رئيس البرلمان العراقي يرفض «تحكّم المسلحين» بالبلاد

هدد باتخاذ مواقف «جدية وحدية» من العملية السياسية

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي (غيتي)
رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي (غيتي)
TT

رئيس البرلمان العراقي يرفض «تحكّم المسلحين» بالبلاد

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي (غيتي)
رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي (غيتي)

بعد نحو أسبوعين من عودة وزير المالية الأسبق رافع العيساوي إلى بغداد ومن ثم إلى الفلوجة في محافظة الأنبار، ويومين من عودة علي حاتم السليمان، أحد أبرز مشايخ الأنبار إلى العاصمة ومن ثم إلى مدينة الرمادي حيث مسقط رأسه، أعلن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أنه سيتخذ موقفا جديا وحديا من العملية السياسية في البلاد. وفي تغريدة بلهجة حادة على موقع «تويتر» قال الحلبوسي، وهو أحد أبرز حلفاء الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في تحالف (إنقاذ وطن)، إن «العمل السياسي تحكمه ثوابت وأخلاقيات، ولا يمكن أن يصنف الاستهتار بأمن المواطنين، وإثارة الفتن بين أبناء الشعب تحت أي سبب كان على أنه مناورة أو ضغط سياسي». وأضاف «لذا سنتخذ مواقف جدية وحدية بمجمل المشاركة في العملية السياسية، نظراً لتحكم المسلحين الخارجين عن القانون، وعبثهم بأمن البلاد والعباد، ومحاولاتهم المستمرة لتغييب الدولة وإضعاف القانون والعبث بالنسيج الاجتماعي، إذ لا يمكن أن تبنى دولة بدون العدل والعدالة، ولا يحترم فيها حق المواطن في العيش الكريم».
وفي إشارة إلى خصومه السنة، لا سيما علي حاتم السليمان الذي يتهم بكونه أحد قيادات تظاهرات الأنبار عام 2013، قال الحلبوسي إنه «سيحاسب عاجلاً أم آجلاً كل من أجرم بحق الشعب ونهب ثرواته وغيب رجاله، وقتل وأعاق شبابه وهم يطالبون بحقوقهم، وآخرين هجرهم من ديارهم، وأودع أبرياء بدلاً من مجرمين تم تهريبهم من السجون في وضح النهار».
ويعد موقف الحلبوسي هو الأول من نوعه على هذا المستوى لا سيما مع تحالفه مع زعيم قوي مثل مقتدى الصدر الذي كان سبق أن أعلن أنه سوف يتكفل بحماية شركائه وحلفائه. وفي سياق مضمون تغريدة الحلبوسي والتطورات التي سبقتها في المشهد السياسي في البلاد فإن التحالف الثلاثي الذي بدأ قويا بدأ بالتفكك بعد فشله في تمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية عن الحزب الديمقراطي الكردستاني. وفيما أعلن الصدر اعتكافه لمدة 40 يوما تاركا حلفاءه وخصومه يضربون أخماسا بأسداس فإن التطورات اللاحقة لم تكن في صالح هذا التحالف. فأربيل، المعقل الرئيس لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، قصفت بالصواريخ من قبل إيران دون أن يتمكن الصدر من اتخاذ موقف واضح، كما قصفت أكثر من مرة من قبل الفصائل المسلحة دون موقف. وفيما يتعلق بالحلبوسي، بدأت بعض الأطراف الشيعية المسلحة التي وردت في تغريدة الحلبوسي، دون أن يشير لها بالاسم بخلق ضد نوعي له داخل محافظة الأنبار عبر دعم وتسليح سطام أبو ريشة، نجل زعيم الصحوات السابق عبد الستار أبو ريشة. يضاف إلى ذلك أن هذه الفصائل نفسها هي من سهلت عودة علي حاتم السليمان إلى الأنبار دون أن يتمكن الصدر من توفير أي حماية له كشريك سني اتهمته تلك القوى نفسها بتمزيق البيت الشيعي.
ليس هذا فقط، بل لدى الحلبوسي مشكلة إدارية مع نائبه الأول، القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، الذي يصر على أن البرلمان يتكون من هيئة رئاسة في حين يصر الحلبوسي ومعه حتى المختلفون معه في المكون السني أن البرلمان يتكون من رئيس ونائبين. ومع ذلك فإن الصدر لم يتدخل إيجابيا لصالح الحلبوسي في هذا النزاع مع من يفترض أنه شريك مهم.
وفي هذا السياق، يرى الباحث وأستاذ الإعلام في الجامعة العراقية الدكتور فاضل البدراني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الخريطة السياسية السنية تبدو مشوشة، ويسودها في الوقت الحاضر شيء من الإرباك والقلق بحيث انعكس ذلك على الجمهور السني المتوجس من احتمال صراع قادم بين الحلبوسي، من جهة، ورافع العيساوي وعلي حاتم السليمان، من جهة أخرى، لكني أرى عكس ذلك فبعودة العيساوي تحديدا للواجهة ستشهد الخارطة السياسية السنية استقراراً». وأضاف البدراني أن «هذه العودة هي في الحقيقة فرصة لعودة الفريق السياسي الذي غاب عن المشهد في السنوات الماضية، لأن من مصلحة السنة عودة أصحاب الخبرات السياسية مع وجود أكثر من تكتل سياسي على أن يتوافر النضج السياسي الذي يبعدهم عن الصراعات والارتماء بساحة جهة سياسية أخرى أو حتى دول خارجية»، مشيرا إلى أنه «من المتوقع أن تشهد مصالحة بين الحلبوسي والشيخ علي حاتم السليمان، أما العيساوي فلن يدخل في خصومة مع طرف لحنكته المعروفة».
وحول تهديد الحلبوسي باتخاذ موقف من العملية السياسية، يقول البدراني إن «ذلك يتعلق بخلافات واضحة بينه وبين الإطار التنسيقي بعد دخول الحلبوسي في التحالف الثلاثي مع الصدريين والبارزاني». وفيما يرى البدراني أنه «ولأول مرة نرى الحلبوسي يهدد بهذا الموقف» فإنه من جانب آخر «يعكس صورة قاتمة لمضمون العملية السياسية برمتها بعد سلسلة الانسدادات التي عانتها خلال الفترة الماضية بعد الانتخابات الأخيرة».
إلى ذلك اتهم قيادي في تحالف عزم المناوئ للحلبوسي اتهم الأخير بأنه تسبب في ضياع حقوق المكون السني. وقال فارس الفارس، النائب السابق، إن «محمد الحلبوسي ذهب مع التحالف الثلاثي للحصول على منصب رئيس البرلمان والمناصب الأخرى إلا أن التيار الصدري وعبر حاكم الزاملي هو من يحرك البرلمان ويديره». وأضاف: «الحلبوسي لم يحافظ على «جاكوج» البرلمان وتساءل: «فكيف له تحقيق مصالح المكون السني وترتيب الأوضاع السياسية»، مبينا أن «الكرد والسنة دخلوا بخطأ كبير وتسببوا بانشقاق الصف الشيعي وقد تكون الأغلبية شيعية صرفة في الانتخابات القادمة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.