خبراء: روسيا تستطيع تحمل حرب طويلة في أوكرانيا رغم العقوبات

روسيا فقدت 2770 قطعة من المعدات العسكرية على الأقل حتى اليوم (أ.ف.ب)
روسيا فقدت 2770 قطعة من المعدات العسكرية على الأقل حتى اليوم (أ.ف.ب)
TT

خبراء: روسيا تستطيع تحمل حرب طويلة في أوكرانيا رغم العقوبات

روسيا فقدت 2770 قطعة من المعدات العسكرية على الأقل حتى اليوم (أ.ف.ب)
روسيا فقدت 2770 قطعة من المعدات العسكرية على الأقل حتى اليوم (أ.ف.ب)

يقول خبراء في مجال الدفاع والاقتصاد إن بإمكان روسيا تحمل خوض حرب طويلة في أوكرانيا رغم العقوبات التي يفرضها الغرب عليها بهدف شل قدرتها على مواصلة الحرب.
وأدى الغزو الروسي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز والحبوب التي تصدرها ما وفر لها مكاسب كبيرة غير متوقعة لتمويل «عمليتها العسكرية الخاصة»، التي بدأت تدخل الآن مرحلة جديدة مع تركيز موسكو على منطقة دونباس الشرقية بعد إخفاقها في اختراق دفاع أوكرانيا عن العاصمة كييف. ومع استمرار الحرب فقد يثبت أن تزايد الخسائر البشرية وضرورة تناوب القوات في المعركة يمثلان تحديين أكثر إلحاحاً من التكلفة المالية.
وقال جاكوب كيركيغارد، الخبير الاقتصادي لدى معهد «بيترسون للاقتصادات الدولية» بواشنطن، «يمكن تمويل هذا النوع من الحرب منخفضة التقنية بشكل شبه كامل بالروبل ما يعني أنه يمكنهم الاستمرار في إرسال القوات والمدفعية الثقيلة إلى أوكرانيا على الأقل حتى يحدث انهيار عام بشكل أكبر للاقتصاد». وقال يوهان نوربيرجغ، كبير المحللين في وكالة أبحاث الدفاع السويدية، إن «العقوبات لن تؤثر على هذه الحرب على المدى القصير، لأن الجيش الروسي يقاتل بالدبابات التي بناها بالفعل والجنود الذين دربهم بالفعل».
ويقول البنك الدولي، إن من المتوقع أن تؤدي العقوبات إلى تقليص الاقتصاد أكثر من 11 في المائة هذا العام، ولكن إيرادات روسيا من صادرات الطاقة آخذة في الازدياد بشكل فعلي. وقالت وزارة المالية الروسية في الخامس من أبريل (نيسان)، إن موسكو تتوقع تحقيق 9.6 مليار دولار من العائدات الإضافية من مبيعات الطاقة في أبريل وحده بفضل ارتفاع أسعار النفط التي لا تزال عند نحو 100 دولار للبرميل.
ولكن ما من شك في أن الآلة العسكرية التي تتباهى بها روسيا تلقت ضربة قوية ومكلفة. وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير، إن الولايات المتحدة تقدر أن روسيا فقدت ما يتراوح بين 15 في المائة و20 في المائة من قوتها القتالية خلال غزوها لأوكرانيا. وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن ذلك يشمل كل شيء من دبابات وعربات مدرعة وأنظمة مدفعية وطائرات مقاتلة وقاذفة ومروحيات إلى صواريخ أرض - جو وصواريخ باليستية.
وتفيد «مدونة أوريكس»، وهي مدونة عسكرية تحصي خسائر الطرفين بناء على أدلة مرئية يمكن التحقق منها، بأن روسيا فقدت 2770 قطعة من المعدات العسكرية على الأقل حتى اليوم الثلاثاء، منها 476 دبابة على الأقل تم تدميرها، أو ألحقت بها أضرار، أو تم التخلي عنها، أو الاستيلاء عليها. ويقول يوهان مايكل، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن هذا العدد من الدبابات أكبر من مجموع ما لدى فرنسا (222 دبابة) وبريطانيا (227 دبابة) العضوين بحلف شمال الأطلسي.
ولا توشك دبابات روسيا على النفاد؛ إذ تفيد بيانات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بأنها كانت تملك نحو ثلاثة آلاف دبابة قبل الحرب. لكن الخبراء يقولون إن بعض دباباتها قد تكون متقادمة أو في حالة متهالكة، أو تنقصها قطع غيار، لذلك فإن العدد الفعلي للدبابات الصالحة للقتال أقل من ذلك.
وقال ماثيو بوليغ، المتخصص في شؤون الجيش الروسي لدى «مركز دراسات تشاثام هاوس»، إن موسكو لم تستخدم بعد ما لديها من أسلحة حديثة تخشى فقدها، واعتمدت بكثافة على معدات ثقيلة موجودة لديها بوفرة وترجع للعهد السوفياتي. وأضاف أن الأمر قد يستغرق من عشرة أعوام إلى 20 عاماً للوصول من جديد لمستويات المعدات التي كانت متوفرة قبل الحرب، وهي مهمة معقدة بسبب عدة عوامل، منها تحديات التصميم والتحديث والفساد ومديونيات شركات الدفاع، وعدم القدرة على الحصول على الإلكترونيات الدقيقة المنتجة في الغرب بسبب العقوبات.
وقال ريتشارد كونولي، الزميل بالمعهد الملكي المتحد للخدمات في لندن ومدير مجموعة «إيسترن للاستشارات»، إن الإنفاق العسكري الروسي بحاجة للارتفاع بسبب الحرب في أوكرانيا، وما نتج عن ذلك من زيادة حادة في التوتر مع حلف شمال الأطلسي. وأضاف أن الإنفاق الدفاعي كحصة من الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن يرتفع بشكل كبير عن مستواه الحالي البالغ حوالي أربعة في المائة، ومن المحتمل أن يتضاعف في السنوات القليلة المقبلة.
وقال كونولي إن المواطنين الروس العاديين سيشعرون بالتأثير، لكن الدولة يمكن أن تدفع ثمن المجهود الحربي من دون عناء، حتى لو دخل اقتصادها في حالة ركود. وإذا لزم الأمر، يمكن لروسيا الاستيلاء على موارد مثل الوقود من الشركات المملوكة للدولة. وأشار إلى أن السؤال الأكثر إلحاحاً هو مستوى الخسائر البشرية، وصعوبة استمرار حرب يشارك فيها ما يصل إلى 150 ألف جندي في وقت واحد.
واعترفت روسيا حتى الآن بمقتل 1351 جندياً فقط وإصابة 3825 آخرين، رغم أن أوكرانيا والحكومات الغربية تعتقد أن العدد أكبر بعدة مرات. ويبلغ قوام جيشها وقواتها المحمولة جواً حوالي 325 ألفاً. وقال كونولي إن روسيا قد تضطر في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار لا يحظى بشعبية من الناحية السياسية بالاستعانة بقوات الاحتياط، التي يقدرها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بمليوني رجل تقل أعمارهم عن 50 عاماً في الخدمة العسكرية خلال السنوات الخمس الماضية.
وأضاف كونولي: «إذا كان لديك 150 ألفاً في أوكرانيا، فإن نصف جيشك مشترك بالفعل في عمليات قتالية، وتعرض الكثير منهم لخسائر كبيرة. لذلك هم بحاجة للاستبدال والمناوبة. تستخدم روسيا جيشها بالكامل، أو سيصبح الأمر كذلك إذا استمرت الحرب لفترة أطول».


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.