أوكرانيا... حرب في شرقها وسياحة في غربها

في شيرنفستسي تزدحم الشوارع منذ الساعة الثامنة صباحا بالمارة والسيارات والحياة تسير بشكل طبيعي، لا بل يمكن القول ان غرب أوكرانيا يشهد موسما سياحيا مزدهرا عماده ابناء الطبقة الوسطى("الشرق الأوسط")
في شيرنفستسي تزدحم الشوارع منذ الساعة الثامنة صباحا بالمارة والسيارات والحياة تسير بشكل طبيعي، لا بل يمكن القول ان غرب أوكرانيا يشهد موسما سياحيا مزدهرا عماده ابناء الطبقة الوسطى("الشرق الأوسط")
TT

أوكرانيا... حرب في شرقها وسياحة في غربها

في شيرنفستسي تزدحم الشوارع منذ الساعة الثامنة صباحا بالمارة والسيارات والحياة تسير بشكل طبيعي، لا بل يمكن القول ان غرب أوكرانيا يشهد موسما سياحيا مزدهرا عماده ابناء الطبقة الوسطى("الشرق الأوسط")
في شيرنفستسي تزدحم الشوارع منذ الساعة الثامنة صباحا بالمارة والسيارات والحياة تسير بشكل طبيعي، لا بل يمكن القول ان غرب أوكرانيا يشهد موسما سياحيا مزدهرا عماده ابناء الطبقة الوسطى("الشرق الأوسط")

