في موازاة التحضيرات للانتخابات النيابية في لبنان، قرر المسرحي اللبناني، ورئيس «جمعية تيرو للفنون» قاسم إسطنبولي، أن يقدم عرضاً مسرحياً توعوياً. العمل هو بعنوان «غير يا غزيّل»، الذي يقدم على خشبة «المسرح الوطني اللبناني» في صور، وقد رغب من خلاله، تحفيز المواطن على إجراء التغيير، ورفض الأمر الواقع، كما ذكر لـ«الشرق الأوسط».
المسرحية مقتبسة عن نص «لا نستطيع أن ندفع... لن ندفع»، للكاتب الإيطالي داريو فو. وهي من إخراج وتوليف جنى الحسن، وتمثيل قاسم إسطنبولي ونورا حسام الدين، وحمزة نضر، ولارا الحاج. يستمر العرض على خشبة «المسرح الوطني» في صور لغاية 4 الحالي، فيما تتنقل بعدها في مناطق لبنانية عدّة، من بينها صيدا والنبطية وبيروت وطرابلس بين 5 و11 مايو (أيار) الحالي، وذلك بالتعاون مع «المركز الثقافي الفرنسي» في لبنان.
وتحكي المسرحية عن الواقع اللبناني بتفاصيله الصغيرة، لتشمل أوضاعه الاجتماعية والبيئية، وحتى السياسية منها، مستخدمة نصاً فيه الكثير من السخرية.
يقول إسطنبولي لـ«الشرق الأوسط»: «المسرحية مقتبسة عن عمل للكاتب الإيطالي داريو فو تتناول الأزمة الإيطالية في سنوات غابرة. وقد حصد عنها جائزة نوبل لمقاربتها المجتمع الإيطالي، والمشكلات التي عانى منها بسبب مواجهات بين الرأسماليين والعمال. وهذا الوضع يشبه إلى حد كبير الأوضاع في لبنان، وقد عملنا على تقريبه من مجتمعنا، فأعددنا له توليفة تناسبه».
ويرى إسطنبولي أنه في ظل إجراء الانتخابات النيابية في لبنان في الـ15 من الشهر الحالي، رغب بتقديم عروض هذه المسرحية، بحيث لا تقتصر على مدينة صور بل تطال مختلف المناطق اللبنانية، وصولاً إلى بيروت وطرابلس. وبذلك ستعرض على مسرح «إشبيليا» في صيدا، وضمن عرضين في سينما «أمبير» و«الرابطة الثقافية» في طرابلس، إضافة إلى عرض آخر يستضيفه «المركز الثقافي الفرنسي» في بيروت.
ويعلق إسطنبولي: «إن العروض موزعة إلى قسمين، تقدم الأولى منها مع ممثلين محترفين، فيما العروض المتنقلة تقام بالتعاون مع تلامذتي في فن الأداء المسرحي تحت عنوان (مش رح ندفع)».
وتفتح المسرحية أبوابها أمام جميع الراغبين بمشاهدتها مجاناً، وتسلط الضوء على معاناة المواطن اليومية من غلاء الأسعار والواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، الذي وصلت إليه البلاد، في ظل الأزمات وانعكاساتها على حياة المواطنين في لبنان وأملهم في التغيير.
أكدت المخرجة جنى الحسن، أن المسرحية تتطرّق إلى النضال الطبقي، وعلاقة المرأة الذكية والفطنة بزوجها، التي تعترف له بأسبقية كرامته على كل ما عداها. لكنها تعود لتقول له نحن نجوع فكيف تنطق بالعدالة والكرامة؟
ويوضح إسطنبولي لـ«الشرق الأوسط»: «إنها مسرحية تدعو إلى التغيير، وتحفز مشاهدها على محاسبة نفسه، لأنه شارك بدوره بشكل أو بآخر في القبول بالأمر الواقع». ويتابع قائلاً: «لقد وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، بسبب أداء الناس أيضاً، ومشاكلنا لا تنحصر فقط بالزعماء والسياسيين. وهذا العمل هو بمثابة مرآة تعكس أداء المواطن وتعزز المسؤولية عنده تجاه بلده. كما تتضمن الكثير من الرموز والأبعاد السياسية التي سيفهمها مشاهدها كون المسرح يحاكي الناس بلغة إنسانية في الدرجة الأولى».
ويرى إسطنبولي أن المسرحية ومدتها 50 دقيقة، تشبه الواقع اللبناني إلى حد كبير، ونابعة من يوميات المواطن، بعد أن وضعت في قالب مسرحي.
تستهل المسرحية في مشهد لمجموعة نساء يوجدون في السوبر ماركت، ويتفاجأن بغلاء الأسعار، فيبدأن بأخذ الأغراض التي يحتجنها ويخبئنها في بطونهن، تحت ملابسهن فيبدون كالحوامل. من هنا تبدأ أحداث مشوقة للمسرحية، عندما تلحق بهن الشرطة لاعتقالهن. ويشرح إسطنبولي: «إنها مسرحية مشبعة بالسخرية والتهكم، وفي الوقت نفسه تنقل معاناة مجتمع بأكمله، نتيجة الأوضاع المتردية التي يعيشها». ويشير إلى أن العروض المتنقلة بعنوان «مش رح ندفع»، ترتكز على جزء ومشهدية من مسرحية «غيّر يا غزيّل». وقد عدلت لتصنف ضمن مسرح الشارع فتتناسب مع العروض الجوالة للعمل.
وتهدف «جمعية تيرو للفنون»، المنظمة لهذه المسرحية، التي يقودها الشباب والمتطوعون، إلى إنشاء مساحات ثقافية حرة ومستقلة في لبنان من خلال إعادة تأهيل سينما «الحمرا»، وسينما «ستارز» في النبطية، وسينما «ريفولي» في مدينة صور. وقد تحولت هذه الأخيرة إلى «المسرح الوطني اللبناني» أول مسرح وسينما مجانيين في لبنان. وهذا المسرح يشهد بصورة مستدامة ورش عمل وتدريبات فنية للأطفال والشباب، ويقوم على برمجة العروض السينمائية الفنية والتعليمية لهم، وعلى نسج شبكات تبادلية مع مهرجانات دولية. وتتيح الجمعية الفرص أمام المخرجين الشباب لعرض أفلامهم، وتعريف الجمهور بتاريخ السينما والعروض المحلية والعالمية. ومن المهرجانات التي أسستها: مهرجان «لبنان المسرحي الدولي»، ومهرجان «شوف لبنان» في السينما الجوالة، و«مهرجان لبنان المسرحي الدولي للحكواتي» وغيرها.
مسرحية «غيّر يا غزيّل» تحمل رسائل توعوية تدعو إلى التغيير
مسرحية «غيّر يا غزيّل» تحمل رسائل توعوية تدعو إلى التغيير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة