مسلسل «سكة سفر» السعودي... يكسر نمطية الكوميديا ويجنح نحو الخيال

المسلسل ينبئ بظهور جيل كوميدي جديد
المسلسل ينبئ بظهور جيل كوميدي جديد
TT

مسلسل «سكة سفر» السعودي... يكسر نمطية الكوميديا ويجنح نحو الخيال

المسلسل ينبئ بظهور جيل كوميدي جديد
المسلسل ينبئ بظهور جيل كوميدي جديد

في مكان ناءٍ، وسط صحراء ممتدة، يواجه ثلاثة أشقاء مواقف عجيبة، عبر المسلسل السعودي «سكة سفر» الذي يسير في سكة جديدة، ليخرج من نمطية النقد الساخر بدافع معالجة قضايا المجتمع، وهي مرحلة لازمت الكوميديا السعودية لمدة طويلة، تلاها مرحلة أخرى أطلت بخجل لأعمال هزلية تمتلئ بالافتعال والابتذال أحياناً، إلا أن «سكة سفر» اختار منطقة غير مألوفة، يهرب خلالها المشاهد من واقعه بشكل فكاهي، ودون مبالغة في الأداء بهدف إضحاكه.

تبدأ الحكاية بعد وفاة الأب الذي يترك لأبنائه الثلاثة؛ موتيل ومحطة بنزين ودكان بقالة على طريق سفر صحراوية، يستقبلون خلالها العابرين في كل حلقة، ممن يحملون العديد من المفاجآت والقصص الطريفة، ومع كل ذنب يقترفه الأشقاء الثلاثة، يظهر لهم خيال الأب كشبح مضيء، يطير في السماء.
وتجنح قصص المسلسل نحو الخيال، تارة عبر صندوق سحري تخرج منه الأموال خلال كل مشاجرة تحدث بين الإخوة، وتارة في تحول المكان إلى موقع لبروفات التصوير من قبل فنانين مشهورين، وتارة عبر استضافة الأشقاء الطاقم الطبي للمنتخب السعودي ونجوم السينما وغيرهم من ضيوف يطلون في الحلقات بأحداث غير متوقعة. كل ذلك في إطار فكاهي عفوي، تبدو خلاله حالة من التجانس بين الممثلين الثلاثة: سعد عزيز، محمد الشهري، صالح أبو عمرة.
مدرسة جديدة
يتحدث مخرج العمل أوس الشرقي لـ«الشرق الأوسط»، مؤكداً أن كوميدياً «سكة سفر» تغرد خارج السرب، ويضيف: «كان الرهان بالنسبة لي ولأبطال العمل هو أن نقدم كوميديا مختلفة (كوميديا الموقف)، من قصص وأحداث تأخذك لتبني تصوراتك كمشاهد، وتضحك كلما اختلفت أو تطابقت هذه التصورات بينك وبين ما يفعله الإخوة الثلاثة مع ضيوفهم».
ويردف: «ليس من السهل أبداً خلق فكرة وقصص بهذا الشكل، هذا النوع من الكوميديا يعتمد على القصة والبناء الدرامي للأحداث، وليس على ما يسمى (إفيهات الممثل) حين يعتمد المشهد على كلام مضحك يقوله الممثل بشكل عفوي من تلقاء نفسه داخل المشهد». مشيراً إلى أنه حتى في مقدمة العمل تعمد استخدام أسلوب مختلف في الموسيقى وطريقة الغناء واللحن، ويتابع: «أنا أعرف أنها مدرسة جديدة، وأسلوب مختلف، ولكني قررت أن أخوض المجازفة المحسوبة لأني أثق بأن الجمهور السعودي سيرحب ويدعم أي محتوى جميل ومختلف».
مشاهد الصحراء
بصرياً، قدم العمل مزجاً بين مشاهد الصحراء والتصوير الداخلي، عن ذلك يقول الشرقي: «المزيج الجميل بين موقع الاستراحة والمحطة في منتصف الصحراء، وعلى طريق نادراً ما تمر به السيارات، أعطى للعمل مزايا بصرية وفنية رائعة وبنفس الوقت صعوبات كبيرة، لأنني بنيت كل شيء في الصحراء، بما فيها الشوارع، وفتحنا طرقاً وسط تلال صحراوية لنعمل كل شيء وسط بيئة حقيقية، ولم يكن الأمر سهلاً أبداً».


المخرج مع الممثلة المصرية روجينا التي ظهرت ضيفة بالمسلسل

وبسؤاله عن الصعوبات التي واجهتهم أثناء ذلك، يجيب: «الرياح والرمال في وقت الظهيرة كانت متعبة، والتصوير كان مرهقاً بشكل كبير، لأن الإخوة الثلاثة كانوا متواجدين في كل المشاهد، وبشكل يومي من دون أي انقطاع مع ضيوفهم، وكانت الرياح الشديدة والرمال من أكثر الصعوبات المتعبة لفريق التصوير».
جيل كوميدي
ويبدو أن المسلسل ينبئ بخروج جيل كوميدي سعودي جديد، إذ يصف مخرج العمل أبطاله الثلاثة بأنهم شباب موهوبون، ويضيف: «سكة سفر وضعهم بشكل ثابت على خريطة الطريق والمستقبل كبير أمامهم».
مؤكداً أن كل من شاهد العمل اتفق على أن الممثلين أثبتوا موهبة كبيرة وتلقائية وعفوية وانسجاماً عالياً داخل المشاهد، ويردف: «عندما يكون الممثل حريصاً ومجتهداً، سيجد نتاج هذا الجهد بتفاعل الناس واحترامهم له ولما يقدمه من فن».
وعن أصداء العمل الذي يعرض حالياً على قناة MBC1، يقول: «فاقت التوقعات، فهناك تفاعل كبير من المشاهدين، وتفاعل من الوسط الفني والسوشيال ميديا، فضلاً عن محبة الجمهور وردة فعلهم التي أسعدتنا». ويضيف: «عادة المنافسة في رمضان ليست سهلة، فالجمهور لدية خيارات كثيرة من القنوات والمنصات، وكذلك في كل قناة عدد من المسلسلات الكوميدية، وكل هذا يرفع سقف المنافسة، لكن بتصوري أن المحتوى المختلف والتوجه إلى الجمهور الشبابي كان له أثر كبير بدفع مسلسل سكة سفر ليكون في مقدمة الأعمال الرمضانية».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.