بينما تتمتع المناطق الغربية من أوكرانيا بموسم أقرب إلى الأجواء السياحية، تدهور الوضع في شرقي البلاد مع إعادة تجميع الجيش الروسي لقواته وتركيز هجماته في الشرق والجنوب. ومنذ ليل الخميس، تعرضت المدينة الثانية في البلاد خاركيف لعمليات قصف مركزة، قد تؤدي إلى محاصرتها المدينة بعد فشل الهجوم الرئيسي في الأسبوع الأول من الحرب.
لم يتوقف القصف صباح الجمعة أو السبت، بل تركز على خطوط إمداد الجيش الأوكراني ومراكز وجوده، أو تلك القريبة منه. ومع افتقاد المدفعية الروسية الدقة في إصابة أهدافها، تؤدي غالباً عمليات القصف إلى تدمير منشآت مدنية أو إصابة مجمعات سكنية، إلا أن القوات الروسية تستهدف في بعض الأحيان بتعمد أيضاً مرافق مدنية تشكل جزءاً من محاولتها ضرب الصمود البشري، كما حصل ليلاً في خاركيف، حيث قصف مصنع الخبز الرئيسي في المدينة للمرة الثانية خلال أقل من شهر.
يوم الجمعة، طلبت السلطات المحلية من السكان في المنطقة إخلاءها، والعائلات التي سبق أن قررت البقاء سابقاً غيّرت من موقفها وبدأت بالنزوح إلى الأماكن الأكثر أمناً، خاصة في غرب البلاد. ومع تجدد محاولات اقتحام عدد من الجبهات في لوغانسك، فإن المعلومات التي يوزعها الجانب الأوكراني تقول إن القوات الروسية فشلت حتى الآن في اختراق أي جبهة أو تسجيل أي نصر في مناطق لوغانسك.
ضرب محطة القطارات في كراماتورسك (شرقي البلاد، على مسافة ١٢٠ كيلومتراً غرب لوغانسك) ومقتل ٥٠ على الأقل في الضربة الصاروخية، يشير بالنسبة إلى السكان الذين أمكن التواصل معهم إلى نوايا الجيش الروسي بعزل المنطقة، وهو ما أثار موجة هلع وأدى إلى ازدياد عمليات النزوح من الشرق. السلطات المدنية في سومي (١٣٠ كيلومتراً شمال غرب خاركيف) أعلنت كل مناطقها محررة من القوات الروسية، بعد أن كانت محاصرة بشكل شبه كامل من هذه القوات منذ بداية المعارك، ومع هذا الإعلان بات بالإمكان القول إن الهجمات التي شنتها روسيا من أراضي بيلاروسيا ومن أراضيها باتجاه الأراضي الشمالية والشمالية الشرقية في أوكرانيا قد فشلت تماماً.
في وسط البلاد، لا تزال عمليات تنظيف المناطق التي انسحب منها الجيش الروسي تسير على قدم وساق، وفي كل يوم تعثر السلطات الأوكرانية على المزيد من الألغام التي خلفها الروس، تعلن حظر التجول في مناطق جديدة بهدف فتح طرقاتها وإزالة الذخائر التي لم تتفجر، داعية السكان إلى عدم العودة مؤقتاً.
هذه الصور القاتمة في شرق البلاد غير موجودة تماماً في مناطق في غرب البلاد، حيث الحياة تسير بشكل طبيعي، لا بل يمكن القول إن غرب أوكرانيا يشهد موسماً سياحياً مزدهراً عماده أبناء الطبقة الوسطى التي هجرت منازلها وأعمالها في الشرق والجنوب وبعض مناطق الشمال. في مدينة لفيف أو في مدينة شيرنفستسي تزدحم الشوارع منذ الساعة الثامنة صباحاً بالمارة والسيارات. أكثر من ١٤٠٠ شركة طلبت نقل تراخيصها ومراكزها من العاصمة وخاركيف ومناطق أخرى إلى غرب أوكرانيا، حيث بات البعض يتوقع أن الأعمال العسكرية الروسية ستتركز في المناطق الشرقية، ويذهب آخرون إلى التأكيد على أن تلك المناطق ستشهد احتلالاً روسياً طويلاً، على غرار ما جرى في مناطق القرم ودونيتسك، وأن مناطق الغرب ستبقى آمنة وصالحة للأعمال.
كل أنواع الأعمال تسير في غرب أوكرانيا، وكأن لا حرب تجري، قلة من الأماكن التي يمكن مشاهدة التلفاز فيها ينقل الأخبار، حالة من اللامبالاة تسري هنا بين أغلبية الموجودين بمن فيهم النازحون، التحصينات القليلة التي رفعت في الأيام الأولى للمعارك بقيت رغم ندرتها شاهدة على حرب تدور في البلاد، ومنع التجول يبدأ عند العاشرة ليلاً حتى السادسة صباحاً، دون أن يمنع حركة الحياة المعتادة بالنسبة للسكان. بينما في مناطق عدة من البلاد يبدأ الحظر عند السادسة مساء ويرفع عند السابعة صباحاً.
