الكوميديا المصرية تستعيد بعض عافيتها عبر «الكبير أوي 6»

أحمد مكي في المسلسل
أحمد مكي في المسلسل
TT

الكوميديا المصرية تستعيد بعض عافيتها عبر «الكبير أوي 6»

أحمد مكي في المسلسل
أحمد مكي في المسلسل

استعادت الكوميديا المصرية بعض عافيتها مجدداً، في موسم رمضان الحالي، بعد سنوات عانت خلالها من انتقادات حادة من الجمهور والنقاد، إذ استطاع الجزء السادس من مسلسل «الكبير أوي»، خطف اهتمام الجمهور منذ بدء عرضه وحتى الحلقة الخامسة، التي فجّرت موجة من الكوميكس والتعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم تصدر مشاهد ولقطات الحلقة الخامسة من «الكبير أوي 6» الترند، مساء أول من أمس، فإن مؤلف المسلسل مصطفى صقر، أكد في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يتوقع أبداً نجاح الجزء السادس بهذا الشكل، وتفاعل الجمهور مع أحداثه، بتصميم كوميكسات لشخصية (مربوحة)، التي تجسدها الفنانة رحمة أحمد.
وحظيت الفنانة الشابة رحمة أحمد، بقسط وافر من إشادات الجمهور، إلى جانب بطل العمل أحمد مكي، حيث أعرب عدد كبير من المتابعين في مواقع التواصل، عن إعجابهم بمشاهد الحلقة الخامسة، التي قدمت مشاهد ليلة زفاف الكبير أوي على «مربوحة»، مشيرين إلى أنها خلت من أي ابتذال أو مشاهد خادشة، واعتمدت على كوميديا الموقف.
وأضاف صقر: «بعد تقديم 5 أجزاء سابقة من المسلسل، واجهنا تحدٍّ مرتبط بكيفية إقناع الجمهور، بتقبل جزء سادس منه، لذلك كان علينا بذل جهد مضاعف لنسهم في تخلص الجمهور من علاقة الكبير بزوجته السابقة هدية، التي جسدتها الفنانة دنيا سمير غانم، ولتحقيق ذلك فضلنا اختيار فنانة جديدة، تتسم بخفة الظل، ليرتبط بها الجمهور». مشيراً إلى أن توقع الكثيرين فشل الجزء السادس من المسلسل زاد من صعوبة الموقف.
ولفت مؤلف المسلسل إلى أن «المخرج أحمد الجندي تعمد اختيار فنانة ليست معروفة لأسباب كثيرة، من بينها أن أي فنانة صاعدة يكون لديها شغف وطموح كبيرين، لإثبات نفسها وموهبتها أمام نجم بحجم أحمد مكي، ولن تشغلها أبداً فكرة المقارنة مع نجمة بموهبة دنيا سمير غانم، وهذا ما يفيد الشخصية، فضلاً عن أن مسلسل الكبير له طابع كوميدي مختلف، وليس أي كوميديان يستطيع الاندماج به»، موضحاً أن «التحضير للجزء السادس للعمل بدأ منذ أوائل رمضان الماضي».
ويشهد موسم رمضان الحالي، عرض أكثر من مسلسل كوميدي، أبرزها الجزء السادس من «الكبير»، ومسلسل «مكتوب عليا» بطولة أكرم حسني وآيتن عامر، و«أحلام سعيدة» بطولة يسرا وغادة عادل ومي كساب، و«دايماً عامر» بطولة مصطفى شعبان ولبلبة، و«شغل في العالي» بطولة شيرين رضا وفيفي عبده، و«رانيا وسكينة» بطولة مي عمر وروبي.
ووفق الناقد الفني أندرو محسن فإن «الكوميديا هذا العام مميزة ولافتة لاعتماد صناعها بالدرجة الأولى على الكتابة الواعية للسيناريو والأفكار»، قائلاً في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «دائماً ما يكون السيناريو هو بوصلة العمل الفني، خصوصاً لو كان كوميدياً»، مشيراً إلى أن «هذا العام هناك اهتمام بالكتابة الكوميدية والبُعد عن الإفيهات والنكت المكررة، وكذلك الابتعاد عن فكرة البطل الأوحد الذي كان يردد الإفيهات بشكل دائم، لذلك أرى أن صناع الكوميديا في الموسم الحالي، تلافوا أخطاء المواسم السابقة، فالفنان أحمد مكي على سبيل المثال أعطى مساحة كبيرة لمن حوله، خصوصاً الممثلة الصاعدة رحمة أحمد».
يُذكر أن موسم دراما رمضان في مصر، شهد عرض مسلسلين كوميديين فقط، هما «أحسن أب» بطولة علي ربيع، و«فارس بلا جواز» بطولة مصطفى قمر، وذلك بعد خروج مسلسل «عالم موازي» بطولة دنيا سمير غانم، من السباق الدرامي، لإصابة أغلب فريق العمل بـ«كورونا»، قبل أن يتكرر تأجيله للعام الثاني على التوالي.
وواجهت المسلسلات الكوميدية الرمضانية خلال السنوات الخمس الأخيرة، انتقادات حادة، لابتعادها عن كوميديا الموقف واعتمادها على «الإفيهات»، ويُعرب محسن عن أمله في استمرار تألق «الكبير أوي» و«مكتوب عليا» حتى نهاية الموسم ليتم تأكيد تحسُّن وضع الكوميديا في مصر.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.