«الكندوش 2» ينقذ سمعته ويتعلم من أخطائه

تعود الحماسة بعد خيبة الجزء الأول

أيمن زيدان وسلاف فواخرجي في مشهد من المسلسل  -  سلاف فواخرجي بشخصية «ياسمين»
أيمن زيدان وسلاف فواخرجي في مشهد من المسلسل - سلاف فواخرجي بشخصية «ياسمين»
TT

«الكندوش 2» ينقذ سمعته ويتعلم من أخطائه

أيمن زيدان وسلاف فواخرجي في مشهد من المسلسل  -  سلاف فواخرجي بشخصية «ياسمين»
أيمن زيدان وسلاف فواخرجي في مشهد من المسلسل - سلاف فواخرجي بشخصية «ياسمين»

الجزء الثاني من المسلسل السوري «الكندوش»، أفضل بأشواط من جزء أول باهت. تندفع الأحداث وتتصاعد المواقف، وثمة ما يحمّس على المشاهدة، بعد موسم فائت خالٍ من الحماسة. دخول المعالج الدرامي محمد العاص على الخط، يحرّك النص المُفلت من يد كاتبه حسام تحسين بيك. فللرجل خبرته في جرّ السياق نحو اتجاهات يحلو انتظارها. يُحمّل الشخصيات جميعها مسؤولية إنجاح العمل، عوض رمي الثقل فقط على البطل الرئيسي، أيمن زيدان بشخصية «عزمي بيك».
تتشابك خطوط المسلسل بما يؤدي إلى ترقب كل شيء. أحد لا ينوي المرور بلا أثر، بعد جزء أول لم يُقدم شيئاً يُذكر. إنقاذ السمعة مسألة شاقة، يتولى المنتج ماهر برغلي مسؤوليتها. ولأنه راهن وخذلته الرهانات، يدرك هذه المرة أن الخطأ ممنوع، ودعسة ناقصة أخرى ستجعل رد الاعتبار مستحيلاً. إدخال المعالج الدرامي تعديلات على النص تضخ الدم في شرايينه، خطوة موفقة، تظهر نتائجها بتشويق تجلّى بعضه وبعضه الآخر مرتقب.


                                         سامية الجزائري الأستاذة في أدوارها

رحلة انتقام «ياسمين» (سلاف فواخرجي) من زوجها «عزمي بيك» مستمرة، يدفع ثمنها الأبرياء من أولاده. تحالفها مع «أم مصطفى» (سامية الجزائري) يرفع مستوى الإثارة، خصوصاً أن الطرف المقصود من خطة الشر هي «أمل» (كندا حنا) ابنة «عزمي» المدللة. تدسّ رسائل حب مفبركة في خزانتها للفتنة بينها وبين زوجها (خالد شباط، في دور ممسوك من ألفه إلى يائه)، وتمعن في إذلالها وتقليل شأنها. تلتقي المصالح لحبك المكائد.
تدور الأحداث في دمشق بمنتصف ثلاثينات القرن الماضي. هناك ما يجري في العلن، وهناك ما يجري في السر. كزواج «عزمي» بـ«ياسمين»، وإخفاء كذبته على زوجته «نهلا» (صباح الجزائري). تلمح في زوجها تغييرات تطول سلوكه، وحزناً يحاول التستر عليه. اكتشافها زواجه السري بامرأة فكرت لوهلة باتخاذها زوجة لابنها، يُتوقع أن يُحدث زلزالاً في الأحداث يعمّ معه الخراب.
نجوم المسلسل أمام كاميرا المخرج سمير حسين وكادراته، يملكون أدوات تؤهلهم لضمان النتيجة. إن كانت الحظوظ الوافرة من نصيب الاسم الكبير سامية الجزائري، بإتقانها حداً مذهلاً من شخصية هي خليط كريه من البخل والحقد والنفس الخبيثة، فإن حظوظاً أخرى تتوافر لشخصيات ليست بالضرورة في مقاعد البطولة، كهمام رضا بشخصية «شريف»، حيث كل ما فيه يشي بارتكاب الحماقة من دون إحساس بالذنب. خطه الدرامي مع «العنكوش» (محمد حداقي)، الباحث عن الانتقام بعد خروجه من السجن، يدفع الأحداث إلى مزيد من التصاعد.
على مقلب آخر، لم يكن ينقص «ياسمين» سوى صدمة تورّط أخيها (سعد مينا) بجريمة قتل. معرفتها أنها حامل بابن «عزمي» تجعلها تحاول التخلّص من الجنين، فتخفق المحاولات. تحوّل أخيها إلى مجرم، يعقد تركيبة الشخصية، بالتوازي مع استعداد زوجها لإعلان زواجهما بعدما أخبرته بأنها تنتظر طفله.