وتشير لوحات السيارات إلى نسبتها العالية الآتية من مناطق النزاع، وإلى مستوى معيشة هؤلاء السابقة على بداية الحرب. وبعد الظهر يمكن مشاهدة الازدحام في المناطق السياحية، حيث يتجول أبناء الطبقة الوسطى الأوكرانية بثيابهم الفاخرة ونظاراتهم الشمسية وبرفقة كلابهم وتعج بهم المقاهي والمطاعم وأماكن الترفيه المختلفة. بينما المحال التجارية التي تبيع الكماليات دائماً مشغولة بزبائن جدد لم تعهدهم في هذه المدن.
النمط السياحي لحياة هؤلاء يثير سخط هيلينا (٣٨ عاماً) التي تعمل متطوعة متجولة بين أشد مناطق النزاع سخونة، وتنقل المساعدات للمدنيين ووحدات الجيش الأوكراني. ويتركز عمل هيلينا على نوعية خاصة من المساعدات الطبية، خاصة تلك التي تستخدم مباشرة بعد الإصابة، وهي تقضي أغلب أوقاتها في الباصات متنقلة بين شيرنفستسي والمناطق القريبة من جبهات القتال.
في شيرنفستسي، تتحدث هيلينا عن انعدام مسؤولية البعض تجاه بلدهم، حيث أخذوا من البلاد كل شيء ولا يريدون تقديم أي شيء الآن. وتضيف أن هؤلاء المستمتعين بالهدوء في الغرب لم يغادروا البلاد كلياً لسببين: الأول أن السلطات تمنع خروج الذكور في زمن الحرب، والآخر أن الحياة هنا أرخص نسبياً من الدول الأوروبية المجاورة. وبالتالي سببوا ازدحاماً في هذه المناطق يعوق أحياناً حركة الإغاثة.
هذا الازدحام انعكس أيضاً على الأسعار، حيث تضاعفت إيجارات وأسعار الشقق السكنية والمكاتب التجارية، ونشطت عمليات الانتقال الكامل لكثير من العائلات، حيث يفضل مَن لا يزال يجد في البلد متسعاً للعمل أو لنقل مصالحه التجارية البقاء ولو بمفرده بعد إرسال عائلته إلى بلاد مجاورة.
بولندا هي الوجهة المفضلة طبعاً، ومنذ بداية الحرب، بينما تشكل باقي دول الاتحاد الأوروبي إغراء أيضاً للعديد من الشبان، وإن كانت مغادرة الذكور ما زالت غير قانونية بانتظار فك الحظر الرسمي، فإن عمليات تهريب كبيرة تجري على الحدود وتكافحها قوات حرس الحدود بشكل متواصل. التوجه نحو الاتحاد الأوروبي ليس من أجل لجوء مؤقت، بل الكثير من الشبان يتحدثون عن توفير مبالغ مالية بغية الدفع لمهربين محترفين لمغادرة الأراضي الأوكرانية والحصول على لجوء دائم وإقامات في دول الاتحاد الأوروبي، بعد أن فشلت أوكرانيا حتى الآن في الانضمام إلى هذا الاتحاد، وعلى اعتبار أن نوعية الحياة في الدول الأوروبية أعلى من بلادهم.
أندريا (٢٢ عاماً) يعمل سائقاً لسيارة تاكسي، حاول في البداية العمل في كييف مع صحافيين، ولكنه اكتشف أن معرفته المحدودة بالإنجليزية ومغامرات الصحافيين لا تسمح له بالعمل معهم، فاكتفى بالعمل ما بين كييف ولفيف، وهو يقول صراحة إنه يسعى لجمع بضعة آلاف من الدولارات الأميركية للخروج من أوكرانيا. ويبدي اعتقاده بأن بضعة آلاف من الدولارات يمكن أن تكون كافية لبدء حياته إذا ما أضيفت إلى المساعدات التي سيتلقاها بصفته لاجئاً.
يقول أندريا: «أنا متأكد من أن أوكرانيا ستكون بلداً عظيماً في المستقبل، ولكن ليس لدي وقت لأنتظر كل هذا الوقت».
ويتحدث آخرون عن ترحيل نسائهم وأطفالهم إلى الغرب والبقاء مؤقتاً في أوكرانيا إلى أن تسمح السلطات بسفرهم، معولين على عمليات لمّ الشمل للذهاب غرباً والحصول على جوازات سفر أوروبية في المرحلة اللاحقة. إيغور (٢٤ عاماً) واحد من هؤلاء، وهو أرسل عائلته إلى ألمانيا، وينتظر أول فرصة للحاق بهم وترك بلاده نهائياً.
يسعى إيغور لتصفية شركته التي أسسها منذ أعوام، وبيع موجوداتها في كييف قبل الانتقال إلى الغرب. مقابل هؤلاء يمكن ملاحظة ازدياد عدد المتطوعين في الجيش والحرس الإقليمي ومنظمات الإغاثة، والراغبين في التوجه نحو المناطق الأشد اشتعالاً للمساعدة في الأعمال الحربية.


مقالات ذات صلة

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».