«من شارع الهرم»... دراما تنجو من القصص الباهتة بنبش المسكوت عنه

سخونة أحداث المسلسل تثير الجدل يومياً بعد عرض كل حلقة
سخونة أحداث المسلسل تثير الجدل يومياً بعد عرض كل حلقة
TT

«من شارع الهرم»... دراما تنجو من القصص الباهتة بنبش المسكوت عنه

سخونة أحداث المسلسل تثير الجدل يومياً بعد عرض كل حلقة
سخونة أحداث المسلسل تثير الجدل يومياً بعد عرض كل حلقة

قلما تتباين الآراء بشكل حاد حول مسلسل خليجي، ما بين موجة شرسة من الانتقادات بذرائع أخلاقية وعرفية، يقابلها احتفاء جماهيري بالعمل الذي يحاول النجاة بالدراما الخليجية من تكرار القصص الباهتة إلى نكش القضايا الشائكة ونبش المسكوت عنه، في مسلسل «من شارع الهرم إلى..» ، الذي يتصدر قائمة الأعمال الأعلى مشاهدة في رمضان، في عدة دول خليجية، بحسب منصة «شاهد» التابعة لمجموعة MBC.
إلا أن العمل الذي يأتي بطولة الفنانة هدى حسين وتأليف هبة مشاري حمادة وإخراج المثنى صبح، تحوّل إلى قضية رأي عام، مع تصاعد سخونة الجدل الدائر حوله يومياً بعد نهاية كل حلقة، فاتحاً الأسئلة حول جدوى الرقابة الفنية في عصر يشهد انفتاح سوق البث التلفزيوني على مصراعيه، في حين يعتقد البعض الآخر أن المسلسل ينبئ بمرحلة جديدة أكثر انفتاحاً للدراما الخليجية، لتمكين الفن من مواكبة التحولات المتسارعة التي يعيشها المجتمع.
يتمحور المسلسل حول الدكتورة عبلة، وهي امرأة متسلطة تدير مصائر أبنائها الستة الذين يعملون معها أطباء، ويقيمون في منزلها، ولكل منهم خلاف مع زوجته، في تباين واضح لشخصيات الأبناء، ما بين الرجل ذي الاهتمامات الأنثوية، والمتدين الانتهازي الباحث عن مطامع سياسية، والأخ الذي يتزوج بالسر طليقة أخيه بعد إغوائها، والهارب من جريمة شرف بعد أن ورّط خليلته وتسبب في انتحارها.
ورغم أن المسلسل ما زال في حلقاته السبع الأولى، فإنه قدم أدواراً لم يسبق للدراما الخليجية طرحها، من ذلك الطبيب الذي يحرض زوجته على التبسّط مع الرجال ويطلب منها ارتداء لباس البحر أمام أصدقائه، والطفلة التي تُصدم بتفاصيل العلاقة الحميمية السرية بين والدتها وعمها، والراقصة التي ترتدي بدلة الرقص الشرقي وتتمايل بها لأول مرة في مسلسل خليجي.
وهناك مشاهد مثيرة للجدل ازداد رواجها في شبكات التواصل الاجتماعي، من ذلك مشهد يناهض انتقاص النساء في المجتمعات الذكورية بما وصمه الكثيرون بأنه يحمل أفكاراً نسوية تقدمها زوجة الابن الأكبر الحانقة، ومشهد حواري بين الدكتورة عبلة وزوجة ابنها الخائن حول تبرير الخيانة الزوجية وإمكانية تخطيها بسهولة.

«من شارع الهرم إلى..» يتصدر قائمة الأعمال الخليجية في الموسم الرمضاني

جراءة النص

يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، بشار جاسم الكندري، وهو ناقد فني في جريدة الأنباء الكويتية، عن نص العمل، قائلاً: «تعودنا على جرأة الكاتبة هبة مشاري حمادة، وذلك في أغلب أعمالها من مسلسل (زوارة خميس) إلى مسلسل (دفعة القاهرة) و(دفعة بيروت)، خصوصاً بعد عزوفها عن التصوير بالكويت بسبب مقص الرقابة، حيث إن قانون وزارة الإعلام الكويتية رفض النص، وعدم إجازته يعني أنه لا يسمح بأن يتم تصويره على أراضي الكويت».
وبسؤاله عن الضجة التي أثارها المسلسل في الخليج بسبب جراءة الطرح، يشير الكندري إلى أن الأحداث والشخصيات موجودة على أرض الواقع، ويتابع: «مثل كل عام، المجتمع يرفض أن تنكشف هذه الأمور على الشاشة الصغيرة، رغم أنه سابقاً في فترتي الثمانينيات والسبعينيات كانت الجرأة أكبر وأقوى في الدراما الكويتية، مثل: «درب الزلق» و«خالتي قماشة» وغيرهما.
ويرى الكندري أن مسلسل «من شارع الهرم إلى..» يجسد شخصيات واقعية بحبكة محشوة بالجرأة، ويضيف: «نحن في عصر لا يمكن فيه المنع، والناس حرة في أن تشاهد ما تراه، فالخيارات ليست محدودة، وقد لا نتفق مع المضمون لكن يجب ألا ننسى أن الدراما تمثل حالات قصوى، وفكرة اعتبارها تصويراً للمجتمع وحالته هو افتراض خاطئ من الأساس... الضجة مفتعلة والموضوع أخذ أكبر من حجمه».

تفاعل كويتي رسمي

ورداً على تصاعد الجدل، صرّحت أنوار مراد، الناطقة الرسمية باسم وزارة الإعلام الكويتية، مساء أول من أمس، قائلة: «اللغط المثار حول أحد الأعمال التلفزيونية من إنتاج شركة غير كويتية ولم تتم إجازة العمل من قبل وزارة الإعلام، وتم تصويره خارج الكويت، ويُعرض على منصات خارج دولة الكويت».
وأكدت أنوار، في بيان نشره الحساب الرسمي لوزارة الإعلام الكويتية في «تويتر»، أن الوزير الدكتور حمد روح الدين طلب التحقيق فيما إذا تم تصوير أي مشاهد داخل دولة الكويت دون الحصول على ترخيص مسبق، ما يشكّل مخالفة للقانون واللوائح المنظمة لإنتاج الأعمال الفنية داخل دولة الكويت.
وأهابت وزارة الإعلام الكويتية بتحري الدقة حول نسب الأعمال الفنية إلى دولة الكويت، مبينة أنه لا سلطة للوزارة بموجب القانون على ما يتم تصويره أو إنتاجه خارج دولة الكويت. وجاء هذا البيان الصحافي على خلفية مطالب مغردين كويتيين وعدد من نواب مجلس الأمة الكويتي بوقف المسلسل الذي اعتبروه مسيئاً للمجتمع.
وجدير بالذكر أن مسلسل «من شارع الهرم إلى..» يُعرض يومياً على قناة MBC1 في تمام الحادية عشرة مساءً بتوقيت السعودية، ويشارك فيه نخبة من الفنانين الخليجيين والعرب، منهم: خالد البريكي، ونور الغندور، ومرام، ومحمد الرمضان، وإيمان الحسيني، وليلى عبد الله، وأحمد إيراج، لولوة الملا، ونور الشيخ، وفرح الصراف، وروعة السعدي.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.