من اليمين صباح الجزائري وكندا حنا وسلاف فواخرجي

ما يجري في منزل «أم مصطفى» مسلسل بذاته. فالشخصيات محترفة في اختزال الخوف من تسلّط الأم. ما إصابة «نبيهة» (اللافتة شكران مرتجى) بـ«تأتأة» في لسانها، و«مصطفى» بانكماش في ملامحه، سوى نتيجة السيطرة المرضية لأم تقفل على الطعام بما يُبقي البطون فارغة، وتهدد عائلتها بالغضب عليها إن عصى أحد أفرادها أوامرها. زواج «أمل» بـ«مصطفى» يفتح أبواب الجحيم على الابنة المفضلة لـ«عزمي»، المعتادة على الراحة والدلال. بأداء تمثيلي بارع، تقدم كندا حنا شخصية تفطر القلب على حالها. أخلاقها العالية وصبرها على اللهب، يُحلّيان ملامحها الحزينة ويزيدانها إقناعاً.
للمسلسل المعروض عبر «روتانا خليجية»، و«سوريا دراما»، و«LBC» وغيرها، خيوط درامية كافية ليدور حولها، مستغنياً عن ضعف الدوران حول خط واحد. من المقبلة أدوارهم على تصعيد مُحتمل، فايز قزق بشخصية «أبو الآس»، وهو أستاذ في تلبّسها، وجولييت خوري طرف في صراع الخير والشر المسيطر على الشخصيات، تدخل على جبهة الثأر لتحصيل امتيازات لا توفرها لها المواقف المحايدة.
يتقن أيمن زيدان تفاصيل شخصية «عزمي» بوجهها الظاهر ووجوهها المستترة. وسلاف فواخرجي تقود «ياسمين» نحو مكانة تحسب لها. حضورها المحدود في الجزء الأول، يلعب في الجزء الثاني بمساحة مرتاحة، خصوصاً بإدارتها مخطط الثأر وتفاعلها مع المفاجآت. دور «جنان» في «مع وقف التنفيذ» يرفعها أكثر إلى التفوّق، مع اختلاف في قماشة الدورين والنوع الدرامي.
يعوّض «الكندوش 2» الخيبة ويقول للماضي وداعاً، فقد آن طي صفحة التعثر. الاهتمام بالشخصيات بما يضمن سيرها في مسارها التصاعدي، وترابط الأحداث بعدما ضرب التفكك، يجعلانه من المسلسلات الناجية. ليست الموضوعات جديدة على الطرح المُقدّم عادة في مسلسلات البيئة الشامية. فالبعد السياسي حاضر، مع الحفاظ على الخطاب المعادي للانتداب الفرنسي. محرّكات السياق تدور في دوامة القتل والسرقة والحب والانتقام، ولو غير المسلسل شكل زعيم الحارة وأخفى مصطلح «العكيد» من التداول، مُرفقاً بالعراك و«الشبريات».
ما تخبئه الحلقات المقبلة يحتمل الذهاب أبعد في التصعيد. سرقة الذهب من «أم مصطفى»، وإعلان «عزمي» زواجه، ومصير «أمل»، وتصفية الحساب بين «العنكوش» و«شريف»، والتعلم من الأخطاء يفعل هذا وأكثر.


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».