«رمضان زمان» يستعيد الأجواء التراثية للشهر الكريم في القاهرة

معرض يتضمن صوراً ووثائق تاريخية وورشاً للفنون اليدوية

بعض لوحات الخط العربي
بعض لوحات الخط العربي
TT

«رمضان زمان» يستعيد الأجواء التراثية للشهر الكريم في القاهرة

بعض لوحات الخط العربي
بعض لوحات الخط العربي

ضمن فعاليات الاحتفال باختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2022، تنظم مكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع الأزهر الشريف، والهيئة العامة لتنشيط السياحة، ووزارة الثقافة، والهلال الأحمر المصري، تحت رعاية المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو). معرض «محكي رمضان زمان في القاهرة» الذي يستعيد أجواء وروائح وأصوات رمضان التراثية بالقاهرة.

ورشة تعليم الخط العربي

ويضم المعرض، الذي يستضيفه حالياً بيت السناري بالقاهرة، قبل رحلته المتوقعة إلى عدة أماكن تراثية بالقاهرة، احتفالاً باختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية هذا العام، بانوراما ذاكرة الأزهر، التي يقدم خلالها جولة تخيلية للجامع الأزهر، ومخططاً لمدينة القاهرة ومجسماً لمسجد عمرو بن العاص، وورشاً لتعليم الخط العربي، وورشاً لتعلم الخيامية والأرابيسك، بالإضافة إلى تكريم رموز أعمال رمضان زمان.
فنان الأرابيسك طلعت إبراهيم، أحد أصحاب ورش تعليم الفنون التراثية بالمعرض، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن والدي كان أحد فناني الخيامية المشهورين في منطقة الغورية، الذي ورّث هذه المهنة لأشقائي، فإنني قد جذبتني فنون الأرابيسك، خصوصاً صناعة المشربيات العربية».
وأكد إبراهيم أنه «لا يتعامل مع مهنته بمنطق مادي فقط، لكنه يصب كل اهتمامه نحو نشر جمالياتها وتعريف الناس بها، بالإضافة إلى نقل خبراته الطويلة إلى أبنائه، ليتوارثوا فنونها من بعده».


فنان خرط المشربيات طلعت إبراهيم

ويشير إبراهيم إلى أنه «تعلم صناعة المشربيات وهو في سن العاشرة، وحرص على تعليم هذه الحرفة لأبنائه في نفس السن تقريباً، وكان هدفه أن يتعايشوا مع أجواء العمل داخل ورشته التي يمتلكها في حي الوراق الشعبي، وأن يطلعوا على كل أسرارها».
ويؤكد إبراهيم أن «فن الأرابيسك، يطلق على كل المنتجات التي يدخل في تصميمها الموزييك، والصدف والنحاس، وخرط المشربيات».
ويضم المعرض التراثي نموذجاً مجسماً لمسجد عمرو بن العاص، تقدمه الجمعية العربية للعلوم والثقافة والتنمية. ويقول محمد شعير، مستشار الجمعية لـ«الشرق الأوسط»، إن «(معرض محكي رمضان زمان) يهدف إلى تنشيط الذاكرة المصرية، واستحضار المظاهر الرمضانية التي كانت تتم في الماضي، لذلك نفذت الجمعية بانوراما تحاكي القاهرة التاريخية الإسلامية، وسعت لتسليط الضوء على بعض الحرف والفنون التراثية التي تشهد رواجاً كبيراً في شهر رمضان».
ويتضمن المعرض أعمالاً فنية وصوراً فوتوغرافية تبرز شوارع القاهرة الفاطمية، بالإضافة إلى صورة للإمام الأكبر محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر بين عدد من العلماء، وأخرى له مع عدد من السياسيين المصريين بينهم رئيس الجمهورية الراحل أنور السادات، فضلاً عن صورة تظهره وهو في طريقه إلى بيت حانون شمال شرق قطاع غزة.


فنان الحفر على الخشب ياسين طه

من بين أبرز المعروضات أيضاً، وثيقة صادرة عام 1921 من الديوان العالي السلطاني تشير إلى منح «نيشان النيل» للشيخ محمد أبو الفضل شيخ الأزهر، ورسالة مؤرخة بعام 1956 من إمبراطور إيران رداً على رسالة بعثها له عبد الرحمن تاج شيخ الأزهر في ذلك الوقت يرفض خلالها العدوان الإسرائيلي على مصر، وصورة للباب الرئيسي الذي أهداه الحاكم بأمر الله للأزهر عام 400 هجرياً، ولوحات مكتوبة بالخط العربي تجمع بين الأسلوب الكلاسيكي والحديث.
وكرم منظمو المعرض عدداً من أحفاد قراء القرآن والمنشدين الراحلين، الذين ارتبط الجمهور بصوتهم خلال شهر رمضان على مدار عقود، وكان سيد الشحات، حفيد الشيخ الراحل سيد النقشبندي، أحد المكرمين، ويقول الشحات لـ«الشرق الأوسط» إن الحب الحقيقي لجده يأتي من تقدير المصريين لشخصيته، ولتراثه الذي يتم الاحتفاء به دائماً في شهر رمضان، أما هناء رفعت، حفيدة الشيخ محمد رفعت فذكرت أن اسم جدها يعد من العلامات التي تسبق أذان المغرب قبل الإفطار، وأن ارتباطه بقلوب وأسماع الناس بدأ على نطاق واسع بعد افتتاح الإذاعة المصرية، التي كانت تنقل تلاوته القرآنية على الهواء مباشرة.
ويرى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد أن معرض «محكي رمضان زمان بالقاهرة» دليل واضح على التناغم والترابط بين المؤسسات الاجتماعية والتربوية والفكرية المختلفة في مصر، نظراً لأهميته في بناء الوعي والفكر الإنساني وتشكيل الحاضر واستشراف المستقبل».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.