قبل ستّ سنوات، لم يكن النّاس يتخيّلون أنّ أقنعة الوجه ستصبح ملزمة وأنّ جائحة ستجتاح العالم. ولكنّ شركة «دايسون» كانت تعمل منذ ذلك الوقت على تطوير منتجٍ جديد لتنقية الهواء يعتمد على قناع أكسجين وحقيبة ظهر. وبعد نحو 500 نموذجٍ تجريبي، أعلنت «دايسون» أخيراً عن منتجها الجديد «دايسون زون Dyson Zone» الذي سيصبح متوفراً في الأسواق الخريف المقبل دون تحديد سعره.
تحوّلت فكرة منقّي الهواء المحمول إلى حقيقة ولكن دون حقيبة ظهر هذه المرة. فقد عمل مهندسو الشركة على تخبئته داخل سماعة يخرج الهواء نقياً من غطاءيها إلى قناعٍ يستقرّ فوق أنف وفم المستخدم. تضمّ السمّاعة أيضاً تقنية متطوّرة لعزل الضجيج وتتيح لكم الاستماع للموسيقى وحتّى تلقّي الاتصالات وتنفّس هواءٍ نقي في وقتٍ واحد. يعمل منتج «دايسون زون» على تنقية 99% من الجسيمات حتّى معدّل 0.1 ميكرون، ما يعني أنّه قادرٌ على ترشيح الغبار والبكتيريا. وقد كشف توم بينيت، مدير قسم تطوير المنتج الذي يركّز على الأجهزة القابلة للارتداء، أنّ الاختبارات التي أجرتها الشركة على جهازها الجديد أثبتت أنّه «فعّالٌ جداً» في القضاء على الفيروسات ومنها «كورونا».
كيف نجح المطوّرون في حشر منقٍّ هوائي داخل سمّاعة؟ يوضح بينيت أنّ سماعات الأذن لم تكن يوماً هدفاً أساسياً لشركة «دايسون»، لافتاً إلى أنّ «السماعة كانت الفكرة النهائية التي استقرّت عليها الشركة لأنّها طريقة طبيعية ومألوفة لارتداء الجهاز، فضلاً عن أنّها تساعد في توزيع الوزن وتحقيق استقرار الجهاز، وبالتالي ضمان ثباته على رأس المستخدم».
يشبّه فريق «دايسون» السماعة الجديدة بسرج الحصان لأنّها قادرة على توزيع الوزن على مساحة واسعة، الأمر الذي ينطوي على أهمية كبيرة في هذه الحالة، لأنّ السماعة ليست فارغة كمعظم شبيهاتها المتوفرة في السوق، بل مدجّجة ببطاريات كبيرة وتجهيزات ميكانيكية.
نموذج مختبري للسماعات والقناع
تبدأ هذه التجهيزات من غطاءي الأذنين، اللذين يحتوي كلّ واحدٍ منهما على محرّك ومرشح شبيه بذلك المستخدم في مكانس «دايسون» الكهربائية (يدوم المرشح لنحو عامٍ كامل من الاستخدام اليومي). صُمم المرشح ليعمل كقناع N95 لأنّه يستخدم كهرباء مستقرة لسحب الجسيمات الصغيرة باتجاهه لتعزيز فاعلية الترشيح، بالإضافة إلى مرشحٍ آخر للكربون مهمّته التقاط الغازات كثاني أكسيد الكربون والأوزون.
بعد ترشيحه، يخرج الهواء من غطاء الأذن إلى القناع المطاطي الذي يغطي الأنف والفم. خلال اتصال أجريناه مع بينيت للحديث عن المنتج، رفع الأخير القناع إلى الكاميرا واستعرض مرونته بثنيه ولفّه بيديه.
تتيح لكم السماعة ارتداءها وحدها للاستماع إلى الموسيقى من دون تشغيل التنقية الهوائية، أو يمكنكم وصل القناع بغطاءي الأذنين بواسطة مغناطيس ليبدأ ترشيح الهواء في نفس اللحظة.
يناسب غطاء الأذن شكل وحجم رأسكم، ويمكنكم طي القناع ليلائم وجهكم. ولكنّ الأخير لا يضغط الهواء على خدّي المستخدم كما يحصل عند ارتداء قناع N95، بل يدعه يتدفّق لضمان راحة المرتدي.
السماعات مع القناع
مع ضخّ الهواء باتجاه الأنف، يسهم غطاءٌ شبكي موجود على القناع في تخفيف التدفّق لضمان تجربة سلسة تُشعر المستخدم كأنّه يتنفّس من مصدرٍ خارجي وليس من مخزونه الهوائي الداخلي. يرى بينيت أنّ «ذكاء الفكرة يظهر في هذه النقطة تحديداً لأنّ هذه الفقاعة الهوائية لا يمكن أن تنشأ من دون الغطاء الشبكي».
وقد أظهرت اختبارات «دايسون» أنّ الفقاعة الهوائية متينة جداً إلى درجة أنّها تحافظ على فاعليتها حتّى في الرياح المتعامدة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الضجيج الكبير الذي تسببه المحرّكات والتجهيزات الميكانيكية المستخدمة في السماعة كان سبباً إضافياً لتفضيل مهندسي «دايسون» فكرة السماعة، للاستفادة من تقنية عزل الضجيج في حجب الأصوات التي لا يمكن التخلّص منها بطريقة ميكانيكية.
* «فاست كومباني»
- خدمات «تريبيون ميديا»