون»، بهذه الكلمات لخص المؤرخ اليوناني هيرودوت شخصية المصري القديم، وعشقه الاحتفالات والأعياد منذ بدء التاريخ، وبالتزامن مع احتفالات المسلمين بعيد الفطر، تحتفي المتاحف المصرية طوال شهر مايو (أيار) الحالي بـ«الشخصية المصرية الاحتفالية»، بعرض عدد من القطع الأثرية التي توثق احتفالات المصريين عبر العصور.
بقطعة من الخشب عليها نحت بارز لمجموعة من عازفي الموسيقى من السيدات، بصحبة مجموعة من الأطفال يلعبون الأكروبات وكأنهم في احتفال شعبي، يوثق المتحف القبطي الطريقة التي كان يحتفل بها المصريون القدماء، بينما ينقلنا متحف ركن فاروق بحلوان، قروناً عدة بعرض صورة فوتوغرافية لزفاف الملك فاروق والملكة ناريمان وعليها توقيع المصور الملكي، آنذاك، رياض شحاتة، والصورة داخل برواز خشب يعلوه التاج الملكي، ويعرض متحف المركبات الملكية بالقاهرة، عربة نصف آلاي كانت تستخدم لاستقبال كبار الزوار بالمناسبات الرسمية، أما متحف جاير أندرسون، فيعرض طبلة ذات رق من الخشب المطعم، بالخشب والأبنوس والسن من القرن 18 – 19، في الوقت الذي يعرض فيه متحف مطار القاهرة الدولي 2، مخطوط تسبحة كيهك «الأبصلمودية الكيهكية»، وهو كتاب تسبحة يضم «صلاة عشية أحاد شهر كيهك» (الشهر الرابع في التقويم القبطي) وكثيراً ما تستخدم بعض هذه التسابيح خارج شهر كيهك، ومنها ما يُقرأ في الأعياد المختلفة مثل عيد النيروز.
ويعدّ المصري القديم «شخصية احتفالية بامتياز»، بحسب الدكتور بسام الشماع، الباحث في علم المصريات، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللغة المصرية القديمة كان بها كلمة بمعنى عيد، وهي كلمة (حب)، حتى أن أحد ملوك مصر القديمة حمل هذا الاسم وهو (حر أم حب) المعروف بحور محب، وتعني المعبود في عيد».
ويستشهد الشماع بنص للمؤرخ هيرودوت يشير إلى أن «المصريين هم من علموا العالم الأعياد»، ويقول هيرودوت «ولقد سبق المصريون الشعوب إلى إقامة الأعياد العامة والمواكب العظيمة، وعنهم تعلمها اليونانيون، ودليلي على ذلك أنها تقام عند المصريين منذ زمن بعيد، بينما لم يحتفل بها اليونانيون إلا منذ وقت قريب؛ فالمصريون لا يحتفلون مرة واحدة في السنة بعيد شعبي عام، لكن أعيادهم العامة كثيرة».
ويعرض متحف آثار طنطا بمحافظة الغربية مومياء القمح من العصرين اليوناني والروماني، على هيئة المعبود أوزيريس داخل لفائف من الكتان، بداخل تابوت على هيئة المعبود حورس، حيث كان يتم صنعها على شرف المعبود أوزيريس احتفالاً بالحصاد، ويعرض متحف آثار الوادي الجديد، إناء من الفيانس من العصرين اليوناني الروماني، عليه زخارف نباتية والمعبودة حتحور وله بروزان عند الرقبة على شكل رأس حيوان، كان يستخدم في أعياد واحتفالات السنة الجديدة.
ويشير الشماع إلى أن «الأعياد المصرية كانت كثيرة، وتزيد سنوياً، فوفقاً لنص الملك تحتمس الثالث على جدران معبد الكرنك، فإن مصر كان بها 54 عيداً في السنة، بينما توثق جدران معبد هابو في البر الغربي بالأقصر 60 عيداً سنوياً في عهد الملك رمسيس الثالث».
ويقول الشماع، إن «هيرودوت وصف عدداً من الأعياد التي كان يحتفل بها المصريون القدماء، من بينها عيد كان يقام قبل أكثر من 2400 عام، ويتضمن ركوب الناس القوارب رجالاً ونساء، والتوجه إلى تل بسطا في محافظة الشرقية، وهم يعزفون على الطبل والمزمار ويغنون، ويصفقون»، مشيراً إلى أن «هيرودوت نقل عن أهل البلاد أن عدد حضور الاحتفال وصل إلى 700 ألف من الرجال والنساء عدا الصبية». ويقترح الشماع «وضع أجندة بالأعياد المصرية القديمة، ومواعيدها وإعادة إحياء بعضها لتنشيط الحركة السياحية، خاصة الأعياد التي تتناسب مع الطبيعة المصرية، مثل عيد المصابيح الذي كان يقام سنوياً في مدينة سايس (صالحجر) في محافظة الغربية (دلتا النيل)، وفيه كان الناس ينيرون مصابيح في الهواء على شكل دائرة حول منازلهم»، كتب عنه هيرودوت وقال، إن «مصر كلها كانت تنير ليلة العيد».
وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي احتفلت مصر بافتتاح طريق الكباش الأثري، بإحياء عيد الأوبت، الذي كان يقام في مصر القديمة قبل نحو 3500 عام، وهو موكب احتفالي يخرج فيه ثالوث طيبة المكون من المعبود آمون، والمعبودة موت وابنهما المعبود خونسو داخل مراكبهم المقدسة، من معبد آمون في الكرنك، إلى معبد الأقصر، في رحلة تمتد إلى نحو 2700 متر»، وقالت وزارة السياحة والآثار وقتها، إنها «تفكر في وضع العيد على الأجندة السياحية، وإعادة الاحتفال به سنوياً».


