الغرب يزيد وتيرة تسليح أوكرانيا بغية «إضعاف» روسيا

أوكرانيان يُطلّان من نافذة شقّة تعرضت للقصف في دوبروبيليا بدونيتسك أمس (رويترز)
أوكرانيان يُطلّان من نافذة شقّة تعرضت للقصف في دوبروبيليا بدونيتسك أمس (رويترز)
TT

الغرب يزيد وتيرة تسليح أوكرانيا بغية «إضعاف» روسيا

أوكرانيان يُطلّان من نافذة شقّة تعرضت للقصف في دوبروبيليا بدونيتسك أمس (رويترز)
أوكرانيان يُطلّان من نافذة شقّة تعرضت للقصف في دوبروبيليا بدونيتسك أمس (رويترز)

بعد إعادة روسيا النظر في خططها العسكرية بأوكرانيا، وتركيز «عمليتها الخاصة» باتجاه إقليم دونباس، بدا واضحاً أن تغييراً في الحسابات الاستراتيجية قد طرأ على خطط الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، تجاه مستقبل الحرب التي أربكت أوروبا. ومع تحوّل الحرب من «صدّ الهجوم الروسي» إلى «فرصة لإضعاف روسيا إلى الحد الذي يمنعها مستقبلاً من شن أي هجوم جديد على أي دولة أخرى»، بحسب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، دفعت الولايات المتحدة وحلفاؤها بمزيد من شحنات الأسلحة الجديدة والنوعية إلى أوكرانيا. ورغم أن نتيجة الحرب تبقى غير مؤكدة، فإن صمود الجيش الأوكراني أزال المخاوف الغربية السابقة من انهياره السريع. وترى الحكومات الغربية احتمالاً واقعياً لنجاح أوكرانيا في إجبار روسيا على الانسحاب من أراضيها، بما يردع موسكو عن الاستيلاء على أراضٍ أخرى في المستقبل، وهو ما يمثل انتصاراً استراتيجياً للغرب.
- 12 رحلة جوية خلال يومين
وبعد طلب إدارة الرئيس جو بايدن من الكونغرس الموافقة على تمويل جديد بقيمة 33 مليار دولار لدعم «المرحلة الجديدة» من الحرب، أعلن البنتاغون أن أكثر من 12 رحلة جوية تحمل أسلحة ومعدات، بما في ذلك المدفعية والطائرات من دون طيار، شقت طريقها من الولايات المتحدة يومي الجمعة والسبت إلى أوكرانيا. كما كشف البنتاغون علناً عن خطط جارية لتدريب القوات الأوكرانية في ألمانيا وبلدان أوروبية أخرى. وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي إن القوات الأميركية في ألمانيا، بدأت تدريب الجنود الأوكرانيين على الأنظمة الرئيسية الجديدة التي أرسلت للدفاع عن أوكرانيا ضد الحرب الروسية. وقال كيربي: «هذه الجهود تعتمد على تدريب المدفعية الأوّلي الذي تلقته القوات الأوكرانية بالفعل في أماكن أخرى، وتشمل أيضاً التدريب على أنظمة الرادار والعربات المدرعة التي تم الإعلان عنها مؤخراً كجزء من حزم المساعدة الأمنية». وأضاف أن قيادة القوات الأميركية في أوروبا وأفريقيا تُنظّم عمليات التدريب بالتنسيق مع ألمانيا، بمشاركة الحرس الوطني في ولاية فلوريدا، الذين كانوا يشاركون مع مجموعات تدريب مشتركة متعددة الجنسيات في غرب أوكرانيا، قبل بدء الحرب، انضموا إلى عمليات التدريب في ألمانيا، ويعملون مرة أخرى على تزويد الأوكرانيين بالمعرفة التي يحتاجون إليها للدفاع عن بلدهم.
وقال كيربي: «لقد قيل لنا إن لمّ شمل أعضاء الحرس الوطني في فلوريدا مع زملائهم الأوكرانيين كان لقاءً عاطفياً، نظراً للروابط القوية التي تشكلت أثناء العيش والعمل معاً قبل مغادرتهم أوكرانيا مؤقتاً في فبراير (شباط) الماضي». وكشف أن الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تدرب أفراد الخدمة الأوكرانية، فقد أعلنت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا أناند، أن الجيش الكندي يدرب الأوكرانيين على مدافع الهاوتزر في أوروبا. وقال كيربي إن هذا الجهد التدريبي هو دعم مباشر لحزم المساعدة الأمنية الأميركية الأخيرة «المصمّمة لمساعدة أوكرانيا في كسب معاركها اليوم وبناء قوتها للغد».
