يترقّب المشاهدون والنقاد المصريون، انطلاق ماراثون دراما رمضان 2022، الذي يضم أكثر من 20 مسلسلاً، لمتابعة نجومهم المفضلين والقضايا المتنوعة التي تقدمها هذه الأعمال، وسط مخاوف من تكرار أزمة الفواصل الإعلانية التي تسيطر على الشاشات خلال الشهر الكريم، وتقلل من الاستمتاع بمشاهدة الأعمال الجديدة؛ ما يضطر الكثير من المشاهدين إلى متابعتها عبر المنصات الرقمية التابعة للقنوات.
وتعد عودة الكوميديا، الملمح الأبرز في موسم هذا العام، بعد غيابها تماماً عن المشهد أو ظهورها على استحياء، خلال المواسم السابقة، حيث تغير النجمة يسرا من جلدها الفني هذا الموسم، وتظهر في مسلسل «كوميدي لايت» هو «أحلام سعيدة» عبر شخصية «فريدة» الثرية المستهترة والمتصابية، بعد أعمال عديدة كرّست نفسها فيها للقضايا الجادة التي تتعلق بمكافحة الفساد ومواجهة أصحاب النفوذ، وتسليط الضوء على حياة المهمشين اجتماعيا على غرار «لقاء على الهوا»، و«لدينا أقوال أخرى»، و«أين قلبي»، و«ملك روحي»، و«أوان الورد».
كما يعود النجم مصطفى شعبان، مجدداً، إلى الكوميديا في هذا الموسم عبر مسلسله «يجعله عامر»، حيث يؤدي دوراً جديداً عليه هو دور «المشرف الاجتماعي» في إحدى المدارس، أما النجمتان روبي ومي عمر، فتتقاسمان بطولة العمل الكوميدي «رانيا وسكينة».
ورغم استعادة دراما رمضان حسها الكوميدي الذي اعتادت عليه لسنوات، فإن ثيمات الحركة والمغامرة والتشويق، تعد الخط الأساسي في دراما رمضان لهذا العام على غرار ما حدث خلال السنوات الأخيرة. وتأتي مسلسلات مثل «بابلو» لحسن الرداد و«توبة» لعمرو سعد ترسيخاً لهذه الأجواء، حيث البطل الشعبي الذي يواجه «الكبار» بمفرده متمسكاً بأخلاقيات الحارة الشعبية بما تتضمنه من شهامة ومساعدة للمحتاجين ونصرة للضعفاء، أما محمد رمضان في مسلسله الجديد «المشوار» فاختار هذه المرة «ثيمة» البطل المظلوم، حيث يقدم شخصية «ماهر» الذي يتورّط مع تجار الآثار ويجد نفسه فجأة مطلوباً للعدالة ويطارده أحد الضباط، فتنقلب حياته رأساً على عقب، ويضطر للهروب هو وزوجته التي تجسد شخصيتها النجمة «دينا الشربيني».
محمد رمضان «يقدم المشوار» - أفيش مسلسل «بطلوع الروح» - خالد النبوي على أفيش مسلسل «راجعين يا هوى»
ووصف نقاد، استدعاء بعض النجوم لأعمالهم القديمة، وإعادة تقديمها مجدداً في الموسم الجديد بالتفتيش في «دفاترهم القديمة»؛ إذ يبحث بعضهم عن «ورقة رابحة» سبق تجريبها من قبل بحثاً عن نجاح مضمون، كما في حالة النجم أحمد مكي، الذي يعود بجزء جديد من مسلسله الأشهر «الكبير أوي» كنجم يهيمن على العمل بعد أن ظهر في رمضان الماضي، إلى جوار النجم كريم عبد العزيز في «الاختيار 2». وظهر الموسم الأول من المسلسل عام 2010، ليدشن نجومية مكي المطلقة، الذي يأمل في استعادة توهجه بعد عدد من التجارب التي لم تلقَ نجاحاً مبهراً مثل فيلمي «سمير أبو النيل»، و«سيما علي بابا»؛ ما أدى إلى تراجع أسهمه نسبياً، قبل أن ينجح في تقديم شخصية ضابط العمليات الخاصة في «الاختيار 2».