مقالات ذات صلة

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

يوميات الشرق زاهي حواس (حسابه على فيسبوك)

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

أكد الدكتور زاهي حواس، أن رفض مصر مسلسل «كليوباترا» الذي أذاعته «نتفليكس» هو تصنيفه عملاً «وثائقي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

وجد علماء الأنثروبولوجيا التطورية بمعهد «ماكس بلانك» بألمانيا طريقة للتحقق بأمان من القطع الأثرية القديمة بحثًا عن الحمض النووي البيئي دون تدميرها، وطبقوها على قطعة عُثر عليها في كهف دينيسوفا الشهير بروسيا عام 2019. وبخلاف شظايا كروموسوماتها، لم يتم الكشف عن أي أثر للمرأة نفسها، على الرغم من أن الجينات التي امتصتها القلادة مع عرقها وخلايا جلدها أدت بالخبراء إلى الاعتقاد بأنها تنتمي إلى مجموعة قديمة من أفراد شمال أوراسيا من العصر الحجري القديم. ويفتح هذا الاكتشاف المذهل فكرة أن القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الأسنان والعظام هي مصادر غير مستغلة للمواد الوراثية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

يُذكر الفايكنغ كمقاتلين شرسين. لكن حتى هؤلاء المحاربين الأقوياء لم يكونوا ليصمدوا أمام تغير المناخ. فقد اكتشف العلماء أخيرًا أن نمو الصفيحة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى فيضانات ساحلية هائلة أغرقت مزارع الشمال ودفعت بالفايكنغ في النهاية إلى الخروج من غرينلاند في القرن الخامس عشر الميلادي. أسس الفايكنغ لأول مرة موطئ قدم جنوب غرينلاند حوالى عام 985 بعد الميلاد مع وصول إريك ثورفالدسون، المعروف أيضًا باسم «إريك الأحمر»؛ وهو مستكشف نرويجي المولد أبحر إلى غرينلاند بعد نفيه من آيسلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

لا تزال مدينة مروي الأثرية، شمال السودان، تحتل واجهة الأحداث وشاشات التلفزة وأجهزة البث المرئي والمسموع والمكتوب، منذ قرابة الأسبوع، بسبب استيلاء قوات «الدعم السريع» على مطارها والقاعد الجوية الموجودة هناك، وبسبب ما شهدته المنطقة الوادعة من عمليات قتالية مستمرة، يتصدر مشهدها اليوم طرف، ليستعيده الطرف الثاني في اليوم الذي يليه. وتُعد مروي التي يجري فيها الصراع، إحدى أهم المناطق الأثرية في البلاد، ويرجع تاريخها إلى «مملكة كوش» وعاصمتها الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الخرطوم، وتقع فيها أهم المواقع الأثرية للحضارة المروية، مثل البجراوية، والنقعة والمصورات،

أحمد يونس (الخرطوم)
يوميات الشرق علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

اتهم علماء آثار مصريون صناع الفيلم الوثائقي «الملكة كليوباترا» الذي من المقرر عرضه على شبكة «نتفليكس» في شهر مايو (أيار) المقبل، بـ«تزييف التاريخ»، «وإهانة الحضارة المصرية القديمة»، واستنكروا الإصرار على إظهار بطلة المسلسل التي تجسد قصة حياة كليوباترا، بملامح أفريقية، بينما تنحدر الملكة من جذور بطلمية ذات ملامح شقراء وبشرة بيضاء. وقال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولة تصوير ملامح كليوباترا على أنها ملكة من أفريقيا، تزييف لتاريخ مصر القديمة، لأنها بطلمية»، واتهم حركة «أفروسنتريك» أو «المركزية الأفريقية» بالوقوف وراء العمل. وطالب باتخاذ إجراءات مصرية للرد على هذا

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».