أوباما والسيدة الأولى.. ما بعد البيت الأبيض

اختيار منزل جديد.. لكن ميشيل تواقة لقيادة السيارة ونافذتها مفتوحة

مع العائلة في بيتهما في شيكاغو
مع العائلة في بيتهما في شيكاغو
TT

أوباما والسيدة الأولى.. ما بعد البيت الأبيض

مع العائلة في بيتهما في شيكاغو
مع العائلة في بيتهما في شيكاغو

يعني القرار الذي اتخذه الرئيس باراك أوباما وزوجته ميشيل ببناء مكتبته الرئاسية في شيكاغو حذف أحد الأشياء المدرجة على قائمة الأمور التي يعتزمان فعلها بعد مغادرة البيت الأبيض. ولا تعد القرارات الباقية ضاغطة وملحّة مثل مكان إقامة المكتبة، الذي من المرجح أن يتم تحديده قبيل مغادرة البيت الأبيض، في منتصف شهر يناير (كانون الثاني) 2017، أو ربما بعده.
وترى ميشيل أوباما أن هذا أمر جيد، حيث تقول في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»: «سيكون لدينا الكثير من الأمور التي ينبغي القيام بها على مدى العامين المقبلين، ومن الصعب القيام بذلك ثم التفكير في الخطوات التالية. أعتقد أنه عندما يحين الوقت المناسب سنبدأ نفكر في الخطوة التالية، لكن حتى هذه اللحظة المهم هو التركيز على العمل الذي نقوم به هنا».
ويتعلق الأمر كذلك بعدم إبداء التركيز على المستقبل أكثر من التركيز على مسؤولياتهما اليومية، على حد قول أنيتا ماكبرايد، أحد المسؤولين القدامى في ثلاث إدارات تولاها الحزب الجمهوري، التي أوضحت قائلة: «إنه رئيس، وهي سيدة أولى لمدة ثمانية أعوام، لا ست سنوات وخمسة أشهر».
ومن القرارات التي تنتظر أوباما وزوجته، هي اختيار منزل جديد. وقال أوباما إن رأى ابنته ساشا في المكان الذي ستختاره الأسرة للسكن بعد نهاية فترته الرئاسية «سيكون مهما»، لأنها أوشكت على بلوغ الرابعة عشرة من العمر، وستكون لا تزال في المرحلة الثانوية. أما الأخت الكبرى ماليا، فمن المتوقع أن تلتحق بالجامعة.
واختار بعض الرؤساء السابقين أن تكون منازلهم ومكتباتهم في المدينة نفسها، مثل جورج بوش الأب، الذي اختار هيوستن، وجورج بوش الابن، الذي اختار دالاس.
ولا يزال أوباما يمتلك المنزل الذي عاش فيه مع أسرته في شيكاغو قبل أن يصبح رئيسا، لكن من غير الواضح ما إذا كان سيعود إلى هناك ليقيم فيه بشكل دائم أم لا. ويقضي أوباما أعياد الميلاد في مسقط رأسه في هاواي، لكن يبدو أنه لن يقيم هناك بعد انتهاء مدته الرئاسية. وصرح البيت الأبيض بأن أوباما لم يكن وراء شراء صديقه رجل الأعمال مارتي نيسبيت لمنزل يطل على البحر في هاواي يبلغ سعره 8.7 مليون دولار. ونيسبيت هو رئيس مؤسسة «باراك أوباما» التي تتولى جمع الأموال لبناء المكتبة.
وسوف تدفع دور النشر الملايين مقابل الحصول على مذكرات أول رئيس أميركي من أصل أفريقي وأول سيدة أولى أميركية من أصل أفريقي. وتقاضى الرئيس السابق بيل كلينتون 10 ملايين دولار مقدما، بحسب ما قيل مقابل مذكراته «حياتي»، في حين يقال إن هيلاري كلينتون، زوجته، السيدة الأولى السابقة، ومرشحة الحزب الديمقراطي الرئاسية لعام 2016، حصلت على 8 ملايين دولار مقابل كتابها «التاريخ المعاش».
وقد تم نشر كتب بالفعل لكل من باراك أوباما وزوجته، فقد كتب باراك أوباما «أحلام من أبي»، و«جرأة الأمل»، و«أغني عنك»، وهو كتاب للأطفال. أما ميشيل أوباما، فقد كتبت «رعاية النباتات الأميركية» عن حديقتها في ساوث لين. ووافق أوباما عام 2004 على تأليف كتاب للأطفال، ضمن عقد مع دار نشر «راندوم» يقضي بتأليف ثلاثة كتب، من بينهم كتاب «جرأة الأمل». ولا يزال أوباما ملتزما بعقد لتأليف كتاب غير روائي لن يكون مذكراته، ومن المقرر أن ينتهي منه بعد مغادرته للمنصب. ومن المرجح كذلك أن تخطو دوائر الخطابات والأحاديث ود الزوجين أوباما.
سيكون أوباما في الخامسة والخمسين من العمر حين يغادر منصبه الرئاسي، وسوف تكون ميشيل في الثالثة والخمسين. وتحدث أوباما عن العودة إلى التدريس، وإلى العمل المجتمعي الذي كان يمارسه قبل دخوله غمار السياسة. الجدير بالذكر أنه كان يوما ما يدرس القانون الدستوري في جامعة «شيكاغو». كذلك يقول أوباما إنه سوف يظل مشاركا في برنامج دعم بدأه مع الصبية والشباب الملونين، وقد أعلن أخيرا أن هناك مؤسسة جديدة سوف تستكمل تنفيذ البرنامج بعد مغادرته لمنصبه.
وأوضح قائلا: «سوف أعود إلى القيام بالأمور التي كنت أفعلها قبل ذلك، سأحاول العثور على طرق لمساعدة الناس والشباب في الحصول على فرص تعليم، وفرص عمل، وكذا محاولة جذب أنشطة تجارية إلى الأحياء التي لا يوجد بها ما يكفي من أعمال تجارية. هذه هي الأمور التي أود حقا القيام بها».
وتعتزم ميشيل أوباما الاستمرار في الانخراط في المبادرات الأربع الكبرى التي دشنتها وهي: «الحد من بدانة الأطفال»، و«مساعدة المحاربين القدامى في الجيش وأسرهم»، و«تشجيع طلبة المرحلة الثانوية على الالتحاق بالجامعات أو الكليات الفنية»، و«تعليم الفتيات حول العالم».
وصرحت خلال قمة عقدت عن الصحة في بداية العام الحالي: «ليس لديّ وقت محدد بعام أو عامين لإنجاز هذا العمل، فباقي عمري هو الحدود».
تتطلع ميشيل أوباما بعد مغادرتها للبيت الأبيض إلى «قيادة سيارة، وفتح زجاج النافذة ليلفح الهواء وجهي. سأقضي العام الأول وأنا أطل برأسي من النافذة. لقد مرت سنوات طويلة دون ركوب سيارة مفتوحة النوافذ، فحتى النوافذ داخل المنزل دائما مغلقة». وربما سيحرص الحرس السري، الذي سيظل مع الزوجين أوباما، على بقاء النوافذ مغلقة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».