- أنظمة «ضرورية» لمواجهة روسيا
أكد كيربي أن هذه الأنظمة ضرورية لمواجهة اندفاع روسيا الجديد إلى منطقة دونباس في أوكرانيا. وقال إن «هذه الحزمة التدريبية هي فقط الأحدث منذ تفكك الاتحاد السوفياتي، لكنها تكثّفت بعد أن غزت روسيا أوكرانيا في عام 2014 وضمت شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني». وتابع: «نحن هنا اليوم نتحدث عن الحرس الوطني في فلوريدا. لكن كما تعلمون جميعاً، فقد سبقهم آخرون من زملائهم على مدى السنوات الثماني الماضية». وأكد أن هذا الجهد التدريبي كان عاملاً أساسياً في دفاع أوكرانيا القوي عن عاصمتها كييف والمعركة التي تخوضها في دونباس. وقال كيربي إن هذا التدريب «ساعد في تحويل أوكرانيا من جيش على الطراز السوفياتي إلى قوة أكثر رشاقة وفتكاً، ومكّنهم من القيادة والسيطرة بشكل أفضل». وأضاف: «لديهم المبادرة في ساحة معركة أفضل. لديهم ضباط صف كفؤون يتمتعون بسلطات في ميدان المعركة لاتخاذ قرارات تكتيكية. لم يحدث ذلك عن طريق الصدفة». وأكد أن عمليات التدريب لن تكون طويلة وسيتم اقتصارها على الأنظمة الأكثر إفادة لهم، بعدما اختار الجيش الأوكراني الأفراد المتخصصين في سلاح المدفعية، لتعلم كيفية تشغيل مدافع هاوتزر الغربية. وقال إن الأمر ينطبق أيضاً على مشغّلي أجهزة الرادار الداعمة لهذه المدفعية، حيث سيتلقى الجنود الأوكرانيون المتخصصون بالرادار تدريبات على الأنظمة الأميركية. وفي رده على «التهديدات النووية الروسية»، قال كيربي إن الولايات المتحدة تراقب باستمرار الاستعدادات النووية الروسية، مشيراً إلى أن «الردع الأميركي» في وضع صحيح. وقال إن الولايات المتحدة تأخذ أي تهديدات على محمل الجد وهي مستعدة لها.
- دبابات «تي - 72» ونظام «إس - 300»
في غضون ذلك، واصلت الحكومات الغربية نقل الأسلحة إلى القوات الأوكرانية. وأعلنت بولندا أنها أرسلت أكثر من 200 دبابة من طراز «تي - 72» من الحقبة السوفياتية إلى أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة. وأكد رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراويكي في وقت سابق من هذا الأسبوع إرسال الدبابات عبر الحدود، لكنه رفض الخوض في التفاصيل، بما في ذلك عددها. إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام أوكرانية تلقي القوات الصاروخية المضادة للطائرات التابعة للقيادة الجوية الجنوبية للقوات المسلحة الأوكرانية، نظام صواريخ «إس - 300» من الدول الشريكة، بهدف تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية في جنوب البلاد. وكانت سلوفاكيا قد عرضت تزويد أوكرانيا بنظام الدفاع الصاروخي المضاد للطائرات من طراز «إس - 300»، بعد أن اقترحت الولايات المتحدة استبدال نظام باتريوت الأكثر تقدماً به.
ولا تزال أوكرانيا ودول حلف وارسو السابقة، تستخدم كثيراً من الأسلحة السوفياتية. ومنذ أن شنّت روسيا حربها على أوكرانيا، سلّمت بعض دول أوروبا الشرقية معداتها إلى كييف، مقابل حصولها على أسلحة بديلة من الحكومات الغربية. وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون هذا الشهر، أن بلاده يمكن أن تساعد في «ردم الهوة»، عن طريق إرسال دبابات إلى بولندا، مقابل الدبابات التي أرسلتها إلى أوكرانيا. وبعد أسابيع من التأخير، أعلنت ألمانيا، الثلاثاء الماضي، أنها ستوافق على تسليم نحو 50 مركبة مدرعة مضادة للطائرات من طراز «جيبارد» إلى أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».