ويمكن اعتبار الجزء الثالث من مسلسل «الاختيار»، مفاجأة الموسم بامتياز من حيث ضخامة عدد الممثلين المشاركين به والذين بلغ عددهم ما يقرب من مائتي ممثل وممثلة يتصدرهم النجوم أحمد عز وكريم عبد العزيز وأحمد السقا، كما يعد النجم خالد الصاوي مفاجأة العمل، حيث يجسد شخصية الرجل القوي بتنظيم «الإخوان» خيرت الشاطر.
وإذا كان «الاختيار» يركز على كواليس العمليات العسكرية، فإن مسلسلَي «بطلوع الروح» بطولة إلهام شاهين و«المغادرون»، بطولة أمير كرارة، يركزان على السياق الاجتماعي والقصص الإنسانية المرتبطة بخطاب العنف والتكفير.
ويعتبر الناقد الفني محمد البرعي، أن مثل هذه المسلسلات التي تناقش قضايا الإرهاب بمثابة «ضرورة فنية ووطنية معاً»، موضحاً، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أنها تلعب «دوراً حاسماً في الوصول إلى طبقات واسعة من البسطاء، الذين قد يفشل الخطاب الإعلامي التقليدي في الوصول إليهم».
ويتميز الموسم الدرامي لهذا العام أيضاً بعودة اسم الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة (1941 - 2010) الذي يلقبه كثيرون بـ«نجيب محفوظ الدراما»، و«عميد الدراما العربية»؛ نظراً لما قدمه من أعمال أصبحت علامات مضيئة مثل «ليالي الحلمية»، و«أرابيسك» و«زيزينيا». وسيكون المشاهد على موعد مع مسلسل «راجعين يا هوى» بطولة النجم خالد النبوي، قصة الراحل الكبير، الذي سبق تقديمه عبر الإذاعة ويعاد تقديمه تلفزيونياً. ويؤكد مؤلف العمل محمد سليمان عبد الملك، أنها مسؤولية كبيرة أن يرتبط اسمه باسم «عميد الدراما»، مشيراً، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «قبل خوض هذا التحدي، بسبب عشقه لفن عكاشة، وكذلك احتواء قصة العمل على الكثير من التشويق والإثارة والصراعات العائلية مع خط كوميدي واضح».
وتشهد دراما هذا الموسم عودة ظاهرة المسلسلات المأخوذة عن قصة أو «فورمات»، لمسلسلات أجنبية، حيث يتجسد ذلك في مسلسل «Suits بالعربي» المأخوذ عن مسلسل أميركي بالاسم نفسه. المسلسل بطولة آسر ياسين، ومحمد شاهين، وأحمد داود، وصبا مبارك، وريم مصطفى. وتقوم فكرته، في نسخته الأميركية، على كشف كواليس مهنة المحاماة في الشركات والمكاتب الكبرى، وما يتخللها من منافسة شرسة وممارسات صادمة أحياناً عبر أحد مشاهير المحامين الذي يجد ضالته في شاب ذكي وطموح فيتخذ منه مساعداً أساسياً رغم عدم حصول الأخير على شهادة المحاماة المعتمدة. المسلسل تأليف محمد حفظي، وياسر عبد المجيد، وإخراج مريم أحمدي، وهو يعيد إلى الأذهان عدداً من الأعمال التي عُرضت في مواسم سابقة، وحققت نجاحاً كبيراً، حيث تفاعل معها الجمهور بعد «تمصيرها» مثل «لعبة النسيان» بطولة دينا الشربيني، المأخوذ عن المسلسل الإيطالي «عندما كنت» أو «Mentre Ero Via». وهناك أيضاً «ليالي أوجيني» بطولة إنجي المقدم المأخوذ عن «فورمات» إسباني بعنوان «Acacias 38»، و«جراند أوتيل» بطولة عمرو يوسف المقتبس من مسلسل شهير بالاسم نفسه، ومسلسل «طريقي» الذي لعبت بطولته المطربة شيرين عبد الوهاب، وهو مأخوذ عن مسلسل كولومبي يتناول السيرة الذاتية للمطربة الكولومبية هيلينيتا فارجاس.
وبشأن اقتباس الدراما المصرية من أعمال أجنبية، يقول محمد البرعي، إن الأمر ينطوي على شيء من الاستسهال، فنحن في مصر لدينا عشرات المواهب في التأليف التي لا تجد فرصة ومئات الروايات التي تصلح لأن تتحول إلى أعمال على الشاشة.